تحليل

أبرز الهزات التي ضربت الأسواق في عام 2022م

نستعرض في هذا المقال بعضا من الهزّات التي تعرّضت لها الأسواق في عام 2022م، كانت أبرزها تلك التي ضربت أسهم قطاع التكنولوجيا، والهزّة التي ضربت أبرز ثلاث عملات رئيسية مع الصعود القوي للدولار.

 

هزّة أسهم التكنولوجيا، تعرضت أسهم كبرى شركات التكنولوجيا لهزّة كبيـرة هذا العام فقدت فيها الكثيـر من هيبتها وفقد البعض منها 70 إلى %75 من القيمة السوقية، ونعني بذلك مئات من المليارات من الدولارات، فمثلاً سهم أمازون عاد إلى ما دون مستويات قاع جائحة كورونا الذي سجله في شهر مارس من عام 2020م فالقيمة السوقية للشركة أثناء التراجعات الكبيـرة هذه السنة سقطت دون 1 تريليون دولار بعد أن صعدت بقوة العام الماضي واقتربت من مستويات تريليوني دولار، طبعًا كل ذلك أثّر على “جيف بيزوس” مؤسس موقع أمازون، الذي تصدّر لفتـرة طويلة قائمة المليارديرات في العالم وكان أيضًا لفترة طويلة يحمل لقب أغنى رجل في العالم قبل أن يزيحه “إيلون ماسك” لا وبل خرج من الصراع على المركز الأول.

 

والسبب الرئيس لتقلبات ثروة “جيف بيـزوس” هو حصته في الشركة، وبالتالي انكشافه الكبيـر على حركة السهم، فمثلاً أي ارتفاعات صاروخية للسهم يؤدي ذلك وبشكل سريع إلى مكاسب بمليارات من الدولارات، وفي المقابل أي انهيارات يتعرض لها السهم سيفقد “بيزوس” فيها المليارات.

ولكن الخاسر الأكبـر في هذه الموجة كان “مارك زوكربيـرغ” الذي تدهورت ثروته بأكثر من 100 مليار دولار في عام واحد مع عدة عوامل ساهمت بذلك أبرزها مشروع ميتافيرس والمنافسة مع تيك توك والتجاذبات مع أبل ستور، وطبعًا الموجة الهابطة التي ضربت السوق وأسهم التكنولوجيا بشكل عام.

 

عدا عن ذلك، وفي نظرة تاريخية على حركة السهم ولنعرف حجم الخسارة التي تكبّدها، نرى أنه فقد كل المكاسب التي قام بتراكمها منذ عام 2016م.

 

نصل الآن إلى سهم تسلا و”إيلون ماسك” الذي يشغل وول ستريت مع تصريحاته المثيـرة للجدل، والذي فقدت ثروته أيضًا في مرحلة من العام أكثر من 100 مليار دولار، بعد تعرّض سهمه إلى هبوط عنيف. “ماسك” انشغل كثيرًا في عدة أمور وكان أبرزها والتي أخذت معظم وقته في الشهور الأخيـرة وهي قضية الاستحواذ على تويتر، إن كان بالشأن المالي أو القرارات الإدارية التي أصدرها بالإضافة إلى المبارزات الكلامية مع كبرى رؤساء الشركات وكبار السياسيين.

 

أما بالنسبة إلى شركة أبل (أكبـر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية) فكانت قد سجلت سابقة مع التراجعات الكبيـرة التي حصلت، حيث أصبحت أول شركة في العالم تفقد من قيمتها السوقية تريليون دولار، بعدما سجلت أرقاما قياسية في بداية العام بتسجيلها 3 تريليونات دولار قيمة سوقية أيضًا، ولكن البارز أيضًا هو خسارة سهم أبل هي أقل بكثير من الشركات الأخرى العملاقة ويلعب برنامج إعادة شراء السهم والتي أطلقته الشركة قبل عدة سنوات عاملاً مهمًا في دعم السهم.

 

وثمة هزة العملات، وهي هزة كبيـرة تعرّضت لها العملات وأبرزها المثلث: (اليورو، والين، والجنيه الإسترليني)، وذلك مع صعود الدولار إلى مستويات هي الأعلى منذ أكثر من 20 عامًا.

نبدأ مع اليورو، الذي سقط دون مستوى التعادل مع الدولار وسط ذهول المتداولين، إذ أن قسما كبيرا منهم ـ وخصوصًا جيل الشباب ـ لم يشاهد على القنوات من قبل معدل سعر صرف يكون فيها الدولار متفوقًا على اليورو في زواج اليورو/ دولار.

 

طبعًا عدة عوامل ساهمت في حصول ذلك، أبرزها الحرب الأوكرانية وتداعيات أسعار الغاز وتأثيرها على أكبـر اقتصاد في أوروبا وهو الاقتصاد الألماني، بالإضافة إلى الصعود القوي للدولار بسبب الاستدارة التي حصلت من قبل الاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع معدلات الفائدة لمواجهة أسرع تضخم شهدته الولايات المتحدة منذ أكثـر من 40 عامًا. وإضافة إلى ذلك كان تأخر البنك المركزي الأوروبي بشأن رفع الفائدة على اليورو لمواجهة معدلات تضخم قياسية ضربت القارة الأوروبية وتحديدًا منطقة اليورو.

بالنسبة إلى الين الياباني، التحركات والتقلبات كانت حادة جدًا مع بروز تدخل من قبل بنك اليابان لدعم عملته وكان أول تدخل له منذ عام 1998م بعد تدحرج الين إلى أقل مستوى منذ 24 عامًا.

 

وساهم تراجع العملة إلى تحريك مستويات التضخم في اليابان بعد أعوام كثيـرة جاهدت فيها الحكومة لإيجاد نوع من ارتفاع للأسعار، وكانت تفشل في كل مرة، خصوصًا مع تداعيات انفجار فقاعة الأصول التي حصلت في اليابان في أواخر التسعينات، والتي يصفها البعض ليس بالعقد الضائع فقط بل بالثلاثين سنة ضائعة بالنسبة للاقتصاد الياباني، حيث تجمد الاقتصاد بشكل تام مع هدوء كبيـر على جبهة التضخم، وأدّى ذلك إلى تراجع اليابان من مركز ثاني أكبـر اقتصاد في العالم إلى المركز الثالث، وقد تزامن ذلك مع الصعود الكبير للصين وانتزاعها المركز الثاني من الساموراي الياباني.

 

أخيرًا الهزّة الكبيرة التي تعرّض لها الجنيه الإسترليني والتي أفقدته هيبته في سوق الصرف بعد تسجيله مستويات قياسية أثر انهياره بشكل دراماتيكي إلى مستويات 1.03 تزامن ذلك مع رحيل رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، قبل أن يعود ويرتد بشكل حاد من قاعه، ولكن رغم كل ذلك فقد الجنيه الإسترليني قسما كبيرا من الخطوط الحمر التي كان يمتاز بها عندما كسر عدد كبير من مناطق الدعم وبوقت قصير أيضًا.