تنافس الحكومات لدعم بدائل الطاقة

تتسارع خطوات الاقتصادات العالمية الكبرى لدعم مشاريع تحولات الطاقة إلى مصادر قليلة الانبعاثات خصوصًا من الاقتصادات المتقدمة.
هذه الخطوات تحمل تكلفة اقتصادية باهظة تدفعها الحكومات بمسميات متعددة، مثل: “حزم دعم، استثناءات ضريبية، محفزات تطويرية، واقيات عن انقطاع الامتدادات، الحزم الخضراء”، والكثير من العبارات التجميلية لإظهارها كضرورة، بينما اقتصاديًا هي ميزانيات مالية مرصودة لإنشاء بنى تحتية تبدأ من البحث والتطوير وتنتهي بقيمة اقتصادية سوقية قابلة للقياس بالمعايير المالية.
أحدث المستجدات التي تشهدها الساحة الدولية حاليًا هي حالة الصدام بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص كيفية ضخ الأموال في قطاع انتقالات الطاقة الخضراء والتضرّر التنافسي بين حزم الدعم المختلفة.
حزم الدعم الأمريكية التي أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن، والمسماة حزم خفض التضخم أصبحت الجاذب الأكبر للاستثمارات والعقول لتطوير هذه التقنيات، بل أنها تدعم سوق التجزئة بدفع مبلغ مقطوع عن كل عميل يقوم بشراء منتجات التحوّل الأخضر كالسيارات الكهربائية. والواقع الاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية يعطي أفضلية لاجتذاب الأعمال بشكل أكبر من قدرة أوروبا بالحفاظ على أعمال هذا القطاع دون هجرتها إلى أمريكا.
كما أن الميزات التي تقدمها الحزمة الأمريكية المذكورة لا تعاني من ارتفاع تكلفة اليد العاملة الأوربية وتمثل جدوى استثمارية مربحة مستقبلاً وهو ما جعل أوروبا تصنّف الحزمة الأمريكية بأنها تمييزية أو ذات طابع تمييزي.
المقارنة بين هيكلية الاقتصادين الأمريكي والأوروبي توضح أن عدم قدرة أوروبا على مواكبة حزم الدعم الأمريكية لا تتعلق بتنفيذ المشاريع، ولكن تتعلق بشكل مباشر بعدم وجود موارد للطاقة في أوروبا التي تمكنّها من مواكبة المتغيرات الاقتصادية واستقلاليتها في الحصول على الطاقة اللازمة لتشغيل هذه المشاريع بكفاءة.
كما أن انفرادية الدول الأوروبية في صنع قراراتها ومشاريعها المتعلقة بالطاقة الخضراء يصعّب من قدرتها على تنسيق وتوزيع المشاريع لكل دولة بحسب قدرتها الاقتصادية والتقنية والتصنيعية.
الخلاف الأوربي الأمريكي لا يبدو حادًا أمام الإعلام إلا أن الزيارات الرئاسية من القادة الأوربيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية يوضح حالة الإحباط الواسعة من السياسيين الأوربيين تجاه ما تعتقده أوروبا أنها معضلة اقتصادية كبرى لأوروبا المتأزمة بحالة الخلاف العسكري الروسي الأوكراني شرق حدود القارة العجوز وما وجدت أوروبا نفسها من حالة عزلة عن تدفقات موارد الطاقة ذات التكلفة المنخفضة.
تطوير بدائل للطاقة منخفضة التكاليف سيتطلب آلة تصنيعية باهظة الكلفة ماديًا وبحثيًا واقتصاديًا.