تأخذ الدهشة الناس في كل مكان في العالم حين يسمعون عن المشاريع العملاقة في المملكة العربية السعودية, فمن مدينة ذا لاين الطولية في نيوم والتي يتجاوز طولها 170 كيلومترًا وتستطيع التحرك فيها عرضًا وطولاً وارتفاعًا وأن تقضي كل احتياجاتك على بعد خمس دقائق فقط، إلى الميناء العائم في أكساجون إلى السياحة الجبيلة في تروجينيا، إلى البحر الأحمر وفتح جواهره الخلابة لكل سكان العالم في جو احترافي من الخدمات والبنى التحتية، إلى أكبر مدينة ألعاب عالمية في القدية، إلى أكبر حدائق معلقة في العالم إلى حديقة الملك سلمان في وسط الرياض، إلى بوليفارد الأمير محمد بن سلمان، إلى أضخم مطار سيقدم مفهومًا جديدًا لتجربة الطيران على مستوى العالم ويرتبط برحلات مباشرة مع أكثر من 200 مدينة حول العالم إلى الأيقونة الجديدة “المربع الجديد” وأعجوبته مبنى المكعب العملاق، إلى إعادة تشكيل الدرعية كجوهرة سياحية تبهر العالم بطراز معماري سلماني الأصل والروح والهوية إلى غير ذلك من المشاريع العملاقة الاستثنائية القادمة.
وتعود هذه الدهشة إلى أن تصاميم هذه المشاريع غير مسبوقة ولم يسبق لأحد في العالم أن فكر بها أو شاهدها على أرض الواقع، فالسعوديون لم يسبقهم أحد لهذه الأفكار الجريئة التي استطاعوا فيها المزج العجيب بين الابتكار والأصالة والحفاظ على البيئة، ولم يقع السعوديون في “فخ التقليد” والذي تبنته الكثير من الدول كمرحلة أولى من مراحل التطوير ولاتزال دول أُخرى رغم نجاحها لم تغادره ولا تزال تدور في دائرة “ماذا يفعل الآخرون؟” وتحاول اللحاق بهم.
في السعودية الوضع مختلف تمامًا، فالتفكير الأساسي يقوم على الابتكار وعدم التقليد والذهاب إلى المجالات الرحبة للعقول المبدعة والمتخصصة، ويقوم على الأصالة وكيف يرتبط الإرث الحضاري والتاريخي والمعرفي والاجتماعي بهذه المشاريع العملاقة ويقوم على المحافظة على البيئة في ظل الاستقطاب المليوني للزوار والسائحين كي تبقى هذه المشاريع أيقونة على مر الدهور.
استطاع السعوديون فعل ذلك وفشل فيه غيرهم، أولاً لوجود القيادة المؤمنة بالابتكار والأصالة والمحافظة على البيئة، إيمانًا حقيقيًا تجلى في المخرجات التي نراها وذكرت بعضًا منها في صدر هذا المقال، ثم بالعمل المبني على الأسس المعرفية الصحيحة مع إتاحة مساحات واسعة للجهات المختصة للابتكار و تقديم الدعم الحكومي لها بما يمكنها من إطلاق المبادرات المبتكرة في كل المجالات، ثم بخلق روح التحدي والتفاني لدى الأمواج المتدفقة من الشباب السعودي من الجنسين لتقديم أفضل ما لديهم واحتواء ذلك في إطار من العمل التفاعلي المحكم بكافة مؤسسات الدولة و مكونات الاقتصاد في جو من الشفافية العالية والوضوح والحزم والعزم.
هذه المشاريع غير المسبوقة ستخلق العديد من الفرص النادرة والنوعية للفرد وللمجتمع والاقتصاد، والذين سيستفيدون من هذه الفرص هم المبادرون من رواد الأعمال وسيدات ورجال الأعمال وكافة أطياف المجتمع.
هذه الحركة التجارية الهائلة المقبلة للمملكة ستطور جميع القطاعات الاقتصادية وستخلق حراكًا كبيرًا يمثل فرص النمو والازدهار مع رفع غير مسبوق لمستويات الطلب على الخدمات، والسلع، وحركة الاستيراد والتصدير.
في زمن الابتكار يفوز المبتكرون، ولذلك هناك أهمية بالغة لدى الشركات والمؤسسات للبدء في تأسيس الإدارات المتخصصة للابتكار واللحاق بالركب الحكومي المنطلق لتعزيز بنى تحتية مثالية للاستثمار عبر قاعدة صلبة من المشاريع العملاقة، الابتكار هو كلمة السر للعبور ومن لا يتغير يتجمد من البرد وتفوته هذه الفرصة النادرة والتي قد لا يجود الزمان بمثلها مرة أخرى، ابتكر الآن وليس غدًا.