معدلات الاعتماد العالمي على الطاقة الشمسية ارتفع من 98.8 تيراواط في الساعة عام2012م، إلى قرابة الـ 1249.8 تيراواط عام 2022م
نسبة كمية الألواح المنتهية الصلاحية قد تصل إلى %4 من عدد الألواح عالميًا، بارتفاع سنوي بما لا يقل عن 5 ملايين طن
ثمة تقديرات بأن تصل مخلفات الألواح الشمسية على مستوى العالم من 78 إلى 90 مليون طن عام 2050م
ما بين التخلص منها أو إعادة تدويرها، ارتفع الحديث مؤخرًا حول ألواح الطاقة الشمسية (الخلايا الشمسية)، باتساع نطاق أسواق الطاقة الكهروضوئية حول العالم نتيجة للمساعي الحكومية بالتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة بأنواعها والعمل على الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بتحقيق الحياد الكربوني؛ إذ ارتفعت بحسب ـ الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ـ معدلات الاعتماد العالمي على الطاقة الشمسية من 98.8 تيراواط في الساعة عام2012م، إلى قرابة الـ 1249.8 تيراواط عام2022م، متوقعةً بأن تصبح الطاقة الشمسية أكبر مصدر للطاقة بحلول عام 2050م.
دورة حياة افتراضية
وللألواح الشمسية دورة حياة افتراضية شأنها كمختلف الأجهزة الإلكترونية الأُخرى، والتي يُقدرها العلماء من 20 إلى 30 عامًا والألواح عالية الجودة حتى 40 عامًا، تفقد خلالها هذه الألواح كفاءتها الإنتاجية؛ ومع وصول أطنان من الألواح الشمسية التي تم تركيبها مع بداية القرن الحالي إلى نهاية دورتها الافتراضية، والاتجاه المتزايد في السنوات الأخيرة للعديد من الدول حول العالم إلى تصنيع الألواح الشمسية وزيادة إنتاجها بشكل عام، ثمة تقديرات بأن تصل نفاياتها على مستوى العالم من 78 إلى 90 مليون طن عام 2050م، وفي الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها من أكثر الدول نموًا في استخدامات الطاقة الشمسية، يتم التخلص فيها من نحو %90 من الألواح المستهلكة في مدافن النفايات دون أية معالجة، ما شجع الكثير من المصنعين والمستثمرين بالاتجاه إلى دعم علميات البحث والابتكار فيما يتعلق بكيفية إعادة التدوير للألواح الشمسية والاستفادة من الأطنان الحالية والمستقبلية للألواح الشمسية، ما يفتح آفاقًا جديدة لــ سوق الألواح.
مكونات الألواح
وتتكون الألواح من مكونات كالزجاج والإطار المعدني وخلايا السيليكون إلى جانب الأسلاك المصنوعة من النحاس والفضة، وكذلك البورون والفوسفور والغاليوم ومواد مثل السيلينيوم والكادميوم والتيلوريوم ومعادن أُخرى، والتي تتصف بعضها بأنها سامة، فضلاً عن أنه عند تركيبها يتم استخدام الرصاص في عملية لحام الألواح التي يمكن أن تصل إلى 14 غرامًا لكل لوح.
وبشكل عام يعتمد تصنيع الألواح الشمسية على الرمل بصفته مادّة خاما يُستخلص منها معدن المرو (الكوارتز) عالي النقاء، والذي يتألّف من ثاني أكسيد السليكون، الذي يجري تسخينه بالفحم في درجات حرارة عالية، ما يُنتج مركبًا غازيًا عديم اللون في الظروف العادية للضغط ودرجة الحرارة، لكنه شديد السمّية لاسيما عند التخلص من الألواح في مكبات النفايات مع نهاية عمرها الافتراضي، ما يُشكل خطورة على البيئة والصحة العامة في حال وصول هذه المواد السامة إلى إمدادات المياه الجوفية.
نفايات خطرة
وتتضرر البيئة بشدة من نواتج الحرق للألواح أو تعريضها لدرجات حرارة عالية أو تسرب مكوّناتها الكيميائية السامة إلى الأرض، هذا بخلاف ارتفاع التكلفة المالية للتخلص من الألواح منتهية الصلاحية؛ إذ يتكلف التخلص من كل لوح شمسي ما بين الدولار إلى الدولارين، وقد ترتفع هذه التكلفة إلى أكثر من ذلك في حال صنّفت حكومات الدول نفايات الألواح بـ “الخطرة”.
وثمة جدال حول تصنيف الألواح الشمسية بالخطرة من عدمه، كونها متعددة المكونات، فبعض نماذج الألواح الشمسية تعدّ نفايات خطرة بسبب الرصاص أو الكادميوم والنيكل الموجود فيها، بينما ألواح أُخرى لا تعدّ نفاياتها خطرة لاحتوائها على نسب ضئيلة من هذه المواد، أو لا تحتوي عليها لاسيما مع التطورات الجديدة في تصنيعها، فالقانون الفيدرالي الأمريكي يطالب فقط بإدارة خاصة لنماذج الألواح الشمسية التي تُصنف على أنها نفايات خطرة، وفقًا لقانون حفظ الموارد واستردادها، هناك بعض نماذج الألواح الشمسية تعدّ نفايات خطرة، ومع صعوبة التحقق من كل لوح شمسي على حدة بخطورة مواده من عدمه، أصبحت فكرة البحث في إعادة تدويرها تأخذ حيزًا أكبر من البحث والدراسة في كيفية استغلال ما بها مواد.
إطار تنظيمي محكم
ويعتبر الاتحاد الأوربي منذ عام 2012م الألواح منتهية العمر الافتراضي نفايات إلكترونية، فيما ينص توجيه الاتحاد الأوروبي الخاص بنفايات المعدات الكهربائية والإلكترونية على معايير محددة للتخلص أو إعادة الاستفادة منها، وينشط الاتحاد الأوروبي في عمليات إعادة التدوير بشكل عام والألواح الشمسية على وجه الخصوص، نتيجة لما وضعه من إطار تنظيمي محكم وتشجيعه للأبحاث الداعمة لعمليات التدوير.
والجدير بالذكر أن أوروبا حتى الآن هي من اتخذت تدابير لتحميل الشركات المصنعة المسؤولية عن نفاياتها، ويطالب الاتحاد الأوروبي شركات الطاقة الشمسية بجمع ألواحها وإعادة تدويرها، مع تضمين تكلفة إعادة التدوير في سعر البيع.
وكذلك ولاية واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية هي الوحيدة التي تلزم المصنعين دون بقية الولايات بالتخلص من الألواح في منشأة متخصصة، ومع ذلك لا يزال معدل تدوير الألواح الشمسية في الدول الأوروبية هو المعدّل نفسه تقريبًا في الولايات المتحدة.
وتتجه غالبية الدول المتقدمة الآن إلى خيار إعادة التدوير وليس التخلص من الألواح في مكبات النفايات أو التجارة بإعادة بيعها إلى الدول الفقيرة، وهو ما يمثل مشكلة بيئية وأخلاقية، نظرًا لعدم قدرة هذه الدول حتى التخلص منها في مكبات نظامية للنفايات، بوضع أُطر تنظيمية قوية وواضحة تدعم عمليات إعادة التدوير للخلايا الشمسية.
كميات تراكمية
وبحلول عام 2030م تتوقع وكالة الطاقة المتجددة أن تصل نسبة كمية الألواح المنتهية الصلاحية إلى 4% من عدد الألواح عالميًا، محذرةً من ارتفاعها بمعدل سنوي بما لا يقل عن 5 ملايين طن، وأن الصين وحدها والمهيمنة على سوق الألواح الشمسية بعدد مصانع يتجاوز الـ 260 مصنعًا، قد تُخرج من الخدمة نحو 13.5 مليون طن من الألواح بحلول 2050م وستمثّل هذه الألواح أكبر كمية تراكمية بين الدول المنتِجة لألواح الطاقة الشمسية، ونحو ضعف الكمية التي ستتخلص منها الولايات المتحدة بحلول ذلك الوقت، وفي المملكة، ثمة توقعات بارتفاع كميات نفايات الألواح من 300 طن في 2020م إلى 450 ألف طن عام 2050م وفي الإمارات من 50 طن في 2020م إلى 350 ألف طن في 2050م، ما يؤشر بأن دول الخليج على موعد مع أطنان من الألواح الشمسية منتهية الصلاحية خلال السنوات المقبلة ويبشر فتح الأفاق لصناعة إعادة التدوير والاستفادة البيئية من مكونات هذه الألواح؛ إذ تساهم عملية تدوير الألواح في خفض استهلاك الطاقة والموارد، بخاصة إذا علمنا أن تدوير الألمنيوم يتطلب طاقة أقل بما يعادل نسبته الـ%95 من تصنيع الألمنيوم الخام، وأن كل لوح شمسي يعاد تدويره يُجنب انبعاث 40 كيلوغرامًا من الكربون.
ما يمكن استرداده
ورغم ما يواجه إعادة تدوير الألواح الشمسية من تحد يتعلق بالمقارنة بين قيمة المعالجة للألواح وبين تكاليف التجميع، فإن ثمة تقارير عدة قدَرت مؤخرًا قيمة ما يمكن استرداده عالميًا من الألواح الشمسية بنحو 450 مليون دولار بحلول عام 2030م أي ما يعادل كلفة المواد الخام اللازمة لإنتاج حوالي 60 مليون لوح جديد، ومن المتوقّع أن يزداد حجم سوق تدوير الألواح الشمسية بالمليارات، لتتجاوز القيمة القابلة للاسترداد بشكل تراكمي بمبلغ 15 مليار دولار بحلول 2050م.
وتمثل إعادة تدوير الألواح الشمسية فكرة جيدة سواء من الناحية البيئية أو الاستثمارية، فإعادة الاستفادة من موادها الخام مرة أُخرى يعد بيئيًا أنظف واقتصاديًا أرخص من استخراجها من الأرض، وكذلك من الناحية الاجتماعية كونها تخلق العديد من فرص العمل اللازمة لإعادة تدوير هذه الألواح.
صناعة جديدة
ولكنّها كصناعة جديدة تتطلب بعضًا من الوقت لتنتشر بصورة أوسع، ومزيدًا من البحث لتحقيق أعلى المعدّلات في إعادة تدوير جميع المكوّنات التي تحتويها على نحو مناسب؛ وتستطيع الدول أن تدعم صناعة تدوير هذه الألواح من خلال التشديد على عمليات التخلص منها في مكبات النفايات، وتقديم الحوافز المادية والمعنوية والتوعية بأهمية إعادة تدويرها، فضلاً عن العمل على إيجاد البنية التحتية لإعادة تدوير الألواح الشمسية وإيجاد مسارات نظامية بتوفير المزيد من الحوافز لمشغلي المزارع الشمسية التي انتهى عمرها الافتراضي بدلاً من التخلُّص منها بطرق عشوائية، وتهيئة ممرات خاصة لنقل الألواح إلى مصانع إعادة التدوير المتخصصة بتدوير نفايات هذه الألواح، علمًا بأنه يمكن لممرات الشحن هذه، أن تخلق فرص عمل في حد ذاتها، وأن أن تكون رافدًا للمناطق التي تعاني الركود الاقتصادي؛ ما يؤدي إلى وظائف جديدة في تلك المناطق.
وأخيرًا فإنه على الرغم من أن إعادة تدوير الألواح الشمسية لا يزال يحتاج إلى ابتكارات في معالجة المواد والخدمات اللوجستية، ومعرفة أكثر بالبيانات المتعلقة بإعادة تدويرها والتشريعات اللازمة لتنظيم مساراتها، فإنه يبقى أن إعادة التدوير للألواح الشمسية فرصة اقتصادية جديدة أوجدتها الطاقة المتجددة وإنها ستصبح أكثر انتشارًا عما قريب نظرًا لارتفاع عدد الألواح التي ينتهي عمرها الافتراضي من وقت لآخر.