كشف قادة العالم خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي (سبتمبر 2023م)، عن ممر جديد سوف ينطلق من نيودلهي إلى أوروبا مرورًا بالشرق الأوسط وفي القلب منه المملكة.
وتفيد القراءة الأولية لهذا الممر الجديد، بأنه ليس مجرد مشروع اقتصادي كبير تشترك فيه أكثر من دولة، وإنما هو تجسيد لمشروع حضاري متكامل يدعم النمو والتنمية في البلدان المشاركة وغيرها؛ كونه يخلق طُرقًا خضراء أكثر أمنًا وفعاليةً في نقل السلع والخدمات بين الشرق والغرب، ولا تنطوي مكاسبه على جميع الأطراف المشمولة بالممر فقط، بل تنعكس آثاره بالمزيد من الفرص لغالبية دول المنطقة والعالم، فهو يمثل ممرًا تنمويًا يصل بمنطقة الشرق الأوسط وأوروبا إلى مزيد من النمو والاستقرار؛ كما يدفع العالم إلى طريق تنموي يُراعي التغيرات المناخية؛ باعتماده تبادل نقل الطاقة النظيفة كنقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين من خلال كابلات وخطوط أنابيب، ما يُعزز أمن الطاقة العالمي ويدعم الجهود نحو المزيد من تطوير الطاقة النظيفة.
كما يجسد المشروع بوابة عبور اقتصادي مُحَمَّلة بالفرص الاستثمارية، من خلال تعبئة البنية التحتية بتطوير وربط شبكات ضخمة كإنشاء خطوط حديدية ومسارات ربط للموانئ البحرية، ناهيك عن الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، ما يزيد من فرص الاتصال الرقمي وتبادل المعرفة التكنولوجية، ويؤشر بارتفاعات مُضاعفة لمعدلات التبادل التجاري بين دول الممر، وعلى رأسهم المملكة باعتبارها منصة المشروع اللوجستية التي تنتقل إليها ومنها البضائع والخدمات إلى العديد من دول العالم.
إن ذاك الممر الأخضر إنما يمثل حقبة جديدة من التعاون الدولي، التي تنطوي على مكاسب لجميع الأطراف؛ إذ يمنح فعليًا المساعي العالمية نحو الحد من التغيرات المناخية دفعة قوية إلى الأمام، ويُضيف بجانب مبادرة الحزام والطريق مسارًا آخر يحتاجه العالم يُعزز من التحالفات الاقتصادية العالمية، التي أصبح للمملكة فيها دورًا محوريًا ينبع من رؤيتها بأن التعاون والانفتاح الاقتصادي والمعرفي، هو بوابة تنمية المجتمعات واستقرار الدول.