أسبوع المناخ تقرير

المملكة على موعد مع قطار الهيدروجين

الإعلان عن خريطة الطريق الخاصة بزراعــــة (10) مليــــارات شجــــرة ضمن التزامات المملكة الوطنية والدولية بالتصدي للتحديات البيئية المتعلقة بالمناخ

زيادة مساحات العمل المشترك بين الشباب في مجالات التوعية بالتغيرات المناخية وجودة الحياة

 

تحت رسالة (جميع الحلول مهمة وجميعها مطلوبة)، خَلُصت فعاليات أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2023م، الذي شارك فيه أكثر من 9 آلاف شخص من 137 دولة، إضافة إلى العديد من الجامعات ومراكز الأبحاث ومراكز الفكر، التي تلعب دورًا محوريًا في تعزيز النقاش المستمر حول تغير المناخ، إلى ضرورة التزام المنطقة بالعمل المناخي الشامل، وزيادة مساحات العمل المشترك بين الشباب في مجالات التوعية بالتغيرات المناخية وجودة الحياة، وإيجاد مسارات تعزز من المشاركة الشاملة والاقتصاد الدائري لتحقيق تحولات طاقة عادلة ومنصفة.

وركز على أهمية توسيع مساحات الدارسة والبحث حول أفضل الأساليب والرؤى وصولاً للاقتصاد الدائري للكربون والحياد الصفري، والعمل على تسريع وتيرة تطوير وتبني تقنيات ومصادر الطاقة النظيفة، المتمثلة باستخدام الطاقة المتجددة، بهدف إدارة الانبعاثات من مواد الهيدروكربوني، وأجمع المشاركون على قدرة المنطقة على التوافق مع متطلبات المرحلة المقبلة فيما يتعلق بالتغير المناخي.

وقد تضمن أسبوع المناخ، الذي استضافته العاصمة الرياض في نسخته الثانية من 8 إلى 12 أكتوبر الماضي، بالتعاون مع أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية وكان أحد أهدافه هو تقديم مساهمات خاصة بالمنطقة لإثراء أول تقييم عالمي لاتفاق باريس لعام 2015م قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28) في دبي نوفمبر الجاري، العديد من الأنشطة المناخية، واللقاءات، والمعارض المُصاحبة، التي ناقشت قضايا البيئة والمناخ والاستدامة، فضلاً عن العديد من البرامج والفعاليات المتنوعة التي أضافت إلى نشاطات الأسبوع أبعادًا ثقافيةً واجتماعيةً.

ثلاث مبادرات

وشهد الحدث الدولي توقيع ست مذكرات تفاهم، بما فيها المذكرة التي وقعتها وزارة الطاقة بالمملكة مع الهند في مجال الربط الكهربائي والهيدروجين الأخضر وسلاسل الإمداد، ومذكرة بين المنتدى الوزاري للطاقة النظيفة ومركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية لتعزيز التنمية المستدامة للطاقة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وكذلك الإعلان عن ثلاث مبادرات مهمة تعمل جميعها على تعزيز الأهداف المناخية العالمية، وهي: آلية السوق لتعويض وموازنة غازات الاحتباس الحراري (الكربون المكافئ) في المملكة، ومبادرة “تمكين أفريقيا” المبنية على مبادرة حلول الطهي النظيف لتوفير الغذاء، بالإضافة إلى إعلان المملكة عن خريطة الطريق الخاصة بزراعة (10) مليارات شجرة، والتي تندرج ضمن التزاماتها الوطنية والدولية بالتصدي لكل التحديات البيئية المتعلقة بالمناخ، وتحسين جودة حياة المواطنين من خلال الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي سيجري تحقيقها على المدى الطويل من خلال جهود التشجير، ما ينعكس على زيادة فرص الاستثمار فيما يتعلق بمجالات الزراعة فضلاً عن انعكاساتها المباشرة على  توفير الكثير من فرص العمل في مختلف أنحاء المملكة للقيام بمهام زراعة هذا العدد الضخم من الأشجار، وجمع البذور، وتجهيز وصيانة الأراضي الزراعية، وتطوير شبكات الري لإعادة استخدام المياه المعالجة، وإنشاء حدائق ومتنزهات ومحميات جديدة.

الويب الخاص

كما تضمنت الفعاليات، إطلاق تطبيق الويب الخاص بآلية أرصدة غازات الدفيئة وتعويضها في المملكة GCOM، بمبادرة من وزير الطاقة، صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي شدد على أن الدول المعنية بتغير المناخ عليها ضرورة الوفاء بتعهداتها، بما فيها تقديم 100 مليار دولار مع زيادة التمويل المناخي إلى الضعف وتحقيق أمن الطاقة، وأعلن خلال الحدث اعتزام المملكة تشغيل أول قطار يعمل بالهيدروجين في الشرق الأوسط خلال الأشهر المقبلة؛ إذ قال: “إن المملكة تعتزم تشغيل أول قطار يعمل بالهيدروجين الأشهر المقبلة”، في الوقت الذي أعلنت فيه الخطوط الحديدية السعودية (سار) إطلاق تجارب القطار الهيدروجيني في البلاد، عقب توقيعها اتفاقية مع شركة ألستوم الفرنسية، بهدف إجراء التجارب التشغيلية والدراسات اللازمة للعمل على تجهيز هذا النوع من القطارات ليتلاءم مع بيئة المملكة وأجوائها، وذلك تمهيداً لدخولها الخدمة مستقبلاً.

ويعد القطار الهيدروجيني من أهم الابتكارات الحديثة في مجال النقل المستدام، الذي بدأت تجاربه عام 2018م في ألمانيا واستمرت حتى انطلاقه التجاري عام 2022م، ويعمل من خلال توليد الطاقة اللازمة لتشغيل القطارات دون أي انبعاثات كربونية، حيث يتمتع بمجموعة من الفوائد التي تجعله خيارًا مميزًا للطاقة المستدامة.

 المسارات الأربع

وتناول المشاركون مناقشة العديد من الموضوعات كالتنويع المالي والاقتصادي الشامل نحو تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، وكذلك الجهود الرامية لتأقلم العالم مع ارتفاع يقدر بدرجةٍ ونصف درجة في الحرارة، كما شهد اجتماعًا لطاولة مستديرة ضم وزراء دول مجلس التعاون الخليجي من المعنيين بالتغيُّر المناخي، بالإضافة إلى اجتماع طاولة مستديرة أُخرى للوزراء المعنيين بالتغيُّر المناخي في الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.

وشهدت فعاليات بقية أيام الأسبوع إطلاق المسارات الأربع للحوار في هذا الأسبوع، بجهدٍ مُشتركٍ بين وزارة الطاقة في المملكة وأمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، ورواد الأمم المتحدة للتغير المناخي، وهذه المسارات هي: مسار الطاقة والصناعة، ومسار المدن والتجمعات السكنية والبنية التحتية والنقل والنفايات، ومسار المحيطات والمياه والغذاء، ومسار المجتمع، وسبل العيش، والصحة، والاقتصاد.

مستقبل مستدام

هذا وانخرط المشاركون في أكثر من 240 جلسة حوارية وأحداث جانبية حول التخطيط المتكامل للمرونة الحضرية في مناخ متغير، وتعزيز إنفاذ القانون البحري للعمل المناخي القائم على المحيطات، والفرص والتحديات لتكامل أنظمة الطاقة الذكية من أجل مستقبل مستدام، وجلسات موازية حول توطين التمويل المناخي لزيادة الوصول إليه على المستوى الشعبي، وإطار عالمي للاستدامة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتخطيط البلدي المرن للمناخ والمراعي للفوارق بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلاً عن ترميم الشعاب المرجانية، والحلول القائمة على الطبيعة لإدارة المياه في المنطقة، وإطلاق مركز أبحاث عالمي للسياحة المستدامة في المملكة، كما سلَّط الحدث الضوء على الفرص والحلول لإعادة استخدام المواد البلاستيكية أو استبدالها، ومحو الأمية في مجال الطاقة بين الشباب وتمكينهم، وتكنولوجيا احتجاز الكربون المبرد.

احتجاز الكربون

وقد شهد اليوم الأخير من أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جلسات حول إطلاق إمكانات أسواق الكربون لخفض الانبعاثات وإزالتها، مع الاعتراف بالدور الذي تلعبه في تحقيق صافي الصفر، واستكشفت المناقشات مدى فعالية تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، وسلطت الضوء على موضوع التأثيرات الصحية المرتبطة بتغير المناخ والذي غالبًا ما يتم تجاهله، واستكشف جدول الأعمال أيضًا موضوعات مثل الزراعة الذكية، واقتصاد الكربون الدائري، وتعزيز الابتكار الأخضر الشامل للمركز، وتقديم حلول عملية تخلق، عند دمجها، نهجًا شاملاً لمستقبل مستدام.

جانب من توقيع اتفاق الربط الكهربائي بين السعودية والهند

ويهدف أسبوع المناخ الذي يُعدُّ واحدًا من أربعة أسابيع مناخية إقليمية تنظمها أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي بالتعاون مع شركائها العالميين، ومع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومجموعة البنك الدولي، إلى مناقشة القضايا والتحديات والفرص المتعلقة بالتغير المناخي، وإبداء الآراء حولها، جماعياً، بحيث يمكن أخذها في الاعتبار ضمن التقييم العالمي الذي سيجري في المؤتمر الثامن والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28).