وصل عدد المسافرين الدوليين إلى المملكــــة قرابــــة الـ 27 مليون سائح بنهاية عام 2023م.
نتيجة لعديد من العوامل بخاصة حالة التطور التقني المتسارع، الذي سهل من عمليات الحجز والاطلاع على التجارب السياحية المماثلة، تضاعف عدد السياح الوافدين سنويًا على مستوى العالم في العقدين الماضيين من 639 مليونًا عام 1999م إلى مليار ونصف عام 2019م، كما قُدّرت المساهمة الاقتصادية لقطاع السياحة عالميًا بحسب تقرير للأمم المتحدة بنحو 1.9 تريليون دولار في عام 2021م، وهي أعلى من 1.6 تريليون دولار في عام 2020م، لكنها أقل بكثير من قيمة ما قبل جائحة كورونا التي وصلت إلى 3.5 تريليون دولار.
منظومة سياحية متكاملة
وانطلاقًا من أن السياحة صناعة متعددة الأوجه، ومجزأة ومنتشرةً، ومتداخلة بين عدد من الجهات والمجموعات والأفراد، فكل مؤسسات المجتمع وأفراده يشاركون في هذه الصناعة، وهذا النمو المطرد في القطاع السياحي العالمي، أولت المملكة أهمية كبيرة للقطاع السياحي واعتبرته ركيزة أساسية في تحقيق مستهدفاتها بتنويع الاقتصاد الوطني والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، فعمدت إلى تكوين منظومة سياحية متكاملة تضم كلًّا من وزارة السياحة وصندوق التنمية السياحي والهيئة السعودية للسياحة، والهيئة السعودية للبحــــــر الأحمــــــر، وبرنـــــــامج الربـــــط الجـــــوي، ومجلس التنمية السياحي، والتي تأسســــــت كل منهـــــا وفقًــا لأفضـــــــل المعايير العالمية، لتتكامل أدوارها في تحقيق طموحات ومستهدفات القطاع.
ومنذ إطلاق الرؤية اتجهت المملكة لتطوير البنية التحتية للسياحة من حيث الإنفاق على المطارات والفنادق والمنشآت السياحية وتحديث التشريعات بهدف تحسين بيئة العمل لشركات السياحية وتشجيعها على الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، كما تم إطلاق تأشيرات سياحة لزيادة عدد الزيارات السياحية وتطوير التجربة السياحية للقادمين إلى المملكة، وأطلقت وزارة السياحة بنهاية عام 2022م عشر لوائح جديدة تعنى بتنظيم عمل وإدارة الوجهات السياحية ومرافق الضيافة، حيث تهدف هذه اللوائح إلى المساهمة في خلق بيئة جاذبة للاستثمار تُراعى فيها سهولة الأعمال والابتكار والاستدامة، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة وحماية حقوق السائح، إضافة إلى دعم القطاع وزيادة فرص العمل المباشرة التي تجاوزت عام 2022م ما كان مستهدفًا بنسبة %139.
المركز الثاني عالميًا
أصبحت المملكة أكثر انفتاحًا على العالم وجذبت إليها الزوار من شتى البلدان، وعززت مكانتها كوجهة سياحية عالمية، فجاءت في المركز الثاني عالميًا في نسبة نمو عدد السياح الوافدين خلال الشهور السبعة الأولى من العام 2023م، وارتفعت قوائمها السياحية وتنوعت مناطقها السياحية وأنشأت المشاريع الجديدة، ونفذت مبادرات في مجالات الآثار والثقافة والتعليم والفنون، وجذبت الفعاليات الكبيرة، واستثمرت موقعها الجغرافي، وعملت على رفع جودة المرافق والخدمات، ورحبت بالزوار من مختلف دول العالم ليعيشوا تجربة سياحية فريدة، ويتعرفوا عن قرب على المملكة وتراثها الغني كوجهة عالمية فريدة.
150 مليون سائح في 2030م
وقد شهد القطاع نموًا كبيرًا يراه الخبراء السياحيون مؤشرًا لانطلاق عديد من فرص الاستثمار في المجالات السياحية؛ إذ وصل عدد المسافرين الدوليين إلى المملكة قرابة الـ27 مليون سائح بنهاية عام 2023م، وهو ما يعادل زيادة بنسبة %50 مقارنة بعام 2019م، كما سجلت المركز الأول بين دول مجموعة العشرين من حيث نمو عدد السياح القادمين إليها، بنسبة نمو بلغت %121، ما يبرهن فاعلية الخطوات الحيوية التي اتخذتها المملكة في سبيل تعزيز دور القطاع السياحي، واستقطبت أكثر من 94 مليون زيارة خلال عام 2022م منها 16.5 مليون زيارة من الخارج، و77.5 مليون رحلة سياحية داخلية، فيما تطمح للوصول إلى 150 مليون سائح (80 مليونًا من الداخل و70 مليونًا من الخارج)، وتسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة للقطاع السياحي، كما تعمل على تحفيز الاستثمارات في هذا المجال لتحسين الخدمات السياحية وتوفير تجارب سياحية متنوعة؛ باستقطاب استثمارات تقدر بـ115 مليار ريال وتخطط لأن تكون المملكة ضمن أكثر 5 دول استقبالاً للسياح في العالم، وتعمل الآن على زيادة القدرة الاستيعابية لمطاراتها إلى 150 مليون راكب سنويًا، كما تعمل على تطوير وجهات سياحية جديدة.
وثمة تقارير سياحية تتوقع بحلول عام 2030م أن تكون %50 من الزيارات للمملكة بغرض الترفيه، يليها %32 للسياحة الدينية، و%10 لزيارة الأصدقاء والأقارب، و%9 زيارات أعمال، وكان عام 2019م، قد شهد فعليًا 45 مليون زيارة منها %40 كانت بغرض سياحة الترفيه، و%38 كانت سياحة لغايات دينية، و%13 لأغراض زيارة الأصدقاء والأقارب، و%9 كانت زيارات عمل.
قيادة المشهد السياحي عالميًا
وتأتي هذه النتائج كمتابعة للإنجازات المتميزة التي حققتها المملكة في قطاع السياحة وقيادتها للمشهد العالمي في هذا القطاع الحيوي، كان آخرها استضافة المملكة بعاصمتها القديمة (الدرعية التاريخية) لفعاليات يوم السياحة العالمي الذي عقد في العاصمة الرياض خلال الفترة ما بين 27 و28 سبتمبر 2023م، وتم انتخابها رئيسًا للمجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية لعام 2023م واستضافت القمةَ العالمية للمجلس العالمي للسفر والسياحة، بالإضافة إلى استضافتها للمكتب الإقليمي لمنظمة السياحة العالمية في الشرق الأوسط، وخصصت خلال السنوات الماضية، استثمارات كبيرة لتطوير البنية التحتية السياحية، ببناء عديد من الفنادق والمنتجعات الجديدة، وتطوير الطرق السريعة والمطارات، بالإضافة إلى إطلاق عديد من المشروعات السياحية الضخمة.
رقم تاريخي في إنفاق الزوار
ومن ناحية إنفاق الزوار، حققت المملكة أعلى رقم تاريخي في إنفاق الزوار القادمين للمملكة بحجم إنفاق يتجاوز 100 مليار ريال، وذلك حتى نهاية الربع الثالث من عام 2023م بحسب بيانات بند السفر في ميزان المدفوعات، محققةً فائضًا يقدر بـ 37.8 مليار ريال، ونسبة نمو %72 مقارنة بالفائض المحقق خلال الفترة نفسها من عام 2022م.
وكان المجلس العالمي للسفر والسياحة، قد توقع أن ينمو قطاع السفر والسياحة في المملكة بمعدل %11 سنويًا خلال العقد المقبل، مما يجعله الأسرع نموًا في الشرق الأوسط، وأنه بحلول عام 2032م، يمكن أن تصل مساهمة قطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي إلى ما يقرب من 635 مليار ريال سعودي، وهو ما يمثل %17.1 من إجمالي الاقتصاد، وبالفعل ازداد ّ معدل مساهمة قطاع السياحة والسفر الكلي في إجمالي الناتج المحلي للمملكة بما يقارب %64.4 ما يعادل 89.2 مليار دولار، وذلك بين عامي 2009م و2018م، بينما بلغ 21.65 مليار دولار في عام 2018م، وشكّل القطاع نحو %4 من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2022م، فيما تستهدف المملكة أن تحقق السياحة وحدها %10 من الناتج المحلي بحلول عام 2030م.
وتكشف التوقعات أيضًا أن فرص العمل في مجال السياحة والسفر قد تتضاعف على مدى السنوات العشر المقبلة، مما يخلق أكثر من 1.4 مليون وظيفة، ليصل إلى ما يقرب من ثلاثة ملايين موظف في هذا القطاع بحلول عام 2032م.
آفاق واسعة للاستثمار السياحي
وتعمل المملكة بشكل حيوي على الاستثمار في الميزات التنافسية التي تمتلكها وتجعلها وجهة سياحية عالمية، بما في ذلك موقعها الجغرافي المتميز بوقوعها في قلب العالم العربي، وحدود ممتدة على البحر الأحمر، الذي يعد موطن الشعاب المرجانية والتنوع البيولوجي المهم، وتنوعها الثقافي والحضاري بامتلاكها تاريخًا عريقًا وثقافة غنية، فيوجد في المملكة قرابة الستة مواقع للتراث العالمي لليونسكو وأكثر من 10 آلاف موقع أثري، بما في ذلك العلا، ما يجذب السياح من جميع أنحاء العالم إليها، فضلاً عن مناظرها الطبيعية الخلابة كالجبال والصحاري والشواطئ، وكذلك مشروعاتها السياحية الضخمة التي تعمل على تطويرها مثل مدينة “نيوم”، و” القدية ” قرب الرياض، إضافة لعدد من المشاريع السياحية والترفيهية في محيط منطقة البحر الأحمر، التي تضم 28 ألف كيلومتر مربع من الخط الساحلي و90 جزيرة بحرية على بعد حوالي 300 ميل شمال جدة، و”أمالا”، الواقعة شمالًا، التي تُعدُّ أيضًا جزءًا من المشاريع الضخمة المعروفة باسم مشاريع “جيجا”، التي باكتمالها سوف تنافس المملكة الوجهات السياحية العالمية، ويتوقع أن تشهد أعداد الغرف الفندقية زيادة قدرها 500 ألف غرفة إضافية، وهو ما يعزز بلا شك من مكانة المملكة كوجهة سياحية أكثر جاذبية، ويزيد من الفرص الاستثمارية في القطاع السياحي.