أعلن رئيس الفيدرالي الأمريكي خفض نسب الفوائد بربع النقطة المئوية الأخيرة خلال عام 2024م لتصل نسب الفوائد إلى %4 إلا أن الأسواق اصطدمت بإعلان رئيس الفيدرالي بأن لا نية بخفض نسب الفوائد بأكثر من مرتين خلال العام القادم 2025م.
هذه الصدمة في الأسواق تعبر عن حالة من الخوف من عدم التزام الفيدرالي بالعودة بنسب الفوائد إلى مستويات %2 وبالتالي عدم التزام الفيدرالي بما اسماه بالهبوط الناعم للاقتصاد الأمريكي، ولعل فوز الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” كان المؤثر الأكبر في هذا التغير في نبرة الفيدرالي الأمريكي.
الكثير من الوعود الانتخابية صاحبت فترة الترشح للرئيس “دونالد ترامب” إلا أن التنبؤ بما ستكون الانعكاسات الاقتصادية مهمة صعبة تتطلب النظر إلى عدد من المتغيرات التي قد تطرأ على الساحة الاقتصادية.
التساؤل الأهم في ذهن محللين الأسواق هو عن وعود الرئيس “ترامب” بفرض رسوم التعريفة على السلع والخدمات القادمة من خارج الاقتصاد الأمريكي بهدف تعزيز بيئة الأعمال في داخل الاقتصاد الأمريكي، وهل سيقوم الرئيس “ترامب” بفرض تعريفة عالية على السلع القادمة من الخارج تتسبب بتضخم أسعار السلع، وبالتالي تحول بين الفيدرالي وتخفيض نسب التضخم.
ومن جهة أخرى هل ستتسبب التعريفة الأمريكية بالتأثير في نسب نمو الاقتصادات العالمية الكبرى وبالتحديد الاقتصاد الصيني والأوروبي، فالصين من أهم محركات النمو الاقتصادي العالمي وحتى مع تراجع أداء القطاع العقاري والخدماتي في الصين إلا أن تعثر الاقتصاد الصيني سيسبب أزمة للاقتصاد العالمي ككل وخصوصًا التجارة العالمية التي هي في الأصل متأثرة بالاضطرابات الجيوسياسية في مناطق متعددة في العالم.
أما أوروبا ومنذ الأزمة الروسية الأوكرانية تراجعت كثيرًا في قدراتها التصنيعية، وبالتالي فأن أي فرض للرسوم على السلع الأوروبية ستضغط بشكل كبير على قدرة السلع الأوروبية على المنافسة، وهو ما سيضيف أعباء جديدة على الاقتصاد الأوروبي المثقل بالأزمات والتوقعات المالية من بيوت الخبرة في دخول الاقتصاد الأوروبي في حالة ركود.
التساؤل الآخر في ذهن مراقبين الأسواق هو من أين وكيف سيحقق الرئيس “ترامب” النمو الموعود في ظل أرقام الدين التاريخية وميزان التجارة الأمريكي السالب والأزمات الاقتصادية التي تمر بها الاقتصادات الناشئة والمتقدمة.
وكيف ستتحرك آلة النمو العالمية في ظل ارتفاع اسعار موارد الطاقة العالمية بشتى أنواعها التقليدية وما يسمى بالخضراء خصوصًا إذا ما لاحظنا تعثر الكثير من أهداف خطط ما يسمى بتحولات الطاقة وخفض الانبعاثات.
أما المواد الأساسية وأسواق السلع فلا حلول سريعة قادرة على خفض مؤشرات السلع العالمية إلى مستويات محفزة لنمو نوعي وفعلي في الاقتصاد العالمي.
المشهد الاقتصادي الأمريكي والعالمي سيراقب وعن قرب شديد كل القرارات الرئاسية للرئيس ترامب وبالأخص المائة يوم الأولى وإمكانية حلحلة الملفات السياسية لدفع الاقتصاد العالمي إلى وتيرة تنموية تحفز القطاعات المالية والبنكية والعقارية في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.
هذه المعادلة تتطلب سياسة أمريكية قادرة على مراجعة المجالات الأفضل لتحركات الدولار الأمريكي في أسواق المال والأعمال بما لا يؤثر على قدرة الاقتصادات العالمية على مواكبة النمو الاقتصادي المستهدف.
وهذه المرحلة الدقيقة والمتشابكة تحد من قدرة الفيدرالي الأمريكي على صنع تصور واضح للمرحلة القادمة.