تحليل

مخاطر جديدة على الاقتصاد العالمـي دخلـــت على الخط.. ما هي؟

مع التطورات المتسارعة في الفترة الأخيرة برزت بعض المخاطر الجديدة التي ممكن تشكل تهديدًا على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى بعض المخاطر القديمة والتي ارتفع تأثيرها مع هذه التطورات، وهذه المخاطر تأتي من التوترات العسكرية في القارة الآسيوية وأيضًا من الحرب الروسية الأوكرانية.

هذا من الجانب العسكري، ولكن أيضًا هناك بعض الإشارات التي تأتي من كبار المستثمرين في أسواق الأسهم، وأيضًا هناك المخاطر الجديدة لمعدلات التضخم والتي كثر الحديث عنها في الفترة الأخيرة، عدا عن ذلك لا يجب أن ننسى ارتفاع الدولار هذه السنة وهل نحن سنكون أمام مرحلة من “الدولار القوي” تستمر لفترة مهمة وبالتالي كيف سيكون تأثير كل ذلك على أرباح الشركات، وعلى منطقة اليورو، وعلى التنافس، وعلى حركة التجارة العالمية، وبالطبع على أسواق الأسهم.

بداية سنكون مع “وارن بافيت” أفضل مستثمــــر في العالــــــــم، حاليًا يحتفـــظ بكميـــــة كبيرة من النقـــــــد، تصــــل إلى حوالي 325 مليار دولار، مما زاد من التساؤلات حول ما إذا كان يريد، أن يمرر رسالة معينة أو تحذير، حول المغالاة في التقييمات الحالية لأسعار الأسهم.

وأكثر من ذلك استمر “بافيت” في تقليص حصته في شركة أبل والتي تُعدُّ الاستثمار الأكبر في محفظته وشكلت في وقت من الأوقات أكثر من %60 من قيمة استثماراته.

ومن الملاحظ أيضًا أن شركة “بافيت” “بيركشاير هاثاواي” ما زالت مراكزها تسجل بيع صافي على الأسهم يعني تبيع أكثر مما تشتري، وذلك للربع الثامن على التوالي وهذا ما يؤدي ما إذا كان “بافيت” لا يوجد شركة حاليًا للاستثمار الطويل الأجل حسب مواصفاته الشهيرة.

والسؤال المهم هل “بافيت” مع تردده في عمليات شراء كبيرة يعتقد أنه سيكون بعض التصحيح المهم، وبالتالي يدخل كالمعتاد مستفيدًا من حجم الكاش الكبير الذي في متناوله.

“وارن بافيت” ومع عمره الطويل 94 سنة، والذي مر عليه عدد كبير من الأزمات الاقتصادية، والانهيارات في سوق الأسهم، والحروب، والأزمة العالمية في عام 2008م، والتي حقق فيها صفقات كبيرة في شركات كبيرة وبنوك أمريكية، وكانت هذه الأزمة فرصة استطاع فيها أن يطبق مفاهيمه للاستثمار، وهي عندما تنهار الأسواق يلجأ إلى الشركات القوية، والتي انخفضت قيمتها بشكل دراماتيكي، وبالتالي تصبح مغرية جدًا بالنسبة لاستراتيجيته المعتمدة.

ومن الأزمة العالمية إلى أزمة كورونا، والتي شهدت انهيارًا كبيرًا في الأسواق، فمثلاً مؤشر “الداو جونز الصناعي”، والذي انهار 11 ألف نقطة ثم عاد ومحا جميع خسائره، وهنا أيضًا حقق “بافيت” صفقات كبيرة مستفيدًا من حالة الهلع التي أصابت الأسواق.

عدا عن تواجده الدائم خلال الصدمات التي تضرب الأسهم، من المصادفة أنه حتى أبصر النور خلال فترة الكساد العظيم 1929م، فهو من مواليد عام 1930م، يُذكر أن شركة “بيركشاير هاثاواي” أصبحت أول شركة أمريكية خارج قطاع التكنولوجيا تتجاوز قيمتها السوقية تريليون دولار.

ومن المخاطر التي تلفت اهتمام كبار المستثمرين، هو هل ستعود معدلات التضخم إلى الارتفاع؟ وإذا حصل مفاجآت قوية من العيار الثقيل في البيانات والأرقام الجديدة، فماذا ستكون ردة فعل الفيدرالي الأمريكي بخصوص خريطة الطريق؟ وعلى رغم التأكيدات القوية التي أعلنها الحاكم “جيروم” بأول في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأخير، عدا عن مخاطر التضخم الجديدة هناك تصاعد في التوترات العسكرية في آسيا إن كان على جبهة الصين وتايوان أو على جبهة كوريا الشمالية واليابان، والتطورات المتسارعة التي تحصل وتأثيرها على الأسواق.

أما في أوروبا الجبهة الروسية الأوكرانية تبقى الخطر الأكبر على الأسواق الأوروبية، ولذلك نرى أن الأسهم الأوروبية تتخلف عن وول ستريت في الارتفاعات القوية وخصوصًا أن أوروبا تفتقر إلى أسهم تكنولوجيا أوروبية كبيرة عكس الولايات المتحدة التي يوجد فيها كُبرى هذه الشركات، وأيضًا تقود الارتفاعات بشكل خيالي ويكفي أن نرى بسهولة ما حصل في القيمة السوقية لشركة “إنفيديا” والتي تحولت من شركة صغيرة قيمتها السوقية عند 2 مليار دولار في عام 2004م إلى شركة عملاقة فوق 3 تريليونات دولار إلى أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية مؤخرًا وذلك خلال 20 سنة.

عامل آخر بدأ يلفت الأنظار، وهو قد يكون هناك مرحلة جديدة من دولار قوي في المرحلة المقبلة، وبالتالي تأثير ذلك على نتائج أعمال الشركات الأمريكية وأيضًا هناك القفزات المهمة التي سجلتها العملة الخضراء مقابل عملات الدول الكبرى، مثل: اليوان الصيني، والين الياباني، واليورو، وعدا عن عملات الدول التي ممكن أن تتلقى رسوم جمركية تدهورت بقوة في المرحلة السابقة.

ولا ننسى أيضًا عملات الدول الناشئة وإذا حصل ارتفاع كبير في قيمة الدولار مقابل هذه العملات ممكن الارتفاع يؤدي إلى مشكلات واضطرابات اجتماعية في هذه الدول التي لا تملك احتياطيات كبيرة تستطيع الدفاع عن عملاتها مقابل حركة الدولار القوية، وبالتالي تصبح كلفة الواردات عالية، وتستنزف أيضًا مزيدًا من هذه الاحتياطيات، عدا عن ذلك ممكن أيضًا أن تظهر عوامل جديدة بسبب ردة الفعل على التهديدات المذكورة، نراقب ونرى.