منذ أن استلم الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قيادة البيت الأبيض في مطلع العام لاحظت الأوساط الاقتصادية تراجع مؤشر الدولار الأمريكي، والواضح بعد ما يقارب الستة أشهر من وصول الإدارة الأمريكية أن استهداف خفض قيمة الدولار تخدم الرؤية الاقتصادية التي تحملها الإدارة الأمريكية الحالية.
المنظور الحالي للإدارة الأمريكية يرى أن الاقتصاد الأمريكي يمر بمرحلة دقيقة جدًا حيث بلغ الدين العام مستويات غير مسبوقة عند 38 تريليون دولار وبالنظر عند مستويات نسب الفوائد الحالية فإن الفوائد السنوية تبلغ تريليون دولار أمريكي قابل للزيادة، ويرافق هذه الحالة الاقتصادية استمرار وكالات التصنيف الائتماني بخفض التصنيف الأمريكي وهو ما يكبح قدرة الحكومة الأمريكية من التوجه إلى المزيد من الديون، لذلك لربما تكون بوصلة الإدارة الأمريكية متجهة بشكل أكثر تجاه خفض الدين العام كأولوية بينما تتجه بوصلة الفيدرالي إلى خفض التضخم.
في مناسبات متفرقة رددت الإدارة الأمريكية ما مضمونه “الدولار القوي يُضر بالمصانع الأمريكية، نحن بحاجة إلى تكافؤ الفرص”، هذا هو الشعور الذي رددته الإدارة سابقًا، وترى الإدارة الحالية أن خفض قيمة مؤشر الدولار يساعد على إنعاش التصنيع الأمريكي وخفض العجز التجاري حيث يُعزز انخفاض قيمة مؤشر الدولار تنافسية الصادرات الأمريكية في الأسواق العالمية من خلال خفض أسعارها في الأسواق ويمنحها تنافسية سعرية، ويتماشى هذا مع أجندة الإدارة “أمريكا أولاً”، التي تُركز على إعادة توطين القدرات الصناعية، ودعم المُصنّعين الأمريكيين، وتقليص العجز التجاري وخلق وظائف في سوق العمل الأمريكي المحلي.
أيضًا ترى الإدارة الأمريكية أن دول الاقتصادات الناشئة تقوم بالتلاعب بعملاتها لتحقيق مكاسب تجارية في الأسواق التنافسية عالميًا، ومن خلال إضعاف الدولار، تُقاوم الإدارة ما تعتبره ممارسات تجارية غير عادلة في حق السلع والخدمات الأمريكية في الأسواق العالمية، وتفاوضيًا ترى الإدارة الحالية أن خفض قيمة مؤشر الدولار يعطيها تكتيك للضغط في مفاوضات التجارة مع دول الاقتصادات الناشئة وعلى رأسها الصين.
وترى الإدارة الأمريكية أيضًا أن انخفاض قيمة مؤشر الدولار يُشجّع الإنتاج المحلي بدلاً عن الاستيراد كما يؤدي انخفاض قيمة مؤشر الدولار إلى ارتفاع أسعار السلع الأجنبية في الولايات المتحدة، مما قد يُحفّز الشركات على تصنيعها محليًا.
والأهم أن انخفاض قيمة مؤشر الدولار يجذب الاستثمار الأجنبي إلى الصناعة الأمريكية، وبذلك تنخفض تكلفة الاستثمار في المصانع والأراضي والعمالة الأمريكية بشكل ملحوظ بالنسبة للشركات الأجنبية والأمريكية على حد سواء، وقد تجد الشركات متعددة الجنسيات أن توسيع الإنتاج في الولايات المتحدة أقل تكلفة، خاصةً إذا كانت ترغب في الوصول إلى أسواق المال والبنوك الأمريكية دون مواجهة عوائق تجارية.
وبالنسبة لإدارة الرئيس “ترامب”، فإن ضعف الدولار ليس عبئًا، بل أداه اقتصادية تدعم الصادرات الأمريكية، والوظائف الصناعية، والرافعة المالية في الخارج، كل ذلك مع تعزيز رسالة الإدارة الأوسع نطاقًا والتي تهدف إلى استعادة القوة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية.
هل خفض قيمة مؤشر الدولار تخدم الاقتصاد الأمريكي؟
