مشاريع تبقى في ذاكرة الأجيال تمدهم بالأمل وتوقد فيهم روح العطاء والتكافل واللُّحمة الوطنية والعرفان واقتفاء الأثر، هي تلك المشاريع التي تبذر الإنسانية ليحصد المجتمع عبقها الاستراتيجي وأعمالها النيرة.
سأختصر بعرض فكرة عن بعض من تلك المشاريع التي من الممكن أن تكون محصلة لتعاون اقتصادي مثمر بين القطاع العام والخاص، والموجهة لقطاعات بعينها مع إمكانية عكسها على قطاعات أخرى متعددة، والتي أرجو أن ترى النور لاحقًا من خلال تبني الحكومة لها كمنهاج مؤسسي راسخ وقابل للتطوير والاستدامة.
تصور أن يكون هناك تعاون مشترك بين وزارة الصحة ومانحين من القطاع الخاص (شركات أو مؤسسات أو أفراد)، بحيث يتاح لهم الإسهام بإنشاء المراكز الصحية في الأحياء (أرض ومبان وبنية تحتية وتجهيزات كاملة)، حسب الاشتراطات المعدة مسبقًا وبعد اكتمالها تتولى الوزارة كجهة يتبع لها المشروع استلامها وتشغيلها كقطاع عام مجاني متاح للمواطنين (كما الحاصل حاليًا).
مع إمكانية إسهام المانح بالمصاريف التشغيلية السنوية إن رغب (كل ما تقدمت أمور فنية يمكن معالجة جوانبها من قبل الحكومة)، وقس على تلك الإسهام من قبل المانحين بإمكانية إنشاء المستشفيات أو المراكز الطبية والبحثية المتخصصة، على أن يُكرم المانح على دوره المجتمعي بإطلاق اسمه على المشروع كشرط أساسي لنجاح الفكرة.
السياق نفسه بالإمكان تطبيقه لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من خلال إنشاء دور الرعاية لكبار السن وإنشاء صالات الأفراح للمواطنين بأجر رمزي، وكذلك مع وزارة التعليم بإنشاء المدارس والمعاهد وحتى الجامعات والمراكز البحثية والعلمية، وأيضًا بالإمكان أن تستفاد وزارة الإعلام ووزارة الثقافة من هكذا مشاريع تشاركية مع القطاع الخاص بإنشاء المكتبات العامة ودور العرض كالمسارح ومقار المهرجانات والمؤتمرات.
في أي بلد انتشار تطبيق مثل هذه الأفكار على أرض الواقع يبرز سمو العلاقة الإنسانية بين أفراد المجتمع والمحيط الذي يعيشون به.
وقفات:
- إن وضع اسم المانح على المشروع الذي قام بتمويله للجهة الحكومية، يعد نبراسًا للتقدير المجتمعي والرسمي ودافعًا للآخرين المقتدرين الاقتداء به، كما أن المانح سيعد ما منحه من باب الإحسان والصدقة الجارية (وقف)، كما أنه يمثل بوابة تطبيقية للتعاون الحقيقي بين القطاعين العام والخاص فهما مكون أصيل في الدولة (تكافل اقتصادي).
- شركات عديدة وحتى أفراد وعائلات ميسورين قد يرغبون بتخليد وبروز أسمائهم كمكونات فاعلة في المجتمع والبلد، ومثل هذه التطبيقات ستؤدي الغرض وتغني بعضهم عن أي حملات إعلامية أو تبرعات مؤقتة قد تنسى مع الوقت.
- فكرة المقال مطبقة في بعض دول الجوار وبقطاعات معينة كالصحة والشؤون الاجتماعية، كما أن وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية قد طبقتها بمسألة بناء المساجد من قبل المتبرعين (بعض دول مجلس التعاون ترفق مع بناء المسجد صالة تخدم المواطنين في بعض مناسباتهم “كواجب العزاء أو حتى لقاءات الأعياد لقاطني الحي” وهي لفتة مقدرة ومهمة في التكافل الاجتماعي).