تهتم الدول المتقدِّمة بكثير من النواحي الإنتاجية والاستهلاكية، ولهذا فقد شجعت على تواجد جمعيات متنوِّعة لعديد من السلع والمنتجات والأطعمة من أجل تحسين جودتها والاهتمام بمنتجها، والأخذ بملاحظات المستهلكين والجهات ذات العلاقة بها.
فهناك جمعيات لمنتجي البطاطس وأخرى لمنتجي البصل وثالثة للموز وغيرها كثير، سواء في الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية. ولا تتعدى فائدة هذه الجمعيات لمستهلكي البلد فقط، بل تتعداها لكل المستهلكين على مستوى العالم. ولا شك أن وجود هذه الجمعيات يصب في مصلحة المستهلك كذلك، من ناحية السعر والجودة وتطوير المنتج.
ومن أبرز هذه الجمعيات، جمعية التفاح الأمريكية U.S. Apple Association والتي سنتطرق إليها كنموذج ومثال حي لعمل أهداف مثل هذه الجمعيات، فجمعية التفاح الأمريكية تُعد من أنشط الجمعيات المتخصصة في شؤون زراعة وإنتاجية وتسويق التفاح الأمريكي، وذلك من خلال تقاريرها المتميِّزة في مجالات التفاح المختلفة والتحليل الدقيق لأسواق التفاح العالمية وبوجه خاص الأمريكي.
وتأسست هذه الجمعية غير الهادفة للربح عام 1971 وتتألف من عدد كبير من الأعضاء غالبيتهم من رجال الأعمال البارزين في زراعة وإنتاج التفاح، وكذلك المسوقون والمصدرون، والجمعية متعاونة مع جمعيات التفاح المحلية، فهي ناشطة في 40 ولاية أمريكية وتخدم أكثر من 75,000 من مزارعي التفاح وحوالي 400 مزرعة للتفاح، وتعمل الجمعية من خلال علاقاتها وأعضائها على إيجاد كافة الوسائل والإمكانات والدعم لجميع العاملين والمهتمين والمتخصصين في مجالات أعمال التفاح المختلفة لتقديم أفضل إنتاج وتسويق للتفاح الأمريكي. وحسب تقارير الجمعية تُعد الولايات المتحدة الأمريكية ثاني أكبر الدول إنتاجاً للتفاح مع الصين وتركيا وإيطاليا وبولندا، وواحدة من كل أربع تفاحات أمريكية تُصدَّر للخارج، وتبلغ إنتاجية التفاح الأمريكي سنوياً أكثر من بليوني دولار، من خلال بيع 300 مليون صندوق.
وتتلخص أهداف جمعية التفاح الأمريكية في ثلاث نقاط أساسية تحاول تحقيقها من خلال أقسامها المختلفة، أولها: إيصال وجهات النظر المختلفة بخصوص إنتاج وزراعة وتسويق التفاح وكذلك تصديره للكونجرس الأمريكي والجهات المعنية، والعمل على حل مشكلات صناعة التفاح بالتعاون مع وزارة الزراعة الأمريكية، ومؤسسة حماية البيئة ومنظمة الأغذية والأدوية الأمريكية، ومن هذا الهدف أسست شبكة من المدافعين والحلفاء والمؤيدين لحل كل ما يتعلق بالمشكلات القانونية والتشريعية لمزارعي التفاح.
ثانيها: هو قسم أبحاث التغذية والبرامج التعليمية والتثقيفية، والذي يُعد أمراً مهماً تركز عليه الجمعية من خلال قسم صحة المستهلك، الذي يضم مجموعة من الخبراء والدارسين والباحثين لإمداد المستهلك بفوائد التفاح الصحية من تناول التفاح الطازج أو منتجات التفاح المختلفة، إضافة إلى حِمْيَات التفاح الغذائية المختلفة، ويضم القسم أيضاً عدداً من الأبحاث المطورة والمدعمة المخصصة للأغراض الإعلامية والمدرسية وللجمعيات والمنظمات الأخرى.
وثالثها: هو تقديم الجمعية لأعضائها وللحكومة والإعلام، تقارير مفصلة ومعلومات أكيدة وإحصاءات دقيقة وموثقة عن أخبار سوق التفاح الأمريكي، كما تنظم الجمعية عدداً من المؤتمرات والندوات والمحاضرات لنقل وتداول هذه المعلومات مع الجهات المعنية والجمعيات الأخرى.
وتقدِّم الجمعية لمحبي وعاشقي التفاح، مكتبة متكاملة من الصور للتفاح ومراحله الإنتاجية المختلفة، إضافة إلى وصفات طهي شهية معتمدة على التفاح، بالنظر إلى أنواعه المختلفة التي تصل إلى 20 نوعاً، منها ما يصلح كفاكهة أو سلطات أو فطائر أو التجميد أو استخدامه كعصير أو معلب أو عمل الخل أو التزيين، ومنها ما لا يصلح، فحوالي %60 من التفاح الأمريكي يؤكل كفاكهة، والباقي يستخدم في هذه الأغراض حسب النوع واللون.
وعن الصحة والتفاح تقدِّم الجمعية عدداً كبيراً من الأبحاث الحديثة التي قام بها باحثون في الجامعات العلمية المختلفة، وتجمع هذه الأبحاث على فوائد التفاح الصحية ووقايته من عديد من الأمراض.
عندما أطلع على مثل هذه المعلومات، أتحسر على واقعنا الزراعي الحِرَفي لأهم منتجاتنا المحلية خاصة التمور، والذي أعتقد أن جمعية مزارعي التمور لا تقدِّم %10 مما تقدِّمة جمعية التفاح، وغيرها من الجمعيات العالمية المماثلة.