نافذة

لومي بصرة

نوع من البهارات المحببة، ولا يكاد يُعرف في العراق والخليج إلا بالسم المذكر أعلاه. مصدره، والجيّد منه يأتي من عُمان. الليمون الأسود أو اللايم المجفف أو لومي أو نومي بصرة أو لومي صحاري.

وأعتقد أن السلعة، سواء كانت للاستعمال أو سلعة غذائية تحتفظ باسمها الأول، ويصعب نسيانه، فالمناديل الورقية المعاصرة مثلا، أخذت اسما دارجا انطبق على مثيلاتها، وكذا نجد المياه المعبأة لا يُعرف ماركة المثيلات بل الدارج هو الاسم الذي استعمله الناس أول مرة، وينطبق هذا على الحليب البودرة، فأطلق المستهلك على البديل الاسم الأول. من هنا آتي إلى القول بأن عبارة “لومي بصرة” تملّكت الأرضية دون مزاحم، رغم إنتاجها في عمان والهند.

ينطبق ما ذهبتُ إليه على منتج آخر هو “التمر هندي” فموطنه الأصلي إفريقيا الاستوائية، وقيل مدغشقر، وعرف منذ القدم في السودان، لكن المستهلك لا يعرفه إلا باسم “التمر هندي”

وسُمي لومي بصرة بهذا الاسم، لأن مدينة البصرة تستورده وتوزعه في الجزيرة والخليج والشام، وذلك لامتياز ذلك الميناء العراقي بالإمكانيات والتسهيلات أكثر من موانئ الخليج الأخرى. كذلك يوجد في البصرة تجار لهم مكانتهم واعتبارهم في التعامل، والثقة التجارية بالتجار، حتى لو لم يجر التعارف الشخصي.

واعتبر سكان جزيرة العرب، العراق وخاصة مدينة البصرة وسوق الشيوخ، سلة الغذاء التي لا تنضب. فالطرق إلى مناطق شبه الجزيرة سالكة في كل الفصول، أقصد أنه لا توجد حواجز جغرافية كالجبال والأودية العميقة، فالعراق يقاربه مورد الحفر ـ حفر الباطن ـ واستوطنت صفوة التجار مدينة الزبير، لكون مناخها يقارب منطقة نجد الجذر الأصلي لسكانها، وهم من التجار الموسومين بالصدق والذمة الصافية.

وتميزت سلطنة عمان بالنوع العماني من تلك النبتة، وهي من محاصيلهم المشهورة والمطلوبة محليا ودوليا. لكن السلطنة في ذاك الزمن لم تكن بارعة بتجارة المحاصيل، فكانت عمان تُنتج وترسل المنتوج إلى تجار البصرة، ولا عجب أن أُطلق على الليمون العماني “لومي بصرة” حتى في الوصفات العصرية للطعام. وفي العامية العمانية اسمه نومي. ويتميز عن ليمون الهند بطعمه الشهي.

وكانت لميناء البصرة، مكانة ليس في العالم العربي فحسب، بل وحتى معظم بلدان العالم، لوسع ميناء البصرة، وبما لديه من معدات حديثة ومداخل واسعة وتدابير وقاية من كافة أنواع الطوارئ، كما يقوم بتفريغ الحمولات على اختلاف أصنافها وتحميلها وخزنها بكل سرعة واقتصاد، ومثال على سرعة مراكب البريد السريع الأسبوعية المسافرة من البصرة وإليها، كان سكان البصرة يعرفون خدمة اسمها “الميل” أي البريد وهو حركة أسبوعية.

ولـ “لومي البصرة” جاذبية خاصة فإلى جانب طبيعته، فهو يكاد يدخل في كل الوصفات، ويعملون منه شراب الشاي الحامض، خصوصا في رمضان، ومضيفك في البصرة يقول عبارته التوددية الخاصة: تشاي لو حامض؟.

والشيء الملاحظ أيضا أن العراق كان لديه العنبر “الأرز المشهور. ومع ذلك نجد الليمون ففط هو الذي أخذ اسم البصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.