من المدهش حقاً أن ترى شركات كبرى تتنافس في إهدار ميزانيات ضخمة على حملات إعلانية فاشلة، دون أن تحقق أي عائد يُذكَر على الاستثمار في علامتها التجارية. إعلانات تجارية مليئة بالأخطاء القاتلة، تنتجها شركات عديدة، تُبيّن بجلاء انعدام الفكر التسويقي والتخطيط الاستراتيجي طويل المدى الهادف إلى بناء علامة تجارية قوية ومفضلّة. بل إن بعض هذه الإعلانات قد يدفعك دفعاً إلى كُره العلامة التجارية، بل والتعنت في الامتناع عن شراء منتجاتها أو خدماتها أو الاعتماد على أي شيء متعلق بها.
لذا، وبناءً على ما رأيت من حملات إعلانية فاشلة، يسعدني أن أقدم سلسلة من النصائح المفيدة لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالتسويق الاستراتيجي ولا بالبناء الحقيقي للعلامات التجارية لمساعدتهم على إنتاج إعلانات فاشلة بامتياز. إعلانات من النوع الذي لا يحقق عائداً استثمارياً على العلامة التجارية، ويدفع الناس إلى الاستخفاف بعلامتك التجارية، والتوقف عن أخذها بجدية كأحد الخيارات المجدية، بل وإلى كُرهها إلى حد “القرف” منها.
تجاهل تماماً استراتيجية علامتك التجارية
قد تكون لديك استراتيجية علامة تجارية، لذا تجاهلها تماماً. وإذا لم تكن لديك استراتيجية، “يا سلام!” فذلك أفضل بالتأكيد! لا تلتزم بروح العلامة التجارية ولا وعدها، ولا تُظهر الخصائص والقيم المرتبطة بها في إعلاناتك. ولا تركز على إيصال رسائل علامتك التجارية الأصلية، بل ركّز على الجانب الإبداعي أكثر من الجانب الاستراتيجي. فكِّر في كيفية إمتاع الناس وإضحاكهم. تخيل مثلاً أنك تروي لهم نكتة “على الطاير” من خلال إعلان تجاري، أو أنك ترسم لهم لوحة فنية رائعة لإدهاشهم، أو أنك تطربهم و”ترقصهم”. ولا تعطي أي اهتمام للموقع الذهني التنافسي لعلامتك التجارية Positioning، خاطِب الرجال مثلاً، لا مانع، حتى وإن كان منتجاتك موجهة أصلاً للنساء.
اضرب بهُويّتك عُرض الحائط
لعلامتك التجارية شعار رمزي بالتأكيد، ولها كذلك ألوان معتمدة وخطوط كتابة وشعار لفظي رنان وربما نغمة موسيقية معينة. “طنِّش” كل ذلك! وأمورك في السليم بإذن الله. كما ينبغي عليك عدم التقيد بالنبرة المعتادة “Tone of voice” لعلامتك التجارية حتى لا يستطيع المتلقي تمييزها! وبإمكانك تغيير شخصية علامتك. اظهر كل يوم بشخصية جديدة من باب التغيير، باختصار.. “انس مين انت”!.
عقّد إعلاناتك واملأها بالغموض
تجنب إنتاج إعلانات “سهلة الهضم”. املأها بالغموض، صَعِّب مهمة المتلقين في فهم إعلاناتك، دعهم يشاهدون الإعلان مرة ومرتين وثلاثا وأربعا، ويحللوه إلى أن يستوعبوا فكرته ويتلقوا رسالتك! ولتسهيل تحقيق ذلك، تجنب اختبار إعلاناتك على عيّنة من جمهورك المستهدَف، وعوضاً عن ذلك، قم مباشرةً بنشر إعلانك، لا تدقق كثيراً!.
تجاهل ثقافة جمهورك
أنت مسوّق متطور ومنفتح على ثقافات الدنيا، لذا دع ذلك ينعكس على إعلاناتك، لا تهتم بلغة جمهورك ولهجاتهم، بل خاطبهم باللغة التي تراها وباللهجة التي تفضلها، تجاهل ملابسهم وأزياءهم ومناسباتهم وعاداتهم وتراثهم وموسيقاهم وباقي مظاهر ثقافتهم، ركز فقط على ما يجب للإنسان المتطور أن يلبس ويفعل، باختصار، ركز على ما تحبه وتستسيغه “أنت”!.
ركِّز على الجدليات.. تصادم مع جمهورك
أبدع إعلانات عن الأفكار التي يتجادل حولها المجتمع، واصطف مع فريق ضد الآخر، وصرِّح عن آرائك الجدلية في الإعلان، وكأنك متحدث سياسي أو ناقد اجتماعي. ولا تهتم كثيراً بالقيم والأفكار الاجتماعية السائدة عند جمهورك، فبعضها متخلف ورجعي، تذكر دائماً أنك أنت “المثقف” وقائد التنوير، تخيل أنك المصلح الاجتماعي القادم.
وظِّف الإيحاءات الرخيصة
لا توجد وسيلة أسهل لجذب انتباه الناس في شارع من بنطالك أو قضاء الحاجة أمام أعينهم، طبق ذات الطريقة في إعلاناتك، ولكن بشيء من الخبث والدهاء، املأ إعلاناتك بالإيحاءات الجنسية مثلاً، أو بالإسقاطات العنصرية، لكن انتبه أن تكون واضحاً ومباشراً، حتى لا تطولك المساءلة القانونية، وستجد الناس يتكلمون كثيراً عن إعلاناتك ويتناقلونها، وستجد تأييداً حاراً لها من بعض الفئات، أما المنتقدون فليسوا سوى ثُلة تدعي المثالية، لا تهتم كثيراً بما يقال، ولا تلقِ بالاً لـ “خزعبلات” الصورة الذهنية، فالأهم هو الوصول والانتشار.
لا تكتب عناوين التواصل
من المهم عدم ظهور أي عنوان تواصل يربط الناس بعلامتك التجارية، لا بريد إلكتروني، ولا رقم هاتف خدمة عملاء، ولا حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي، ولا موقع إلكتروني رسمي، بهذا سوف تضمن بكل سهولة انعدام قدرة من يرى إعلاناتك على الوصول إليك والاستفادة مما تقدمه من خدمات أو منتجات أو معلومات، وسوف تعيش فعلاً في راحة بال، بلا أي إزعاج!.