نافذة

اندماج البنوك وفنتك السعودية

في الآونة الأخيرة لاحظنا سلسلة من محاولات الاندماج بين البنوك الكبيرة، على الرغم من أنها ليست ضمن خطط رؤية 2030 لتنمية وتطوير القطاع المالي، وحيث أنها ستكون منافسا مباشرا مع مبادرة فنتك السعودية “FinTech” والتي تهدف إلى دعم منظومة التقنية المالية بالمملكة لتصبح جزءا من مركز التقنيات المالية.

فبرنامج تطوير القطاع المالي يرتكز على أهداف ذات علاقة مباشرة برؤية 2030 ومنها تطوير الأسوق المالية المتقدمة، وتمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتعزيز وتمكين التخطيط المالي، وأهداف ذات علاقة غير مباشرة من شأنها دعـم وتحقيق 19 هدفـاً مـن أهداف استراتيجية رؤية 2030.

وحيث أن وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي المنصوصة بتاريخ 24 أبريل 2017م يتمحور حول دور البرنامج في تطوير القطاع المالي المتنوع والفعال لدعم وتنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار من خلال تطوير وتعميق مؤسسات القطاع المالي، وتطوير سوق المال السعودي لتصبح سـوقا مالية متقدمة بما لا يتعارض مع الأهداف الاستراتيجية للحفاظ على الاستقرار والمتانة في القطاع المالي.

وكان لابد من ذكر أو الإشارة إلى أساسيات خطط تنمية القطاع المالي بشكل عام لإيضاح أثر الاندماج للمهتمين بالمجال المالي والمصرفي.

ومن أهداف برنامج تطوير القطاع المالي لتنمية الاقتصاد الرقمي، وبناء البنية التحتية المتطورة، فقد سعت مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما” واستثمرت، بوضع اللبنات الأساسية ووضع قواعد لحوالات البنوك والمصارف العالمية الجديدة ضمن مساعيها الهادفة إلى تمكين وتطوير التقنيات المالية في المملكة، والتي تشمل مبادرة فنتك السعودية، بالمشاركة مع هيئة سوق المال والبيئة التشريعية التجريبية والخدمات المصرفية الرقمية والمدفوعات الرقمية، ومن ضمن استثمارات مؤسسة النقد العربي السعودي منظومة سلسلة الكتل “Blockchain” فهي من أحدث المنظومات والتقنيات العالية الجودة لتوثيق العمليات، حيث يتنبأ المختصين باستبدال منظومة الحوالات التقليدية الـ “SWIFT” بمنظومة سلسلة الكتل الـ “Blockchain” المعززة لمجال الفنتك  “”FinTech.

وتعتبر الفنتك “FinTech” من الشركات الصغيرة والمتوسطة والمختصة بمجال التقنية المالية والتي تدفع الدولة بكل مرافقها لدعمها، حيث أنها تساهم في توليد فرص عمل جديدة وداعمة للاقتصاد، ويضاف إلى ذلك أنها تخدم مجالات مختلفة من الشركات الصغيرة والمتوسطة مثل شركات التوصيل، نقاط البيع ومنصات التأمين وغيرها.

إن شركات “FinTech” لا تستطيع مواكبة البنوك الكبيرة في الخدمات المتنوعة ـ في رأيي ـ حيث أن البنوك تستخدم أدوات أو تقارير كثيرة منها أداة متابعة العميل “Client 360” أي “النظرة الشاملة للعميل”، وتختلف هذه الأداة من بنك إلى بنك آخر، وهذه الأدوات تسهل في اتخاذ القرار المناسب لتسعير المنتج المالي، وبالتالي تمكن البنوك من تحمل الخسارة في أحد القطاعات وتعويضها من خلال قطاع آخر. مثال أوضح حيث تستطيع الخدمات المصرفية في قطاع الشركات تحمل الرسوم أو إعفائه من العميل، وبالتالي تعويض تلك الرسوم أو الخدمات من خلال قطاع الخزانة أو غيرها من القطاعات التي يستخدمها العميل داخل البنك.

ولنأخذ مثالاً عالمياً متمثلاً بشركة تشارلز شواب الأمريكية للوساطة في الأسهم بعد أن حصلت على الترخيص المصرفي، أوائل العقد الأول من القرن الـ 21، بدأت الشركة بمنح الوساطة دون أية عمولة أو رسوم، على شرط التزام العميل بوجود حساب مصرفي لديها في وضع جيد، فكانت الاستراتيجية في الاستحواذ على أكبر نسبة من سوق الوساطة وتنمية المركز المالي لديها، مما عوض عن خسائر رسوم الوساطة المالية، وبالتالي استحوذت شركة تشارلز شواب الأمريكية على جزء كبير من السوق، فكانت  النتيجة صعوبة دخول منافسين آخرين لها بنفس الخدمات من الشركات المحلية أو العالمية  مثال “Saxo Bank”  و”TD Ameritrade”.

وقد يرى القارئ في المثال أعلاه أنه من غير العدل مقارنة اندماج البنوك المحلية وشركات الوساطة المالية العالمية، لاختلاف المجال، لكن عند إعادة النظر نرى أنه سيؤثر بشكل مباشر على الشركات المالية التقنية المتخصصة المحلية تحت مبادرة فنتك السعودية “”FinTech لأنها لا تستطيع مجاراة البنوك الكبيرة المندمجة وخدماتها المتعددة.

ويسهل على المختص أو القريب من المجال أن يعلم أن هذه البنوك الراغبة بالاندماج توجد لديها استثمارات أيضاً في مجال الفنتك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق شركات زميلة أو تابعة، مما يزيد من مخاوف المستثمر السعودي بالدخول في مجال فنتك السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.