الساحة الصحفية المحلية كانت ومازالت تعاني من إيلاء الثقافة والمعرفة الاقتصادية مساحة لائقة، تتناسب ووزن المملكة وتأثيرها الاقتصادي الذي كان ومازال يتنامى على جميع الأصعدة محليا وإقليميا ودوليا، وعلى العكس من ذلك فإن الاهتمامات الرياضية والأدبية والفنية، تحظى بقدر وافر من العناية الإعلامية، إضافة إلى قليل من متابعة حركة الأسهم ومضارباتها.
إلا أن بعض إصدارات الغرف التجارية وأخص هنا مجلة “الاقتصاد” التي تصدر عن غرفة الشرقية تكاد تسد هذا النقص، وذلك من خلال ما ينشر فيها من ملفات وكتابات تحمل طرحاً اقتصادياً معرفياً يسهم في الفكر التنموي لهذا الوطن، حيث أبهرتني “الاقتصاد” بما تحتويه من معلومات وما تقدمه من وجبة شهرية لقارئها، من الطرح الاقتصادي المتميز، وفي نفس الوقت المبسط ليستطيع القارئ فهمه دون الدخول في لوغاريتمات الاقتصاد المعقدة، ورغم بساطتها في الطرح، إلا أنها أصبحت للكثير من الباحثين مصدرا يعتمدون عليه، بل وأصبحت جزءا مهما للباحثين يكتبون عنها أبحاثهم الجامعية.
وفوق ذلك فإنني كنت ومازلت أشعر بالحاجة إلى تعزيز وتبسيط المعلومة الاقتصادية لدى غير المتخصصين، وأؤكد ضرورة نشر الثقافة البترولية لدى القاعدة العريضة من الناس، خاصة أن السعودية أهم القوى النفطية في العالم، فلا يليق والحال كذلك، ألا يعرف المواطن العادي الفرق بين أنواع الخام النفطي مثل “الخام العربي الثقيل، والعربي المتوسط، والعربي الخفيف، وكذلك العربي الخفيف جداً، والعربي الممتاز” على أن كاتب هذا المقال ـ رغم دراسته للاقتصاد ـ يصطف في زمرة الجاهلين أو لنقل غير العارفين بهذه الفروقات، وكنت أتوقع أن طرح أسهم أرامكو للاكتتاب ثم التداول، قد يسهم في نشر هذه المعرفة، لذلك أتطلع من صحف متخصصة مثل هذه المجلة الموقرة ـ وأرجو بذلك عناية رئيس تحريرها الذي أسهم بجهده الواضح في حضور مميز لهذه المجلة ـ ولا ننسى دور جريدة الاقتصادية، وكذلك الصفحات الاقتصادية في الصحف اليومية، أن تخصص ملفات تعريفية بكل جوانب الصناعة النفطية التي كانت اكتشافاتها واجهة خير ونماء لهذه البلاد وأهلها والمقيمين عليها، بل امتدت أنعامها من خلال مد يد العون السعودية الإنسانية لكل المحتاجين في هذا العالم.
نسأل الله لهذه الثروة، البركة وطول العمر، وأن يعزز من البدائل غير النفطية، وأن يديم علينا نعمه ظاهرة وباطنة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.