شهدت الرياض يوم الأربعاء الموافق 25 أغسطس 2021م حدثًا فريدًا من نوعه، موعدًا لطالما كنا نُوقن بحدوثه، ألا وهو إعلان معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبد الله السواحة، عن دخولنا دائرة المنافسة مع كبرى شركات التكنولوجيا في العالم، بإنتاجنا أول رقائق ذكية بأيدٍ وعقولٍ سعودية خالصة، وذلك ضمن فاعلية (Launch)، الفاعلية الضخمة التي شارك فيها العديد من عمالقة التكنولوجيا في العالم.
ولو تعلمون ما يحمله إنتاجنا للرقائق الذكية ودخولنا عالم صنـــــاعتها وتطويـــرها، من حدثٍ بالغ الأهميــــــة يستوجب من كل سعودي وسعودية الفخر والاعتزاز بما يشهده الوطن من تحولات كُبرى نحو الريادة الإقليمية والعالمية، واليقظة لما تشهده أسواق العالم من تطورات في مختلف المجالات، إذ تُضاهي هذه التقنية في أهميتها – بلا مبالغة – اقتصادًا بكامله، كونها تُستخدم في غالبية الصناعات الحديثة المعتمدة على التكنولوجيا كالسيارات والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وكل أنظمة التسليح والاستخدامات التجارية والمدنية تقريبًا.
وقد شهد العالم بالتزامن مع جائحة كورونا وما فرضته من تداعيات، زيادة مفاجئة في الطلب على هذه الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصِّلات في ظل نقصٍ حادٍ في إنتاجها نظرًا لعوامل عدة من أهمها انحصارها في عدد من الدول بعينها، وبالتالي فإن اتجاهنا نحو إنتاج الرقائق الذكية وأن يكون لنا موطئ قدم في صناعتها، هو اغتنام للفرصة لتلبية الطلب العالمي والمساعدة في سد الفجوة الماثلة وقبل هذا وذاك تحقيق الإكتفاء الذاتي خاصة وإننا بتنا نمتلك كل مقومات تصنيعها سواء من ناحية الإمكانات المادية أو البشرية، وقبل كل ذلك إرادة سياسية تدعم الابتكار وتؤسس لبناء مستقبل عظيم لوطن عظيم وشعب أعظم، استطاعت مواهب أبنائه إنتاج أول رقائق ذكية لديها قوة مُعالجية لأكثر من 60 ألف ضعف، في الوقت الذي يعاني فيه العالم من معضلة حقيقية في نقص المواهب اللازمة لتصنيعها، وهو ما يتعين علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى البناء على ما نمتلكه من مواهب محلية ابتكارية بالتوسع أكثر في البرامج التأهيلية والمبادرات التعليمية في مجالات التقنية والعمل على نقل خبرات هؤلاء إلى الأجيال القادمة وصولًا إلى أن نكون أحد منتجي الرقائق الرئيسين عالميًا.
هكذا تسير بلادنا في الطريق الصحيح، بخطى واثقة نحو تحقيق الريادة التقنية، وذلك بدخولها صناعة الرقائق الإلكترونية، وهي التي نفتخر بإنتاجها ما نسبته %40 من المواد الأولية الداخلة في صناعة الأجهزة الذكية عالميًا من خلال شركة “سابك” كما أن نحو %95 من الهواتف الذكية تعمل بمعالجات صنعت بالشراكة مع المملكة من خلال شركة رام التي تعود ملكيتها إلى “سوفت بنك” وصندوق رؤية السعودية، وهو ما يزيدني يقينًا يومًا بعد الآخر بالرؤية وأنها البوصلة التي أعادت اكتشاف مقومات بلادنا الطبيعية والبشرية.