أسهم

المملكة عاصمة الصيرفة الإسلامية..

“تاسي الإسلامي” يعزز السوق المالية ويدعم الاستثمار في المنتجات الإسلامية

خطوات نوعية في مجال الاستثمار الإسلامي لتحقيق هدف المملكة بأن تكون عاصمة للمالية الإسلامية في 2030م

ثمة شريحة كبيرة من العملاء يرغبون في حلول استثمارية شرعية وتمويل المشروعات البناءة والناجحة

جاء تلبية للطلب الذي يمثله مئات الملايين من المسلمين حول العالم

الاستثمار الإسلامي أقل خطورة من الاستثمار القائم على بيع وشراء الديون كونه يقوم على تمويل الإنتاج الحقيقي

الاعتراف العالمي ببعض الأدوات المالية الإسلامية يثبت كفاءة ونجاح سوق الأوراق الإسلامية

عدم الالتزام بالمعايير والضوابط الشرعية هو ما يؤدي بالإضرار بعمل الأسوق المالية الإسلامية

رقابة الهيئات الشرعية ونزاهتها هي أساس نجاح الأسوق المالية الإسلامية

تزايد الطلب خلال العقود الأخيرة، على الأدوات المصرفية الإسلامية، سواء للرغبة الواضحة، لدى الكثيرين في استخدام تلك الأدوات، التزامًا بتعاليم الشريعة الإسلامية أو لكفاءة تلك الأدوات في تسهيل المعاملات المالية بطريقة شرعية، أو لدورها، الذي يمكن أن تلعبه في التنمية الاقتصادية، بتمويلها لعمليات الاستثمار، وجذب رؤوس الأموال المحلية والإقليمية والدولية.

الصناديق الإسلامية

وبشكل عام، فإن الأدوات الاستثمارية الإسلامية، هي تلك، التي تتوافق أرباحها الاستثمارية مع أحكام ومبادئ الشريعة، وتتنوع الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، مابين مجالات عديدة، مثل: العقارات والتكنولوجيا، والتعليم، والصحة، وغيرها.

وقد ظهرت الصناديق الإسلامية، على سبيل المثال، في ستينات القرن الماضي، وتزايدت شعبيتها، حيث تشير بعض التقارير إلى نموها بنسبة %26 سنويًا، خلال الفترة من 2001م إلى 2010م، تجذب مثل تلك الأدوات العملاء الذين يرغبون في حلول استثمارية متوافقة مع الشريعة، ولا يرغبون في التعامل مع الأدوات المصرفية والمالية التقليدية، ويحرصون على شرعية أرباحهم وتمويل المشروعات البناءة والناجحة.

أول مؤشر إسلامي

وكانت وكالة ستاندرد آند بورز، المعنية بالتصنيف الائتماني، قد توقعت أن ينمو قطاع التمويل الإسلامي، على سبيل المثال، ما بين %10 إلى %12 خلال العامين 2021م و2022م بعد أن سجل نموًا بلغ %10.6 في عام 2020م وذلك بسبب إصدارات الصكوك الجديدة للعديد من الدول والمصارف الإسلامية، التي نتجت عن الظروف الاقتصادية المرتبطة بجائحة كورونا ثم حالة التعافي، التي يشهدها الاقتصاد العالمي، حيث من المتوقع نمو قيمة الأصول الإسلامية لتصل إلى ما يقارب من 3.8 تريليون دولار بحلول عام 2023م.

وضمن جهود شركة السوق المالية “تداول” تطوير المنتجات والمؤشرات، وتقديم أفضل الخدمات، فأعلنت “السوق المالية”، في يوليو من العام الجاري 2022م عن إطلاق أول مؤشر في سوق الأسهم المحلية يتوافق مع الشريعة الإسلامية، تحت مسمى “مؤشر تاسي الإسلامي”.

 

سوق مالية جاذبة

ويتتبع “مؤشر تاسي الإسلامي”، أداء الشركات المتوافقة مع الشريعة والمدرجة في سوق الأسهم الرئيسية، وهو بذلك، ليس بديلاً عن مؤشر السوق الرئيسية “تاسي” أو أي من مؤشرات السوق الحالية، لكن يأتي تدشينه في إطار التكامل بين المؤشرات، ومن أجل سوق مالية قادرة على جذب فئات متعددة ورغبات متنوعة.

استجابة للطلب الزائد

ويأتي إطلاق المؤشر، تلبية لجانب الطلب الذي يمثله مئات الملايين من المسلمين حول العالم، كما أن إطلاق المؤشر سيكون تمهيدًا لإطلاق منتجات مالية جديدة، من أجل تلبية الطلب المتزايد على أدوات استثمار تتوافق مع الشريعة الإسلامية، ويحقق خطوة هامة، ضمن مستهدفات المملكة لأن تصبح سوقها المالية عاصمة للمالية الإسلامية بحلول 2030م حيث يسهم إطلاق مثل هذه الأدوات بتعزيز قطاع الاستثمار الإسلامي في المملكة، ويرسخ مكانتها كوجهة استثمارية جاذبة والخيار الأنسب للمستثمرين بصورة تدعم برنامج تطوير القطاع المالي ومستهدفات رؤية المملكة 2030م.

لجنة شرعية

ومن المقرر أن يسير عمل “مؤشر تاسي الإسلامي” تحت إشراف لجنة استشارات شرعية مستقلة تتكون من ممثلين عن كبرى المؤسسات المالية، حيث ستتولى اللجنة مسؤولية الموافقة على قائمة الشركات المدرجة، المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، كما ستتعاون “تداول السعودية” مع اللجنة الشرعية الاستشارية، والتي تتكون من ممثلين عن كبرى المؤسسات المالية من أجل العمل على إرساء أعلى معايير الحوكمة، بالإضافة إلى ضمان التزام مكونات المؤشر بالضوابط الشرعية الموحدة للاستثمار على أساس معايير واضحة وشفافة.

 

الإيجابيات والفوائد

ومن المتوقع أن يُسهم المؤشر في تعزيز قطاع الاستثمار الإسلامي في المملكة، وتطوير القطاع المالي وزيادة مقومات وإمكانيات السوق المالية السعودية، لتدفقات الاستثمار الأجنبي، كما يحقق إطلاق المؤشر العديد من الإيجابيات والفوائد، لعل أبرزها ما يلي:

  • يعطي إطلاق المؤشر دفعة لسوق الأسهم ويسهم في تنويع أدواته الاستثمارية، ويقلل من خروج الأموال الوطنية.
  • يمكن للمؤشر أن يعمل كأساس لعدد من المنتجات المالية، كالمشتقات وصناديق المؤشرات المتداولة.
  • سيكون المؤشر، بمثابة أداة إرشادية للمستثمرين وعملاء “السوق المالية”، لدعم اتخاذ قرار الاستثمار في المنتجات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
  • من خلال المؤشر، سيتمكن مديرو الأصول من تقييم وقياس أداء محافظهم الاستثمارية والصناديق المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
  • المؤشر الجديد سيخدم المستثمر، من خلال قدرته على إيجاد معيار، يستطيع من خلاله مقارنة أو تقييم أداء المنتجات المالية، مثل الصناديق المتوافقة مع الشريعة، التي تستثمر في الأسهم المحلية، وكذلك سهولة تحديد الشركات المتوافقة مع معايير المؤشر، وذلك على خلاف السابق، حيث لم لم تتوفر آلية تصنِّف التوافق الشرعي، وهو ما أدى إلى أن تختلف البنوك الاستثمارية والمستثمرين في تحديد الشركات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، خاصة عند تقييم أداء المحافظ أو الصناديق.

الحوكمة الشرعية

وبالتزامن مع إطلاق المؤشر، وفي الشهر نفسه (يوليو 2022)، قامت الهيئة الاستراتيجية لتطوير السوق المالية، باعتماد “تعليمات الحوكمة الشرعية في مؤسسات السوق المالية”، وذلك بهدف وضع قواعد ومعايير الحوكمة الشرعية لمؤسسات السوق المالية، التي تقدم كليًا أو جزئيًا منتجات أو خدمات متوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة، حيث تم تعريف “الحوكمة الشرعية” للمؤسّسات المالية الإسلامية بأنها “مجموعة من الترتيبات المؤسّساتية والتنظيمية، التي تتأكّد من خلالها مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية أن هناك إشرافا شرعيًا فعالاً ومستقلاً”.

وتتمثل أبرز تعليمات الحوكمة الشرعية في تنظيم إجراءات عملية تطوير المنتجات والخدمات المتوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة، وتنظيم عمل اللجنة الشرعية المشرفة على الأعمال المختلفة، بما في ذلك أحكام تشكيل اللجنة، وعضويتها، ومسؤولياتها وتنظيم أحكام استقلالية اللجنة الشرعية وارتباطها التنظيمي.

التنافس المتكافئ

وضمن المبادئ، التي تندرج، ضمن الحوكمة الشرعية للأسواق المالية، ضرورة الالتزام بالضوابط الأخلاقية والشرعية، وضمان التنافس المتكافئ والشريف، وضمان توفر السوق المنضبطة بالضوابط الشرعية.

ومن المبادئ الهامة أيضًا، الاستثمار الحقيقي وليس الوهمي، والبعد عن المضاربات غير الأخلاقية ومواجهة الميول الاحتكارية في هذه الأسواق، والمساهمة الحقيقية في التنمية الاقتصادية.

 

الأدوات المالية الإسلامية

وجاء الاعتراف الدولي ببعض الأدوات المالية الإسلامية المتداولة في سوق رأس المال الإسلامي، مثل الصكوك الدولية الماليزية، ليثبت رفض ما يروجه البعض من وجود اخـتلاف أو تناقض بين نظرية عمل سوق الأوراق المالية الإسلامية والتطبيق الفعلي للنظرية، إذ أن عدم الالتزام بالمعايير والضوابط الشرعية التي تنظم عمل سوق رأس المال الإسلامي، هو الذي أدى إلى رواج مثل تلك الافتراءات.

وأثبت نجاح سوق رأس المال الإسلامي في ماليزيا، أن الأمر لا يرتبط بجودة وكفاءة الإدارة فقط، ولكنه يرتبط في الأساس بالرقابة الشرعية، إذ تلعب اللجنة الاستشارية الشرعية لهيئة الأوراق المالية الماليزية دورًا محوريًا في تطوير سوق رأس المال الإسلامي، وتقوم باتخاذ القرارات المتعلقة بالأدوات المالية الشرعية أو تطبيق أحكـام الـشريعة الإسـلامية فـي معاملات السوق.

الصناعة المصرفية الإسلامية

ويتطلب تحقيق ذلك الهدف وجود مكونات إدارية عاملة لتحقيق الإشراف الشرعي الفعال، سواءً كانت من الهيئات الشرعية أو المؤسسات الرسمية التنظيمية، من أجل التأكد من أن المصرف الإسلامي يلتزم بالأحكام الشرعية، وبتوجيهات الجهات الرسمية والشرعية، ويحقق الأرباح المشروعة الحلال للمتعاملين ويحفظ حقوقهم، وحقوق الموظفين والإدارة.

ومن المتوقع حدوث تطور في نمو الصناعة المصرفية الإسلامية وفي الأسواق المالية الإسلامية والعالمية مدفوعة بالتطور في الابتكارات التكنولوجية لمؤسساتها المالية والتحول الرقمي، فلم يعد خافيًا على أحد أهمية الاستفادة من طبيعة الاستثمار الإسلامي، إذ أنه أقل خطورة من الاستثمار القائم على بيع وشراء الديون، والذي يتسبب في حدوث سيولة عالية لا تتناسب مع معدل نمو الإنتاج الحقيقي، وبالتالي حدوث ارتفاع بمعدلات التضخم، وفقدان العملة لقيمتها الحقيقية، أما الاستثمار وفقًا للاقتصاد الإسلامي فيقوم على تمويل الإنتاج الحقيقي، مما يسهم في تخفيف معدلات التضخم.

افتقار المعايير

وعلى الرغم من الخطوات الهامة نحو إيجاد إطار تنظيمي عالمي موحد للتمويل الإسلامي، فإن هذا القطاع، عاني على مدار عقود، من افتقار للمعايير، ولذلك، يمكن أن يلعب المصرف المركزي دورًا كبيرًا، في تهيئة البيئة المالية والتشريعية والقانونية للبنوك المختلفة، لممارسة دورها المصرفي، في تقديم خدمات ذات جودة عالية للعملاء، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية، كما أنه من مهام المصرف المركزي تعزيز التطوير والتحقق من أن عمل النظام المصرفي يسير على نحو كفء وفعّال وأن المؤسسات المالية التي تمارس أنشطتها وفقا لأحكام الشريعة وتلتزم بأطر حوكمة شاملة وفعالة، لضمان استمرارها وتعزيز الاستقرار المالي العام.

 

ميثاق عمل

كما يجب إصدار تشريعات وإصدار ضوابط للأدوات الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، مع أهمية وجود ميثاق للعمل يتضمن مبادئ السلوكيات، التي تحكم أنشطة المؤسسة المالية الإسلامية فيما يتعلق بحماية مصالح المتعاملين معها ونزاهة السوق وفعالية بيئة العمل.

ومن المهم دراسة إطلاق برامج تمويل إسلامي متخصصة، إلى جانب برامج توعية وتدريب، للعمل على إعداد برنامج توعية متكامل حول السوق المالي الإسلامي لتعريف جمهور المستثمرين والمهتمين بالمنتجات والخدمات المتوافقة مع الشريعة وتدريب الموظفين على المعايير الشرعية.