مشاريع

“ذا لاين”.. الأسطورة ستصبح واقعًا

ترقب عالمي لإنشــاء المدينـة الحلـم

 

تستحضر شكل المدن عام 2100م وما ستكون عليه المجتمعات الحضرية

تقدم نهجًا جديدًا لتصميم المدن يرتكز على مفهوم “انعدام الجاذبية“

“ذا لاين” نقلة معمارية عالمية لم ير العالم مثلها حتى الآن

 

(بلا شوارع، بلا سيارات، بلا انبعاثات كربونية، فقط للإنسان واستمتاعه بالعمل والحياة دون ضجيج بيئي)… إنها “ذا لاين”، هذه المدينة الإدراكية التي بإعلان تصاميمها استحضرت الأذهان أسطورة آلة الزمن التي طالما تناولتها الدراما العالمية وأثارت في النفوس السؤال بإمكانية السفر عبر الزمن؛ كونها استحضرت شكل المدن عام 2100م وما ستكون عليه المجتمعات الحضرية في بيئة خالية من الشوارع والسيارات والانبعاثات الكربونية.

 

فائقة الكفاءة المعيشية

وتقع “ذا لاين” داخل مدينة “نيوم” شمال غرب المملكة على البحر الأحمر، وتمتد طولاً نحو 170 كيلو متر ا وعرضًا 200م وارتفاعًا عن مستوى سطح البحر بنحو 500م، وتعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة %100 لجعل صحة الإنسان ورفاهيته أولوية مطلقة بدلاً من أولوية النقل والبنية التحتية كما في المدن التقليدية، ما يؤهلها بحسب الخبراء إلى مستويات فائقة من الكفاءة المعيشية كونها ستضمن المناخ المثالي على مدار العام لقاطنيها الاستمتاع بالطبيعة المحيطة والوصول إلى جميع المرافق في غضون دقائق معدودة مشيًا على الأقدام، بالإضافة إلى منظومة متكاملة للتنقل عبر قطار فائق السرعة، يصل بين أقصى نقطتين داخلها في مدة لا تتجاوز 20 دقيقة.

وكان صاحب السمو الملكي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز”، قد كشف عن خطط “ذا لاين” في يناير 2021م، وهو أول مشروع إنشائي لمنطقة الأعمال “نيوم” التي تبلغ قيمتها 500 مليار دولار وتهدف لتنويع اقتصاد المملكة.

تزاوج تام مع البيئة

تعمل “ذا لاين” على تحقيق أهداف رؤية 2030م على صعيد مستهدفات التنويع الاقتصادي من خلال توفير 380 ألف فرصة عمل، والمساهمة بإضافة نحو 48 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030م.

ووفقا للخبراء ستتميز المدينة بمناخ معتدل على مدار العام مع تهوية طبيعية، وتلبي رغبة الباحثين عن الهدوء لا سيما في هذا الوقت الذي غلبت فيه حركة التمدن على الطبيعة، فهي مدينة طبيعية صحية مبتكرة تستخدم فيها تقنية المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة وكفاءة العمليات في تزاوج تام مع البيئة كجزء مما تختص به منطقة “نيوم” عن غيرها من المناطق من مزايا فريدة.

انعدام الجاذبية

كذلك تقدم “ذا لاين” نهجًا جديدًا لتصميم المدن والذي يركز على مفهوم “انعدام الجاذبية”، حيث يعني ذلك توزيع وبناء مكونات المدينة على شكل طبقات عمودية، مما يتيح للناس إمكانية التحرك في الاتجاهات الثلاثة (إلى الأعلى، وإلى الأسفل، وكذلك بشكل أفقي في كل جانب). وعلى عكس مفهوم المباني الشاهقة، تُسهل هذه الفكرة عملية التنقل بين مواقع الاحتياجات اليومية، من أماكن عمل، ومدارس، وحدائق، ومنازل في غضون خمس دقائق، ويغطي جانبي المدينة الخارجيين أسطحٌ زجاجية، وهي عبارة عن مرايا عاكسة تمنحها طابعًا فريدًا، وتسمح لتفاصيلها بالاندماج مع الطبيعة.

خارجة عن المألوف

إنها مدينة خارجة عن المألوف كما وصفها الرئيس التنفيذي لمشروع نيوم، نظمي النصر، بقوله في مجلة آرابيان بيزنس، (إن المباني فيها ستكون على ارتفاعات مختلفة؛ بحيث تتكيف مع المناظر الطبيعية المحيطة، ويتم تحديد حجمها النهائي من خلال وضع الاعتبارات الهندسية والتضاريس الطبيعية معًا، فإنها فكرة خارجة عن المألوف، وما سنقدمه عندما نكون مستعدين لافتتاحها سيحظى باستقبال جيد للغاية، وسينظر إليه على أنه ثوري).

واعتبر النصر، أن “ذا لاين” نقلة عالمية لم ير العالم مثلها حتى الآن، وقال إننا بدأنا العمل في البنية التحتية للمدينة منذ قرابة العام ونطور تكنولوجيا جديدة لم تنفذ من قبل لرفع جودة الحياة في المشروع.

 

إعادة تدوير الصخور

وكانت شركة “نيوم”، قد أعلنت عن منح عقدين إلى تحالفين مكونين من مجموعة من الشركات المتخصصة في مجال الهندسة والإنشاءات لإنشاء نفقين بطول 28 كيلو مترًا مخصصين لوسائل النقل فائقة السرعة وخدمات الشحن في البنية التحتية لمدينة “ذا لاين”.

ويضم التحالف الأول شركات “إف سي سي للإنشاءات”، و”الصينية الحكومية للإنشاءات والهندسة”، وإحدى الشركات السعودية وهي شركة “شبه الجزيرة للمقاولات”، أما التحالف الثاني فيضم شركات “سامسونغ سي أند تي”، و”هيونداي للهندسة والإنشاءات المحدودة”، و”أركيرودون”.

وسينفذ المشروع وفقا لأفضل الممارسات العالمية المتبعة في حماية البيئة في مشاريع التشييد والبناء، وبما يحقق رؤية “نيوم” في الحفاظ على %95 من الطبيعة، حيث إن مخلفات الحفر من الصخور سيعاد تدويرها واستخدامها في الخرسانة الدائمة للأنفاق، وفي مواقع البناء الأخرى في نيوم التي تضم أكبر وأهم مشاريع النقل والبنية التحتية في العالم.

ثورة حضارية

وحظيت تصاميم المدينة الجديدة بزخم عالمي لا مثيل له، إذ سلطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الضوء على مشروع ذا لاين، وقالت: (تخيل أنك تعيش في مدينة على شكل عمودي بلا سيارات ومناخ معتدل في مبنيين شاهقين يبلغ طولهما أكثر من 100 ميل، مع حدائق معلقة ومناظر خلابة، دون حركة مرور أو تلوث هواء، فقط مساحات خضراء ووسائل راحة ونقل عالي السرعة، مؤكدة أنه مشروع سياحي عملاق واصفة إياه بأنه ثورة حضارية من شأنها أن تتحدى المدن التقليدية.

كما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن مشروع “خط المرآة” في مدينة “ذا لاين” سيكون باكتماله أكبر مبنى بالعالم حيث يمثل بنيانًا خطيًا يصل طوله إلى 1600 قدم يسير بالتوازي لمسافة 75 ميلًا.

 

سيارات طائرة

ووصف موقع “سي إن إن” مدينة “ذا لاين” بأنها مدينة تعمل بالكامل على الطاقة المتجددة، دون طرق أو سيارات أو انبعاثات، وستربط السكك الحديدية عالية السرعة أجزاء المدينة، موضحًا أن تصاميم ناطحة السحاب ذات المرايا هي أحدث تطور في مشروع نيوم، حيث ستعمل المدينة بالطاقة النظيفة وتعمل بمساعدة الذكاء الاصطناعي وخادمات روبوتات وسيارات أجرة طائرة.

وأضاف الموقع أن تصاميم المدينة سوف تتحدى المدن التقليدية المسطحة والأفقية وتخلق نموذجًا للحفاظ على الطبيعة وتعزيز قابلية العيش، وستعالج التحديات التي تواجه البشرية في الحياة الحضرية اليوم وستسلط الضوء على طرق بديلة للعيش.

 

نموذج للحياة المستدامة

ويبدو أن المملكة تُقدم بمشروع “ذا لاين” نموذجًا للحياة المستدامة ليس على مستوى المملكة فقط بل على مستوى العالم، فإنها اليوم من أوائل الدول التي تسلك طريق التقنيات الحديثة في قطاعها العقاري، في إيجاد مدن تعتمد الذكاء الاصطناعي، فلا يوجد فيها شوارع ولا سيارات؛ وعلى الرغم من هذا، سيتمكن ساكنو المدينة من الوصول إلى مقاصدهم واحتياجاتهم في غضون  5 دقائق فقط، بفضل بنية المشروع التحتية، والتصميم الفريد لكل التفاصيل، يضاف إلى ذلك أن المشروع يعتمد كليًا على الطاقة النظيفة والمتجددة، ويضمن الاتصال الرقمي، وتلبية احتياجات السكان، وبلغت التقنية في مدينة “ذا لاين” ذروتها، عندما أعلن المشروع أن كلفة بنيته التحتية ستصل إلى نسبة %30 أقل من المدن التقليدية.

 

مدينة ما بعد المستقبل

فهي مدينة مُبتكرة استحضرت شكل المدن لما بعد المستقبل، تُستخدم فيها التقنيات الحديثة بهدف تحسين نوعية الحياة وجودتها وكفاءة العمليات في انسجام مع البيئة كجزء مما تختص به مدينة “نيوم” نفسها التي لها خصوصية فريدة عن غيرها من المناطق من مزايا فريدة باحتوائها حلول التنقل الذكية بدءًا من القيادة الذاتية حتى الطائرات ذاتية القيادة، والأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، والرعاية الصحية التي تركز على الإنسان، إلى جانب شبكات الإنترنت الفائق السرعة أو “الهواء الرقمي”، والتعليم بأعلى المعايير العالمية وغيرها الكثير والكثير من مزايا العيش في المستقبل البعيد.