صناعة

قطاع التعدين يقود الإنتاج الصناعي إلى مواصلة النمو

الزخم الصناعي يتسارع..

 

سجل الإنتاج الصناعي وفقًا لتقرير الهيئة العامة للإحصاء نموًا متواصلاً منذ بداية العام الجاري 2022م ليعود بذلك الزخم إلى القطاع الصناعي لما قبل الجائحة، حيث ارتفعت معدلات مؤشر الرقم القياسي لكميات الإنتاج الصناعي (IPI) على التوالي، (وهو مؤشر مركب يقيس التغيرات قصيرة الأجل في حجم إنتاج سلة من المنتجات الصناعية خلال فترة محددة).

ففي منتصف العام الجاري ارتفع مؤشر الرقم القياسي بنسبة %20.8، وذلك مقارنة بنفس الفترة في عام2021م، ومقارنة بشهر يناير الفائت %11.1، وشهر فبراير %22.3 وكذلك شهر مارس وأبريل ومايو حيث شهدت ارتفاعات في معدلات المؤشر، إذ استمر مؤشر الرقم القياسي في تحقيق اتجاهات نمو إيجابية نتيجة لارتفاع الإنتاج في أنشطة التعدين واستغلال المحاجر والصناعات التحويلية.

أداء الاقتصاد

ويعتبر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي مؤشرًا له دلالاته المهمة كونه يرتبط بأداء الاقتصاد، ويعكس مدى قدرة المنتجات الوطنية على المنافسة بناء على القدرات التجارية للاقتصاد المحلي، فكلما زادت القدرة التنافسية للمنتجات المحلية، كلما تحسن الميزان التجاري.

وبالنظر على مدى أطول، يمكن ملاحظة أن نمو الرقم القياسي للإنتاج الصناعي قد أصبح إيجابيًا منذ بداية العام الجاري وأكثر إيجابية منذ مايو 2021م، واستمر في الاتجاه التصاعدي خلال الأشهر التالية متسارعًا في نهاية عام 2021م وحتى الآن، وذلك بعد سلسلة من الأشهر التي شهدت معدلات نمو سلبية في عامي (2019م2020-م) متأثرة جزئيًا بآثار جائحة كورونا.

هيمنة التعدين

وقد بلغت الأهمية النسبية لأنشطة التعدين واستغلال المحاجر، والصناعة التحويلية، وإمدادات الكهرباء والغاز %74.5 و%22.6 و%2.9 على التوالي. وبالتالي، فإن اتجاهات مؤشر الإنتاج الصناعي في نشاط التعدين واستغلال المحاجر هيمنت على الاتجاه العام في الرقم القياسي للإنتاج الصناعي، فارتفع الإنتاج في هذا النشاط بنسبة %19.2 في يونيو العام الجاري مقارنة بنفس الشهر من عام 2021م، وهو ما يمكن إرجاعه إلى زيادة المملكة لإنتاجها النفطي ليصل إلى أعلى مستوى له بأكثر من 10 ملايين برميل يوميًا في شهر يونيو من العام الحالي.

الصناعة التحويلية

كما استمر نشاط الصناعة التحويلية في الارتفاع، حيث ارتفع أداء النشاط خلال شهر يونيو بنسبة %29.3 مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، فيما ظهر نشاط إمدادات الكهرباء والغاز منخفضًا بنسبة %1.2 مقارنة بشهر مايو 2022م، في حين ارتفع الرقم القياسي العام للإنتاج الصناعي بنسبة %1.0 متأثرًا بالارتفاع في نشاط التعدين واستغلال المحاجر الذي ارتفع بنسبة %1.0، ومن ناحية أخرى يمكن ملاحظة استقرار نشاط الصناعة التحويلية عند مستوى الإنتاج ذاته مقارنة بالشهر السابق، كما ظهر نشاط إمدادات الكهرباء والغاز مرتفعًا بنسبة %9.3، ولكن نظرًا لتدني وزن هذا النشاط في المؤشر لم يكن له التأثير الكبير على الرقم القياسي للإنتاج الصناعي.

 

حيوية القطاع

وتعكس حيوية وفعالية القطاع الصناعي، الذي نما حجمه في المملكة من مستوى 32 مليار ريال عام 1974م إلى حوالي 312 مليار في عام 2017 م، وشهد تحولًا هيكليًا واضحًا بانطلاق الرؤية، ما يعكس مدى التطور والاتساع الكبير الذي شهدته الصناعات في المملكة، وهو ما تظهره البيانات والتحليلات التي قام بها صندوق التنمية الصناعية، بأن تركيبة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الصناعات التحويلية (غير تكرير النفط) قد شهدت تطورًا كبيرًا، وثمة اهتمام كبير بتنمية الصادرات الصناعية، وذلك تمشيًا مع استراتيجيات التنمية الاقتصادية الشاملة في توسيع القاعدة الإنتاجية وتنويع مصادر الدخل، ولذلك حققت الصادرات السعودية نموًا سريعًا خلال السنوات الماضية.

الحراك الكبير

وما ارتفاع مؤشر الرقم القياسي أعلاه، إلا نتيجة للحراك الكبير الذي تعيشه المملكة في إطار تنفيذ رؤية 2030م، لتعزيز النمو الاقتصادي، من خلال تشجيع الاستثمار وتقديم التسهيلات والقروض والتركيز على جوانب التأهيل والتدريب، من أجل إيجاد بنية صناعية واقتصادية قوية، تستند إلى مقومات الجذب والنمو والاستمرارية وصولاً إلى المنافسة الإقليمية والدولية.

فقد حددت المملكة وفقًا لرؤيتها تجاه القطاع الصناعي، عددًا من المستهدفات يأتي في مقدمتها تحقيق نسبة %84 من النمو للقطاعات غير النفطية، و%55 لمصلحة المحتوى المحلي في التصنيع، وتوفير 230 ألف فرصة عمل، على أن تبلغ قيمة النفقات الصناعية التراكمية 37 مليار ريال، و460 مليار ريال لصادرات التصنيع في عام 2030م.

 

دعم الدولة

وقد تطور القطاع الصناعي نتيجة دعم الدولة له بإنشاء المدن الصناعية، وإطلاق برنامج “تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية”، أحد أهم برامج رؤية 2030م، الذي يهدف إلى نقل المملكة إلى مصاف القوى الصناعية الرائدة.

ويولي البرنامج اهتمامًا مُضاعفًا لمحوري المحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة كونهما أحد أهم ممكنات القطاعات الرئيسية المشمولة في البرنامج وعوامل دعمها للوصول بها إلى تحقيق مستهدفاتها والأثر المرجو منها.

رفع تنافسية المملكة

وحقق برنامج الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية عددًا من الإنجازات المتنوعة منها إطلاق برنامج المسح الجيولوجي، بالإضافة إلى إطلاق خمسة خطوط ملاحية جديدة، وتدشين أول زورق اعتراضي سريع مصنّع محليًا، وإنشاء محطات للطاقة المتجددة، وزيادة متسارعة للاستثمار في القطاع الصناعي، ودعم توطين قطاع الصناعات العسكرية، وإطلاق برنامج “صنع في السعودية”.

ويعمل البرنامج حاليًا على تطوير البنية التحتية لقطاعاته الأربعة لتكون أحد أهم عوامل رفع تنافسية المملكة وجاذبيتها كوجهة مثالية للاستثمار، إلى جانب الاستغلال الأمثل للموارد، وتحسين السياسات والتشريعات الخاصة بالقطاعات لتمكين البرنامج من تحقيق مستهدفاته وتمكين استثمار القطاع الخاص المحلي والأجنبي.

كما يستهدف تحسين الميزان التجاري، وخلق صناعة محلية منافسة في الأسواق العالمية، وإيجاد ميز تنافسية مستدامة قائمة على الابتكار وتحفيز الاستثمارات وخلق الفرص الوظيفية، والتقدم نحو تحقيق مزيج الطاقة الأمثل وزيادة الترابط اللوجستي للمملكة.