نافذة

مهارة التواصل اللفظي نموذجًا

كما لا يخفى على القارئ الكريم، أن الإنسان هو العمود الفقري للتنمية، وهو رأس المال الفعلي للمصالح والأعمال، وتهيئته المتواترة أساس للوقاية والنجاح، وإن التجهيز المخطط للموارد البشرية من حيث تأسيس القوى الصلبة (من علم، ومعرفة، وخبرات) أمر في غاية الأهمية، وهو بحاجة إلى دعم موازٍ بالقوى الناعمة التي تزداد أهميتها بحسب قطاع الأعمال الخدمي بغض النظر عن طبيعة التسمية (أخلاقيات الأعمال، البروتوكول، الإتكيت…).

 

وحيث أن التطوير الذاتي مطلب أساسي للموارد البشرية إلا أن تطوير المهارات الناعمة يعد جوهر التطوير الشخصي، ذلك أن التميز بالمهارات الناعمة أمر حيوي قد لا ينتبه له الكثيرون كونه يتميز به أشخاص ويخفق فيه آخرون.

 

اليوم هناك قناعة لدى المعنيين على مستوى التطوير الذاتي وعلى مستوى شؤون الأعمال بضرورة استمرار أخذ المهارات الناعمة على محمل الجد على المدى البعيد لأنها أصبحت محورية في تحديد عوامل النجاح (أينما كانت).

 

وبالتالي يكمن السؤال التالي: (ماهي أهم المهارات الناعمة المطلوب اكتسابها وما هي آلية تطويرها؟)

 

تتعدد المهارات الناعمة ومن أهمها: (التواصل، الانضباط، الوعي الذاتي، التفاعل، الذكاء الاجتماعي، مهارة المسامحة، المرونة، النسيان، الصبر والفطنة، الإصرار والمثابرة، والأمثلة كثيره وتفرعاتها عديدة).

 

ومثالنا هنا ينصب فقط على مهارة التواصل اللفظي كقوى ناعمة بكافة جوانبها الرسمية وغير الرسمية (التواصل مع الزملاء، والرؤساء والمرؤوسين، والعملاء، والموردين والمشترين، والمنافسين..).

 

ذلك أن هناك حاجة كبيرة إلى مهارات ناعمة مطابقة لنوعيه وطبيعة التواصل، فضلاً عن التحلّي هنا بالمهارة الأساسية الناعمة للتواصل وهي مهارة التحدث والإلقاء (بالكلمات، وبلغة الجسد ونبرة الصوت المناسبة…)  ولقد نصح أعظم مستثمري العالم “وارن بافيت” ابنه بقوله (اكتسب مهارات التحدث أمام الناس فهذا سيرفع من قيمتك وقيمة ما تعمل).

 

وضمن مثالنا، فإن تعلم مهارة التواصل يحتاج إلى بذل مزيد من الوقت والجهد والمال، ولقد تحدث بديوانيته أحد الوجهاء (رئيس سابق لمجلس إدارة غرفة الشرقية) أنه وبهدف استمرار التطوير الذاتي قد استثمر ما يزيد على عشرة آلاف دولار بدورة واحدة فقط، بهدف تطوير مهارة التحدث والإلقاء، وأشار إلى أن النتائج كانت مبهرة، ولقد استفاد منها كثيرًا.

 

ولأهمية الموضوع نستشهد ببوصلة الوطن رؤية 2030م التي تؤكد على أن السياحة ستشكل %10 من الناتج الاقتصادي الوطني مع تقدير لميزانية بقيمته مائة مليون دولار موجهة لتدريب وتأهيل أبناء وبنات الوطن بقطاع السياحة. وهنا تتأكد الأهمية القصوى لصقل المخرجات بالمهارات الناعمة، بل وفي تقرير حديث للمنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Fourm) يرى أن التواصل يتربع على أهم المهارات الناعمة حتى عام 2025م.

 

وختامًا، الأجمل في هذا الموضوع أن الحديث حاضرًا عن أهمية القوى الناعمة يزداد على كافة الأصعدة، بل وفي العديد من كليات إدارة الأعمال بالجامعات كما هو الحال بجامعة الملك فيصل، فقد أصبحت مادة أخلاقيات الأعمال علمًا يدرس كما هو الحال مع صاحب هذ المقال.