اقتصاديات طيران

مركز عالمي للسفر الجوي

الطاقة الاستيعابية لمطارات المملكة بلغت م نحو 112 مليون مسافر عام   2022 بنسبة زيادة %84 مقارنة مع عام 2019م

أكبر مصهر من نوعه في العالم للتيتانيوم في مدينة جازان للصناعات الأساسيةو التحويلية، بطاقة إنتاجية 500 ألف طن من الخام و250 ألف طن من الحديد سنويًا

 

سوقٌ ضخمٌ يشهد نموًا مطردًا عالميًا، يتوقع أن يُسجل بكامل قطاعاته معدل نمو سنوي مركب يزيد عن %5 حتى عام 2027م، وثمة تقرير للمجلس العالمي للمطارات يُشير إلى أن منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت محط أنظار العالم خلال السنوات الأخيرة ستستقبل مطاراتها بحلول عام 2040م قرابة الـ 1.1 مليار مسافر، ما دفع المملكة إلى وضع خطة تستهدف جذب 330 مليون مسافر سنويًا و70 مليون سائح، ورفع مستوى الربط الجوي للوصول إلى 250 وجهة من وإلى مطارات المملكة؛ وأيضًا زيادة حجم الشحن الجوي السنوي من 900 ألف طن في عام 2019م إلى 4.5 ملايين طن بحلول عام 2030م، وزيادة الاستفادة مما تمتلكه من عناصر ومستلزمات الإنتاج من أجل توطين صناعة الطائرات ومستلزماتها، وذلك ضمن استراتيجية شاملة بأن تصبح مركزًا عالميًا للسفر الجوي.

وتسعى المملكة إلى أن تكون مركزًا عالميًا للنقل واللوجستيات ونموذجًا للتنقل المتكامل؛ إذ تعتزم استثمار 500 مليار ريال لتطوير قطاع النقل البري والجوي، من خلال مشروعات تطوير وتوسعة وإنشاء المطارات والموانئ وخطوط السكك الحديدية والبنية التحتية بحلول نهاية العقد الحالي، ولا شك أن خطط التطوير التي تُنفذها المملكة، يُعزّزها الأداء القوي الذي حققه  قطاع الطيران والقفزات الهائلة في أعداد المسافرين خلال السنوات الماضية؛ فبحسب تقرير الربع الأول لعام 2023م لمحرّك البحث (ويجو) للسفر والسياحة، جاءت المملكة في المركز الثاني بعد مصر في الوجهات الدوليّة الأكثر شعبية بالنسبة للمسافرين من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط.

الطاقة الاستيعابية

وكانت الطاقة الاستيعابية لمطارات المملكة وفقًا ـ لبيانات الهيئة العامة للإحصاء ـ بلغت عام 2022م نحو 112 مليون مسافر بنسبة زيادة %84 مقارنة مع عام 2019م وبزيادة %12 عن مستهدفات العام ذاته، حيث يصل عدد المطارات إلى 29 مطارًا متنوعًا (دوليًا، إقليميًا، محليًا)، ترتبط بنحو 149 وجهة دولية، وتوفر حوالي 600 ألف فرصة عمل، هذا وبلغ عدد الركاب الذين تم نقلهم من مطارات المملكة (رحلات دولية، ومحلية) نحو الـ 88 مليون راكب عام 2022م بمعدل نمو بلغ %82 مقارنةً بعام 2021م، وبلغ حجم الشحن الجوي 617 ألف طن، وتصدّر مطار الملك عبد العزيز الدولي باقي مطارات المملكة، بعدد ركاب بلغ نحو 32 مليون راكب، يليه مطار الملك خالد بالرياض ومطار الملك فهد بالدمام، بنحو 32 مليون راكب و27 مليون راكب على التوالي، وثمة توقعات بأن تصبح المملكة الأسرع نموًا على مستوى الشرق الأوسط بنسبة %11 سنويًا خلال العقد القادم.

مواصلة الجهود

وفي إطار مواصلة المملكة خطواتها لتكون مركزًا عالميًا للسفر الجوي شهدت المملكة خلال الفترة الماضية تطورات بالغة الأهمية، تحمل دلالات سرعة الوصول للهدف، كالإعلان عن بناء أكبر مطار في العالم (مطار الملك سلمان)، الذي سيقام على مساحة 57 كم2، ويتسع لـ 6 مدارج، والعديد من المرافق اللوجستية والتجارية والترفيهية، ومن المتوقع أن يُسهم المطار في رفع الطاقة الاستيعابية لمطارات المملكة لتصل إلى 120 مليون مسافر بحلول 2030م و185 مليون مسافر بحلول 2050م، والإعلان عن تأسيس صندوق الاستثمارات العامة لناقل وطني جديد (شركة طيران الرياض)، التي تتخذ من العاصمة الرياض مركزًا رئيسيًا لإدارة عملياتها التشغيلية ومنطلقًا لرحلاتها، عبر امتلاك اسطول طائرات متطورة، تستهدف من خلاله إطلاق رحلات تصل لأكثر من 100 وجهة حول العالم بحلول العام 2030م، وتطبيق أفضل ممارسات الاستدامة والسلامة عالميًا المعتمدة في مجال الطيران، إلى جانب توفير أحدث التقنيات الرقمية للريادة في هذا المجال.

ناهيك عن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على انضمام المملكة إلى مذكرة اتفاق المنظمة الإقليمية لمراقبة السلامة الجوية لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تستضيف المملكة مقرها الرئيس، وهو ما يعزّز مكانة المملكة عالميًا كدولة مؤثرة في صناعة الطيران المدني الدولي، وعما أعلنته الهيئة العامة للطيران المدني، عن منح رخصة ناقل جوي وطني اقتصادي، لتشغيل رحلات داخلية ودولية من مطار الملك فهد الدولي بالدمام، ودعت المستثمرين إلى التقدم للحصول على الرخصة الجديدة، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على قطاع الطيران المدني في المملكة، فضلاً عن إسهامه في خلق فرصة مناسبة على مستوى الأسعار، والارتقاء بجودة الخدمات.

طيران مستدام

ويرى خبراء متخصّصو النقل الجوي أن خطط المملكة لتطوير قطاع الطيران المدني أصبحت واقعًا ملموسًا؛ إذ يقول الخبير البريطاني المتخصص في النقل الجوي، آلان درون إن العالم يراقب كيف تتحول خطط المملكة لتطوير قطاع الطيران المدني إلى واقع ملموس، من خلال صناعة طيران مستدامة، تراعي المعايير الفنية والبيئية العالمية، لتنويع اقتصادها، وأن تنفيذ هذه الطموحات ما هي إلا “مسألة وقت”، خاصة مع الدعم القوي من القيادة السياسية، وخططها لاستثمار 100 مليار دولار في هذا القطاع الحيوي.

ويمكن التأكيد على أن التطور الحاصل في قطاع الطيران المدني يمثل فرصًا واعدة للمستثمرين والشركات العاملة في هذا المجال، وأن هذا القطاع مرشح لمزيد من النمو وجذب الاستثمارات المحلية والدولية خلال السنوات المقبلة، وبلا شك سيشهد قفزات هائلة، خاصة مع الاستثمارات الهائلة في البنية التحتية، بالتوازي مع الحرص على تطبيق أعلى المعايير والأنظمة والتقنيات والبرامج المتطورة.

صناعة الطائرات

وفي سياق متصل، اتخذت المملكة خطوات واسعة، مستهدفة العمل على توطين صناعة الطائرات، واستغلال ما تمتلكه من عناصر ومستلزمات الإنتاج ذات الأهمية البالغة في هذا القطاع، حيث أعلن وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، أن المملكة تمضي قدمًا في مشاريع جدية تتعلق بصناعة هياكل الطائرات وقطع الغيار المرتبطة بها؛ إذ يقول المدير التنفيذي للمبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد أسعد الجموعي إن المملكة تذخر بكميات هائلة من معدن الألمنيوم الذي يستخدم في صناعة هياكل الطائرات، مشيرًا إلى أن المملكة تعمل مع عدد كبير من الشركات الكبرى لتطوير سلسلة القيمة في مجال الألمنيوم، وهذه ميزة لا تستطيع أي دولة منافسة المملكة فيها، بالنظر إلى انخفاض تكلفة إنتاج وتصنيع الألمنيوم، مقارنةً بغيرها من الدول.

التيتانيوم الإسفنجي

ولتطوير سلسة قيم التيتانيوم، التي تحتل المملكة المركز الرابع عالميًا في إنتاجه بنحو 15.5 ألف طن متري سنويًا، بما يعادل %10 من الإنتاج العالمي، أعلنت وزارة الاستثمار عن اتفاقية تعاون مع شركتي الـتصنيع الـوطنيـة وبوينغ الشرق الأوسط، ما يدعم الخطط الرامية إلى الوصول إلى المرتبة الخامسة عالميًا في إنتاج التيتانيوم الإسفنجي، الذي يدخل في صناعات عدة، منها الأقمار الصناعية والصواريخ والغواصات النووية، وتهدف اتفاقية التعاون إلى استكشاف فرص التعاون المحتملة في مجال الاستثمار والتنمية بين الشركتين، وتسهيل مشاركتهما مع القطاع الحكومي، ومعالجة التحديات التي قد تعترض طريقها، وكانت الشركة قد قامت ببناء أكبر مصهر من نوعه في العالم للتيتانيوم في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، بطاقة إنتاجية 500 ألف طن من الخام و250 ألف طن من الحديد سنويًا.

مركز فريد

وفي إطار سلسلة التصنيع يوجد في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، مركز محاكاة لتصميم وصناعة الطائرات، وهو مركز فريد من نوعه في العالم، فكبرى شركات الطيران تفضل القيام بمحاكاة تصميمها قبل أن تدخل مرحلة الاختبار والطيران، وهناك منافسة قوية بين الدول وشركات الطيران في مجال تصنيع الطائرات، كما أن بعض الدول التي اختارت بأن تقوم بالإنتاج المشترك، ومنها المملكة التي تقوم بتصميم بعض الطائرات وتتعاون مع دول أخرى لتصنيعها، ويؤكد خبراء على أن صناعة الطيران تحتل أهمية خاصة في الاستراتيجية الوطنية للصناعة (التي تتضمن 12 قطاعًا حيويًا، منها الصناعات التعدينية والكيماويات والأغذية والأدوية والسيارات وغيرها)، فضلاً عن الاستراتيجية الوطنية لقطاع الطيران المدني، التي تستهدف أن تحتل المملكة المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، وتبني أعلى المعايير الدولية في مجال النقل واللوجستيات، وتطوير البنية التحتية وفق أحدث النظم الفنية والتقنية العالمية، ونقل 300 مليون مسافر والربط مع 250 وجهة حول العالم بحلول 2030م.