تقدمت المملكة 17 مرتبة لتصل إلى المركز 38 من بين 160 دولة في مؤشر البنك الدولي للأداء اللوجستي الصادر في أبريل 2023م
المخطط العام للمراكز اللوجستية يضم 59 مركزًا بإجمالي مساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع، تتضمن 12 مركزًا بالرياض و12 بمكة المكرمة و17 بالشرقية و18 مركزًا ببقية المناطق
يصفه البنك الدولي بـ “العمود الفقري للتجارة العالمية”، ويُسهم في تطور التجارة المحلية والدولية وزيادة تنافسية الدول، وأصبح يقاس نمو الدول وتقدمها بمدى تطورها لوجستيًا، وبالتزامن مع زيادة حجم التجارة العالمية وما نتج عنها من ارتفاع حدة المنافسة، ازداد الطلب على الخدمات اللوجستية، التي أضحى تحسينها وإعادة هندسة صياغتها في مرمى الدول وعلى قائمة أولوياتها للسياسات الاقتصادية.
وفي الوقت الذي أخذت تُصنف فيه منطقة الشرق الأوسط بالأسرع نموًا في العالم مدعومًا بالتطور الاقتصادي والعمراني الكبير وبتزايد التجارة البينية، جعلت المملكة القطاع اللوجستي إحدى أهم ركائز رؤيتها التي أطلقتها في أبريل 2016م، وذلك بتحويل المملكة إلى المحور اللوجستي المفضل للتجارة العالمية، فعمدت إلى إعادة تشكيل لوائح وهياكل حوكمة القطاع، وفتحت الطريق أمام تحرير الأسواق وزيادة مشاركة القطاع الخاص الذي عززت الشراكات بينه والقطاع العام بهدف تمويل البنى التحتية واستقطاب القدرات من أصحاب الخبرات.
مؤشرات الأداء
وفي غضون سبع سنوات، قفز القطاع اللوجستي بالمملكة ارتكازًا على ثقلها الاقتصادي وموقعها الجغرافي المتميز بوقوعها مباشرة على الطريق التجاري الذي يربط بين آسيا وأوروبا، ويمر منه %12 من تجارة الحاويات سنو يًا، قفزة نوعية وحقق نموًا وتقدمًا كبيرًا تكلل بتقدمها 17 مرتبة لتصل إلى المركز 38 من بين 160 دولة، في مؤشر البنك الدولي للأداء اللوجستي الصادر في أبريل 2023م، بعدما كانت في المرتبة الـ 55 عام 2018م، وتنظر تقارير دولية عدة أن هذا التقدم هو نتاج للتطورات الكبيرة التي يشهدها القطاع اللوجستي مدعومًا برؤية 2030م بالتحول إلى مركز لوجستي عالمي ومحور للتجارة الدولية معتمدًا بشكل رئيسي على الاستثمارات الكبيرة التي تم ضخّها في مختلف القطاعات ذات الارتباط كالموانئ، والطرق، والنقل الجوي.
وأصبح يُسهم قطاع الخدمات اللوجستية حاليًا بقرابة الـ%6 من الناتج المحلي الإجمالي، وثمة مستهدفات وضعتها الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي أطلقها صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء منتصف عام 2021م بزيادة إسهام القطاع في الإيرادات السنوية غير النفطية لنحو 45 مليار ريال عام 2030م، والعمل على تعزيز القدرات البشرية والتقنية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية في المملكة، والوصول بالمملكة إلى قائمة أفضل 10 دول عالميًا ضمن مؤشر الأداء اللوجستي بحلول عام 2030م.
92 مبادرة
وكانت الاستراتيجية، قد تضمنت 92 مبادرة و378 مشروعًا لتحقيق طموحات القطاع بتكلفة إجمالية تصل إلى 613 مليار ريال حتى عام 2030م، وتعد المبادرة الأبرز ضمن مبادرات الاستراتيجية هو العمل على تأسيس صندوق الاستدامة المالية للنقل والخدمات اللوجستية، والذي – بلا شك – سوف يلعب دورًا رائدًا في تحقيق الاستدامة المالية للقطاع.
وأحدثت الاستراتيجية، وحزمة المبادرات ذات الشأن برفع كفاءة الأداء، ومراجعة الإجراءات، وتطبيق أفضل الممارسات، وأيضًا البرامج الهادفة إلى تمكين القدرات الصناعية واللوجستية وتعظيم القيمة المتحققة من قطاعي التعدين والطاقة، كالبرنامج الوطني للتنمية الصناعية والخدمات اللوجستية (ندلب) عام 2019م، فضلاً عن مجلس الشراكة اللوجستي مع القطاع الخاص المنوط بتذليل الصعوبات ومعالجة التحديات التي تواجه القطاع اللوجستي وتحفيز الاستثمار فيه، والأكاديمية اللوجستية كأول أكاديمية متخصصة في تدريب الكفاءات الوطنية في مجال القطاع اللوجستي بمختلف أنشطته، نقلة كبيرة في الكفاءة التشغيلية في أداء كافة محاور المنظومة اللوجستية وفق المؤشرات الدولية، وعززت مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي بالاستثمار الأمثل لموقعها الجغرافي الذي يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا.
استثمارات كبيرة
وكانت المملكة، قد ضخت استثمارات كبيرة لإنشاء الموانئ والسكك الحديدية والطرقات والمطارات لتعزيز دور الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص محليًا ودوليًا، إلى جانب حكومة الأعمال وتنظيمها عبر آليات حديثة متوافقة مع المواصفات والتطلعات العالمية والمحلية.
وباتت موانئ المملكة إحدى أهم قطاعات النقل اللوجستي في المملكة، قد حققت أرقامًا قياسية وتطورت تطورًا مذهل لاسيما في الجانب التشغيلي، وبلغت عددها تسعة موانئ تتم فيها مناولة %95 من صادرات وواردات المملكة دون النفط الخام.
وفيما يتعلق بالطرق البرية، فإن المملكة عملت على آليات ومبادرات تنظيمية للطرق البرية أسهمت في رفع مستوى الخدمات اللوجستية تجسد ذلك في نظام مراقبة الذي يراقب أكثر من 200 ألف شاحنة تجوب طرقات المملكة عبر منصة رقابة، وتأتي مشاريع السكك الحديدية والقطارات إحدى أهم المشاريع اللوجستية التي تسعى المملكة من خلالها إلى ربط العديد من المدن بالعواصم الخليجية والعربية بالإضافة إلى الشحن الجوي.
المراكز اللوجستية
وفي سبيل استكمال مسيرة الوصول إلى الهدف بأن تكون المملكة مركزًا لوجستيًا عالميًا ومحورًا للتجارة الدولية، أعلن ولي العهد في أغسطس الماضي المخطط العام للمراكز اللوجستية، الذي يهدف إلى تطوير البنية التحتية للقطاع اللوجستي في المملكة وتنويع الاقتصاد المحلي، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة ومركزٍ لوجستيٍ عالميٍ.
ويأتي المخطط العام للمراكز اللوجستية امتدادًا للمبادرات المستمرة، وفق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، وهو ما أكده ولي العهد بأن المخطط العام يهدف إلى تطوير القطاع اللوجستي لدعم النمو الاقتصادي وتطوير الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية، إضافة إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتوسيع فرص توليد الوظائف، وترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي كونها تمتاز بموقعها الجغرافي.
ويضم المخطط العام للمراكز اللوجستية 59 مركزًا بإجمالي مساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع، تتضمن 12 مركزًا لوجستيًا لمنطقة الرياض، و12 مركزًا لوجستيًا لمنطقة مكة المكرمة، و17 مركزًا لوجستيًا للمنطقة الشرقية، و18 مركزًا لوجستيًا في بقية مناطق المملكة، حيث يجري العمل حاليًا في 21 مركزًا على أن تكتمل جميع المراكز بحلول عام 2030م.
منصة عالمية
ويقول رئيس غرفة الشرقية، بدر بن سليمان الرزيزاء، إن مسيرة القطاع اللوجستي في المملكة تسير بصورة متسارعة نحو تحقيق أهداف الرؤية بتحويل المملكة إلى منصة لوجستية عالمية متميزة، تتدفق إليها ومن خلالها التجارة العالمية، قائلاً إن الرؤية أثمرت منذ إطلاقها تحولاً حقيقيًا نحو التنمية المستدامة بمجهودات وخطط وبرامج عملية مدروسة؛ إذ تحولت من حلم إلى واقع ملموس مستفيدة من مكانة بلادنا كمركز لوجستي عالمي يربط القارات الثلاث، وأشار إلى أن الارتقاء بمستوى القطاع اللوجستي، يمثل أحد مؤشرات التنمية والتطور في البلدان، وذلك نظرًا لدوره التكاملي مع القطاعات الأُخرى، فلا يمكن تصور تحقيق نمو متوازن لأي بلد من البلدان دون استغلالها لمكامن مقوماتها الجغرافية.
وأكد الرزيزاء أن المخطط العام للمراكز اللوجستية يعزز من اتجاهات تنويع الاقتصاد الوطني ويدفع من نمو الأعمال التجارية، وجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية وزيادة الإيرادات غير النفطية، ويزيد من فرص الاستثمار والشراكات مع القطاع الخاص ويخلق وظائف جديدة ومتنوعة أمام قوى العمل الوطنية، مشيرًا إلى أن هذه المراكز سوف تعزز من قدرات الصناعات المحلية التصديرية وترفع من كفاءتها وكذلك من التجارة الإلكترونية كونها سوف تسهل الربط بين المراكز اللوجستية ومراكز التوزيع بالمناطق والمدن، بالإضافة عن أنها سوف تيسر من إجراءات استخراج تراخيص مزاولة النشاط.
أخيرًا، إن المملكة بدعم وتمكين من القيادة السياسية تُسارع الخطى نحو آفاق جديدة كليًا في عالم الخدمات اللوجستية، حيث خصصت إمكانياتها الطبيعية والاقتصادية في سبيل ذلك، وهي مستمرة وفق منهجية تسعى لتنمية صناعة الخدمات اللوجستية، وتعزيز استراتيجية الصادرات، وتوسيع فرص الاستثمار، وتكريس الشراكة مع القطاع الخاص والعمل بتطوير بنيتها التحتية بوصفها اقتصادًا من أكبر اقتصادات العالم.