رأي

مَن قفز ومَن بقي؟

منحنى التعلم أو ما يسميه البعض منحنى الخبرة هو باختصار أو بتبسيط غير مخل منحنى بياني على شكل الحرف “S” باللغة الإنجليزية يستعين به أصحاب الأعمال أو القياديين ذوي الرؤية الثاقبة والحصيفة على متابعة نمو الإمكانات على المستوى الشخصي للأفراد، وعلى المستوى العام للشركة أو المنظمة وذلك للتخطيط للمراحل المقبلة، أو ما يسمى عند مراقبي ومحللي الأعمال “القفز” إلى مراحل جديدة.

وكما فهمت وأرجو ألا يكون فهمي قاصرًا يقصد بالقفز إلى مراحل جديدة هو الاستفادة من هذا المنحى لتقييم إمكانات الأفراد وإمكانات الشركة التي يعملون فيها وقدرتهم على الانتقال لمرحلة جديدة خاصة عندما يتسارع انتشار الأفكار والتقنيات الجديدة في السوق، أو لدى العملاء والمستهلكين، أو حتى في البيئة المحيطة مثل أن تتسارع قفزات الحكومة التقنية، أو يتضاعف استخدام الناس لتقنيات لم يكن يخطر في البال أن يتم بهذه السرعة.

يفتتح القياديون الأذكياء النقاش أو الحوار ليتم وضع خطط كسب الإمكانات للتغير أو الانتقال إلى مراحل جديدة قد تبدو في بعض الأحيان مغامرة خطيرة، وقد لا تحقق المكاسب المادية الآنية، لكنها بالتأكيد – وهذا رأي معظم الخبراء- ستحقق مع الوقت ما يعرف بالعائد على الإمكانات.

في معظم برامج الأعمال ومحتويات التدريب ومحتوى البعض في التواصل الاجتماعي يتم التطرق لقصص باتت معروفة حد الملل للشركات التي لم “تقفز” للمرحلة أو المراحل التي كانت قاب قوسين أو أدنى كما تقول العرب، يذكرون قصة “كوداك” وقصة “نوكيا” في مقابل “آبل” وربما غيرها مما تستحضرونه الآن أثناء قراءة هذه الأسطر.

الواقع أن ذلك يحدث كثيرًا، ولكنه ربما يحدث على مستويات أصغر بشكل يومي، والأمثلة التي تخطر بالبال كثيرة فشركات البريد التي لم تقرأ نمط الاستهلاك الجديد المتمثل في الشراء عبر “الإنترنت”، أو لم تستعد لاستغناء شركات الخدمات العامة والاتصالات عن فواتيرها الورقية، والشركات والدوائر الحكومية عن مراسلتها الورقية خسرت كثيرًا من حصصها في السوق، وحاولت القفز متأخر، ولكن الضفة أصبحت بعيدة عنها واحتل لاعبون جدد جزءًا منها.

يبدو لي أن من أهم العوامل هنا هو معرفة متى يمكن القفز للمرحلة التي تلي قبل أن يكون ذلك ضروريًا أو إجباريًا، هذه المعرفة تجعلك تستعد مبكرًا لرفع الإمكانات للتغير، إمكانات الأفراد لديك، وإمكانات المنشأة، وكلما كنت مستعدًا أبكر وأكثر كلما كان بإمكانك القفز بأقل المخاطر وبدون أن تُصاب بشد عضلي! أو صدمة ذهنية تجعل انخراطك في المواقع الجديدة صعبًا.

عندما تنتقل إجباريًا أو نتيجة اليأس، أي عندما يكون “لا بد من ذلك” ستصبح قراراتك أضعف وخياراتك أقل لان إمكانات الأفراد لديك وإمكانات الشركة أو المنشأة لم يتم إعدادها بالشكل الكافي، وسيصعب على الاثنين الأفراد والمنشأة التكيف وتصبح الخسائر كبيرة وتصل في كثير من الحالات إلى الخروج من السوق، أو البقاء في وضع ساكن تتلاشى معه الحصة السوقية شيئًا فشيئًا.

أيضًا يجب أن يعي القياديون سواء كانوا ملاكًا أو مديرين أنه ليس بالضرورة أن تحقق القفزة المبكرة الأرباح في البداية لكنها حتمًا ستطور الإمكانات والقدرات والمهارات وسيصبح كل ذلك استثمارًا سيتحقق العائد عليه مع الزمن.

أن تجاهل الفرص التي تبدو في الأفق لاحتياجها لاستثمار أو جهد أو تطوير إمكانات أخرج كثير من الشركات من السوق أو قلص حجمها بحيث لم تعد من اللاعبين الكبار في مجالها، وبعض ملاك ومدراء الشركات لا يستجيبون لبعض المبدعين من موظفيهم الذين يطلبون منهم المغامرة أو القفز إلى المستقبل.

أخيرًا اسألك: هل لديك وسائل قياس الفرص والتحديات التي تهدد قطاعك أو مجال عملك؟