تحليل

هل أثَّر رفع الفائدة على أرباح الشركات؟

استطاعت الشركات بشكل عام أن تتكيف مع عمليات الرفع المتتالية لمعدلات الفائدة العام الماضي.

وسوف نلقي الضوء في هذا المقال على تأثير الفائدة على الاقتصاد وخصوصًا قطاعي التكنولوجيا والعقار..

شهد العالم في السنوات الأخيرة عددًا من الأزمات القوية التي ضربت الاقتصاد العالمي وكانت تختلف من واحدة إلى أُخرى مع كيفية التعامل معها بالطريقة المناسبة لكل واحدة من هذه الأزمات.

في المقابل اكتسبت البنوك المركزية التي تصدت لها خبرات كبيرة وتجارب عديدة من هذه الأزمات التي اندلعــت بسبـــب تعثر بعض البنوك وإفلاسها وتحولت من أزمة مصرفية إلى أزمة مالية أو بسبـــب أزمة صحية وقت كورونا انتقلت إلى أزمة اقتصادية مع حالة الإغلاق التي حصلت في مختلف أنحاء العالم.

ماذا نفهم من كل ذلك؟ الجواب، هو أن البنوك المركزية العالمية والدول أصبـــح لديها خيارات وأسلحــــة متعــــــددة للتصدي لأي أزمة قادمة بفعـــــــل الدروس التي اكتسبها منها، وبالتالي أصبحت ردة فعل الأسواق أكثر عقلانية عند أي مخاوف من اندلاع أزمة جديدة.

وبالنسبة للمستثمر الذي يتفاعل بقوة مع تحركات الأسواق يجب الانتباه وبالأخص خلال فترة إعلان نتائج الشركات، فخلال هذه الفترة تكون أحيانًا ردة فعل الأسهم على إعلان أرباح الشركة حاد، ويحصل مُغالاة في التحركات وممكن أن ينهار السهم في دقائق معدودة إذا أتت النتائج مخيبة للآمال، وبالتــــالي يتسبــــب ذلك أحيانًا في خسائر كبيرة على المستثمر لا يستطيع أن يخرج منها بعد ذلك.

فالسهم ينتظر أحيانًا ثلاثة أشهر متتالية لكي يتصرف بطريقة غير عقلانية، ولذلك يجب على المستثمر أن يتحوط لذلك ويتوقع كل شيء من تحرك السهم ويدير مخاطره بشكل احترافي.

ونضيف على ذلك أن تحركات الأسواق خلال فترة النتائج تأخذ بعدًا آخر وشاهدنا أرقامًا قياسية جديدة وقتها وهي تكون نوعًا كتحديث لإعادة تقييم السوق وقيمة الشركات بعد صدور الأرباح..

اللافت في نتائج الشركات أنها كانت تتعامل في عام 2023م مع معدلات فائدة مرتفعــــة، وبالتالي تحقيـــــق نتائــــــــج قويــــة وتتفوق فيها على التوقعات وتتجاهل كل التحليلات التي تتناول الركود وحالة الضبابية التي يمر بها الاقتصاد العالمي، وبالتالي ليس سهلاً للشركات أن تسجل هذه الأرقام من العائدات والأرباح..

هنا يجب أن نلفت النظر إلى أن تأثير رفع معدلات الفائدة على الاقتصاد لا يكون بفترة أسابيع، بل هو بحاجة إلى فترة مهمة لنلاحظ تفاعل أداء الشركات مع التشديد النقدي، ويعتمد أيضًا على المرونة وهامش التحرك بالنسبة لهذه الشركات، وبالتالي تفادي تأثير تصاعد معدلات الفائدة على حجم الإقراض وخصوصًا الشركات التي تعتمد كثيرًا على المال الرخيص من أجل التوسع في أعمالها ومشاريعها المستقبلية..

وأيضًا هناك عامل الفائدة المرتفعة بالنسبة للمستهلك وخصوصًا مع بطاقته الائتمانية بحيث تحد من سلوكه في التسوق العشوائي والسريع، وأيضًا يدخل عامل التعديلات على القروض والرهن العقاري، وبالتالي تتأثر المبيعات، ونضيف على ذلك تأثر شركات التطوير والمقاولات، والتي تشكل قروض الشركات عاملاً مهمًا في استمرار مشاريعها ولا تستطيع أيضًا متابعة أعمالها الحالية..

هذا عدا عن التأثير المهم الذي يتمتع فيه القطاع العقاري في أي بلد في العالم نسبة لتداخله القوي مع القطاعات الأخرى، وبالتالي صحة هذا القطاع هي أولية لأي اقتصاد ونلاحظ في هذه الفترة ما يمر به القطاع الصيني من تحديات وتعثر بالنسبة لكبرى شركاته، والمخاوف التي يتردد صداها من انفجار الفقاعة العقارية بشكل مخيف هناك، وما سيترتب ذلك من تداعيات على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ولا يجب أن ننسى أيضًا أن الأزمة العالمية في عام2008م، انطلقت من العقار ومن الرهن العقاري..

عدا شركات العقار هناك قطاع التكنولوجيا هو قطاع يتأثر بشدة برفع معدلات الفائدة والذي يحد أيضًا من توسعاته وابتكاراته، ولكن رغم تشديد السياسة النقدية الذي حصل في العام الماضي استطاعت شركات هذا القطاع أن تتجاهل كل ذلك وسجلت هذه الشركات نتائج جيدة وارتفعت القيمة السوقية لكل شركة إلى مستويات قياسية وانعكس ذلك على ثروات مؤسسي هذه الشركات والذين يأتون في صدارة ترتيب ثروات المليارديرات ويشكلون معظم لائحة الأسماء..

فمن بين أغنى 10 أشخاص في العالم نرى فقط برنارد أرنو الفرنسي، امبراطور المنتجات الفاخرة، وحيدًا لا تنتمي أعماله إلى قطاع التكنولوجيا..

والشيء نفسه بالنسبة إلى وارن بافيت، الذي كــــــون ثــــروة من خلال الأسهـــــم على مدى مشوار طويل من العمر في اقتناص الفرص وشراء أسهم القيمة والاحتفاظ بها لعشرات السنين..

واضح من أسماء لائحة المليارديرات من إيلون ماسك، مع شركة تسلا إلى جيف بيزوس، مؤسس أمازون، إلى مارك زوكربيرغ مع شركة ميتا، والذي يسيطر على فيسبوك وانستغرام وواتس آب، إلى بيل غيتس المؤسس المشارك لمايكروسوفت، وستيف بالمر زميل غيتس، والذي تولى رئاسة مايكروسوفت سابقًا، وأيضًا هناك لاري بايج وسيرغي برين مع شركة الفابيت، الشركة الأم لأهم محرك بحث على الإنترنت جوجل، بالإضافة إلى لاري أليسون مؤسس شركة أوراكل، والتي تعتبر من أضخم وأهم شركات تقنية المعلومات وقواعد البيانات بشكل خاص.