اقتصاديات المربع

المربع.. بوابة إلى عالم آخر

يتوقع الخبراء انتعاش أكثر من 120 مليون متر مربع من الأراضي المحجوزة المجاورة للمشروع.

يوفر المشروع الذي يتوقع الانتهاء منه في 2030، أكثر 334 ألف فرصة عمل.

 

بوابة إلى عالم آخر، وواجهة جديدة تُعيد تعريف أُفق العاصمة، تدعم النمو الاقتصادي، وتقدم فرصًا مختلفة ومتنوعة للاستثمار؛ إنه الحي الجديد “المربع” الذي أطلقه صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير “محمد ابن سلمان بن عبدالعزيز”، ويمتد على مساحة 19 كيلومترًا مربعًا، وبرجًا بقواعد حلزونية، ومبنى يضم 2 مليون متر مربع من المساحة الأرضية تنعش المناطق المحيطة، في أكثر من 120 مليون متر مربع، ويوفر أكثر من 334 ألف وظيفة، و100 ألف وحدة سكنية، يعيش فيها قرابة 450 ألف نسمة.

ويُعدُّ “المربع” أعجوبة معمارية يزينها برج المكعّب الذي يعكس الخيال إلى حقيقة مع أحدث التقنيات والتصميمات البصرية، وبحسب القائمين على المشروع الضخم التابع لصندوق الاستثمارات العامة، سيكون المكعّب أكثر من مجرد مبنى، لأنه سيكون بوابة إلى عالم آخر باستخدام التكنولوجيا المستقبلية، تحيط به 11 منطقة ترفيهية رئيسة، تصنع كل منها تجارب متعددة فريدة، المربع الجديد ليس مجرد مساحة للسكن والعمل، بل هو القلب النابض للرياض، يسعى إلى خلق بيئة مؤسسية حيوية تكون مركزًا للتقدم والإبداع وريادة الأعمال، تنسجم مع جمال الطبيعة والثقافة الأصيلة للعاصمة..

مشروح ضخم

مع بداية العام الماضي أزاحت شركة تطوير المربع الجديد، الستار عن المشروع العملاق الذي يستهدف دعم الناتج المحلي غير النفطي للمملكة بما يصل إلى 180 مليار ريال (نحو 48 مليار دولار)، ويأتي إطلاق الشركة تماشيًا مع استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة الهادفة لإطلاق إمكانات القطاعات الواعدة، وتمكين القطاع الخاص وزيادة حجم المحتوى المحلي، والإسهام في تطوير المشاريع العقارية ومشاريع البنية التحتية المحلية، وتنويع مصادر الاقتصاد المحلي، كما سيسهم المشروع الذي سيكون أكبر “داون تاون” حديث عالمي..

ويمتد المشروع على مساحة تتجاوز 19 مليون متر مربع على مساحة طابقية تتجاوز 25 مليون متر، ويعتمد المشروع في تصاميمه على تطبيق معايير الاستدامة ورفع مستوى جودة الحياة، وزيادة المساحات الخضراء، وتوفير مسارات المشي، وركوب الدراجات، وتعزيز المفاهيم الصحية والرياضية والأنشطة المجتمعية.

ويصف الرئيس السابق للجنة العقارية في غرفة الرياض، المهندس علي الزيد، المشروع بأنه مدينة جديدة مستقلة خدميًا ووظيفًا، وإنها من المشاريع العملاقة والنوعية التي تتوالى بشكل كبير ومنتظم وموزع، ويلفت إلى أن ميزة المربع أنه يمثل مدينة داخل مدينة، جاذبة ومتميزة وتخطيطها رائع، وموقعها متميز في قلب شمال الرياض”..

ويضيف إنها ستوفر ضاحية ومدينة متكاملة الخدمات يغني من يسكن بها عن المركز والتنقل لأي منطقة أخرى في العاصمة، قائلاً إنه كلما أصبح لدينا مناطق ذات استقلالية خدمية واقتصادية وفيها فرص وظيفة كافية وخدمات متكاملة، كلما خف الزحام في مركز المدينة، إذ لا يحتاج قاطنوها للانتقال منها إلى منطقة أُخرى للحصول على الخدمات، كونها توفر العمل والترفيه، وبرامج والتعليم والمستشفيات غيرهم مما يحتاجه قاطنيها..

وأكد الزيد أن المشروع سوف ينعكس بالانتعاش على المناطق المحيطة التي سوف تستفيد من الحراك التنموي وتتأثر به إيجابًا، وسيرفع من مستوي التخطيط والبناء في المناطق المحيطة.. .

منطقة جديدة

يقع المشروع على تقاطعي طريقي الملك سلمان والملك خالد شمال غرب مدينة الرياض، ويقدم تجربة فريدة للعيش والعمل والترفيه في محيط لا يتجاوز 15 دقيقة سيرًا على الأقدام، وهو يضم وسائل تنقل داخلية، فيما يبعد عن المطار مسافة 20 دقيقة تقريبًا بالسيارة..

ويتضمن المشروع 1.8 مليون متر مربع من المرافق المجتمعية، ونحو 620 ألف متر مربع لمرافق الترفيه، ويشمل نحو 80 منطقة للعروض الترفيهية الحية، ويهدف إلى تقديم تجربة فريدة تمزج بين السكن والتجارية والثقافة، إذ تبلغ المساحات المكتبية 1.4 مليون متر مربع، وتقدر المساحات التجارية بـ 980 ألف متر مربع، وهو يتضمن تسع آلاف وحدة ضيافة، أما للمكعب، أيقونة المشروع، فمن المخطط له أن يكون أحد أكبر المعالم عالميًا..

ويبلغ ارتفاع “المكعب” 400 متر وعرض 400 متر وطول 400 متر، وسيقدم من الداخل تجربة استثنائية عبر تقنيات رقمية وافتراضية، ويسهم الشكل الهندسي المميز للمكعب في توفير المساحة اللازمة لاستيعاب تفاصيل المشروع والتقنيات الخاصة فيه..

م. علي الزيد

وتستوحي الواجهة الخارجية للمكعب الطابع النجدي الحديث في تصميمها، وعدا ذلك يضم وحدات فندقية وسكنية ومساحات مكتبية للأعمال ومرافق للترفيه، أيضًا يقدم المكعب من الداخل تجربة استثنائية عبر تقنيات رقمية وافتراضية وأحدث تقنيات التصوير الهولوغرافي..

ويضم المكعب من الداخل برجًا سيتم تصميمه بشكل مميز وفريد، وسيكون البرج وجهة للضيافة تحتي على عديد من العلامات التجارية والمعالم الثقافية، عدا ذلك يضم وحدات فندقية وسكنية ومساحات مكتبية للأعمال..

ويؤكد الرئيس التنفيذي لشركة منصات العقارية، خالد المبيض، على أن المشروع سيكون عظيمًا، قائلاً: إنه مهم جدًا على المستوى النوعي، يزيد من معدلات التنمية والاستثمار ونسب التوظيف، كونها منطقة جديدة تُعدُّ أرضًا خامًا، أشبه بالضاحية الجديدة، التي تنعكس أثارها على الجميع، مشيرًا إلى أنها سوف تنعش الحركة العقارية في المنطقة المحيطة، والتي زاد الطلب عليها بنسبة %200 كما انتعشت الأسعار بنسبة %150، متوقعًا بألا ترتفع أسعار الأراضي والوحدات السكنية كثيرًا عن ذلك، نظرًا للمساحات الكبيرة المحيطة بالمشروع والموقوفة بشكل مؤقت، والتي في حال تم رفع الإيقاف عنها بعد تغيير كود البناء منذ أربع سنوات ستنعكس على العرض بشكل مهول، بمجرد انتهاء الحاجة من الإيقاف سيكون لدينا حراك ضخم، يقابله بأسعار غير مرتفعة بشكل كبير..

ويتابع: “نحن هنا لا نتحدث عن ارتفاع في الأسعار أو حركة البيع، بقدر ما نتحدث عن تنمية أوسع، وحراك اقتصادي ضخم وقوة بشرية ضخمة، فالمشروع ذو حجم عملاق، ونوعي بشكل خاص، فالمشروع أعلن عن 150 ألف وظيفة، ويتوقع أن يتضاعف العدد باحتساب المشاريع غير المباشرة”..

خالد المبيض

نهضة اقتصادية

ويتماشى المشروع الذي بدأت شركة تطوير المربع الجديد في خطوتها التنفيذية الأولى له، مع تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030م عبر إطلاق عديد من القطاعات الواعدة، والتي يمتد آثرها الإيجابي على دعم جهود التنوع والتطور الاقتصادي في البلاد ودعم وتمكين القطاع الخاص، إلى جانب تعزيز الفرص الاستثمارية في عديد من القطاعات..

د عبدالله باعشن

ويؤكد الخبير والمستشار المالي، والرئيس التنفيذي لتيم ون للاستشارات المالية الدكتور عبدالله باعشن، على أن الرياض باتت تتوسع بشكل يفوق التوقعات، معتبرًا أنه نتاج طبيعي للرؤية، التي تهدف إلى جعل الرياض وجهة سياحية عالمية، فهي الأكثر توسعًا تليها جدة والدمام، وهذا التوسع جزء من الرؤية، فهي المدينة الأكثر كثافة سكانية في البلاد”، ويتابع: “أدى توجه صندوق الاستثمارات إلى الاستثمار في الداخل، لحراك الكثير من الشركات المحلية، فعملية الاستثمار في هذه المشاريع العملاقة يحرك كثيرًا من القطاعات بخاصة المدرجة في سوق الأسهم، لافتًا إلى أن استعداد المملكة لاستضافة كأس العالم وكأس آسيا، وأكسبوا 2030م بما تتطلبه هذه المشروعات من بنية تحتية كبيرة، كان إطلاق المربع الجديد الذي يمثل امتدادًا طبيعيًا وعملاً متوقعًا ضمن الاستعدادات للمشروعات آنفة الذكر..

وأشار إلى أن المملكة إضافة إلى مشروع المربع الجديد، تشهد إطلاق سلسلة من المبادرات والمشاريع الضخمة كمشروع نيوم، والقدية، أضافة للبحر الأحمر، والدرعية التاريخية، وروشن، تستهدف تحفيز الاقتصاد، وتعزيز الاستثمارات في القطاعات المختلفة، وإنه بفضل الاستثمارات في المشاريع الكبرى التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، حققت أصوله قفزة في 2022م إلى نحو 2.23 تريليون ريال، بزيادة %15 مقارنة بعام 2021م، واللافت أن نحو %68 من هذه الأصول تعود إلى استثمارات محلية شملت تأسيس 25 شركة، وأضافت نحو 181 ألف وظيفة جديدة.