ثلاثة عوامل تعزز القدرات التنافسية: امتلاك أفضل التقنيات والموارد البشرية المتميزة والقيادة الإدارية الواعية.
أقسام الموارد البشرية، سيكون لها دور محوري في إطلاق المبادرات وتحديد الخطط خاصةً في ظل التطورات السريعة والمتلاحقة، اقتصاديًا وتكنولوجيًا وبيئيًا.
تعد الموارد البشرية المكون الأساسي والمرتكز الرئيس للشركات، حيث تُعدُّ الموارد البشرية بمثابة الأصول الأكثر قيمة وربحية بالنسبة لها، ومع النمو المتصاعد للتطور التكنولوجي خلال السنوات الأخيرة، تزايد أهمية الموارد البشرية حتى أصبحت عاملًا من عوامل تقييم الشركات والمؤسسات، جنبًا إلى جنب الأوضاع المالية بخاصة مع وضوح الدور المهم الذي تقوم به في تحقيق النجاح، ومع اتساع النشاط التجاري الدولي، فقد أصبح مفهوم الموارد البشرية من المفاهيم المهم التي يتم تداولها على الساحة الاقتصادية المعاصرة، وأصبحت المؤسسات تبحث عن مديري موارد بشرية دوليين قادرين على التعامل مع الموارد البشرية بكفاءة وتميز.
وتُعدُّ إدارة الموارد البشرية (HRM) والموارد البشرية (HR) مصطلحين مرتبطين بإدارة العمل البشري في المنظمات، وعلى الرغم من أنهما قد يستخدمان بشكل متبادل في بعض الأحيان، إلا أنهما يشيران إلى مفاهيم مختلفة.
فإدارة الموارد البشرية (HRM) تشير إلى المجموعة الشاملة من الممارسات والاستراتيجيات المتعلقة بإدارة الموظفين في المنظمة، وتهدف إلى توظيف وتطوير والاحتفاظ بالموظفين المهرة وتنمية قدراتهم وتحفيزهم لتحقيق أهداف المنظمة، وتشمل هذه الأنشطة توظيف الكوادر البشرية الملائمة، وتدريبهم وتطويرهم، وتقييم أدائهم، وتحسين العلاقات العامة بين الموظفين والإدارة العليا، وإدارة الرواتب والمزايا، وإدارة النزاعات العمالية.
أما الموارد البشرية (HR) فهي بشكل أكثر تحديدًا تشير إلى الإدارة الإدارية لجوانب الموظفين، وتتضمن المسؤوليات اليومية والمهام الملموسة لإدارة الموارد البشرية، كمعالجة استفسارات الموظفين، وإعداد المستندات الإدارية، وتنظيم الأنشطة التدريبية، ومتابعة السياسات والإجراءات المتعلقة بالموظفين.
ولم يعد دور إدارة الموارد البشرية في عصرنا الحالي يقتصر في عالم الأعمال على التوظيف، ولا حتى التدريب وتعزيز القدرات والمهارات وهيكلة الهرم الوظيفي فقط، ولكن تزايد دور هذه الأقسام كثيرًا، فيما يتعلق بإعادة تخصيص الموارد ومتابعة الأداء وتحديد وبناء هوية الشركات ومدى قدرتها على التكيف والتوسع والإسهام في تحقيق أهداف الشركات بشكل عام.
سمات شركات المستقبل
وتشير الدراسات إلى أن هناك ثلاثة عوامل، تعد الأبرز فيما يتعلق ببناء وتفعيل القدرات التنافسية، هي امتلاك أفضل التقنيات والموارد البشرية المتميزة، والقيادة الإدارية الواعية، لذلك فقد اهتمت المؤسسات الواعية، في إطار سعيها للدخول في ساحة التنافسية المحلية والعالمية بالموارد البشرية باعتبارها أهم الأصول، التي تمتلكها أي منظمة، والمصدر الحقيقي للقيمة المضافة.
وتتزايد أهمية الموارد البشرية إذا كانت تمتلك الخصائص المتوافقة مع متطلبات التنافسية، ومنها القدرة على التعامل مع تقلبات السوق والاستعداد لتحمل مخاطر العمل والتكيف السريع مع المستجدات والمرونة والقدرة على التخلص من أساليب العمل التقليدية والرغبة في التدريب وتطوير المهارات واكتساب معارف جديدة والسعي نحو الابتكار والإبداع.
قبل معرفة كيفية مشاركة أقسام الموارد البشرية في تعزيز نمو الشركات وقدراتها التنافسية، من المهم التعرف على سمات الشركات، التي يتطلبها المستقبل، الذي بات يتشكل سريعًا وتتبلور ملامحه في ظل التطورات الضخمة في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
ففي بحث أجرته وكالة ماكينزي عن سمات شركات المستقبل، اشتركت تلك الشركات في 3 أمور مهمة، وهي:
- يجب أن تعرف تلك الشركات جيدًا، الغرض من إنشائها وإمكاناتها وأهدافها ومن تمثلهم.
- يجب أن تعمل تلك الشركات بخطى ثابتة وسريعة.
- قدرة تلك الشركات على النمو من خلال التعلم والابتكار.
تعزيز التنافسية
يمكن لإدارة الموارد البشرية الإسهام في تعزيز القدرات التنافسية للشركات، من خلال عديد من الأدوات والآليات والمهام، بعض هذه المهام تقليدي، وبعضها مستحدث وجديد، وظهر لمواكبة التطورات الحديثة.
ففيما يتعلق بالأدوار التقليدية، من المهم أن يكون لدى أقسام الموارد البشرية، القدرة على التوظيف الصحيح واستقطاب الكوادر والعناصر المناسبة والملائمة للدور الوظيفي المطلوب، وكذلك إنشاء وابتكار سبل لتحفيز الموظفين، من خلال المكافآت وأنظمة الحوافز والترقي.
وقد أخذت هذه المهمة بعدًا جديدًا مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، إذ من خلال تلك الأدوات أصبح بإمكان الموارد البشرية ليس فقط تصنيف المتقدمين للوظائف، ولكن تحليل مهاراتهم وسماتهم الشخصية وسلوكياتهم، ومدى تطابق ذلك مع احتياجات الوظيفة المطلوية، كما يمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في الخطط التدريبية للموظفين وفي تطويع تلك المهارات وتنميتها بما يخدم أهداف المؤسسة.
ومن الأدوار المهمة فيما يتعلق بتعزيز القدرات التنافسية إعادة توجيه المواهب داخليًا، وفقًا للتغيرات فى الاستراتيجيات والأحداث العالمية من كوارث بيئية وأمراض وأزمات اقتصادية قد تغير مجرى الشركات، ويرتبط بتلك النقطة، نقل المواهب الأكثر إبداعًا وكفاءة إلى الأدوار الأكثر أهمية في الشركة للمشاركة في عمليات صنع القرار وتطوير المنتجات، حيث ثبت أن الشركات التى تعتمد استراتيجية “إعادة توجيه المواهب” لديها الفرصة للنمو والنجاح والتفوق على منافسيها أكثر من أى شركة أخرى بمعدل 3 مرات..
القيادة والتكيف
من الأدوار المهمة لأقسام الموارد البشرية في إطار تعزيز التنافسية، هو قدرة تلك الشركات على دعم القيادة الفعالة للمؤسسة، من خلال بناء ثقافة داخلية، يتفاعل بها العاملون بالشركة، سواء كانوا مديرين أو موظفين؛ إذ أثبتت الدراسات أن الشركات التي تمتلك ثقافة إيجابية وصحية تحقق نتائج أعلى وأفضل أداءً مقارنة بالشركات ذات الثقافات الضعيفة أو الثقافات السلبية، الأمر، الذي يبرز أهمية دمج استراتيجيات وأهداف الشركات مع ثقافة الشركة.
ويرتبط بذلك تحديد الأولويات وتطوير أساليب وهياكل جديدة لتنظيم وإدارة المؤسسات، بما يحسن من قدرة تلك المؤسسات على التكيف والاستجابة بسرعة للتغييرات والتحديات في البيئة المحيطة بها، وكذلك فيما يتعلق بالمتطلبات التكنولوجية واحتياجات العملاء والموظفين، فالشركات التى تتخذ قرارات أسرع وأكثر فعالية تكون قادرة على تحقيق نتائج أفضل وتتفوق على منافسيها.
وقد ظهر ذلك، خلال جائحة كورونا 2020، فالشركات والمنظمات، التي استطاعت التحرك السريع وتأقلمت مع التغيرات الهائلة، التي فرضتها الجائحة، وتفوقت حتى على ما كان مخططًا لها، هى التي استطاعت مواجهة تلك الأزمة واستمرت في ممارسة أعمالها وأنشطتها.
الأهداف المستقبلية
من أهم الأدوار، التي يجب أن تقوم بها إدارات وأقسام الموارد البشرية، خاصةً في وقتنا الحالي، هو التأكد من أن المؤسسة في الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها وغاياتها وقيمها، كما يرتبط بتلك النقطة، الغاية والسبب الأساسي من وجود المؤسسة والشركة نفسها.
ويترتب على ذلك تحديد خصائص ونوعية الموظفين الذين سيشاركون في تحقيق أهداف المنظمة، وعلى سبيل المثال، إذا كان أحد أهداف الشركة هو تعزيز الاستدامة، فإن أي سلوك فردي لأي موظف يدعم الاستدامة، يجب تشجيعه عليه ومكافأته، حتى يقتدي به زملاؤه الآخرون.
وأخيرًا، فإنه إذا كانت أقسام الموارد البشرية تلعب دورًا رئيسًا في الإشراف على الأنشطة والعمليات الداخلية وتحليل البيئة الخارجية وصياغة وبناء الأهداف الإستراتيجية، فإن أقسام الموارد البشرية، سيكون لها أيضًا دور محوري في إطلاق المبادرات وتحديد الخطط، التي تسهم في تحقيق التحول، خاصةً في ظل التطورات السريعة والمتلاحقة، اقتصاديًا وتكنولوجيًا وبيئيًا وجيوسياسيًا.