أسواق التحول الرقمي

الاتصالات والتقنية.. ست سنوات من النمو

462 مليار ريال إجمالي حجم الاقتصاد الرقمي في المملكة.

166 مليار ريال حجم سوق الاتصالات والتقنية عام 2023م وثمة توقعات بتخطيه حاجز الـ 280 مليار ريال بحلول 2029م.

32 مليار ريال إجمالي قيمة حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة في العقود الحكومية عام 2023م.

 

الطفرة الأخيرة التي يشهدها العالم في الحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، والميتافيرس وغيرها من الابتكارات التكنولوجية، دفعت المملكة مبكرًا إلى إعادة النظر في نهجها للتحول الرقمي لتتمكن من مواكبة هذه التطورات واتجاهات السوق الجديدة، وجعلته ركيزة أساسية ضمن ممكنات رؤية 2030م، وتبنت استراتيجية شاملة لتحقيقه بجميع القطاعات، حتى وصلت بحجم سوق الاتصالات والتقنية إلى 166 مليار ريال عام2023م بمعدل نمو سنوي مركب بلغ %8 خلال الستة أعوام الماضية، وثمة توقعات بتخطيه حاجز الـ 280 مليار ريال بحلول 2029م.

 

وقد حققت المملكة تقدمًا كبيرًا ومراتب متقدمة إقليميًا ودوليًا في مؤشرات الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية ونضج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقالة ومؤشر البنك الدولي ونضج الحكومات الرقمية.

وصُنفت سوق الاتصالات والتقنية بالمملكة بالأكبر والأسرع نموًا؛ إذ تشغل المملكة المركز الثاني ضمن دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية عام 2023م فيما تُظهر المؤشرات وصول نسبة انتشار اشتراكات خدمات الاتصالات المتنقلة إلى %198 من السكان، وتجاوز معدل استهلاك الفرد الشهري للبيانات في المملكة المعدل العالمي بـ 3 أضعاف، كما بلغت اشتراكات إنترنت الأشياء 12.6 مليون اشتراك، ووصلت سرعة تحميل الإنترنت المتنقل إلى 215 ميغا بت في الثانية، في الوقت الذي وصلت فيه نسبة انتشار استخدام الإنترنت إلى %99، فيما وصل عدد مقدمي خدمات الحوسبة السحابية المسجلين بالهيئة إلى 31 مقدم خدمة.

الاقتصاد الرقمي

وبحسب تقرير لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات نُشر مؤخرًا، بلغ إجمالي حجم الاقتصاد الرقمي 462 مليار ريال، وبلغ حجم الاستقطاب بالاستثمارات في مجال الحوسبة السحابية 16 مليار ريال، وبلغ حجم الاستثمارات التي ضخت في قطاع التقنية وحجم الطرح العام للشركات 13.7 مليار ريال، وبلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع التقنية 4.2 مليار ريال، وحجم سوق خدمات الحوسبة السحابية 9.8 مليار ريال، هذا وأكملت الجهات الحكومية بنسبة %89.24 من مرحلة التكامل في التحول الرقمي الحكومي لعام 2023م، وأن حجم سوق الاتصالات والتقنية وصل إلى 166 مليار ريال، وذلك بواقع 91 مليار ريال حجم سوق تقنية المعلومات، مقابل 75 مليار ريال حجم سوق الاتصالات، وحجم الاستثمارات التي تم ضخها في قطاع التقنية وحجم الطرح العام للشركات التقنية المحلية بلغ نحو 14 مليار ريال، في حين سجل حجم المحتوى المحلي في قطاع التقنية %28.7.

وفيما يتعلق بالأداء المالي لقطاع الاتصالات والتقنية، كان رئيس إدارة الأبحاث في الجزيرة كابيتال، جاسم الجبران، قد كشف خلال إحدى جلسات منتدى النسخة العاشرة من منتدى مؤشرات الاتصالات والتقنية، إن حجم أصول الشركات المدرجة في قطاع الاتصالات والتقنية يبلغ نحو 250 مليار ريال، ولفت إلى أن سوق المملكة يشكل نحو %37 من إجمالي الأصول في القطاع بمنطقة الخليج، فيما يبلغ إجمالي إيرادات الشركات المدرجة في قطاع الاتصالات والتقنية نحو 119 مليار ريال، وتشكل حصة المملكة %41 من إجمالي إيرادات القطاع بالخليج، كما تصل القيمة السوقية للشركات المدرجة في قطاعي الاتصالات والتقنية إلى 379 مليار ريال، وتشكل الحصة الأكبر بمنطقة الخليج بنسبة %57.

عوامل النمو

ويرجع النمو المرتفع في حجم سوق الاتصالات وتقنية المعلومات إلى عديد من العوامل لعل أبرزها، ضخامة الإنفاق العام وتزايده المطرد، حيث خصصت المملكة ما يُقدر بنحو 120 مليار ريال خلال الفترة من (2019م حتى 2023م) لهذا القطاع، لتأتي في المرتبة الأولى عالميًا في الإنفاق على قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، والتوسع الملحوظ في الاستثمارات المخصصة للبنية الأساسية لشبكات الاتصالات بكافة أنواعها، فضلاً عن التزايد المطرد في المشاريع الحكومية الإلكترونية والاتجاه المتنامي للشركات الأجنبية لتكثيف عملياتها في المملكة من خلال مشاركات واتفاقيات تعاون تقني مع الشركات المحلية، وأخيرًا التوجه العام نحو الرقمنة في إطار السعي نحو المجتمع الرقمي بمفهومه الشامل.

وكانت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، قد عملت منذ عام 2019م على تركيز جهودها في تعزيز كفاءة سوق الاتصالات، وتنمية سوق التقنية، وتطوير القدرات الرقمية، والمحتوى المحلي، إضافة إلى تعزيز التميز المؤسسي وتبني نشر التقنية في كافة قطاعات بالمملكة، حيث عملت على تحفيز 100 منشأة لتبني الحلول السحابية والممكنات الرقمية، والعمل مع الشركاء من القطاع الخاص لتحويل 526 شركة صغيرة ومتوسطة، و107 شركات كبيرة لاستخدام السحابية والممكنات الرقمية من قبل المنشآت المستفيدة، وهو في مجمله ما نتج عنه خفض التكاليف بنسبة %15، وتوفير وقت أداء العمليات بنسبة تصل إلى %25، وزيادة معدلات الإنتاجية %65، وتحسين التعاون داخل بيئة العمل بـ%70، وتدريب وتأهيل أكثر من 300 موظف على استخدام الحلول السحابية والممكنات الرقمية.

واللافت في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بالمملكة هو مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة، إذ زادت بصورة ملحوظة في الأعوام الماضية ووصلت إجمالي قيمة حصتها في العقود الحكومية عام 2023م إلى قرابة الـ 32 مليار ريال، وذلك بفضل مبادرات مثل برنامج الاستثمار والمشتريات الحكومية الرقمية (صدف) والذي يتضمن مجموعة من البرامج الفرعية تهدف إلى تعزيز مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة في مشتريات الحكومة الرقمية مثل: برنامج تصنيف المقاولين، وبرنامج النخبة للموردين.

مانيكاندان ثانغاراج

التحسين المستمر

وعلى الرغم مما تشهده المملكة من نمو متزايد سواء في حجم سوق قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات أو حجم الإنفاق على القطاع، فإنه في ظل بيئة تتسارع فيها وتيرة ظهور التقنيات الجديدة، بات من الضروري على المؤسسات والشركات بالمملكة تبني نهج “التحسين المستمر” للتحول الرقمي لضمان بقائها في صدارة التنافسية، وهو ما أكد عليه نائب الرئيس بشركة مانيج إنجن- المتخصصة في إدارة تكنولوجيا المعلومات المؤسسية، والتابعة لمجموعة زوهو العالمية، مانيكاندان ثانغاراج، بقوله إن البيئة المتسارعة للتقنيات الجديدة تستجوب اتباع استراتيجيات التحسين المستمر، الذي يشمل تحسين البنية التحتية الرقمية بشكل مستمر، وتطوير مهارات القوى العاملة، واكتشاف فرص جديدة للابتكار.

وأوضح أن رحلة التحول الرقمي لا تسير وفق مسار واحد ينطبق على جميع الصناعات والمؤسسات، بل تنفرد كل جهة بتقنياتها، مبينًا أن دمج تقنيات الواقع المعزز (AR) والافتراضي (VR) بقطاع البناء على سبيل المثال يُمكن أن يُحدث ثورة في عملية التخطيط من خلال تجسيد المشاريع قبل التنفيذ، مما يسهم في توفير الوقت والمال والموارد، بينما قد تشهد الصناعة المالية تحولًا من الخدمات المصرفية التقليدية إلى خدمات الهاتف المحمول، مع تبني تقنيات متطورة مثل البلوك تشين والعملات المشفرة، تعزيزًا للأمن والفعالية.

جاسم الجبران

ورأى بضرورة أن تُطور كل مؤسسة استراتيجية تحول رقمي محددة بوضوح ومصممة خصيصًا لتناسب احتياجاتها، لافتًا إلى وجود خطوات أساسية للتحول الرقمي يُمكن تعديلها لتناسب احتياجات كل مؤسسة على حدة، مؤكدًا ضرورة فهم تأثير التقنيات الرقمية على قطاع عمل المؤسسة كخطوة أولى لبدء التحول الرقمي بنجاح، إذ يتطلب ذلك تقييم الاتجاهات والتحديات والفرص التي تُحفز الحاجة إلى التحول، حيث تختلف خطوات التحول الرقمي من قطاع لآخر، لذا يجب تحديدها لتناسب مسيرة المؤسسة وأهدافها.

واعتبر ثانغاراج، أن خارطة الطريق الواضحة تمثل مفتاح نجاح رحلة التحول الرقمي للمؤسسات، حيث تبدأ بوضع أهداف محددة، مثل زيادة الحصة السوقية أو تحسين رضا العملاء، ثم تحديد استراتيجيات قصيرة وطويلة الأجل، ووضع خطة زمنية تمتد من 5 إلى 10 سنوات، بالإضافة إلى تحديد مجالات التنفيذ الفوري والاحتياجات المستقبلية، كما يجب أن تتمتع الخارطة بالمرونة للتكيف مع احتياجات المؤسسة والتكنولوجيا المتطورة.

ودعا المؤسسات إلى إشراك أصحاب المصلحة واطلاعهم على رحلة التحول الرقمي، والتأكيد على فوائد التحول مثل تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز تجربة العملاء وخلق فرص جديدة لزيادة الإيرادات، مؤكدًا على ضرورة اختيار التقنيات الرئيسة، مثل الحوسبة السحابية، والروبوتات، والأتمتة، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبلوك تشين، التي تتوافق مع صناعة المؤسسة، وتدفع برحلة التحول الرقمي الخاصة بها، ناصحًا المؤسسات والشركات في المملكة بمراقبة التقنيات الناشئة باستمرار ودمجها في خارطة الطريق الرقمية الخاصة، موصيًا المؤسسات بالتعاون مع مقدمي التقنيات المبتكرة لضمان رحلة تحول رقمي ناجحة، والمتابعة المستمرة لمسيرة التحول الرقمي، وإجراء التعديلات اللازمة لضمان فعاليته، وتحديد مؤشرات أداء الرئيسة لقياس التقدم المحرز، مثل نمو الإيرادات، أو تحسين تجربة الموظفين، أو خفض التكاليف، مشددًا على غرس ثقافة التغيير والابتكار على مستوى المؤسسات والشركات في المملكة.