اقتصاديات العقار

العقار في المملكة.. من أكثر الأسواق تحسنًا عالميًا!

ثمة تقديرات بأن حجم سوق العقارات في المملكة وصل خلال العام الجاري إلى نحو 69.51 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 101.62 مليار دولار بحلول عام 2029م.

تصنيف المملكة ضمن أفضل 40 سوقًا عقارية وأكثرها شفافية عالميًا ضمن مؤشر الشفافية العقارية العالمي، يؤكد فاعلية وجدية الإصلاحات الشاملة.

 

صُنّفت المملكة وفقًا لتقرير مؤشر الشفافية العقارية العالمي 2024م، كواحدة من أكثر الأسواق العقارية تحسنًا على مستوى العالم، وقد واصلت الأنشطة العقارية في المملكة نموها منذ بداية عام 2024م، مُسجلةً أكثر من 280 ألف صفقة عقارية بقيمة تجاوزت الـ 636 مليار ريال، وممتدة على مساحة إجمالية وصلت لأكثر من ملياري متر مربع، ليستمر القطاع العقاري في رحلته نحو رفع مساهمته في الناتج المحلي.

وثمَّة تقديرات بأن حجم سوق العقارات في المملكة وصل خلال العام الجاري إلى نحو 69.51 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 101.62 مليار دولار بحلول عام 2029م بمعدل نمو سنوي مركب قدره %8 خلال الفترة المتوقعة من (2024م إلى 2029م)، لاسيما ما تستهدفه وزارة الإسكان في إطار رؤية 2030م، ببناء 300 ألف وحدة سكنية على مدى السنوات الخمس المقبلة بالشراكة مع القطاع الخاص.

ثاني أكبر قطاع

ويعد القطاع العقاري ثاني أكبر قطاع اقتصادي في المملكة بعد النفط، ويجري حاليًا تنفيذ عديد من الخطط في القطاع العقاري ومنها خطط الحكومة في ضخ 300 ألف وحدة سكنية بين عامي (2022م – 2025م)، كما يسعى أيضًا عديد من الشركات العاملة في البناء والتشييد إلى استخدام أحدث التقنيات وتكنولوجيا البناء بما يتوافق مع التطورات في القطاع العقاري.

ويعكس التحسن الكبير الذي حققته المملكة في تصنيف شركة (JLL)، وهي شركة استشارات عقارية متخصصة في الخدمات العقارية وإدارة الاستثمار، الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، تقدمها في قوة الشفافية والأطر التنظيمية التي تهدف إلى تعزيز فعالية وشفافية السوق، ويمثل هذا التقدم نقطة محورية مع مواصلة المملكة جهودها في إحداث تحولٍ نوعي في قطاعها العقاري، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030م..

مكتسبات الشفافية

وبحسب التصنيف، تعود المكتسبات التي حققتها المملكة في مجال الشفافية، إلى الاستراتيجية الحكومية المركزة وإطلاق عدد من المبادرات الرئيسة، مثل: تشكيل نظام التسجيل العيني للعقار من خلال السجل العقاري، وتوفير البيانات الرقمية العامة عن المبيعات والإيجارات، ومشاريع التخطيط العمراني من الهيئة العامة للعقار، كما سهل تعزيز الخدمات الإلكترونية والتغطية المعمقة للسوق من مقدمي البيانات هذا التحول.

وأشار التصنيف ضمن محتواه وسرده لعوامل تحسن السوق العقاري إلى مواصلة الحكومة خطتها في تبسيط إجراءات التأهيل والحصول على التراخيص، إلى جانب ضمان وصول المطورين إلى متطلبات تسجيل عالية الوضوح، وتحسين جودة الخدمات المقدمة، وضمان أكبر قدر من الموثوقية، وحماية مصالح جميع الأطراف المعنية، مؤكدًا أن هذه الجهود أسهمت في تعزيز معايير الشفافية العقارية في المملكة لتتبوأ المرتبة الثانية بين أكثر الدول تحسنًا في شفافية العقارات على مستوى العالم، وهو بلا شك سوف يكون له دور رئيس في تمكين عدد من أكبر مشاريع التنمية الحضرية الجاري تنفيذها حاليًا.

فاعلية وجدية الإصلاحات

وقد رأى المتحدث الرسمي للهيئة العامة للعقار، تيسير بن محمد المفرج، أن تصنيف المملكة ضمن أفضل 40 سوقًا عقارية وأكثرها شفافية عالميًا ضمن مؤشر الشفافية العقارية العالمي، يؤكد فاعلية وجدية الإصلاحات الشاملة، وقال “إنه من خلال إصدار ما يزيد على 18 تشريعًا جديدًا، بما في ذلك تحديث الأنظمة العقارية والأطر التنظيمية، فإننا نؤكد التزامنا الراسخ بتحقيق مستهدفات رؤية 2030م، وإن هذه المبادرات، التي تهدف إلى تحسين الشفافية وتعزيز ثقة المستثمرين، أمرًا ضروريًا لاستمرار التنمية والتنويع الاقتصادي في المملكة”.

ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة (JLL) في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، جيمس ألان، إن الخطوات التي اتخذتها المملكة في الآونة الأخيرة لتعزيز الشفافية العقارية تعكس اتجاهًا عالميًا واسع النطاق نحو زيادة التركيز على الاستدامة والتكامل التقني، وفي حين تعمل المبادرات الحكومية على إعادة تشكيل المشهد العقاري، أخذت الأسواق في جميع أنحاء العالم في اعتماد لوائح بيئية أكثر صرامة، والاستفادة من وسائل التقنية الحديثة لتحسين توافر البيانات، وتقديم لوائح تنظيمية جديدة لتعزيز الشفافية والحوكمة.

تيسير بن محمد المفرج

خطة التطوير العقاري

وتشمل خطة التطوير العقاري التي طرحتها المملكة 15 مشروعًا ضخمًا في مراحل مختلفة بجميع أنحاء المملكة، تتضمن أكثر من نصف مليون وحدة سكنية، و4،3 مليون متر مربع من مساحات التجزئة، وأكثر من 6 ملايين متر مربع من المساحات المكتبية الجديدة المتوقع الانتهاء منها بحلول عام 2030م، ما يجعل المملكة أكبر موقع بناء على الإطلاق، وبحسب الخبراء جاء هذا النمو على خلفية النقص الحاد في المساحات المكتبية خاصة في المدن الكبرى مثل: الرياض وجدة، والدمام.

وتنتظر الأسواق توفير أكثر من 289 ألف غرفة فندقية، والتي ستكون خطوة مهمة نحو تحقيق هدف المملكة في استضافة 100 مليون زائر بحلول عام 2030م، مقارنةً بحوالي 17 مليون زائر في 2022م، وسيكون التحدي الذي سيواجه مطورو المشاريع العملاقة في البلاد هو تلبية احتياجات المشترين المحليين وجذبهم، وتقديم منتجات تتوافق مع مواردهم المالية.

وبذلك يمثل القطاع العقاري قطاعًا واعدًا، يتوقع أن يحقق تناميًا كبيرًا خلال الفترة المقبلة، نظرًا لمشروعات البنية التحتية، إضافة إلى المشروعات الضخمة التي تعمل عليها السعودية.

جيمس ألان

فرصة مثالية للاستثمار

ومن جهته يؤكد الخبير العقاري والرئيس السابق للجنة العقارية في غرفة الشرقية، خالد بارشيد، بزيادة حجم سوق العقارات في المملكة، من 241 مليار ريال في عام 2023م، إلى ما يزيد على 353 مليار ريال بحلول عام 2028م، بمعدل نمو سنوي %7.89.

ويقول: لقد بلغت نسبة نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة المرخصة من (وافي) %139 خلال النصف الأول من العام الماضي، مما عزز المعروض العقاري في السوق وتوفير وحدات عقارية تلبي تطلعات الأسر السعودية، كما أسهمت هذه المشروعات في رفع الناتج المحلي من خلال الاعتماد في تطويرها على المحتوى المحلي مما انعكس ذلك النمو في زيادة نسبة نمو تأهيل المنشآت العقاريـة لممارسة نشاط البيع على الخارطة، الذي ارتفع بنسبة %9 مقارنة بالنصف الأول لعام 2022م.

وشدد بارشيد على أن القطاع الخاص، ورجال الأعمال لديهم فرصة مثالية للاستفادة من هذا الزخم، بزيادة الابتكار في تقنيات البناء والممارسات المستدامة والتخطيط الحضري، ويضيف بقوله: “ستنعكس المشاريع العقارية العملاقة على الاقتصاد المحلي، ونمو الأعمال، بشكل كبير لأنها تُعدُّ أحد أهم الأشكال المساندة للقطاعات الأخرى كقطاع السياحة والصحة والاستثمار والقطاع المالي، مما يتطلب وجود شركات ومؤسسات قادرة على التكيف مع متطلبات المرحلة المقبلة، ومع التسارع الاقتصادي في المملكة.

خالد بارشيد

نمو واستدامة القطاع

وبشكل عام ثمَّة عدة أسباب رئيسة أسهمت في استمرار نمو واستدامة القطاع العقاري في المملكة، يأتي على رأسها حزمة الإصلاحات الاقتصادية، وتنفيذ السياسات الداعمة للاستثمار، وتحسين بيئة الأعمال من خلال تسهيل الإجراءات، فضلاً عن المشاريع الكُبرى التي تنفذها المملكة وما لها من دور في تعزيز جاذبية السوق، والنمو السكاني، وإسهاماته في الطلب المتزايد على الإسكان والخدمات المصاحبة نتيجة للتوسع الحضري.

وكما شهد القطاع العقاري تحولات رقمية واستخدام التكنولوجيا في التسويق وتطوير منصات رقمية للخدمات العقارية مثل تطبيقات البحث عن العقارات وإدارة العقود إلكترونيًا، مما أسهم في الكفاءة والشفافية.

وأخيرًا يمكن القول إن الاستقرار السياسي والاقتصادي لعب دورًا حيويًا في تعزيز ثقة المستثمرين وتشجيعهم على الاستثمار طويل الأجل في العقارات؛ فضلاً عن التطوير التشريعي والتنظيمي الذي ساعد في تحسين البيئة التشريعية والتنظيمية، وأدى إلى سن قوانين تحمي حقوق المستثمرين وتسهل إجراءات التسجيل والتوثيق، بالإضافة إلى تنظيم الإسهامات العقارية لتسهيل إجراءاتها وضمان حماية حقوق المستثمرين وزيادة الشفافية، كما أدى تنظيم منصات التمويل إلى توفير قنوات تمويل جديدة ودعم المشاريع العقارية الناشئة.