استفاد قطاع الأعمال من الصناديق التنموية الحكومية لعقود من الزمن، وأفاد الاقتصاد السعودي عبر المشاريع التي نفذها خاصة في مراحل تأسيس وانطلاق القطاعات نحو العمل المؤسسي ولعل أكثر أو أشهر القطاعات التي استفادت وأفادت هي الصناعة، والزراعة، والعقار عبر صناديقها المتخصصة، وبالطبع هناك الفائدة الاجتماعية لبنك التنمية الاجتماعية.
اليوم ارتفع عدد الصناديق والبنوك التنموية تحت مظلة صندوق التنمية الوطني لتصبح 12 صندوقًا وبنكًا، وتمت إضافة ستة صناديق وبنوك جديدة خلال السنوات القليلة الماضية ليقوم التمويل التنموي بدور أساسي في تعزيز الاستقرار الاقتصادي ودعم التنمية الوطنية وفقًا لرؤية السعودية 2030م التي رفعت مستوى أداء الصناديق والبنوك التنموية في المملكة وتعزيز استدامتها لتحقق الأهداف التي تخدم أولويات التنمية والاحتياجات الاقتصادية، وليصبح صندوق التنمية الوطني أحد ركائز الانفاق التحولي وكفاءة الانفاق التي تضمنتهما رؤية السعودية 2030م، ويقوم الصندوق بالإشراف على التنمية الصناعية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة، مما يجعله يلعب دورًا مهمًا في ضمان الاستثمار الأمثل لرأس المال وتوظيفه في مشاريع مستدامة وذات أثر واعد.
من هذا نستنتج أن دور الصندوق هو دعم تمويل مشاريع استراتيجية تتماشى مع أهداف رؤية 2030م، فما هو المشروع الاستراتيجي الذي يمكنك أن تضع عينك عليه في المستقبل كرجل أعمال؟
لنأخذ جولة بحث لنتثقف سويًا حول هذه المفاهيم، فمما قرأت ومما رأيناه يتحقق منذ العام 2016م، الذي انطلقت فيه الرؤية فإن المشاريع الاستراتيجية هي تلك التي ترتبط بروابط واضحة مع الأهداف الاستراتيجية للرؤية ككل، أو للقطاعات الجديدة والواعدة التي ركزت عليها الرؤية والتي من أجلها زادت وطورت منظومة التمويل التنموي لتشمل هذه القطاعات، مثل صندوقي التنمية الثقافي والسياحي، وصندوق البينة التحتية الوطني، وصندوق الفعاليات الاستثماري، هذه الروابط يجب أن تعني بأن المشاريع الاستراتيجية يجب أن تعمل فعليًا لتحقيق الأهداف والغايات الواردة في استراتيجيات هذه القطاعات.
عندما تسمع مصطلح “الانفاق التحولي” فالمقصود به الانفاق على برامج التحول في رؤية 2030م، وهدفه تحقيق كفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية، والارتقاء بجودة المشروعات والأصول والمرافق، وتخطيط البنية التحتية، والبرامج والمبادرات والعمليات التشغيلية الممولة من الميزانية العامة للدولة، ومتابعة تنفيذ تلك الجهات للبرامج والمبادرات الخاصة بها بما يحقق أهداف الرؤية.
أما كفاءة الانفاق فهي تعني – وفق ما اتفق عليه معظم المتخصصين – الوصول إلى أفضل المخرجات بأقل التكاليف مع المحافظة على مستوى أداء مرتفع ومستوى جودة للخدمات المقدمة، وذلك من خلال التركيز على ترسيخ مبدأ تعظيم العائد والانفاق بفاعلية وكفاءة، والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
بالطبع هناك مشاريع تعتبر استراتيجية للشركات أو المجموعات أو الأسماء التجارية التي تملكها كونها تمثل نقلة تقنية جديدة، أو توسعًا مدروسًا، أو مواصلة للاحتفاظ بحصتها السوقية أو زيادتها، وهذه في الغالب يكون تمويلها موزعًا بين التمويلات الذاتية، أو عبر الصناديق المتخصصة الأولى أو القديمة – إن صحت العبارة – إن كانت تناسب معاييرها التي تجددت مع الرؤية.
ما أريد إيصاله هو أن المستثمرين الجدد في القطاعات الواعدة، أو الشركات ومجموعات الأعمال التي ترغب في دخول القطاعات الواعدة سيكون عليها قبل التواصل مع صناديق وبنوك التنمية الخاصة بهذه القطاعات التأكد من إجابة السؤال: هل المشروع استراتيجي؟ ويرتبط بشكل وثيق مع الأهداف الاستراتيجية المعلنة لكل قطاع؟ إذا كانت الإجابة بنعم فهذه الخطوة الأهم بعد دراسات الجدوى والأثر المتوقع من المشروع، وهي التي تزيد من فرص استفادة قطاع الأعمال من منظومة التمويل التنموي الجديدة والمتطورة في المملكة.