نافذة

حتى المزاج يخضع للتجارة

عبدالعزيز المحمد الذكير

غريزة البحث عن الطعام وضعها علماء النفس ضمن غرائز الناس والدواب. وسمعتُ أن نفراً من العلماء جعلوها الغريزة الأم. والتبادل التجاري في الكرة الأرضية عامة قوامهُ ما يدخل جوف الإنسان.

وقد أُثير كثير من التساؤلات حول ذلك، من ضمنها دراسة قامت بها جامعة أمريكية حول كيفية تفسير سلوكيات الناس في شأن تناول الطعام العام المتعارف عليه، وتناول الطعام الصحي على وجه الخصوص، وممارساتهم اليومية لإشباع غريزة البحث عن الطعام.

واختلف الناس حول ما يتناولونه فعلاً وبين ما يجب تناوله، وأشاروا في نتائج دراستهم إلى أن غالبية المستهلكين يبذلون جهداً واضحاً في البحث عن الأطعمة الصحية أثناء التسوق في متاجر البقالة، إلا أنهم يميلون عند الشراء إلى اقتناء أطعمة صحية وأطعمة غير صحية.

وينسب المؤرخون والباحثون السبب المباشر للثورة الأمريكية على إنجلترا إلى «ضريبة الشاي» الشهيرة، ففي بعض الأحيان يكون «المزاج» وليست البطون وحدها تلعب دوراً في تاريخ الأحداث!. لكننا نتفق أن ضريبة الشاي كانت فقط الصاعق لعملية قُصد بها إنهاء الاستعمار الإنجليزي لأمريكا.

طوال سنين كثيرة اعتُبر سكان أمريكا، مواطنين بريطانيين، واضطروا لدفع «ضريبة الشاي» لإنجلترا.

في عام 1773م تمرّد سكان أمريكا للمرّة الأولى، ورفض سكان مدينة بوسطن دفع ضرائب الشاي، ومن أجل التعبير عن احتجاجهم رمى الأمريكيون صناديق الشاي الّتي وصلت على متن السفينة إلى مياه الميناء. ويطلق على هذا الحدث اسم «حفلة الشاي في بوسطن». وكانت بمثابة المرحلة الأولى في نضال المستوطنين في أمريكا من أجل الاستقلال. وقد أرسلت بريطانيا جيشها من أجل قمع التمرّد، فأشعل ذلك فتيل حرب استقلال الولايات المتحدة.

كما أن أحد أسباب الثورة الفرنسية الجوع. ويقال إن ماري أنطوانيت زوجة الملك لويس السادس عشر ووالدة الأمير الصغير لويس السابع عشر، والأميرة ماريا تريز، هي صاحبة المقولة المشهورة «إذا لم يجد الفقراء خبزاً، دعهم يأكلون الكيك» إلا أنه لا يوجد دليل على ذلك، والذي ذكر هذه العبارة جان جاك روسو في كتابه «الاعتراف» ولم يذكر اسم النبيلة التي قالتها، عموماً تبدو هذه حكاية واهية منتشرة بين العامة.

والقائلون ببطلان تلك العبارة المشهورة يحتجون بأن الملكة ماري أنطوانيت مثقفة ومن أسرة عريقة تعرف على الأقل ما يدور خارج القصر وتراه، ولا يمكن أن تعتمد على نقل الحاشية.

وتحدثت الصحافة الأجنبية والعربية بكل أقسامها المقروءة والمسموعة والمرئية مستقرّة على أن ما جرى في تونس يُعدُّ أول حراك أهلي لا دخل فيه للعسكر، ولا للطيران ولا للدروع، حراك كان صاعقهُ صفعة من مسؤولة لرجل شارع يبحث عن رزقه، دفعته الصفعة إلى إشعال النار في نفسه.

قال الأصمعي: حدّثني بعض الأعراب قال: أصابتنا سنة، وعندنا رجل غني وله كلب، فصار كلبهُ يعوي من الجوع وكأنهُ يشكو إليّ فقلتُ:

تشكّى إليّ الكلب شدة جوعـــهِ

وبي مثل ما بالكلب أو بيَ أكثرُ

فقلتُ لعلّ الله يأتي بغيثــــــــــهِ

فيضحـــى كلانا قاعـــداً يتأمّـــــرُ

كأني أمير المؤمنين من الغنى

وأنت من النـعمى كأنك جعفرُ

والتجارة والاقتصاد يدخلان في طُرفة محلية، وهي أن أحد المتمدنين جداً طلب من بائع تمر في عنيزة كمية من التمر، فسأله التاجر هاتفياً عن النوعية فقال المتمدن: أريد عليه «ليبل» و«لاب سيرتيفيكيت»، فقال له البائع يمكن أنت تبي «تشكليت!».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.