تقرير

رؤية 2030 تتضمن تحويلها لمركز “لوجيستي” عالمي
المملكة تعيد صياغة مستقبل قطاع النقل في الشرق الأوسط

وزير النقل: خُطط لخصخصة المطارات السعودية ضمن استراتيجية متكاملة لتطوير كفاءة القطاع الجوي

الخطوط السعودية تبرم صفقات تاريخية وتنقل 100 مليون راكب في 2018

الطيران المدني السعودي ساهم بـ 126 مليار ريال من الناتج الوطني الإجمالي و527 ألف وظيفة

30 مليون راكب للنقل الجماعي و130 مليون رحلة عبر التطبيقات الذكية

ليس إنجازاً عاديّاً ذلك الذي حققته المملكة العربية السعودية بصعودها إلى المرتبة الثانية «عالميا» بعد الولايات المتحدة الأمريكية، في مؤشر ربط الطرق، إذا ما حاولنا استقراء هذا الإنجاز، باعتباره نجاحاً كبيراً، ووضعناه في إطاره الصحيح، وفي إطاره الأوسع والأشمل، لأن النظر إليه بمعزل عن إطاريه التاريخي والجغرافي يجعلنا نقع فريسةً للتسرع والسطحية.

وإذا تناولنا الإطار التاريخي، فعلينا أن ننظر إلى هذا الإنجاز في إطار  عمر شبكة الطرق في المملكة، مقارنة بدول أخرى سبقتها في تأسيس شبكات الطرق بعقود كثيرة، فقد كان أول طريق معبد تعرفه المملكة في عهد المؤسس الراحل جلالة الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – في عام 1344هـ، وكان يربط مكة المكرمة بالطائف، وبمقارنة بسيطة نجد أن السعودية احتلت الترتيب الثاني بعد الولايات المتحدة التي بدأت رصف الطرق قبلها بنحو 100 عام، فمن سبق من؟ ومن تفوق على من؟ الإجابة بالطبع ستكون لصالح المملكة التي بدأت متأخراً، وتفوقت على من سبقتها بنحو قرن من الزمن، كما تفوقت على دول منطقة الشرق الأوسط التي سبقتها في رصف الطرق بعشرات السنين.

أما الإطار الجغرافي فيُحتم علينا أن نقارن المركز الثاني بالموقع الجغرافي للسعودية التي تقع في قارة آسيا، لنجدها في التريب الأول على القارة وعلى قارات إفريقيا وأوروبا وأستراليا وأمريكا الجنوبية متقدمة على دول كل هذه القارات وعلى دول منطقتها في الشرق الأوسط، كل ذلك ما كان له أن يتحقق لولا الدعم السخي الذي يحظى به قطاع النقل من القيادة الرشيدة، والذي ساهم في تنفيذ عدد كبير من المشاريع في جميع مناطق المملكة.

وكان تقرير التنافسية العالمي (GCR) للعام 2018م، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) قد أكد أن المملكة احتلت المرتبة الثانية عالميا في مؤشر ربط الطرق، بعد الولايات المتحدة الأمريكية التي جاءت في المركز الأول.

وأظهر التقرير أن المملكة تقدمت في ترتيب مؤشر جودة الطرق بواقع 4 مراتب، لتصل إلى المركز 30، مقارنة بالمركز 34 في عام  2017م.

شبكة الطرق في المملكة يزيد طولها على 68 ألف كيلومتر ويضعها ذلك في الترتيب 22 عالمياً في قائمة أكبر الدول من حيث طول شبكات الطرق بها، وهو الترتيب الذي لن تلبث المملكة كثيرا قبل الفكاك منه لتصعد إلى مراكزَ أكثر تقدماً بمجرد اكتمال الخطة الجديدة التي أعلنتها وزارة النقل والتي تتضمن استكمال تنفيذ 460 مشروعا لتطوير قطاع النقل في مختلف مناطق المملكة.خلال حفل “شراكة والتزام” الذي نظمته الوزارة لتوقيع عقود 88 مشروعاً للطرق بتكلفةٍ إجمالية قدرها 5.13 مليار ريال: إن هذه الحزمة الكبيرة من المشروعات تغطي جميع مناطق المملكة.

النقل البحري والموانئ

المهندس صالح الجاسر

يبدو أن عام 2018 كان عام الإنجازات لقطاع النقل السعودي، فالنجاح الذي تحقق في بناء الطرق وجودتها امتد ليشمل قطاع النقل البحري والموانيء حيث تمكنت السعودية من رفع الحمولة الطنية لأسطولها البحري لتصل إلى 7.6 مليون طن من البضائع والسلع بنهاية 2018، بزيادة بنسبتها %50 عن عام 2017 ليقفز معها ترتيب الأسطول السعودي إلى المرتبة 23 عالميا بين الـ 174 دولة الأعضاء في المنظمة البحرية الدولية، بعد أن كان ترتيب المملكة 32 على مستوى العالم خلال 2017.

رئيس هيئة النقل العام الدكتور رميح الرميح يقول: إن هذا النجاح يأتي بفضل دعم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين. فالقطاع الخاص الذي تشجعه السعودية بقوة كان أحد الركائز التي اعتمدت عليها وزارة النقل في تحقيق هذا النجاح متمثلا في الشركات البحرية والملاحية الوطنية.

رؤية المملكة 2030 تتضمن تحويل المملكة إلى مركز لوجيستي عالمي بعد أن احتلت السعودية المركز 55 عالميا في مؤشر البنك الدولي للخدمات اللوجستية لعام 2018، ووفقا لبيانات نشرها البنك الدولي على موقعه، أسهمت في تحقيق هذا المركز 6 مؤشرات فرعية، تراوح ترتيب المملكة فيها بين المرتبة 43 لمؤشر نوعية البنى التحتية للتجارة والنقل والمرتبة 67 لمؤشر تسليم الشحنات في الوقت المتوقع.

في نهاية عام 2018 بلغ عدد السفن التي تحمل العلم السعودي 363 سفينة بزيادة قدرها 79 سفينة عن عام 2017. هذه الأرقام ما كانت لتتحقق لولا ارتكازها على منظومة موانيء عالمية تديرها الهيئة العامة للموانئ “موانئ”، والتي تبذل جهوداً جبارة لتعزيز خدمات الموانئ السعودية، ورفع مستوى الأداء والإنتاجية وقدراتها التشغيلية واللوجستية، تحقيقاً لرؤية المملكة 2030. هذه الجهود لا يمكن تصورها إلا إذا تُرجمت في صورة أرقام فقد ارتفع عدد الحاويات النمطية التي ناولتها الموانئ السعودية عبر نظام المسافنة خلال عام 2018م بنسبة %8 لتتجاوز مليونين و86 ألف حاوية، في مقابل 1.93 مليون حاوية في عام 2017م.

يذكر أن عمليات المسافنة تُعتبر محطة العبور التي يتم من خلالها نقل وشحن وتفريغ الحاويات أو البضائع من سفينة إلى سفينة أخرى، حيث تكون وجهتها الأخيرة إلى ميناء خارج المملكة، وتُعد من الخدمات ذات القيمة المضافة التي تسعى الموانئ المحورية في العالم إلى زيادتها من خلال جذب خطوط الملاحة العالمية المنتظمة إليها.

ووفقا للهيئة العامة للاستثمار تعتزم المملكة استثمار 112.5 مليار ريال في تطوير الموانئ لتمكنها من التنافس العالمي، كما تم تخصيص 159 مليار ريال لتطوير أول ميناء خاص في السعودية وهو ميناء الملك عبد الله الذي من المتوقع أن يتعامل مع 20 مليون حاوية نمطية بحلول عام 2020، بينما تستثمر الحكومة 337.5 مليار ريال في عمليات تطوير موسعة للبنى التحتية للطرق والسكك الحديدية.

مترو الرياض يسابق الزمن لنقل 1.6 مليون راكب يوميا

احتدام المنافسة بين الشركات العالمية والمحلية للفوز بمشروعات النقل العملاقة

النقل الجوي والمطارات

د. رميح الرميح

تمكنت السعودية من احتلال المركز الـ 33 في قائمة الدول التي تمتلك أكبر عدد من المطارات في العالم برصيد 217 مطاراً، وكشفت الهيئة العامة للطيران المدني عن أعلى عدد للمسافرين والرحلات في مطارات المملكة في عام 2018 مقارنة بالأعوام السابقة، وذلك لأول مرة في تاريخ الطيران بالمملكة، حيث ارتفع عدد المسافرين الذين عبروا المطارات السعودية إلى نحو 100 مليون مسافر نقلتهم 771 ألف رحلة من مطارات المملكة الدولية والداخلية بزيادة نسبتها %8 عن عام 2017م الذي حقق 92.42 مليون مسافر.

هذه المعدلات والأرقام القياسية ما كانت لتتحقق لولا خطة التطوير الشاملة التي تعمل على إنجازها الهيئة العامة للطيران المدني من خلال التخطيط وإعداد الدراسات والتصميمات وتنفيذ المشاريع، لمواكبة الطلب المتزايد على الحركة الجوية، وتحديث البنية التحتية للمطارات والمرافق التابعة لها، للحفاظ على النمو الاستراتيجي لقطاع الطيران.

الأرقام لا تكذب

إحصائيات اتحاد النقل الجوي الدولي (آياتا) عام 2014 أظهرت أن قطاع الطيران المدني السعودي ساهم بنحو 126 مليار ريال أي ما نسبته %4.6 من الناتج الوطني الإجمالي ووفّر527 ألف وظيفة لسوق العمل.

وزارة النقل السعودية تسعى إلى خصخصة قطاع النقل الجوي، وهو ما أعلنته في مؤتمر الطيران المدني الدولي الذي عقد مؤخرا في المملكة مبينة أنها ستعلن في المستقبل القريب خطَطَها لخصخصة المطارات في السعودية»، منوهة بأنها جزء من منظومة متكاملة في استراتيجية القطاع الجوي لضمان أن يتمتع قطاع النقل الجوي بكفاءة عالية.

وفي قطاع الشحن الجوي تعاملت المطارات السعودية مع 1.5 مليون طن من البضائع بنسبة نمو سنوي بلغت  %7، وتهدف وزارة النقل إلى زيادة إجمالي حجم الشحن الجوي في المملكة ليصل إلى ستة ملايين طن سنوياً بحلول عام 2030، إضافة إلى تشغيل شركات طيران جديدة في السوق، ما يعني خيارات أكبر، سواء في الأسعار والوجهات، لتحقيق الهدف الأسمى وهو تحويل المملكة إلى مركزٍ للملاحة الجوية في الشرق الأوسط.

الخطوط السعودية .. قصة نجاح

تبنت الخطوط السعودية خطة طموحة لتحقيق رؤية المملكة 2030، كان آخر ملامحها توقيع اتفاقية على هامش معرض باريس للطيران في يونيو الماضي، بقيمة 10 مليارات دولار لزيادة حجم أسطول الخطوط السعودية من بعض طرازات طائرات إيرباص من 35 طائرة إلى 100.

د. عبدالرحمن بن راشد العبد اللطيف

مدير عام المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية، أوضح أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار برنامج تطويرٍ هو الأكبر في تاريخ المؤسسة، مشيرا إلى أن الخطوط السعودية استلمت خلال السنوات الثلاثة الماضية، أكثر من 80 طائرة من شركتي إيرباص وبوينغ، مع خروج نحو 40 طائرة من الخدمة في الفترة نفسها، ما يقلص معدل عمر الأسطول إلى 5 سنوات.

ومع استلام عشرات الطائرات الحديثة خلال السنوات الثلاثة الماضية، حققت الشركة نموًا متسارعًا في أدائها التشغيلي حيث نقلت خلال العام الماضي أكثر من 34 مليون راكب، وحققت توسعًا في تشغيلها الدولي لأول مرة في تاريخها حيث زاد عدد ركاب الرحلات الدولية على عدد ركاب الرحلات الداخلية، وأضافت الشركة 18 وجهة دولية جديدة منها ميونخ، وفيينا، وأثينا، وبغداد، وأربيل، وأنقرة، والجزائر، والمالديف، وموروشيوس، ومراكش، وعدة وجهات في شبه القارة الهندية وآسيا، ليرتفع عدد محطاتها حاليا إلى نحو 100 وجهة.

المواصلات ونقل الركاب

تحتل السعودية الترتيب الخامس عربيا والـ 51 عالميا من حيث تعداد وسائل النقل المتاحة لكل 1000 شخص، وأصبحت السوق السعودية واحدة من أكثر أسواق العالم التي تشهد تدفقاً ملحوظاً للاستثمارات التقنية والتكنولوجية في مجال خدمات نقل الركاب بواسطة تطبيقات الهواتف الذكية، على غرار شركات «أوبر» و«كريم»، وشركة «ديدي» المتخصصة في هذا المجال.

وكانت المملكة قد سمحت في عام 2016 للمواطنين الذين يعملون في نشاط نقل الركاب، بالعمل بمركباتهم الخاصة عبر تطبيقات أجهزة الهواتف الذكية.

ويعتبر قطار الحرمين من المشروعات العملاقة التي أحدثت نقلة نوعية في القطاع، حيث تتجاوز سرعته 300 كيلومتر في الساعة، ويبلغ طوله الإجمالي 450 كيلومتراً، ويعتبر الأسرع في منطقة الشرق الأوسط، ويربط مكة المكرمة بالمدينة المنورة مرورا بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ومطار الملك عبدالعزيز الدولي، ومدينة جدة، وهو قادر على استيعاب 60 مليون مسافر سنويًا.

هيئة النقل العام تشرف على أكثر من 4500 كيلومتر، من السكك الحديدية بما فيها 13 محطة لنقل الركاب، و15 محطةً لشحن البضائع.

وكشفت الهيئة في تقريرها السنوي لعام 2018، أن عدد الركاب الذين تم نقلهم بالحافلات بين المدن بلغ نحو 30 مليون راكب، وبلغ عدد الرحلات التي تم تنفيذها من خلال خدمة توجيه المركبات خلال العام الماضي نحو 130 مليون رحلة، حيث تم تسجيل 485 ألف قائد مركبة سعودي في نشاط توجيه المركبات بالتطبيقات.

أحمد الجبير

وتسابق السعودية الزمن لتشغيل قطار الرياض الكهربائي المعروف باسم  مترو الرياض خلال العام الجاري، ويضم ستة خطوط مترو رئيسية، تخترق العاصمة السعودية من جميع الاتجاهات، بسرعة تقدر بـ 80 كيلومترا في الساعة، وبطاقة استيعابيةٍ تصل إلى 1.16 مليون راكب يومياً عند الافتتاح ترتفع إلى 3.6 مليون راكب بعد 10 سنوات، ويضم 85 محطة، بتكلفة إجمالية قدرها 22.5 مليار دولار.

رؤية وبصيرة

أصبح من غير المقبول أن يتراجع أو يتباطأ مسؤول سعودي، أو هيئة أو مؤسسة حكومية قيد أنملة عن رؤية المملكة 2030، التي أطلقها ولي العهد صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان بدعم من خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله ورعاه – فالقيادة الحكيمة اتخذت قرارها بتحويل السعودية إلى مركز لوجيستي عالمي، والتنفيذ يجري على قدم وساق في سباق مع الزمن، والمتراخي لا مكان له في هذه المنظومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.