نافذة

نظام التخصيص ومشاركة القطاع الخاص

منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 والحديث لا ينقطع عن خصخة بعض القطاعات الخدمية الحكومية، خاصة وأن من أهم أهداف الرؤية تعزيز الاستثمار في الاقتصاد الوطني، ورفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من %40 إلى %65 من خلال طرح الفرص الإستثمارية الواعدة، والتحول الاقتصادي المحفز لدور القطاع الخاص والجاذب للإستثمارات المحلية والدولية.

جهود مكثفة بذلتها الحكومة للمضي قدما في خصخصة ما يقرب من 16 قطاعا حكوميا، توجت مؤخرا بإصدار نظام التخصيص، الإطار المنظم لملف الخصخصة المتشعب.

تخلي الحكومة عن إدارة بعض القطاعات المهمة كالصحة والتعليم على سبيل المثال لا الحصر، ليس بالأمر الهين ما يستوجب إجراء الدراسات الشاملة، وضبط عمليات التحول للقطاع الخاص، ومراجعة التحديات المتوقع بروزها بعد التطبيق، وهو ما أجتهدت الحكومة لتحقيقه، لذا أحسب أن إعتماد نظام التخصيص شكل القاعدة المهمة التي يمكن من خلالها إدارة مشروع الخصخصة، فهو منظم لجميع الأنشطة والإجراءات المتعلقة بتنفيذ مشروعات التخصيص والإشراف عليها، ومتابعتها، ومراقبتها، بالإضافة إلى رفع مستوى شفافية وعدالة ونزاهة الإجراءات المرتبطة بعقود التخصيص.

إعتماد نظام التخصيص، سيعزز البيئة التشريعية ذات العلاقة بالإقتصاد الوطني، وبما يعزز البيئة الإستثمارية الحاضنة لمشروعات التخصيص عموما، وسيسهم في تحفيز التدفقات الإستثمارية المحلية والأجنبية الموجه للإستثمار في القطاعات الحكومية المزمع خصخصتها، لذا أجزم أن النظام الجديد سيسهم بشكل مباشر في تعزيزمشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني وإتاحة الفرص الاستثمارية أمامه، كما أنه سيسهم في رفع مستوى الشمول الخدمي، وجودة الخدمات، والكفاءة الإدارية، إضافة إلى دعم جهود التطوير والإبتكار من خلال القطاع الخاص الأكثر قدرة على تحقيقه.

هناك ايجابيات كثيرة ستحققها الخصخصة، بإذن الله، الا انها لا تخلو ايضا من بعض التحديات. فمن ايجابياتها رفع كفاءة وجودة الخدمات وشموليتها وضمان تحقيق التوازن الامثل بين الطلب على الخدمات بانواعها وشموليتها، إضافة الى رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وتوزيع المسؤوليات والمخاطر بين الحكومة والقطاع الخاص، وخفض اعباء الميزانية وتوفير ايرادات لخزينة الدولة، وتحفيز الابتكار والابداع.

غير أن هناك تحديات من المتوقع أن تواجه عمليات التخصيص مستقبلا، ما يستوجب التعامل معها بحذر، للحد من إنعكاساتها السلبية على الخدمات والتكاليف التي سيتحملها المواطنون مستقبلا. فإدارة القطاع الخاص تعتمد الربحية أساسا لعملياتها التشغيلية، ما قد يؤثر على التسعير وجودة الخدمات، إضافة إلى شموليتها التي قد تخضع أيضا لدراسات الجدوى التي يمكن أن تتسبب في خلق فجوات خدمية مؤثرة.

التدرج في الخصخصة، وإحتفاظ الحكومة بحصة مؤثرة في القطاعات الأكثر أهمية للمواطنين تتيح لها فرصة المشاركة في القرار، وخلق المرجعية الرقابية الصارمة، ووضع مؤشرات قياس الخدمات، والشراكة الحكومية من خلال المنظم لتسعير الخدمات وفق آلية عادلة تحقق الربحية وتحمي المستهلكين من تضخم الأسعار من أدوات نجاح مشروع الخصصة والحد من إنعكاساته السلبية على المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.