طاقة

ممارساتها الممزوجة بالخبرات أحدثت ديناميكية في التفاعل مع المتغيرات.. المملكة تقود أسواق النفط إلى بر الأمان

بهبهاني: النفط الصخري غير مؤثر حتى الآن والبنوك مُترددة في دعم زيادة الإنتاج بسبب تقلبات الأسعار

المقبل: هناك تقبل من دول الأوبك بتصحيح أي طارئ زمني بشكل أفضل عن السابق

أبانمي: اللجان الفنية هي من تحدد مسار السوق وأوبك لن تخضع للضغوط الأمريكية

العنزي: هدف أوبك ألا يصل النفط لمستوى الـ 100 دولار لأنه سيعيق مؤشرات النمو العالمي

أدركت المملكة مبكرٍا أن تفشي فيروس كورونا سيؤدي إلى فوضى اقتصادية فعملت على منع حدوث انهيار في أسعار النفط

أوبك لا تستطيع تحديد السعر ولكنها تضع الُمحفزات وتُدير الأسواق حتى تمنع الانهيار

يظل السوق يعاني من نقص ما بين 3 إلى 5 ملايين برميل يوميًا بين العرض والطلب حتى 2022م

يهدف اتفاق أوبك إلى التوازن السعري دون الارتفاع أو الانخفاض حتى لا يتضرر طرفا العلاقة من المنتجين والمستهلكين

خبراء يطالبون قطاع صناعة الطاقة بأكمله بشكر المملكة على دورها الكبير في إدارة إنتاجها خلال الجائحة

(دعوا سوق النفط للسعوديين واستريحوا)، جملة ردّد مضمونها العديد من خبراء النفط المحليين والعالميين، وذلك بعد أن نجحت جهود قادتها في إدارة سوق النفط بجدارة واقتدار وفي إعادة منظمتي أوبك وأوبك بلس إلى العمل وفقًا لأدوارهم الطبيعية، وسط واحدة من أصعب الأزمات التي عصفت بالعالم، وتسببت في هبوط أسعار النفط لدرجات غير مسبوقة.

ورغم استمرارية أزمة جائحة كورونا، إلا أن أسواق النفط أخذت في التعافي التدريجي وبدأت تستعيد – أمام ممارسات المملكة الممزوجة بالخبرات النفطية والدبلوماسية – بعضًا من توازنها بعد نحو عامين من التذبذب أمام ما خلَّفه التراجع الاقتصادي وانخفاض الطلب العالمي على النفط، الذي تُشير العديد من التقارير إلى ارتفاعه بحلول عام 2022م ليصل إلى مستويات مشابهة للطلب في مدة ما قبل تفشي وباء كورونا.

وفقًا لتقرير أوبك عن شهر يوليو 2021م، من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي بنحو 3.3 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2022م ليصل إلى 99.86 مليون برميل يوميًا، مع توقعات بأن يتجاوز مستويات ما قبل كورونا بحلول الربع الثالث من العام المقبل عند 101.17 مليون برميل يوميًا، قبل أن يُسجّل أعلى مستوى له على الإطلاق بحلول الربع الرابع من العام ذاته عند 102.62 مليون برميل يوميًا.

العودة التدريجية

وكان الطلب العالمي على النفط بلغ 100.79 مليون برميل يوميًا في المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2019م قبل أن يبدأ في التراجع مدفوعًا بتراجع الاقتصاد العالمي، وخاصة في شرق القارة الأسيوية.

وكان التقرير المسحي، قد أكد أن أسعار النفط وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ عامين خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو 2021م نتيجة توقعات الطلب الإيجابية وقرار منظمة أوبك بالعودة التدريجية لزيادة المعروض، وكذلك كشف تقرير الجزيرة كابيتال عن توقعات إيجابية للطلب على النفط الخام والوقود، مشيرًا إلى أن انخفاض المخزون المُلاحظ يدعم أسعار النفط، وذلك على الرغم من التراجع الذي طرأ على الأسعار عقب اتفاق أوبك وحلفائها على زيادة الإنتاج مؤخرًا.

الحركة المتذبذبة

ويبدو مما سبق، أن الحركة المتذبذبة الحالية تعدُّ أمرًا طبيعيًا وأن التوقعات لأسواق النفط على المدى القصير تجنح نحو الإيجابية، وذلك نظرًا لاتفاق أوبك الأخير، وتسارع نمو الاقتصاد العالمي، فقد عكس قرار أوبك بزيادة المعروض دور المنظمة الكبير في التحكم في الأسعار ووضعها في دائرة تُناسب المنتجين والمستوردين معًا وبالتالي منع توقف عجلة الاقتصاد، الذي بدأ بالكاد الخروج من دائرة الركود.

الجانب الجيوسياسي

وهو ذاته ما ذهب إليه الدكتور عبدالسميع بهبهاني، الخبير النفطي، بتأكيده أن التذبذب الحالي في السوق يُعد طبيعيًا، قائلًا: إنه مُتفق تمامًا مع ما أورده تقرير الأوبك لشهر يوليو الماضي أكثر من تقرير وكالة الطاقة الدولية؛ الذي غلب عليه الجانب الجيوسياسي وليس الاقتصادي، إذ كان منسجمًا مع توجهات الولايات المتحدة في خفض الأسعار بما يتناسب ومصالحها الداخلية، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية وضعت على رأس ميزانيتها الأخيرة ة تقوية بناها التحتية، ما يزيد – بلا شك – من احتياجها للطاقة، وبالتالي فإن من مصلحتها خفض الأسعار.

مؤشرات تماسكه

وأضاف بهبهاني، قائلًا: إن السوق النفطي رغم أنه لازال يعاني من نقصٍ يتراوح ما بين 3 إلى 5 ملايين برميل يوميًا بين العرض والطلب، فإن مؤشرات تماسكه تتزايد مع ارتفاع الطلب العالمي، لافتًا إلى أن هناك عاملين لهما تأثير كبير على السوق النفط، يتجسد الأول: في متحور كوفيد–19، الذي مازال يضرب في العالم، أما الثاني: هو تأثير اتصالات الولايات المتحدة مع أوبك وطلبها زيادة الإنتاج لخفض الأسعار، خاصة وأن أوبك لا تود الصدام مع الولايات المتحدة.

مقاومة للأسعار

وأشار إلى أنه سيكون هناك مقاومة للأسعار لتكون ما بين 75 دولارًا و80 دولارًا للبرميل، والأقرب أن يكون بمستوى 75 دولارًا حتى نهاية العام 2021م، أما في 2022م فعلى الرغم من عودة سقف الإنتاج لوضعه الطبيعي، ولكن الأسعار ستكون متماسكة نتيجة التعافي الاقتصادي خاصة في الولايات المتحدة والصين، فمازال السوق متعطشًا للنفط، وهذا التعافي يساعد أكثر على تماسك الأسعار.

الخوف الأكبر

وقال بهبهاني، إن انتعاش الاقتصاد العالمي زاد من الطلب على النفط، ولا خوف على هذا الانتعاش من الأسعار المرتفعة، ولكن الخوف الأكبر يأتي من التنافس الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين ومشروع البنى التحتية الأمريكي الذي سيعيد الاستيراد فيها لمستوى 8 ملايين برميل يوميًا لاسيما وأن النفط الصخري غير مؤثر بالقدر الكافي، والبنوك لاتزال مُترددة في دعم زيادة الإنتاج لـ13 مليون مرة أخرى بسبب تقلبات الأسعار، وأن هذه التقلبات تضر بالنفط الصخري بسبب طبيعة عقوده، وأيضًا هناك عقبات كبيرة في ليبيا وإيران وفنزويلا وهذا سيبقي الأمور على حالها حتى الربع الثالث من عام 2022م.

تخفيف القيود

وكانت أوبك قد ضخت في شهر يوليو الماضي نحو 26.72 مليون برميل يوميًا في الأسواق العالمية بزيادة قدرها 610 آلاف برميل، وهو أعلى إنتاج لدول أوبك النفطي منذ أبريل 2020م ويتوقع أن يزيد الإنتاج خلال الأشهر الثلاثة المقبلة مع استمرار المنظمة في تخفيف قيود الإنتاج بموجب اتفاق مع حلفائها.

نمو قوي

ومع ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في عامين ونصف، قررت أوبك بلس إجراء مزيد من الزيادات في الأشهر الأربعة المتبقية من العام الجاري، خاصة وأن كل التوقعات تُشير إلى نمو قوي في الطلب العالمي خلال النصف الثاني من العام الجاري، نظرًا لما يسود من اعتقادٍ بأن أسواق النفط تعلمت التعايش مع الفيروس.

خفض طوعي

ويتضمن اتفاق أوبك بلس زيادة إنتاج أوبك 360 ألف برميل يوميًا، بينما تعهدت المملكة بضخ 400 ألف برميل يوميًا إضافية كخطوة أخيرة للتراجع عن خفض طوعي بمليون برميل يوميًا تعهدت به في فبراير ومارس وأبريل، وتسعى المملكة، الدولة الأكبر في أوبك، والمتحكمة في الأسعار إلى إنهاء مستويات الخفض في إنتاج النفط الحالي بنهاية شهر سبتمبر من عام 2022م حسب تأكيدات الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير النفط (إن سمحت ظروف السوق النفطية).

خسائر سريعة

وقد سجلت أسعار النفط عقب الاتفاق، خسائر سريعة بسبب التوقعات بزيادة الإنتاج، ولكنها سرعان ما استعادت توازنها وظلت على تأرجحها المعتاد بحدود %5 صعودًا وهبوطًا.

ولاتزال الأسعار غير مستقرة، نتيجة لعدم وضوح الرؤية حول الاقتصاد الصيني، والأمريكي، أكبر مستهلكي النفط في العالم، في حين أثار ارتفاع إنتاج الخام من منتجي أوبك مخاوف من ضعف في الطلب ووفرة في المعروض، وتراوحت الأسعار بين 70 و75 دولار، كمتوسط قصير، أمام ما أظهره مسح للنشاط الصناعي في الصين تراجعًا بشكل حاد في الشهرين الماضيين مع انكماش الطلب للمرة الأولى في أكثر من عام، كما أظهر معهد إدارة المعروض، أن نشاط قطاع الصناعات التحويلية الأميركي تباطأ خلال الشهرين الماضيين.

دعم الاستقرار

ولا يمكن تجاهل أن قرار زيادة المعروض من مجموعة أوبك بلس في توقيت مهم ودقيق؛ إذ اطمأن السوق إلى قدرة المجموعة على تجاوز أي عقبات، والعمل حثيثًا على دعم الاستقرار في السوق وتواصل توازن العرض والطلب في ظل سوق تعاني عدم اليقين وتقلبات متلاحقة.

تخفيف الحصص

وساعد ما توصلت إليه أوبك بلس إلى اتفاق لتخفيف حصص الإنتاج كثيرًا على تعزيز المعروض خاصة في أشهر الصيف التي تشهد نموًا قويًا في الطلب على النفط الخام والوقود بسبب زيادة حركة التنقل والسفر والطيران.

وسوف ينتهي التخفيض الذي يتجاوز 5.5 مليون برميل في مايو 2022م وسيكون هناك تعديلات في حصص الإنتاج، مع توقعات التعافي من تداعيات الجائحة بحلول نهاية العام الحالي واستمرار تحسن الطلب.

التحكم في الأسعار

وأبدى من جانبه، محلل شؤون الطاقة وعضو الجمعية الدولية لاقتصادات الطاقة، عقيل العنزي، ارتياحه من القرارات الأخيرة، مؤكدًا أن الهدف من أتفاق أوبك هو التحكم في الأسعار بحيث لا تكون مرتفعة بشكل يُعيق تعافي النمو الاقتصادي العالمي من أزمة كورونا، ولا تكون منخفضة بشكل يضر اقتصاديات الدول المنتجة، بقوله: دول أوبك أو حتى أوبك+ التي تضم 23 دولة لا تستطيع تحديد السعر ولكن تحاول أن تضع محفزات تحقق الأهداف التي تسعى لها وتحقق التوازن في السوق.

100دولار للبرميل

وقال العنزي، حول توقعات الوصول لسعر 100 دولار للبرميل منتصف العام المقبل، إن هدف أوبك ألا يصل النفط لهذا المستوى لأن هذا سيعيق النمو العالمي، فهو يتعافى بشكل بطيء لأن الجائحة مازالت تؤثر على اقتصاديات الدول المستهلكة، والدول المنتجة تحاول أن تعطي الدول المستهلكة مُحفزات، ربما مع الشح الموجود في السوق والنمو السريع قد يصل لمستوى 100 دولار للبرميل ولكن هذا سيضر المستهلكين ولن يفيد الدول المنتجة كثيرًا.

التخزين الاستراتيجي

وأشار إلى أن الهدف من تمديد اتفاق أوبك الأخير حتى 2022م، هو السيطرة على الانتاج بشكل يكون هناك توازن بين الانتاج والاستهلاك، فلا يكون هناك شح ولا وفرة في العرض، مستبعدًا في الوقت نفسه أن تعود الدول الكبرى للتخزين الاستراتيجي، لأنه لاتزال الدول لم تتعافَ بالشكل الكامل، وكثير من الدول تُحاول دعم شركاتها للعودة للإنتاج الكامل، والمخزونات الاستراتيجية موجودة، ولا حاجة للمزيد من التخزين، وإنه ربما يحدث ولكن يرتبط بالانتعاش الاقتصادي العالمي وبارتفاع معدلات الاستهلاك، هنا يتحمل السوق وجود مخزون كبير لديها.

المزيد من المُحفزات

وأكد العنزي، على أنه لا يوجد مُنتج يتحكم في السوق، موضحًا أن ما يحدث من اتفاق راقٍ بين الدول لإيجاد التوازن، بضخ المزيد من المُحفزات وقراءة الأسواق، ويضعون معايير تُساهم في انتعاش الأسواق، الأمر خاضع للعرض والطلب.

مرحلة جديدة

ويبدو أن أوبك أمام مرحلة جديدة، تكون فيه أكثر حيوية، وسرعة في اتخاذ القرارات التي تُسهم في استقرار الأسواق، وتجنب ما حدث في عام 2014م وتعمل عن كثب على موازنة جميع العوامل المؤثرة للإبقاء على التوازن بين العرض والطلب وإبقاء الأسعار في متوسط مناسب للمنتجين والمستهلكين على حد السواء.

توافق المنتجين

وهو ما يذهب إليه غالبية خبراء النفط، الذين يؤكدون على أن تعافي الاقتصاد والتحسن المستمر في مؤشرات الطلب هما اللذان دفعا المنتجين إلى التوافق واستمرار العمل البناء والمشترك لتعزيز ازدهار الصناعة بشكل شامل، خاصة بعدما حذّرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير من أن سوق النفط ستضيق بشكل كبير ومن المحتمل أن يلحق الضرر بالانتعاش الاقتصادي إذا استمرت قيود الإنتاج المشددة.

مناسب للمستهلك

من جهته قال، رئيس المعهد الدولي للطاقة والبيئة والتوقعات الاستراتيجية، الدكتور راشد أبانمي، إن هناك لجانًا فنية تدرس السوق والنمو الاقتصادي ونمو الاستهلاك والمعروض والمخزونات، بحيث يكون السعر مناسبًا للمستهلك والمنتج أيضًا في حدود الثمانين دولارًا، موضحًا أن الهدف ألا يؤثر على التعافي الاقتصادي بعد جائحة كوفيد – 19 ولا يضر أيضًا بالمنتجين الذي ضحوا بالكثير من إنتاجهم ودخلهم لتحقيق التوازن العالمي.

أكثر المتضررين

ورأى أن أوبك لن تخضع لضغوط الولايات المتحدة الأمريكية بخفض الأسعار، لأن في نهاية المطاف الولايات المتحدة ذاتها منتجة للنفط، وشركاتها أثناء الجائحة كانت من أكثر المتضررين بانخفاض الأسعار وصارت تبيع النفط بالسالب للتخلص منه، والرئيس السابق هو من تدخل وطلب رفع الأسعار.

حملة تصحيح

ويبدو مما سبق، أن عودة التوازن للسوق النفطي كان بقيادة سعودية؛ إذ قادت أرامكو السعودية حملة تصحيح الأسعار بعد أن رفعت من أسعار نفطها محددة بذلك المسار العام للتسعير في الشرق الأوسط، وسرعان ما حذت الكثير من الشركات الكبيرة العاملة في الإنتاج حذوها، كشركة سومو العراقية التي رفعت أسعار نفطها المتجه إلى آسيا بمقدار 80 سنتا للبرميل، وكذلك فعلت دول الخليج.

دفة الأسعار

وبحسب موقع Oil Price المختص في النفط، فإن المملكة هي من تقود دفة الأسعار، ففي تقريره عن شهر أغسطس الماضي، أشار إلى الدور الكبير الذي لعبته المملكة للمحافظة على الانضباط الداخلي في أوبك+، وذلك رغم كل الاضطرابات التي شهدتها الأسواق في الشهرين الماضيين، فإن كل شيء عاد إلى مكانه الصحيح.

تصاعد التعافي

فيما أكد، الخبير في أسواق الطاقة، عبدالعزيز المقبل، أن الأشهر الأربعة المقبلة ستعتمد من ناحية العرض، على كيف ستكون قرارات أوبك القادمة، قائلًا: إن المُطمئن للأسوق أكثر هو قيادة السعودية لأوبك بالشراكة مع روسيا، والتحسب لأي تغيرات قد تحدث في السوق، فالأشهر الماضية أظهرت كيف أن القيادة التي أبدتها أوبك بلس أدت لثبات الأسعار حتى مع متحور دلتا، والظروف الأخرى المصاحبة والمرتبطة بالاقتصاد العالمي، وما يدور في الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية، ورغم أن هناك تخوفًا من متحور دلتا، فإن هناك مؤشرات على تصاعد التعافي الاقتصادي في معظم دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية والهند والصين.

التوازن السعري

وتوقع المقبل، ألا يشهد الربع الرابع من العام الجاري تحسنًا في الطلب أكثر من الذي كان عليه الربع الأول أو الثاني منه، ولكن كيف ستكون تأثير ذلك على التوازن السعري والعرض والطلب، فالسوق هو من سيجيب عن ذلك، مستبعدًا أن يكون هناك استعجال من قبل أوبك في زيادة الإنتاج وسط تحسن الأسعار.

الجدولة الجديدة

وأضاف، سواء استبق القرار اشارات السوق أو لم يفعل، فالجدولة الجديدة التي تبنتها المملكة في قيادتها لمجموعة أوبك+ منذ مايو 2020م اعتمدت على الاجتماع الشهري، ومراجعة كيف يتم التعامل مع أحداث السوق، فهناك اختلاف كبير في ديناميكية الحركة والتفاعل مع أحداث السوق عن السابق، الفرصة لتصحيح المسار أصبحت متقاربة زمنيا، ومتى ما رأت المجموعة ضرورة التصحيح سيكون ذلك بشكل أسرع، وهناك تقبل لتصحيح أي طارئ زمني بشكل أفضل مما كانت عليه سابقًا والتي كانت الاجتماعات تتم في كل أربع أو ستة أشهر.

تطور دور أوبك

ويتفق أبانمي مع المقبل في تطور دور أوبك الملفت، ويتوقع أن يكون لأوبك دور أكبر في الأشهر المقبلة، وذلك بعد أن استعادت دورها بقيادة المملكة من خلال الاتفاق على خفض الإنتاج لامتصاص سيولة النفط في الأسواق خاصة وأن أزمة كورونا حدت من الاستهلاك العالمي، فكان العرض أكبر من الطلب، إذ صار هناك نزاع بين داخل أوبك وخارجها، في الوقت الذي كان فيه السوق لا يحتمل حتى الإنتاج الفعلي، فكانت النتيجة تدهور الأسعار لأدنى حد، وهو ما أضطر دول أوبك وخارج أوبك لأن يتخذوا قرارات حاسمة بخفض الإنتاج بنحو تسع ملايين برميل يوميًا، وقد بدأوا الآن بعد دراسة السوق من قبل اللجان في زيادة الإنتاج لتتناسب مع الاستهلاك.

التحديات ستبقى

ورغم ذلك، فإن التحديات لازالت مستمرة وهو ما أكده تقرير لوكالة بلومبيرغ، بأن التحديات ستبقى مستمرة أمام أوبك بلس حتى بعد انتهاء أزمة كورونا؛ إذ قد تظهر مشكلة هيكلية في المنظمة، تتمثل في صعود وفرة النفط ومدى استيعابه في الأسواق، فضلًا عن بقاء متحورات الوباء العالمي أحد أبرز التحديات التي ستواجه الدول المنتجة في ظل ضبابية النمو الاقتصادي العالمي.

ظروف السوق

وفي وقت سابق، أكد وزير النفط، صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، على إنهاء مستويات الخفض في إنتاج النفط المعمول بها عند 58 مليون برميل يوميًا بنهاية شهر سبتمبر من العام 2022م، وذلك في حال سمحت ظروف السوق النفطية، وقال في جلسة (تسريع تحولات الطاقة النظيفة)، في اليوم الثاني لمنتدى الثورة الصناعية الرابعة في الرياض، على أنه يمثل دولة متوازنة تراعي مصالح الجميع في دورها كرئيسة لأوبك بلس، وأن المملكة أكبر المضحين ولولا قيادتها لما تحسنت السوق النفطية.

زيادة الثقة

والجدير بالذكر أن تحركات الأمير عبدالعزيز بن سلمان، قد منحت المملكة دورًا محوريًا في قيادة كل من أوبك، وأوبك بلس؛ إذ زادت الثقة بقدرة المملكة على قيادة أسواق النفط لبر الأمان، ففي لقاء مع  وكالة بلومبرغ، قال المدير التنفيذي لقسم عقود الطاقة الآجلة في مجموعة ميزوهو سيكيوريتسز، روبرت يوغر، إنه يتوجب على منظمة أوبك،  وكذلك قطاع صناعة الطاقة بأكمله، أن يشكروا المملكة على وظيفتها الرائعة التي أدتها في إدارة إنتاجها خلال جائحة كوفيد19-، وأضاف، من الأفضل ترك السوق بالكامل في يد المملكة لإدارته، وأن انهيار أسعار النفط (في فترة كوفيد) ترك أثرًا رهيبًا على الصناعة، ولكن السوق انتعشت مرة أخرى تحت إدارة السعوديين، الذين لعبوا دورًا فعالًا في إدارة السوق خلال الأشهر التي أعقبت الانهيار.

أقوى رجل

وفي السياق نفسه، كانت بلومبيرغ، قد نشرت تقريرًا تحت عنوان (عبدالعزيز بن سلمان، أقوى رجل في سوق النفط)،  تحدثت فيه عن القرارات الجريئة والخطوات الحاسمة التي اتخذها طوال الأشهر الماضية، للحفاظ على استقرار سوق النفط، في ظل جائحة كورونا، وتداعياتها المدمرة على الاقتصاد العالمي، وجاء في التقرير: “أنه حينما فضلت موسكو، التي كانت حريصة على تجنب خفض الإنتاج، نهج الانتظار والترقب، أرادت الرياض خفض الإنتاج على الفور”. مضيفة أن “السعودية أدركت في وقت مبكر أن تفشي فيروس كورونا سيؤدي إلى فوضى اقتصادية، وأرادت منع حدوث انهيار في أسعار النفط”.

تعليق القاعدة

وأضافت بلومبيرغ، أنه على مر السنين، أصبح السعوديون يعتقدون أنهم يجب أن يتصرفوا دائمًا بالتنسيق مع منتجي النفط الآخرين وليس من جانب واحد، لكن الأمير عبد العزيز بن سلمان قرَّر حينها تعليق هذه القاعدة، ولو لفترة قصيرة فقط، لإثبات أن السعودية مسؤولة عن إدارة سوق النفط).

خبرته الواسعة

ورأت بلومبيرغ، أن أهم ما يُميز الأمير عبدالعزيز عن سلمان، عن نظرائه من وزراء الطاقة في أوبك بلس، هو خبرته الواسعة التي تمتد إلى نحو 35 عامًا في سوق النفط، مشيرةً إلى استراتيجيته للتعزيز السيطرة السعودية على سوق النفط، وهو ما عبّر عنه في اجتماعات خاصة مع المحللين والمستثمرين، بأنه يرغب في تحويل أوبك إلى نوع من البنوك المركزية، وتنظيم إمدادات النفط بنفس الطريقة التي ينظم بها الاحتياطي الفيدرالي المعروض النقدي.

وضوح السياسة

وأكد المقبل، على وضوح سياسة المملكة، التي مفادها حفظ هذه الأسواق بعيدًا عن اختيارات قد تؤثر على العرض والطلب، قائلًا: رأينا ماذا حدث عندما تُرك السوق في عام2014م، وكيف أدي ذلك لزيادة المخزونات التجارية عالميًا، وهذا ما أثر على الأسعار في الست سنوات اللاحقة، وعلى التحركات السعرية، فإن الأمير عبد العزيز بن سلمان، يمزج خبرته العملية في عالم النفط، وخبرته الدبلوماسية في صنع القرار، وبالتالي جاءت قراءته للأسواق جيدة للغاية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.