نافذة

وحش التضخم !

يُشير معدل التضخم لأسعار السلع إلى الفارق الحاصل من الزيادة في أسعار السلع في الوقت الحالي مقارنة بأسعارها في فترة زمنية سابقة – الفترة الزمنية السابقة تسمى نقطة الأساس، بالإمكان قياسها بالأشهر أو بالسنوات، ومن المهم حين يُذكر معدل التضخم أن تُعرف نقطة الأساس له ولأي فترة زمنية يُشير – وكمثال سلعة سعرها الحالي (150) ريال بينما سعرها قبل ثلاث سنوات (110) ريال فأن معدل التضخم لها يكون ((150-110) / 110)X 100 = %36.36.

بينما يعني مؤشر أسعار المستهلك (CPI) بالتغير الدوري الحاصل في أسعار سلة مختارة من السلع والخدمات المستهلكة من قبل معظم الأسر ويعتبر المؤشر دليل اقتصادي أشمل لمعرفة حالة مستوى الأسعار إن كانت في حالة تضخم أو انكماش.

مسببات التضخم عديدة فمنها ما يرجع لأسباب خارجية (مجازًا يُطلق عليه تضخم مستورد) تتعلق بالسياسات الاقتصادية للبلد المصدر وانعكاس الأسعار بالتالي على البلد المستورد، والأخرى داخلية وهي الأكثر تشعبًا وأهمية، فالسياسة المالية والنقدية والتنظيمات التجارية والميزان التجاري ومستوى الناتج المحلي الاجمالي ودرجة مساهمة الفرد به تلعب الدور الأكبر في التأثير على معدل التضخم في أي بلد!.

إن عملية ضبط تلك المسببات الداخلية لتكون عنصر فاعلاً في التقليل من معدل التضخم ليس بالأمر اليسير فهي تخضع للتحديات الاقتصادية (وأحيانًا سياسية) التي تواجه البلد نفسه ومدى قدرته على تجاوزها.

فعلى جانب السياسية النقدية المتعلق بأسعار الفائدة للبلدان المرتبطة عملتها بسعر صرف ثابت مقابل الدولار الأمريكي تكاد تكون المناورة فيها لا تذكر كونها تتبع تغيرات أسعار الفائدة الصادرة من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تلقائيًا وفي مواضع معينة حينما يعمد الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أو رفع سعر الفائدة  فإن مثل هذا الأجراء يؤثر سلبًا على معدل التضخم أو في كلفة الاستثمار في تلك الدول (يمكن تصنيف تبعات الارتباط في خانة التضخم المستورد حال تخفيض سعر الفائدة بصورة مؤثرة).

ويتبقى دورًا للسياسة النقدية متاحًا للتأثير على معدل التضخم من خلال عملية ضبط تدفق الأموال للسوق بواسطة أدوات الاقتراض الحكومي مع ملاحظة أن محاولة تقليل السيولة في السوق أحيانًا تعطي نتائج عكسية على عملية التوسع الاستثماري والقوة الشرائية للأفراد.

بينما على جانب السياسة المالية فأن الأمر أكثر مرونة بالنسبة لتلك الدول لضبط معدل التضخم لديها كونها هي المسيطرة على استراتيجيتها الاقتصادية من حيث خطط الاستثمار والانفاق العام ومستوى الأجور والرسوم ومستوى توزيع السيولة على القطاعات.

إن وحش التضخم حين يطل برأسه على بلد ما فإنه يُحدث إرباكًا اقتصاديًا مُدمرًا، ففرص الاستثمار والقوة الشرائية به ستتضاءل ناهيك عن التحديات المستمرة التي ستواجه قيمة عملته المحلية ومستوى الحياة المعيشية لقاطنيه، ولا يمكن قطع دابر هذا الوحش إلا بإزالة مسبباته والتي تتطلب جهود اقتصادية حثيثة لاستهدافه وعلى رأسها رفع إنتاجية البلد صناعيًا ومفهوم الصناعة لا حصر له !.

وقفة :

بعض البلدان لديها معدل تضخم عالي مقارنة ببقية الدول ورغم ذلك يُعد معدلها مقبولاً لأسباب تتعلق بقوة مقوماتها الاقتصادية (مستوى دخل قومي جيد وأجور مناسبة) ورغم ذلك فهي تكافح لتخفيض ذلك المعدل من أجل التنافسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.