توقعات بوصول قيمته في المملكة عام 2026م إلى 33 مليار دولار
قطاع التكنولوجيا المالية يُسجل أكثر من 100 صفقة استثمارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
عام 2018م بلغ حجم الاستثمار العالمي في شركات التكنولوجيا المالية حوالي 112 مليار دولار
التنوّع الجغرافي لرؤوس الأموال المغامرة المموِّلة لاستثمارات التكنولوجيا المالية ساهمت بتعزيز حجم الصفقات
شركات التكنولوجيا المالية أحدثت ارتباكًا للبنوك ودفعتها إلى التحديث وابتكار منتجات مصرفية لعملائها
شركات التكنولوجيا المالية أحدثت ارتباكًا للبنوك التقليدية في تقديم خدماتها المالية
ارتفع عدد شركات التقنية المالية بما نسبته %37 في الفترة من 2020م إلى عام 2021م
عدم اليقين الجيوسياسي والمخاوف التجارية قد تضع عبئًا أكبر على الاستثمار في التكنولوجيا المالية
تصدرت التكنولوجيا المالية جميع أسواق المشاريع الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكانت الخيار المفضل للمستثمرين المغامرين في عام2021م؛ إذ استحوذت شركات التكنولوجيا المالية على %21 من إجمالي الصفقات في المنطقة، و%31 من إجمالي تمويل المشاريع، كما جاءت التكنولوجيا المالية ضمن أهم خمس صفقات ضخمة في المنطقة، فهي القطاع الوحيد الذي سجل أكثر من 100 صفقة استثمارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
أبرز القطاعات الناشئة
والتكنولوجيا المالية (Fintech) هي: أي تقنية أو تطبيق أو أفكار مبتكرة تهدف إلى دعم الأنشطة المالية، وأصبحت أحد أبرز القطاعات الناشئة التي تعتمد على تطوير الخدمات المالية من خلال البرامج والتطبيقات التكنولوجية الحديثة، ومن أبرز مجالاتها خدمات الدفع والتحويلات، التمويل المتناهي الصغر، التأمين، الامتثال والرقابة، الأمن السيبراني، “البلوك تشين” والعملات المشفرة. فشركات التكنولوجيا المالية والشركات الناشئة تُعد مكملة لدور البنوك، خاصة في حال التحدث عن التوسع في برامج الشمول المالي والتحول الرقمي.
عشرة أضعاف
وكانت الطفرة في شركات التكنولوجيا المالية، قد بدأت مبكرًا إذ ارتفعت قيمتها بما يزيد عن عشرة أضعاف في الفترة بين 2012 و2021م، وفي عام 2018م وحده بلغ حجم الاستثمار العالمي في شركات التكنولوجيا المالية حوالي 112 مليار دولار بنسبة ارتفاع وصلت إلى %120 مقارنة بالعام 2017م والذي بلغ فيه حجم التمويل والاستثمار 50.8 مليار دولار أمريكي.
وكذلك ارتفعت عدد الشركات الناشئة اعتبارًا من نوفمبر 2020م لتضم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 425 شركة للتكنولوجيا المالية (FinTech)، وذلك وفقًا لسوق Fintech Galaxy Marketplace، ويتصدر قطاع “الدفع والتحويلات” في عدد المشاريع مع أكثر من 140 شركة ناشئة، يليه قطاعًا “الإقراض والتمويل الجماعي” و”إدارة الثروات والمالية”.
ووفقاً لتقرير نشرته شركة KPMG، شهد العام 2018م إبرام 2,196 صفقة بعد أن بلغ هذا الرقم 2,165 صفقة في العام 2017م مشيرًا إلى أن التنوّع الجغرافي لرؤوس الأموال المغامرة المموِّلة لاستثمارات التكنولوجيا المالية ساهمت بتعزيز حجم الصفقات، حتى في وقتٍ شهدت فيه مراكز التكنولوجيا المالية الضخمة كثافةً استثمارية أعلى في إطار الصفقات الكبيرة.
ارتباك البنوك التقليدية
ورغم إتاحة التكنولوجيا المالية المجال واسعًا بالنسبة للمستهلكين للحصول على خدمات مالية أفضل، فإنها أحدثت ارتباكًا للبنوك في تقديم الخدمات المالية الأساسية ودفعتها إلى ضرورة ابتكار منتجات مصرفية لعملائها حتى تحافظ على أهمية الدور الذي تقوم به، واتباع استراتيجيات استيعابية أكثر كالاتجاه على سبيل المثال إلى دخولها مجال الاستثمار في شركات التكنولوجيا المالية والقطاعات المغذية لها.
فالبنوك تحتاج إلى شركات التكنولوجيا المالية من أجل تزويد الخدمات والوصول إلى حجم أكبر من العملاء، وهذه تعد نقطة البداية، فإذا نظرنا إلى العالم الخارجي سنجد ترابطًا كبيرًا بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية، ومع ذلك تظل شركات التكنولوجيا المالية بخاصة المنشئة للقروض تؤدي دورًا ضاغطًا كبيرًا على ربحية البنوك التقليدية وهو اتجاه ربما يظل مستمرًا مع حجم التوسع في أنشطة التكنولوجيا المالية.
ورغم ذلك تتيح التكنولوجيا المالية للقطاع المالي والمصرفي عددًا من الفرص كتعزيز الشمول المالي، وتوفير خدمات مصرفية أفضل وأكثر مُلاءمة للعملاء، والتأثير الإيجابي المحتمل على الاستقرار المالي بسبب تزايد المنافسة، فضلاً عن دورها في الرقابة على تحسين عمليات الامتثال في المصارف.
33 مليار دولار
وتتمتع المملكة بشكل عام، بحجم سوق إلكتروني يبلغ 28.8 مليار ريال، وتشهد زيادة كبيرة في عمليات المدفوعات الإلكترونية ونموًا مستمرًا في عدد شركات التكنولوجيا المالية التي تضاعفت ثلاث مرات، وذلك من 20 شركة في عام 2019م إلى 60 شركة عام 2020م وهو العام نفسه الذي شهد إجراء 12 جولة تمويل في شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، وبحلول عام 2026م، ثمة توقعات بأن يصل سوق التكنولوجيا المالية في المملكة إلى قيمة معاملات تزيد عن 33 مليار دولار وأن ينمو السوق سنويًا بنسبة %15.
ثلث إجمالي الصفقات
وقد شهدت المملكة طفرة في ارتفاع عدد شركات التقنية المالية لاسيما في الفترة من 2020م إلى عام 2021م، قُدر بما نسبته %37 وبحجم استثمارات تجاوز 1.3 مليار ريال، فاستحوذت التقنيات المالية والتجارة الإلكترونية على ثلث إجمالي صفقات التمويل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2021م.
وكان البنك المركزي قد فامت بترخيص 3 بنوك رقمية خلال الأشهر القليلة الماضية بالإضافة إلى 3 شركات جديدة في مجال التكنولوجيا المالية وإصدار أول ترخيص ممنوح للتمويل الجماعي القائم على الديون ورخصة الدفع.
فرص كبيرة خلقتها الرؤية
وتتجه المملكة بشكل كبير لتعزيز التكنولوجيا المالية في الاقتصاد والقطاع المالي بموجب رؤية 2030م، التي أتاحت فرصًا كبيرةً لشركات التكنولوجيا المالية بالاتجاه إلى النمو والتوسع، كونها استهدفت الوصول بحجم المدفوعات الإلكترونية إلى %70 من إجمالي المدفوعات المالية بالمملكة وأن يصبح لدى %80 من مواطني المملكة ممن بلغ سن الرشد حسابات بنكية بحلول 2030م، فضلاً عن إطلاق البنك المركزي في إطارها مبادرة (فنتك السعودية) كإحدى مبادرات برنامج تطوير القطاع المالي والتي تهدف وبشكل أساسي إلى تحويل المملكة إلى مركز للتكنولوجيا المالية، وذلك في إطار قطاع خدمات مالية يتميز بالتنوع والشمول، ولتعزيز تنمية الاقتصاد المحلي وتنويع مصادره، وزيادة عمليات التمويل والاستثمار، كما مول البنك المركزي السعودي والهيئة السعودية للأسواق المالية، شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، وفتحت السياسات أبواب الاستثمارات العالمية لمنظومة التكنولوجيا المالية في المملكة؛ إذ اصبح يُسمح لرواد الأعمال الدوليين الحصول على رخصة ريادة الأعمال بنسبة ملكية %100 لشركتهم في غضون ثلاث ساعات.
تحوُّل المملكة الرقمي
ويبدو أن تحوُّل المملكة الرقمي بالاتجاه المتسارع نحو التجارة الإلكترونية والتعلم عبر الإنترنت والعمل عن بُعد، أدى إلى تدفق المزيد من الأموال في الفضاء الرقمي المدعوم بالدفع الإلكتروني والطلب على الائتمان عبر الإنترنت، ما دفع بشركة الأبحاث Startup Genome إلى إدراج “الرياض” وكذلك مملكة البحرين من الشرق الأوسط في قائمة للتكنولوجيا المالية تصدرتها: نيويورك، ولندن، وسنغافورة، وبكين.
وقد أخذت شركات التكنولوجيا المالية، تمُثل رقمًا مهمًا في مضمار الاقتصاد الوطني، فالوضوح في التشريعات واللوائح التنظيمية، ووضع التقنية المالية على قائمة أولويات الحكومة، والظروف الاستثنائية التي شهدها العالم خلال عام 2020م جراء جائحة كورونا، كانت بمثابة الحافز للتحول الرقمي عبر مجموعة من القطاعات، وهذا ينطبق بشكل خاص على الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية، علمًا بأنه قبل الجائحة كانت هناك حركة تحدث بالفعل بين عامي 2017م و2019م ازدادت خلالها قيمة معاملات التكنولوجيا المالية العالمية بمعدل يزيد عن %18.
ضخ الاستثمارات
وترى العديد من التقارير الاقتصادية، بأن يشهد قطاع التكنولوجية المالية في المملكة استمرارية في النمو، كتقرير “فنتك”، الذي أكد على أهمية العامين الماضيين وانعكاساتهما الإيجابية على قطاع التقنية المالية، وما سوف يترتب عنهما من ارتفاع في معدلات ضخ الاستثمارات من قبل مستثمري رأس المال الجريء، وصدور تشريعات جديدة، وإطلاق المبادرات الوطنية المتعلقة بالتقنية المالية، إلى تطوير جيل جديد من حلول التقنية المالية في المملكة.
وكان تقرير منصة ما جنيت (MAGNiTT) المتخصصة ببيانات الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة، قد أشارت إلى أن لدى المملكة وحدها ما لا يقل عن خمس جهات تعد الأكثر استثمارًا في تمويل الشركات الناشئة بالمنطقة، وأن عام 2021م سجل أعلى مستوى استثماري في أسواق المشاريع الناشئة بقيمة 6.8 مليار دولار أمريكي.
الالتفات للمخاطر
وأمام هذا النمو المتسارع في شركات التكنولوجية المالية التي باتت واعدة وجاذبة بشدة، ومن المتوقع ارتفاع حجم الاستثمارات فيها خلال الأعوام المقبلة، وذلك على الرغم من تزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسية والمخاوف التجارية، والتي قد تضع عبئًا أكبر على الاستثمار في التكنولوجيا المالية، يستوجب الالتفات إلى المخاطر، لاسيما ما يتعلق بالتغيرات التي تحدثها التكنولوجيا المالية من رفع مستوى المخاطر بالنسبة للأجهزة التنظيمية والرقابية، فضلاً عن أن شركات التكنولوجيا المالية لا تزال معظمها صغير الحجم، وأن إمكانية توسعها بسرعة فائقة عبر عملاء وشرائح أعمال أكثر يمثل خطرًا من المقرضين التقليديين.
وهذا المزيج من النمو السريع والمخاطر والأهمية المتزايدة التي تكتسبها الخدمات القائمة على التكنولوجيا المالية في تسيير الأعمال المالية، تؤشر بمزيد من التوسع والتمويل المحفوف بالمخاطر في الوقت نفسه، لاسيما مع عدم الوصول الى حلول كافية بشأن كافة المخاطر التي يمكن أن تواجهها شركات التكنولوجيا المالية كالمخاطر الاستراتيجية والتشغيلية ومخاطر الاستعانة بمصادر خارجية والمخاطر السيبرانية ومخاطر السيولة والتمويل، فضلاً عن أحداث السوق غير المتوقعة وشبه المتغير باستمرار وعدم ملاءمة المنتجات والتنافسية الكبيرة.