استثمار

“التمور” … فاكهة كل البيوت وصناعة بالمليارات

وصلت قيمة إنتاجه بالمملكة إلى ما يقارب الـ 7.5 مليار ريال، أي ما نسبته %12 من إجمالي الناتج الزراعي المحلي

تستحوذ المنطقة العربية بنسبة تفوق الـ %77 من الإنتاج العالمي للتمور، أي ما يناهز 6.6 ملايين طن في العام

تحتضن المملكة نحو 123 ألف حيازة زراعية عام2020م، تنتج قرابة 1.55 مليون طن من 75 صنفًا من التمور

تسهم التمور في كثير من الصناعات التحويلية والأغذية والأعلاف والصناعات الأخرى كالمنتجات الطبية والتجميلية وصناعات مواد البناء

اعتماد منصة تمور المملكة كأول منصة رسمية معتمدة لتجارة التمور ومنتجاتها محليًا ودوليًا

 

تُعد جزءًا أصيلاً من ثقافة المملكة والمنطقة، وتمثل رمزًا أصيلاً للضيافة العربية، فلا يخلو مجلس عربي منها، ويراها البعض المنافس الصاعد للشكولاتة في الأسواق العالمية … إنها “التمور”، المخزن الغني بالقيمة الغذائية لاحتوائه كميات وفيرة من الفيتامينات ومضادات الأكسدة، والمنتج الواعد، الذي يشهد يومًا بعد الآخر تطورًا كبيرًا ونمـــوًا في الإنتاج والابتـــكار، حتى وصلت قيمته بالمملكة إلى ما يقارب الـ 7.5 مليار ريال، أي ما نسبته %12 من إجمالي الناتج الزراعي المحلي، ونحو %0.4 من الناتج الإجمالي غير النفطي، وتحتل المملكة المرتبة الأولى عالميًا في صادرات التمور وفقًا لما أعلنه موقع (TradeMab)  التابع لمركز التجارة العالمي في عام2021م.

الإنتاج العالمي

وتشكل التمور صناعة عالمية آخذه في النمو يومًا بعد الآخر؛ إذ يبلغ مجموع الإنتاج العالمي من التمور ما يفوق الـ 9.2  مليون طن سنويًا، ويوجد نحو 5 آلاف صنف من نخيل التمور حول العالم، وتتركز زراعة النخيل في القارة الآسيوية بما نسبته %55 من الإنتاج العالمي، ثم القارة الأفريقية بنسبة %43.4، فيما تستحوذ المنطقة العربية بنسبة تفوق الـ %77 من الإنتاج العالمي، أي ما يناهز 6.6 ملايين طن في العام، ويوجد بالمنطقة نحو 160 مليون نخلة، وفي المملكة وحدها نحو 33 مليون نخلة.

 

وللتمور بعد استراتيجي هام يُضفي على الأمن الغذائي والاقتصاد الكلي قيمة مُضافة تدعم خيارات التنويع والاستدامة، وتشكل محورًا هاما في الإنتاج الزراعي خاصة لما تمتلكه المملكة من كافة المقومات للارتقاء بصناعة التمور، فأخذت تستهدف تحقيق “نهضة شاملة” لقطاع النخيل والتمور، تقوم على التطوير السريع والمستدام لمنظومات إنتاج وتجميع وتعبئة وتصنيع وتصدير التمور.

سنة دولية للتمور

وكانت المملكة، قد اهتمت مبكرًا بصناعة التمور وزراعة النخيل من خلال دعمها للمزارعين وإقرارها للقوانين وتوفيرها للكيانات التي من شأنها تنظيم هذا القطاع الحيوي، فضلاً عن اتخاذها لحزمة من الإجراءات التي تحافظ على أشجار النخيل وتضمن سلامتها وترفع من درجة كفاءة إنتاجها وفقًا للمقاييس العالمية.

ومع انطلاق رؤية 2030م، التي وضعت قطاع التمور ضمن أحد أهم القطاعات الاقتصادية، لتدشن عهدا جديدا من الاستثمارات، تركزت على تكامل الشركات الوطنية مع الجهات الحكومية ذات العلاقة ومنتجي ومصدري التمور؛ لتسهيل إجراءات التصدير وتطوير سلاسل القيمة وتحسين جودة الإنتاج وكميته، ورفع كفاءة التسويق وتشجيع الاستثمار، وتوفير المعلومات والبيانات والدراسات اللازمة، وتحسين كفاءة سلسلة الإمداد وتعزيز القدرات البشرية والمؤسسية.

المملكة التي نجحت جهودها بإقرار مجلس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” إقامة سنة دولية للتمور في عام 2027م، تحتضن نحو 123 ألف حيازة زراعية عام 2020م، وتنتج قرابة 1.55 مليون طن من 75 صنفًا من التمور بما يعادل %16.3 من إجمالي إنتاج التمور بالعالم؛ إذ حققت تمور المملكـــة ارتفاعًا في الصادرات التي وصلت إلى نحو 107 دول بنســـبة %7 فـــي القيمة، و%17 فـــي الكميات خلال عام 2020م.

منصة التمور

ومع مطلع عام 2021م تم اعتماد منصة تمور المملكة كأول منصة رسمية معتمدة لتجارة التمور ومنتجاتها محليًا ودوليًا، من أجل تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030م المتمثلة في أن تكون المملكة المصدّر الأول للتمور، وأطلقت المملكة كذلك علامة التمور السعودية في أكتوبر 2018م، وهي علامة تجارية تهدف ضمان جودة المنتج ورفع القيمة السوقية وزيادة نسبة الصادرات من التمور ذات الجودة العالية.

 

وكذلك مسرّعة أعمال التمور التي تقدمها الهيئة السعودية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” لخدمة الشركات الناشئة في قطاع التمور، حيث تشمل الخدمات كافة سلسلة القيمة، ابتداءً من الزراعة والحصاد والتعبئة والتخزين وانتهاءً بالتهيئة والمعالجة والتسويق والمبيعات؛ فتكون المسرّعة فرصة مميزة للمستثمرين أو الشركاء للاستفادة من مخرجاتها.

إيرادات التمور

وقد أشادت المنظمة العربية للتنمية الزراعية بجهود المملكة لدورها الريادي في تنمية قطاع النخيل والتمور، والجهود التي تقودها وزارة البيئة والمياه والزراعة في الترويج للتمور كفاكهة عالمية، وجهود دفع الصناعات التحويلية للتمور وفي وضع المواصفات العالمية للتمور مع هيئة دستور الغذاء “الكودكس”، كما تثمّن المنظمة الدعم الذي تقدمه المملكة لتنمية قطاع النخيل والتمور من خلال الإسهام في دعم مشاريع مكافحة سوسة النخيل الحمراء ضمن التحالف الدولي لقطاع النخيل والتمور.

ومن المتوقع أن تشكل إيرادات التمور أرقامًا قياسية خاصةً في إطار التشغيل وتطوير المزارع الحالية ومساعي المركز الوطني للنخيل والتمور إلى إيجاد منظومة متكاملة من الخدمات الزراعية واللوجستية والتسويقية والمعرفية وتطوير سلسلة الإمداد للمزارع من خلال إطلاق عدد من مراكز الخدمة لما بعد الحصاد، التي ستتيح للمزارعين الاستفادة من الخدمات المقدمة كالتعبئة والتغليف والتنظيف والتخزين، إضافة إلى تسويق المنتجات مما سيعود بالأثر الكبير على المزارع والقطاع بشكل عام.

مناطق إنتاج التمور

وتضم الرياض والقصيم أكبر تعداد للنخيل في المملكة، إذ يتجاوز تعداد النخيل المثمر في كل منهما 6 ملايين نخلة، وتعتبر مدينة الرياض الأولى من حيث عدد المصانع التي تقوم على تعبئة وتجهيز التمور ومشتقاتها، أما من حيث كمية التمور المصنعة تعتبر المنطقة الشرقية إحدى أبرز مناطق إنتاج التمور بالمملكة، ومن أشهر الأصناف التي يتم إنتاجها في المنطقة هي أصناف العجوة والصفاوي والسكري والصقعي والخلاص الحساوي والبرحي، وهي من أكثر الأصناف التي يقبل عليها المستهلك بشكل عام وفي شهر رمضان على وجه الخصوص.

وتسهم التمور في كثير من الصناعات التحويلية والأغذية والأعلاف والصناعات الأخرى كالمنتجات الطبية والتجميلية وصناعات مواد البناء؛ إذ تشكل الصناعات التحويلية ما نسبته %23 من إجمالي صادرات التمور بالمملكة عام 2021م، وتبلغ عدد مصانع التمور في المملكة 157 مصنعا، وتمثل الصناعات التحويلية للنخيل والتمور أحد أهم الصناعات عالميًا مما يشير إلى تطورها في كثير من الدول المنتجة والمستهلكة للتمور.

 

صناعات متعددة

ومن أبرز الصناعات التي يمكن أن تقوم على التمور، هي صناعة دبس التمر، الذي يحتوي على كميات كبيرة من السكريات معظمها من الجلوكوز والفركتوز، ويتم ذلك من خلال إضافة الماء على التمر المنزوع النوى، ثم خطوة المعاملة الحرارية، ومن ثم الترشيح تحت الضغط العالي والتركيز للمحلول السكري، ويدخل الدبس في صناعة الحلويات والكيك والبسكويت، وكذلك صناعة عجينة التمر التي يتم تصنيعها عن طريق نزع النوى بواسطة اسطوانات خاصة ثم فرم الجزء اللحمي للتمور مع تعديل نسبة الرطوبة في التعبئة وتستخدم عجينة التمور في صناعة المعجنات والحلويات ويوجد طلب متزايد على عجائن التمور نظرًا لدخولها في صناعة الحلويات الشرقية والبسكويت من قبل بعض مصانع الأغذية.

فرص استثمارية كُبرى

ولا تقتصر على الصناعات التحويلية للتمور على الدبس وصناعة العجينة، كونها مادة خام تمتلك مؤهلات صناعية عديدة ومهمة تجعلها قابلة للدخول في منتجات عديدة دون أن تؤثر على النكهة المستهدفة من الصناعة، بالإضافة إلى أن التمور يمكن تحويلها إلى شكل سائل دبس والمرن (عجينة) ومسحوق جاف، وأن التمور لها قيمة غذائية عالية مقارنة بباقي الفواكه (سكريات، ألياف ومعادن).

وبالتالي يمكن أن تنطلق صناعة التمور إلى عالم واسع من الصناعات التحويلية الأُخر والعديد من الفرص الاستثمارية الكبيرة، من خلال إحلالها كبديل للسكر المكرر أو ابتكار صناعات جديدة من التمور لم تتوفر بكميات تجارية في الأسواق، لاسيما مع تزايد الطلب على المنتجات الخالية من السكر المكرر مع ارتفاع الوعي الاجتماعي الصحي بأهمية الابتعاد عن السكر المصنع.

 

وبشكل عام فإن الاهتمام بصناعة التمور يأتي في ظل تنامي استكشافات دخول التمور في العديد من الصناعات الدوائية مثل: مادتي الفركتوز والجلوكوز المفيدتين طبيًا لمرضى السكري وعلاجات أخرى إضافة للعصائر والسكريات والسكر وإنتاج وقود الإيثانول.