البرامج والتطبيقات الحديثة سهلت التوظيف والتدريب وتصعيد الكفاءات
إدارات الموارد البشرية غير الملمة بالتطبيقات الحديثة سوف تفقد كثيرًا من مميزاتها إن لم يتجاوزها الزمن
نصح “ديف أولريتش” في كتابه (HR from outside in) وهو كتاب يشمل كل كفاءات الموارد البشرية من أفكار وحقائق، إضافة إلى نصائح إرشادية تساعد على التطور ــ برؤية جديدة ــ كافة ممارسي الموارد البشرية في الشركات من مديرين وموظفين، بأن يكونوا رشيقين في تغيير أدوارهم بما يواكب التغيرات الخارجية.
واليوم، ثمة طفرة تكنولوجية متسارعة، ساهمت في إحداث تطورات في كافة المجالات تحتم على ممارسي الإدارات التعاطي مع هذه التطورات، ومن ضمنها، مجال إدارة الموارد البشرية، الذي تحوّل من مجرد وظيفة إدارية روتينية إلى تمتعه بدور محوري في الشركات الكبيرة والصغيرة، على حد سواء.
دفعة غير مسبوقة
وقد كثّفت العديد من إدارات الموارد البشرية الناجحة، من اتجاهها نحو التحوّل الرقمي واستخدام التكنولوجيا، لمواكبة المتغيرات المتسارعة سواء تكنولوجيًا أو اقتصاديًا أو حتى على صعيد مواجهة الأزمات، وتبرز في هذا الإطار ـ كمثال ـ جائحة كورونا، التي أعطت دفعة غير مسبوقة نحو استخدام التكنولوجيا، بعد أن وجد الكثيرون أنفسهم مضطرين إلى العمل من المنزل، وأداء مهامهم بنفس الكم والجودة.
وتساعد رقمنة إدارات الموارد البشرية، على تمكين الشركة من إقامة نظام للعمل يحقق الأهداف المرجوة، ويزيد من الإنتاجية، ويقلّل النفقات، ويسهم في تحقيق الرضا الوظيفي وتصعيد الكفاءات.
كما أن للتكنولوجيا دورها في تبسيط مهام مديري الموارد البشرية ومساعدتهم على اتخاذ قرارات توظيف صحيحة، وتحسين أدائهم من خلال تسهيل تنفيذ إستراتيجية الموارد البشرية بالشركات، ويساعد أيضًا في تنمية الأشخاص، باعتبارهم العنصر الأهم في دورة العمل.
أداء المقابلات الوظيفية
وكمثال لأهمية استخدام التكنولوجيا في قطاع الموارد البشرية، فإن استخدام الأدوات الالكترونية في مرحلة التوظيف يوفر الكثير من الوقت والجهد، ويتيح إمكانية الوصول إلى المعلومات والبيانات وتصنيفها، ويقلِّل من أداء المقابلات الوظيفية مع المرشحين، لتقتصر على عدد معقول من المرشحين.
وفي إطار التوجه نحو التحوّل الرقمي واستخدام التكنولوجيا، ومن أجل “مكتب بلا ورق”، يندرج ضمن ذلك، قيام رؤساء الأقسام والمدراء، في أقسام الشركة المختلفة، وليس في أقسام الموارد البشرية فقط، باستخدام الأدوات التكنولوجية، لتنظيم عملهم، وإجراء التقييمات، وتقييم تكاليف التشغيل والعمالة، وكذلك تنظيم الخطط الشخصية المرتبطة بالعمل، مثل التعليم والتدريب والتقدم للترقيات المختلفة وللمناصب أو الوظائف القيادية الشاغرة.
الأدوات التكنولوجية والبرامج
وعلى الرغم من أن هناك الكثير من المهام، التي كان يتم تنفيذها بالشكل التقليدي من قبل إدارات الموارد البشرية، إلّا أن بعض هذه المهام بات من الأفضل أداؤها من خلال الأدوات التكنولوجية والبرامج، بشكل أسرع وأكثر دقة، ومن هذه البرامج: دفترة Daftra، أودو Odoo، إدارة Edara HR، جوستو Gusto، برنامج بامبو Bamboo HR.
وعلى سبيل المثال، تساعد البرامج والنظم الحديثة في إدارة المعلومات، في دمج المعلومات التنظيمية والمتكاملة والخاصة بالموارد البشرية، مع أهداف المؤسسة وإمكانياتها واحتياجاتها الإدارية وهيكلها التنظيمي، فضلاً عن الأنشطة الوظيفية، مثل الإنتاج والتسويق والموظفين والشؤون المالية والمبيعات والمحاسبة بما يسهم في كفاءة صنع القرار وسلاسة أداء العمل وكفاءة أداء الأعمال.
البرامج والتطبيقات
وظهرت العديد من الأدوات والبرامج والتطبيقات الالكترونية، التي تتيح لمديري الموارد البشرية، ممارسة مهامهم بصورة أسرع وأكثر جودة وفعالية، كما تُشكل هذه البرامج النواة الأساسية لوضع سياسات التقييم وشروطها، وتحديد عوامل قياس الأداء، ونظام المكافآت والعقوبات المرتبط بتقييم الأداء، ومن أبرز هذه التطبيقات، تطبيق Paycor، تطبيق Workday، تطبيق HR Management، وتطبيق Mention، وتتيح هذه التطبيقات من مايلي:
- متابعة الحضور والانصراف وكشوف المرتبات والضرائب، والمزايا الخاصة بالموظفين.
- تنظيم وتعويض الموظفين عن ساعات العمل الإضافية، بعد الدوام أو عن العمل في أوقات الإجازات والعطلات الرسمية.
- متابعة مستويات أداء الموظفين، وتطوير وتصعيد الكفاءات ومراقبة تفاعلات الموظفين عبر الإنترنت، وتعيين المهام للشخص الأكثر ملاءمة في فريق العمل، بناء وإدارة فرق العمل والتخطيط، وإعداد التقارير.
- تقديم دورات تدريبية ومواد تعليمية، في الموضوعات ذات الصلة، بمجال الموارد البشرية، وعلى رأسها استقطاب الموظفين الجدد، وتنمية المهارات الإدارية والفنية والقيادية. متابعة أعمال الشركة عبر الإنترنت، ومتابعة الاحصائيات الخاصة بها، بصورة دورية تُساعد في تحليل مدى التقدم ورصد المعوقات.
- خدمة العملاء، والتجارة الالكترونية، ونقاط البيع، والمخازن.
- كبديل عن الإعلانات التقليدية، مثل الصحف والوسائل المطبوعة، وتسهيل التوظيف الالكتروني، بما يرفع من مستوى الدقة والسرعة، مع تقليل تحيّز العنصر البشري، بدءًا من تلقي السير الذاتية وبناء وتحليل قاعدة بيانات المتقدمين للوظائف المختلفة، وإعداد تقارير تقييم بجودة وفي فترات زمنية مناسبة، وتسجيل الموظفين الجدد بسهولة، وتزويدهم بما يحتاجون إليه من مسوغات وأوراق التعيين وبدء العمل، ونفس الأمر يتم في حالة طلب مرشحين لبرامج تدريبية أو تعليمية.
- متابعة حسابات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي، والرد على تعليقات العملاء أو التفاعل معها أو مشاركتها، وكذلك متابعة أداء المنافسين والعملاء لحظيًا.
تأصيل ثقافة النجاح
أحد المهام الكبرى، والأهداف الرئيسية، لإدارات الموارد البشرية، في المؤسسات المختلفة، هو بناء الفريق المناسب وتأصيل ثقافة النجاح وهو ما يتم من خلاله معرفة إمكانيات الموظفين وتطوير إمكاناتهم، من أجل تحقيق معدلات النمو والأرباح المرجوة.
ولا شك أن الاستثمار في التكنولوجيا وفي التحول الرقمي، وامتلاك البرامج والتطبيقات الحديثة سيمنح إدارات الموارد البشرية، الأدوات اللازمة والمعلومات الدقيقة لتحقيق ذلك، ولأداء المهام الأخرى الفرعية، المنوطة بها، مثل التوظيف والتدريب والتطوير.
وإن ما يمكن قوله أخيرًا، أن إدارات الموارد البشرية التي تُحجم عن استخدام تكنولوجيا الموارد البشرية أو لا تتواكب سريعًا مع المتغيّرات التكنولوجية من حولنا، سوف تفقد كثيرًا من مميزاتها، إن لم يتجاوزها الزمن، الأمر الذي يفرض على مدراء تلك الإدارات والأقسام أن تكون لديهم رؤية واقعية نافذة ومستقبلية لمواجهــة التحديــات الماثلة والتطوّرات السريعة وغير المسبوقة.
وأن قطاع الموارد البشرية سيستمر في النمو مثل بقية القطاعات الأخرى، وسيجعل الذكاء الاصطناعي بعض الوظائف أو أجزاء منها زائدة، لكن دور إشراك الموظفين وتطوير القادة وتعزيز الثقافة هو دور جوهري لا غنى عنه، لذا، على الأجيال القادمة من أطقم الموارد البشرية أن يكونوا على أتم الاستعداد للتطور وتحليل البيانات واستخلاص الأفكار وصولاً للقرارات الفعالة.