دراسة

”التخصيص“ يعزز الشراكة بين القطاعين العام والخاص

حققت قيمة الاستثمارات الناتجة عن الشراكة بين القطاعين نحو 13.46 مليار ريال وبلغت عوائد عمليات بيع الأصول عام 2020م قرابة 2.75 مليار ريال

انتهت دراسة حديثة صدرت عن مركز الاستثمار والدراسات بغرفة الشرقية، إلى أن برنامج “التخصيص” وسَّع من مشاركة القطاع الخاص في مبادرات البنية التحتية والخدمات العامة المقدمة للمواطنين والمقيمين، وأنه منح الشراكة بين القطاعين العام والخاص دفعة قوية تنسجم مع تطلعات رؤية المملكة 2030م بتمكين قطاع الأعمال، كاشفةً  عن أن منظومة التخصيص قبل انطلاق البرنامج الذي أقرّه مجلس الوزراء 16مارس2021م، حققت عام 2019م نحو 12.68 مليار ريال من عمليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وحوالي 470 مليون ريال من عوائد بيع الأصول، وفي عام 2020م حققت قيمة الاستثمارات الناتجة عن الشراكة بين القطاعين 13.46 مليار ريال و2.75 مليار ريال من عوائد عمليات بيع الأصول، وهو ما يعد مؤشرًا من جانب على نجاح البرنامج في تحقيق مستهدفاته ومن جانب آخر على تعزيز دور القطاع الخاص فيه.

نجاحات مستمرة

كان برنامج التخصيص، قد نجح خلال عام 2021م في تخصيص أصول شركات المطاحن الأربع التابعة لقطاع البيئة والمياه والزراعة، مما يساهم في رفع كفاءة الإنتاج وتعزيز مستوى الأمن الغذائي وتنوع المنتجات في السوق المحلي، كما استطاعت المملكة  ـ في إطار البرنامج نفسه ـ أن  تُنهي   خلل العام الجاري 2022م المرحلة الأولى لتخصيص قطاع توزيع المياه، وفقا للبرنامج التاسع من الاستراتيجية الوطنية للمياه التي تستهدف تحقيق الاستدامة البيئية وزيادة حجم الاستثمارات في قطاع المياه، وطرح الفرص لإشراك القطاع الخاص، ذلك بتوقيع عقدين مع القطاع الخاص، تتولى بموجبهما إدارة التشغيل والصيانة لخدمات المياه والمعالجة البيئية في القطاعين الغربي والشمالي، بقيمة إجمالية تتجاوز الـ 714 مليون ريال، وأيضًا إبرام شركة المياه الوطنية عقدين طويلي الأجل مع تحالفين لإعادة تأهيل وتشغيل وصيانة محطات معالجة مياه الصرف الصحي في مدينة مكة المكرمة ومحافظة جدة بتكلفة مالية بلغت 1.592 مليار ريال ولمدة 10 سنوات.. هذا فضلاً عن توقيع عقود شراكة مع شركات عالمية رائدة لبرنامج الغسل الكلوي التابع لقطاع الصحة، الذي يساهم في تأمين الغسيل الكلوي الدموي لمرضى الفشل الكلوي المزمن، بالإضافة إلى زيادة عدد المراكز إلى 63 مركزًا في مختلف مدن وقرى المملكة.

ست توصيات

وحددت الدراسة ست توصيات تدفع بالقطاع الخاص إلى تعظيم استفادته من برنامج التخصيص، الذي اعتبرته أحد أهم الركائز الأساسية لرؤية المملكة 2030م، وشهادة ثقة في قدرات القطاع الخاص لإدارة الأصول الحكومية، أولها: الدفع أكثر من قبل وزارة المالية نحو تسهيل عمليات وإجراءات اندماج الشركات في تنفيذ مخططات برنامج التخصيص، وثانيها: تفعيل أكبر لدور المركز الوطني للتخصيص في تنظيم وتحديد الإجراءات المتعلقة بالمشروعات التي تُطلقها منظومة التخصيص بشكل شفاف وعادل، ما ينعكس على القطاع الخاص بإدراك أوسع للمنظومة ومستهدفاتها التخصيصية، وبالتالي زيادة في معدلات الشراكة المستهدفة، وثالثها: تبني كافة الغرف التجارية في المملكة ضمن خططها الاستراتيجية السنوية لبرنامج توعوي شامل حول منظومة التخصيص وما يُقدمه البرنامج، يتضمن سلسلة من الملتقيات والندوات التعريفية وورش العمل التثقيفية والمحاضرات ذات الشأن بالتخصيص وأبعاده وعوائده على القطاعين العام والخاص.

 

صياغات واضحة

ورابعها: تقديم صياغة واضحة من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط حول آليات دعمها لعملية التخصيص وبيان أدواتها في تطوير استراتيجيات التخصيص للقطاعات، وخامسها: توضيح أكبر من الجهات المختصة لأبعاد برنامج التخصيص على تعظيم المحتوى المحلي، الذي أخذ يلعب دورًا كبيرًا في تنمية القطاعات غير النفطية ويحقق مردودات إيجابية في منظومة الاقتصاد الوطني الكلي، وسادسها: قيام المركز الوطني للتخصيص باعتباره الجهة المعنية بالأطر العام والتنفيذية التي تحكم البرنامج بوضع معايير أداء أو قياس لتقييم برنامج التخصيص بشكل دوري، على أن يكون هذا التقييم الدوري متاحا علانية أمام القطاع الخاص.

فرص ضخمة

وأشارت الدراسة، إلى أن القطاع الخاص مُقبل على العديد من الفرص الاستثمارية الضخمة تحت مظلة التخصيص، وذلك بالنظر إلى الالتزامات التي أعلنها البرنامج على المدى القريب بتحقيق إيرادات حكومية غير نفطية بقيمة 143 مليار ريال، وتحقيق ما يُقارب الـ 14 مليار ريال كقيمة مالية لكفاءة الإنفاق الحكومي من خلال عمليات الشراكة، وأكدت على أن  إتاحة الأصول الحكومية بشكل عام أمام القطاع الخاص، يُحسّن من جودة الخدمات المُقدمة أمام المواطنين والمُقيمين، ويُضفي عليها كامل السمات التي يتميـز بها القطاع الخاص، ويُسهم في تقليل تكاليفها ويزيد من إيراداتها، وإنه يسير بالتوافق مع مستهدفات رؤية 2030م، التي كان من ضمن برامجها الأساسية برنامج التخصيص.

 

(12) هدفًا

وأظهرت الدراسة أن برنامج التخصيص يدعم نحو (12) هدفًا غير مباشر سوف تنعكس عليهم مبادرات التخصيص بالإيجاب، كتحسين القيمة المُحصلة من الخدمات الصحية لاسيما من جودة النتائج والخبرات والتكلفة، والارتقاء بجودة الخدمات والمخرجات المُقدمة بشكل عام في المملكة، فضلاً عن تطوير سوق مالية متقدمة وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وإنشاء وتحسين أداء المراكز اللوجستية، وأيضًا زيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني، وتعزيز فاعلية التخطيط المالي وكفاءة الإنفاق الحكومي وتنويع الإيرادات الحكومية بل وتعظيمها من الأصول المملوكة للدولة، واخيرًا فإنها سوف تدعم تصميم هيكل حكومي أكثر مرونة وفاعلية وتحسين أداء الجهات الحكومية والارتقاء بجودة الخدمات وتعزيز المنافسة في القطاع الخاص.

خيار استراتيجي

وأكدت على أن توافر البنـى التحتية (القانونية، والنظامية والإنشائية) الداعمة للتخصيص، باعتباره خيارا استراتيجيا سوف يُسهم في رفع مستوى الخدمات، ويزيد من مُساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، ويدعم جهود الدولة المتواصلة نحو تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، وأنه خطوة مهمة ومتقدمة وأكثر فاعلية، يتبعها تنظيم وضبط وتحديد أُسس إتمام الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، وتوفير فرص استثمارية جاذبة، وبالتالي المزيد من فرص العمل أمام قوى العمل الوطنية.

 

آليات الاستثمار

وحول القضايا التي تهم القطاع الخاص فيما يتعلق ببرنامج التخصيص، أشارت الدراسة إلى أن القطاع الخاص يرى أهمية تحديد واضح لأُطر الشراكة بين القطاعين سواء من خلال بيان آليات إفساح المجال له للاستثمار ضمن البرنامج بوضع القوانين والأنظمة التي تحدد دور كل جهة بالتفصيل، وتحديد آليات الاستثمار والأُطر الزمنية للبرنامج، أو من خلال تحديد الأثر من البرنامج عليه بإجراء دراسات مُعمقة لآثار البرنامج على القطاع الخاص تحديدًا ووضع معايير لقياس ذلك الأثر.

آفاق الاستفادة

وأكدت الدراسة على أهمية تعريف قطاع الأعمال بالأصول والخدمات العامة في القطاعات الاقتصادية المختلفة القابلة للتخصيص، والسُبل التي يتم من خلالها تطبيق البرنامج على المدى الطويل والمتوسط، والآليات التي تتبعها وزارة المالية لدعم استفادة القطاع الخاص من البرنامج، وذلك ببيان البرامج التي أعدتها الوزارة لدعم القطاع الخاص في هذا الشأن، وكذلك آفاق الاستفادة منها على المدى الطويل، وأشارت إلى أهمية أن تتضمن إجراءات عقود التخصيص تطبيقات واضحة للشفافية وآليات الاستفادة وقياسات لدورها في توفير بيئة تنظيمية واستثمارية وجاذبة ومُحفزة للقطاع الخاص.

 

ركائز التخصيص

وقدمت الدراسة رصدًا مختصرًا لأهم الركائز التي يستند عليها برنامج التخصيص، كتعزيز جودة وكفاءة الخدمات العامة، ودعم المساهمة في التنمية الاقتصادية، وتمكين منظومة التخصيص والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأوضحت أن البرنامج يهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وإدارة الأصول المملوكة للقطاع العام، وذلك من أجل تحسين جودة الخدمات والمخرجات لقطاعات: التعليم، والصحة، والشؤون البلدية، وغيرهم من القطاعات، وخفض التكاليف من خلال الاستفادة من خبرات القطاع الخاص، وإعادة تركيز جهود الحكومة على أدوارها التشريعية والتنظيمية وتعزيز المحتوى المحلي والاقتصاد الوطني، وأيضًا إعادة خلق فرص عمل جديدة أمام المواطنين بالقطاع الخاص في مختلف أنحاء المملكة، وتمكين القطاع الخاص بإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية أمامه وهو ما ينعكس إيجابًا على مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، لاسيما أن رؤية المملكة 2030م استهدفت زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى %65 بحلول عام 2030م، مؤكدة أن البرنامج بمثابة المرآة للرؤية كونه يحرّر الأصول المملوكة للدولة أمام القطاع الخاص ويرفع من مستوى الخدمات ويجعلها أكثر شمولية وتنافسية ويرفع كذلك من الإنفاق الحكومي وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منه.