أسواق عقار

وانفتحت الشهية العقارية!

مثّلت الأصول العقارية نسبة %15 من إجمالي أصول الصناديق العامة للاستثمارات وقرابة الـ %34 من إجمالي أصول صناديق الاستثمار الخاصة

توقعات بأن يستمر التضاد بانفتاح الشهية وارتفاع الأسعار، التي لم تنخفض بسب تضخّم مواد البناء وتنامي الطلب على السكن ونظام استثمار وتملك الأجانب

 

كريمٌ مع كل من راهن على الاستثمار فيه، يُصنف من القطاعات الآمنة والملاذ الآمن للكثيرين من المستثمرين، ولا يزال العقار في مسارٍ صاعدٍ ومليء بالفرص الجاذبة، وما حدث منذ الجائحة ويجرى الآن في سوق العقار بشقيه السكني والتجاري بالمملكة يوافق التوقعات بانفتاح الشهية العقارية مصحوبةً بتزايد ثقة المستثمرين بالسوق العقارية خاصةً وباقتصاد المملكة عامةً.

إلا أن هذه الشهية ناحية السوق العقاري بالمملكة تواجه معضلة الارتفاعات الكبيرة وغير المسبوقة في الأسعار لا سيما في العاصمة الرياض؛ فقد أظهرت منصة (رياليست) للدراسات والاستشارات العقارية بأن أسعار العقارات السكنية قفزت خلال 6 أشهر فقط في أحياء شمال الرياض بنسبة %60.

جاذبية عالية

يتميز سوق الاستثمارات العقارية بجاذبية عالية، فوفقًا لبيانات هيئة السوق المالية للربع الثاني لعام 2022م مثّلت الأصول العقارية نسبة %15 من إجمالي أصول الصناديق العامة للاستثمارات وقرابة الـ %34 من إجمالي أصول صناديق الاستثمار الخاصة البالغة 333 مليار ريال، وتُسجل العاصمة الرياض التي احتلت العام الماضي المركز الثالث عالميًا بعد نيويورك ودبي، في الإقبال على الشراء فيها، ارتفاعًا في الأسعار بأكثر من %40 من حجم التداولات العقارية في المملكة، بل والأكثر ارتفاعًا في الأسعار لاسيما في بعض الأحياء التي وصل قيمة المتر فيها إلى 10 آلاف ريال.

وفي محاولة لضبط الأسعار تتوسع الدولة في مشاريع الإسكان وتحسين البنية التحتية، وتهدف وزارة الشؤون القروية والإسكان حاليًا إلى زيادة المعروض العقاري في مناطق ومدن المملكة كافة، من خلال 142 مشروعًا تحت الإنشاء بالشراكة مع القطاع الخاص، وتوفير 140 ألف وحدة، وسيكون مشروع ضاحية الفرسان الضخم، واحدًا من أهم المشاريع السكنية في العاصمة، وسيوفر نحو 50 ألف وحدة سكنية وتتسع لأكثر من ربع مليون نسمة.

لم ينخفض

وقد شهد عام 2022م إبرام أكثر من 75 ألف صفقة عقارية في العاصمة من ضمنها نحو 57 ألف صفقة عقارات سكنية وأكثر من 8 آلاف صفقة عقارات تجارية، وشهدت المنطقة أكثر من 62 ألف قطعة أرض، و7 آلاف شقة، وأكثر من أربعة آلاف أرض زراعية، وكان من الممكن أن تكون تلك الأرقام أكبر لولا ارتفاع الأسعار بما يفوق توقعات المُشتري والقدرة على تحمل التكاليف، وبسببه انخفض الحجم الإجمالي للمنازل المُباعة في العاصمة بنسبة %30 حتى نهاية الربع الثالث من العام السابق.

وثمة توقعات بأن تستمر حالة التضاد بانفتاح الشهية العقارية وارتفاع الأسعار، التي لم تنخفض على المدى القصير لاسيما في مدن كالرياض والدمام وجدة، بسبب تضخّم مواد البناء وتنامي الطلب على السكن ونظام استثمار وتملك الأجانب.

 

عبدالرحمن الزامل

عصب الاقتصاد

ويؤكد رئيس اتحاد الغرف السعودية سابقًا، الدكتور عبدالرحمن الزامل، على أن البلاد بخاصة العاصمة تعيش قفزة عقارية مهولة، سواء على المستوى التجاري أو السكني، وسيكون لها تأثير كبير على مختلف مناحي الاقتصاد في الدولة ككل، ويقول: نحن نعيش وضعًا اقتصاديًا متميزًا، الدولة تقدم برامج ومشاريع واضحة، وهناك توجه كبير لإسكان المواطنين، وهذا واضح من المشاريع الكبيرة في كل مكان وخاصة في العاصمة، ويُضيف بأن الاستثمار العقاري بات وجهة لكثير من المستثمرين ولهذا يبدي تفاؤله واقتناعه بأن العقار هو توجه رسمي، لأن الكل يريد أن يسكن.

واعتبر الزامل، أن العقار هو عصب الاقتصاد، ولفت إلى أن العاصمة هي أكبر مدن المملكة، وعصب الدولة مثلها كمثل بقية كل عواصم العالم، فيها تتركز معظم الوظائف والمشاريع الكبيرة، وفيها حركة تطوير كبيرة وواسعة، فالرياض مدينة كبيرة ولديها بنية تحتية رائعة، وباتت وجهه للاستثمار من مختلف دول العالم، فاليوم الشركات العالمية باتت تنقل مقراتها الإقليمية للرياض، وهو ما يخدم مستقبل العقار ليس في العاصمة فحسب بل في المملكة.

خالد الربيش

سوق ادخاري

ويرى كذلك المختص في السوق العقارية، خالد الربيش، أن ثمة تحولات كبيرة في السوق العقارية، خاصة في العاصمة الرياض، معتبرًا أن انفتاح الشهية العقارية جاءت نتيجة للتحولات الحكومية، والتنظيمات الجديدة، وحالة الطفرة والنضج الذي يعيشه السوق بعد الجهود الحكومية التي وسعت دائرة صلاحيات وزارة الإسكان سابقًا والآن الشؤون البلدية والإسكان، وإنشاء الهيئات المعنية، وتحديدًا الهيئة العامة للعقار، وتبع ذلك وضع عدد من الأنظمة والتنظيمات التي ساعدت في تنظيم السوق العقارية وتحويله من سوق ادخاري إلى سوق يخدم الهدف منه، وهو توفير المنتجات العقارية، هذا الأمر تعزز وكان أبرز ثماره ارتفاع نسبة التملك خلال السنوات الخمس الماضية نتيجة هذه الجهود الحكومية والتنظيمات العقارية، كنظام الملاك والبيع على الخارطة وغيرها.

وقال الربيش، إن الأسعار ماتزال مرتفعة لأن لها تاريخًا طويلاً جدًا، فقبل عشرات السنين كانت الأرض وسيلة وليست هدفًا، التنظيم السابق في موضوع تمكين المواطنين من السكن من خلال توفير الأرض والقرض وأثبت أنه غير فعال، بينما أسهم توفير الأراضي عن طريق وتجار العقار في تحول تلك الأراضي لسلع وادخار، كثير كان يكتنز هذه الأراضي بغرض الادخار والاستفادة من ارتفاع سعرها، ففي دول كبيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية لا يقوم الأفراد بالتطوير العقاري، بل تقوم به شركات عملاقة تحصل على الأراضي بطريقة معينة دون أن يكون سعرها مرتفعًا، وبالتالي يكون سعر المنتج في نهاية المطاف معقولاً.

نواف الشمري

مستقبل الأسعار

ولفت الربيش، إلى أن أي حديث عن مستقبل الأسعار حاليًا لن يكون موضوعيًا وليس دقيقًا، وقال إذا نظرنا لحجم التطور في العاصمة الرياض والنمو السكاني نحن نتحدث عن واحدة من أهم المدن الاقتصادية في العالم، الكل يعلم أن الهدف أن تكون الرياض واحدة من أهم عشر مدن اقتصادية في العالم، في 2030م وهذا الهدف سيتحقق ونشاهد أن هناك تطورًا عقاريًا هائلاً، وهجرة كبيرة للمواطنين صوب العاصمة للاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة فيها، إضافة لوجود عنصر مهم وهو السماح للأجانب والشركات الأجنبية بالتطوير العقاري والتملك، وهو ما سيرفع الطلب على الوحدات السكنية، سواء للسكن أو الاستثمار.

علي الكاشف

زيادة الطلب

فيما يقول الرئيس التنفيذي لشركة حلول العقارية، نواف الشمري، إنه في الفترات السابقة، كانت العقارات التجارية أغلى من العقارات السكنية، ولكن منذ عام 2017م وارتفعت أسعار العقارات السكنية نتيجة ارتفاع الطلب، وأن العاصمة باتت جاذبه للمستثمرين بسبب الكثافة السكانية والحركة الاقتصادية الكبيرة، الاتجاه نحوها بات أكثر من أي مدينة أخرى، وهذا أيضًا انعكس على أسعار العقارات التي ارتفعت نتيجة زيادة الطلب، ويتفق الشمري مع من يعتقد بصعوبة التكهن بمستقبل الأسعار، بقوله إنه من الصعب التكهن بأسعار العقارات خلال الفترة المقبلة، غير أن الحركة الاقتصادية كلها تصب في العقار، ارتفاع الفائدة تسبب في زيادة تكلفة التمويل، ومن الصعب الحديث عن وقت محدد للوصول للأسعار الجذابة للمشترين.

 

توصية واحدة

يؤكد الخبير العقاري خالد المبيض، الرئيس التنفيذي لشركة منصات العقارية، أنه من الخطأ جمع العقار في توصية واحدة، متهما من يقوم بذلك بالجهل، قائلاً عندما نتحدث عن العقارات فهناك السكني والسكني الفاخر والتجاري والمستودعات والأراضي، والأراضي البيضاء، وجمعها كلها في تقدير واحد غير دقيق، فالتحديات التي تواجه السوق العقاري من التضخم كبيرة، وكل قطاع يتعامل معها بشكل مختلف، وأضاف بأن هناك تفاوتًا في التعاطي مع هذا التضخم فشمال الرياض الفاخر ارتفع أكثر من المستودعات والتجاري، والسكني في غيره، بلا شك فأن ارتفاع الفائدة ادى لتأثر العقارات السكنية المرتفعة القيمة، ولكنه لم يؤثر على بقية العقارات، وأثر عليها بسبب انخفاض الطلب وضعف القيمة الشرائية، ولفت إلى أن مستقبل العقارات مازال واعدًا على الرغم من تباطؤ المبيعات، معتبرًا أن استمرار الركود سيؤدي لانخفاض ولكن ليس بمعدل كبير.

ويتابع، هناك تحديات كبيرة تواجه العقارات السكنية، أكثر من مجرد ارتفاع قيمة الأراضي، فمازالت تكاليف البناء مرتفعة، ولو حصل نزول في قيمة الأرض بنسبة %20 مثلاً، فلن يؤثر على قيمة البيع بشكل كبير، مشددًا مجددًا على أن انخفاض المؤشر العقاري بداية ركود ولكن لن يكون هناك انهيار وهبوط كبير في الأسعار، ويضيف بأن شريحة مرتفعي الدخل لاتزال أمامهم تحديات ولكن لن يكون أمامهم مشكلة، فهم قادرون على الشراء بالأسعار الحالية.

خالد المبيض

خارج السرب

وأرجع المثمن العقاري المعتمد، علي الكاشف، تباطؤ الحركة العقارية إلى التضخم وارتفاع معدل الفائدة، قائلاً: إن ذلك لا ينطبق على الرياض التي تعيش انتعاشًا عقاريًا بشكل كبير وتنفتح شهية العقاريين المحليين والخارجيين نحوها، نظرًا للمشاريع العملاقة التي يتم بناؤها في العاصمة، والقوة الشرائية الأكبر لسكانها، فالرياض بحسب الكاشف تغرد خارج السرب، ارتفاع الأسهم كان له دور في ذلك، إضافة لأن الرياض باتت منطقة جاذبة للمستثمرين بسبب مشاريع التطوير الكبيرة مثل مشروع المربع ومشروع الدرعية ومشروع القدية، وغيرها من المشاريع العملاقة، كل هذه جعلت الرياض أكثر جذبًا، ولهذا نجد أن الكثيرين باتو يتجهون صوب الرياض للاستثمار فيها، ووفق رؤية 2030م ستكون الرياض مدينة عالمية، وأحد أهم المدن في العالم.

وقال الكاشف، إن العاصمة اليوم تستحوذ على رؤوس أموال معظم رجال الأعمال، والمقاولون يفكرون في الرياض كخيار أول، حتى الشركات العالمية باتت تفتح فروعًا لها في العاصمة، غير أنه، رغم كل هذه المعطيات أشار إلى أن توازن الأسعار لم يتحقق بعد.