تحليل

هل ستخاطر الصين وتتخلص من سنداتها الأمريكية؟

الاقتصاد الصيني دائمًا ما يكون تحت أنظار المراقبة، بصفته ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، خصوصًا أيضًا أنه يمثل النسبة الأهم من الطلب العالمي، وأي بيانات تصدرها الصين، تتفاعل معها الأسواق المالية بقوة، ولكن أيضًا، عدا البيانات الاقتصادية، هناك مراقبة قوية على احتياطات الصين من النقد الأجنبي، ومن مخزون الذهب، ومن أيضًا حيازتها من سندات الخزانة الأمريكية.

بداية.. ماذا يجري على جبهة سندات الخزانة الأمريكية؟ الصين قلّصت حيازتها في السنوات الأخيرة من سندات الخزانة الأمريكية، بعدما باعت أكثر من 250 مليار دولار من هذه السندات، أو ما يعادل %30 مما كانت تملكه من هذه الفئة قبل 4 سنوات.

لطالما كانت الصين، تتنافس واليابان على المركز الأول على لقب أكبر دائن للولايات المتحدة، من ناحية سندات الخزينة، إلى أن كثفت من مبيعاتها ووصلت حيازتها إلى 859 مليار دولار حسب نهاية شهر يناير الماضي، وهذا أقل مستوى لها منذ 14 سنة.

هذه الكمية تُشكل حاليًا، حوالي %12 من مجموع سندات الدين الأمريكي التي تحملها الدول الأجنبية، والتي تصل إلى أكثر من 7.4 تريليون دولار.

وكانت الصين رفعت حيازتها من سندات الخزينة بشكل دراماتيكي على مدى 11 سنة، من 100 مليار دولار   في عام 2002م إلى أكثر من 1.3 تريليون دولار في عام 2013م وسجلت وقتها أعلى مستوى لها، أما بالنسبة لليابان، فارتفعت حيازتها من 534 مليار دولار إلى 1.1 تريليون دولار   بين عامي 2000م و2022م.

وتزامن ذلك مع ارتفاع قيمة السندات عقب الأزمة العالمية في عام 2008م من 2 تريليوني دولار إلى أكثر من 6 تريليونات دولار في نفس الفترة، وكانت الصين في تلك الفترة هي اللاعب الرئيسي في شراء هذه السندات.

وفي نظرة سريعة على أكثر الدول التي تحوز على سندات الخزانة الأميركية تأتي اليابان في الصدارة بحوالي %15 من مجموع ما تملكه الدول الأجنبية والوحيدة التي لديها أكثر من 1 تريليون دولار وتحديدًا عند 1.1 تريليون دولار، وفي المركز الثالث خلف اليابان والصين في المركز الثالث مع 668 مليار دولار وتشكل حوالي %9 من المجموع العام وتأتي بعدها بلجيكا ولوكسمبورج وسويسرا لكن ما يلفت النظر هي جزر كايمان والتي هي إقليم ما وراء البحار البريطانية وتقع في غرب البحر الكاريبي ولديها أكثر من 285 مليار دولار من هذه السندات.

وفيما يختص الدين الأمريكي تملك الدول الأجنبية حوالي ربع هذا الدين بعدما كانت النسبة عند %34 في عام 2014م وتُشكل وقتها أعلى مستوى لها عند 7.7 تريليون دولار.

هذا بالنسبة إلى حيازة الصين من سندات الخزانة الأمريكية أما بالنسبة إلى علاقتها مع الذهب فهي منذ سنوات طويلة أكبر منتج للذهب في العالم مع إنتاج سنوي وصل إلى 330 طنًا في عام 2022م ويتقاسم المركز الثاني استراليا وروسيا مع 220 طنًا لكل من الدولتين.

أما بالنسبة إلى حيازتها من المعدن الأصفر فهي تملك 65 مليون أونصة أما بالنسبة إلى احتياطيات النقد الأجنبي التي لديها 3.18 تريليون دولار، وهي الأكبر في العالم.

وازداد اهتمام الصين بالذهب في السنوات الماضية وعملت في كل مناسبة على زيادة مخزونها وواكب ذلك صعود للأسعار مع تقلبات عنيفة تخطى فيها المعدن الأصفر مستويات 2000 دولار عدة مرات. وفي كل موجة صعود شاهدنا أن البنوك المركزية العالمية كانت تريد للهروب من الدولار بتنويع احتياطاتها بشراء المزيد والمزيد من الأطنان من الذهب وعلى رأسها كانت روسيا التي تخلت عن معظم حيازتها من سندات الخزانة الأمريكية قبل اندلاع الحرب مع أوكرانيا.

وبالنسبة للصعود الأخير لأسعار الذهب دائمًا ما تكون قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن معدلات الفائدة هي المؤثر الأول في تحريك الأسعار. وخصوصًا مع اندلاع الأزمة المصرفية في الولايات المتحدة التي ضربت البنوك الصغيرة والمتوسطة والتي تعرضت لهزة ثقة بعدما فقدت الكثير من سمعتها وسط العملاء الأفراد.

وفي نظرة سريعة على أكبر 10 بنوك أمريكية من حيث الأصول يأتي مصرف جي بي مورغان كأكبر مصرف أمريكي مع 3.2 تريليون دولار من الأصول وبعيدًا عن صاحب المركز الثاني بنك أوف أميركا الذي يملك أصولاً بحجم 2.4 تريليون دولار ويأتي في المركز الثالث مصرف سيتي مع 1.76 تريليون دولار وبمستوى متقارب يأتي ويلز فارجو في المركز الرابع مع 1.71 تريليون دولار.

أما بقية البنوك، جميعها لديها أصول بأقل من 1 تريليون دولار وبعيدة جدًا عن البنوك الأربعة الكبار فنرى مثلاً في المركز الخامس “يو إس بانكورب” مع 585 مليار دولار من الأصول، وسادسًا تأتي مجموعة “بي إن سي” مع 552 مليار دولار وسابعًا “ترويست فاينانشيال” مع 546 مليار دولار ثم في المركز الثامن المصرف الشهير جولدمان ساكس مع 487 مليار دولار و”كابيتال وان” تاسعًا مع 453 مليار دولار وأخيرًا في المركز العاشر “تي دي بنك” مع 386 مليار دولار.

أعود إلى الاقتصاد الصيني والذي رغم التباطؤ الذي شهده في السنوات الأخيرة، لكنه ما زال هو المصدر الأساسي للنمو في العالم، رغم التحديات الكبيرة الذي يواجه الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى سياسة “صفر كورونا” التي اتبعتها الصين، وأيضًا تصديها للأزمة العقارية التي ضربت كُبرى شركات التطوير العقاري هناك، بالإضافة إلى الحرب التجارية التي اندلعت بينها وبين الولايات المتحدة.