تميزها بمرونة الاستثمار جعلها عاملا حيويا في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل في البلدان المتقدمة والنامية
“اليونكتاد”: عدد المناطق الاقتصادية حول العالم تُقدر بأكثر من 5,400 منطقة مُوزعة على 147 بلدًا
تأتي المناطق الاقتصادية الأربع كجزء من برنامج طويل الأمد يستهدف إطلاق مزيد من المناطق في الأعوام المقبلة
منعطف جديد في فلسفة التنوع الاقتصادي، أخذت تخوضه المملكة ضمن رؤيتها المترتبة على الاستغلال الأمثل للموارد، بإعلانها تخصيص مناطق جغرافية مستثناة من القوانين الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وقوانين العمل والقيود القانونية الأُخرى على الأعمال التجارية، وذلك بهدف تصنيع وإنتاج البضائع بأسعار منافسة عالميًا.
ورغم كثرة المناطق الاقتصادية أو الحرّة حول العالم؛ إذ تُقدر منظمة “اليونكتاد” ـ وهي منظمة تمثل جزءًا من الأمانة العامة للأمم المتحدة، تتناول قضايا التجارة والاستثمار والتنمية ـ عدد المناطق الاقتصادية حول العالم بأكثر من 5,400 منطقة مُوزعة على 147 بلدًا، إلاّ أن تحقيق الاستفادة القصوى منها يتحقق بالعديد من الإجراءات سواء الفنية ذات الارتباط باختيار المنطقة جغرافيًا، أو الإرادة السياسية باعتبارها صاحبة الدور الحاسم في إنجاح المناطق الحرة أو الجهة الموكل إليها عمليات التنفيذ والتشغيل، فضلاً عن وفرة المواد الخام والسوق، وثبات العملة والمعاملات الضريبية، وثبات القوانين، ووضوح التقاضي والتحكيم.
وتهدف المناطق الحرة في مضمونها (في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء) إلى دعم وتنويع الاقتصاد المحلي، وتنمية الصادرات، وتحسين الإنتاجية، بالتالي فإن ثمة فوائد جمة لها كونها عاملا حيويا في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، بالإضافة إلى ذلك، يمكنها أن تلعب دورًا في دعم الابتكار وريادة الأعمال، كونها تتميز بمرونة الاستثمار، وإعادة تدوير البضائع.
ولذلك فهذه المناطق تحظى باهتمام كبير لدى العديد من الدول حول العالم، فالصين مثلاً تنظر إلى مناطقها الاقتصادية على أنها جزء أساسي من استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية الخاصة، وكانت قد أعلنت في عام 2016م عن خطط لإنشاء 100 منطقة اقتصادية خاصة جديدة، إضافة إلى مناطقها الـ 2,014 منطقة قائمة، وكذلك الهند التي تستثمر أيضًا بشكل كبير في تدشين المناطق الاقتصادية ولديها مخطط لإنشاء 300 منطقة.
الميزات الخاصة
وقد كان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، قد أعلن في منتصف أبريل 2023م، عن إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة، متوزعة بين الشرق والغرب والجنوب والوسط، في خطوة تهدف لأن تكون المملكة واجهة صناعية واقتصادية عالمية، من خلال جذب المستثمرين الأجانب، والمصانع الكبيرة لفتح خطوط إنتاج خاصة في تلك المناطق.
وتتمثل خطة المملكة ببناء أربع مناطق حرّة، تتوزع على المنافذ البحرية، تهدف لتثبت مكانتها الاقتصادية خاصة وأن لكل منطقة مميزات تختلف عن الأُخرى، إذ لم يأت اختيارها عشوائيًا، بل بعد دراسة عميقة لأهميتها ومردوداتها ومواقعها الجغرافية، وتشرف عليها هيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة التي تأسست عام 2010م لتتولى مهمة الإشراف الكامل على هذه المدن والمناطق إداريًا وماليًا، بما في ذلك مسؤولية التنظيم والإشراف وتقديم الخدمات الحكومية بكفاءة عالية وفق نظام النافذة الواحدة للمستثمرين والسكان.
ملكية أجنبية %100
وبحسب المعلن عنه، فإن المناطق الأربع الجديدة ستسمح بالملكية الأجنبية بنسبة %100 واستقطاب أفضل الموارد البشرية العالمية، وتشمل حزمة من الحوافز كمعدلات ضرائب تنافسية، وإعفاءات من الرسوم الجمركية عن الواردات ومدخلات الإنتاج والآلات والمواد الخام، وستتمتع بنظم تشريعية ولوائح خاصة للنشاطات الاقتصادية من شأنها أن تجعل هذه المناطق من الأكثر تنافسية في العالم لاستقطاب أهم الاستثمارات النوعية، وتتيح فرصًا هائلة لتنمية الاقتصاد المحلي، واستحداث الوظائف، ونقل التقنية، وتوطين الصناعات، كما ستفتح مجالات واسعة لتنمية مجتمع الأعمال السعودي، حيث تتكامل المناطق الاقتصادية الخاصة مع الاقتصاد الأساسي، وتوفر أرضية خصبة لتحقيق مستهدفات الاستراتيجيات القطاعية التي تخدم رؤية 2030م، مما سيتيح للشركات السعودية الاستفادة من القيمة التي تضيفها المناطق الاقتصادية الخاصة على جميع مستويات سلاسل الإمداد، وفي مختلف القطاعات.
الموقع ودقة الاختيار
ويبدو أن اختيار المناطق الاقتصادية الجديدة تم بناءًا على دراسات جغرافية مستفيضة، إذ تقع الأولى بالعاصمة الرياض وهي تتميز بتوسطها في قلب المملكة ومركزها التجاري الأكبر ومكانتها التكنولوجية المتقدمة، وبالتالي فهي تمثل تجسيداً مباشرا لسياسة “الحوسبة السحابية أولاً” في المملكة، وتؤكد هذه المنطقة التزام المملكة بالمضي في طريق الابتكار الرقمي وتعزيز قطاع التكنولوجيا سريع النمو، وترتكز وتتبنى المنطقة نموذج أعمال قائمًا على الابتكار يسمح للمستثمرين بإنشاء مراكز بيانات مادية وبنية تحتية للحوسبة السحابية في مواقع متعددة داخل المملكة، الأمر الذي يرسخ مكانة المنطقة السحابية كمنصة إقليمية رائدة بارزة للشركات العاملة في إنترنت الأشياء، وتقنية “بلوكتشين”، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، وابتكارات ويب 3.
وتقع المنطقة الثانية بمنطقة رأس الخير الصناعية حيث القرب من المنطقة الشرقية التي تمثل المركز الصناعي للمملكة على مقربة من طرق إنتاج النفط والغاز في الخليج العربي، وتعد منفذًا فريدًا للأسواق الإقليمية والعالمية الرئيسية، فيما توفر روابط السكك الحديدية المباشرة لمناجم المملكة قدرة عالية على الوصول إلى المواد الخام بسهولة، بالإضافة إلى ذلك، تمنح المنطقة الفرصة للمستثمرين ليكونوا جزءًا من مجموعة ديناميكية وعالمية، وقيادة الابتكارات في مجالات التزود بالوقود وبناء السفن، وإن تواجد كبرى الشركات العالمية يسمح للموردين بالانضمام إلى المجموعة البحرية الرائدة في المنطقة.
فيما تتميز الثالثة وهي مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بوجود أحدث ميناء تجاري متكامل الخدمات في المملكة، والذي منحه البنك الدولي عام 2022م لقب أكثر الموانئ كفاءة على مستوى العالم، كما تعمل المدينة على تعزيز مكانة المملكة كوجهة رئيسية لقطاعات التصنيع المتقدمة، مثل: مصنع السيارات الكهربائية (لوسيد)، كما تقدم ساحة الموردين خدمات فورية لتوفير سلاسل التوريد للشركات الدولية، وتمتد طموحات المدينة لتشمل مجال التقنية الطبية، حيث توفر فرصة مهمة لتصنيع المنتجات محليًا بدلاً من استيرادها، ومن ثم الوصول إلى أسواق إقليمية متنامية.
وتتميز الرابعة وهي المنطقة الاقتصادية الخاصة بجازان بوقوعها بجوار مناجم التعدين والموارد المعدنية، وعلى مقربة من ثالث أكبر ميناء بحري في المملكة لتشكّل موقعًا جاذبًا للصناعات التعدينية والثقيلة، كما تتميز المنطقة بأراضيها الخصبة والمناسبة لإنتاج الغذاء والتي توفر إمكانيات كبيرة لتصنيع المنتجات الغذائية ومعالجتها وتوزيعها لتلبية الطلب الإقليمي المتزايد ومواجهة تحديات الأمن الغذائي في جميع أنحاء المنطقة، كما أن موقع جازان الجغرافي الذي يشرف على طرق التجارة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب يتيح فرصة للشركات التي تتطلع للتوسع في القارة الإفريقية.
برنامج طويل الأمد
وتأتي هذه المناطق الاقتصادية الأربع الجديدة كجزء من برنامج طويل الأمد، وهو ما أكده أمين عام هيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة، نبيل خوجة، بأن هذه المناطق الأربع مجرد البداية لبرنامج طويل الأمد، يستهدف إطلاق مزيد من المناطق في الأعوام المقبلة، موضحًا أن ذلك سيكون من خلال استراتيجية وطنية للمناطق الخاصة، تحلل المشهد الاقتصادي العام على المستوى الوطني لاقتراح إنشاء مناطق جديدة بناء على أهداف استراتيجية لاستقطاب قطاعات جديدة، تزيد من تنافسية المملكة وتضعها في مصاف الدول الأكثر جاذبية للاستثمار العالمي.
وقال خوجة إن هذه المناطق يتم دعمها بحزم تحفيزية عدة كتخفيضات في ضريبة الدخل على الشركات، وإعفاءات من ضريبة الاستقطاع، ورسومًا جمركية مؤجلة على البضائع الداخلة إلى هذه المناطق، وإعفاء من الرسوم التشغيلية للموظفين وأفراد عائلاتهم، مشيرًا إلى أن قيمة الحوافز قد تتخطى حاجز الـ2.7 مليار دولار، إضافة لإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة بحسب القطاع أو النشاط التجاري، وتمتعها بلوائح تنظيمية مرنة وداعمة للأعمال بخصوص استقدام العمالة الأجنبية، كما أن الشركات العالمية ضمن المناطق الاقتصادية ستستفيد من المكانة الرائدة للمملكة في سلاسل توريد المعادن وقطاع التعدين، والبنية التحتية المتكاملة وعالية الكفاءة في مجال النقل والخدمات اللوجستية، فضلاً عن الأمان والاستقرار وسهولة مزاولة الأعمال فيها.
مزايا تنافسية خاصة
وكان رئيس غرفة الشرقية بدر بن سليمان الرزيزاء قد علّق على إطلاق هذه المناطق الاقتصادية بقوله: إن الاقتصاد الوطني في طريقه الصحيح لأن يصبح على رأس الاقتصادات الأكثر جذباً للاستثمارات الخارجية، وإن إطلاق المناطق الاقتصادية خطوة رائدة تُضاف إلى حزمة البرامج المُمَكِّنة التي تقدمها الدولة باستمرار لأجل تحويل المملكة إلى وجهة للاستثمار العالمي، لما تتمتع به من ميزات تنافسية سواء تشريعية أو إجرائية أو تحفيزية، وكل ذلك يدعم مستهدفات الرؤية وتطلعاتها بتنويع الاقتصاد الوطني.
وبيّن الرزيزاء أن تدشين المناطق الاقتصادية من شأنه الدفع بعجلة النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة وتحقيق أهدافهما، وأن اختيار هذه المناطق خصيصًا لما لكل منطقة منها من مزاياها التنافسية الخاصة، يؤكد أن الأمر لم يقتصر على مجرد إنشاء مناطق اقتصادية خاصة بل تخطاه إلى استراتيجية اقتصادية شاملة مبنية على برنامج طويل المدى يستهدف جذب الشركات وتشجيع الاستثمار وتعزيز النمو للقطاعات النوعية، بإيجاد بنية تحتية عالمية وتوفير فرص مميزة للاستثمار ضمن إطار منظومة متكاملة وشاملة، ما يفتح آفاقًا جديدة من الاستثمار الخارجي وتنمية الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل أمام قوى العمل الوطنية.
وأكد أن المناطق الأربع بجانب أنها سوف تنعكس إيجابًا على جذب الاستثمارات الأجنبية، فإنها سوف تنعكس أيضًا على تنمية الصادرات والوصول إلى التكنولوجيا الحديثة، كونها تعزّز من القدرة التنافسية وتحفز من نمو وتطوير القدرات الصناعية الوطنية وتدعم تأسيس الشركات الناشئة والعمل على تسريع نموها.
عجلة الحراك الاقتصادي
ومن جانبه رأى رئيس لجنة الصناعة والطاقة في غرفة الشرقية، إبراهيم آل الشيخ، أن المناطق الاقتصادية ـ وفقًا لطبيعتها الحرة ـ ستكون موجهه للشركات العالمية للاستفادة من موقع المملكة الاستراتيجي، وتكون قريبة من عملائها سواء داخل البلاد أو خارجها، والاستفادة من المواد الخام والأيدي الوطنية العاملة.. مشيرا إلى فوائد كُبرى تنطوي عليها هذه المناطق، كونها موجهة للتصدير والتصنيع، وهو ما سيفيد موانئ البلاد ودفع عجلة الحراك الاقتصادي أكثر، وتعزيز الاستفادة من موقعنا الاستراتيجي الواقع على الخليج العربي والبحر الأحمر،
وقال آل الشيخ إن أهم ما يركز عليه أصحاب المصانع هو سلاسل الإمداد خاصة بعد أزمة كورونا؛ إذ بات هناك أزمة في تأمين سلاسل الإمداد في كل أنحاء العالم، وهذه المناطق الجديدة ستكون حلاً مثاليًا لهذه المشكلة، فهذه المناطق سوف توفر للمصنعين اختصارا للمسافات بحيث سيكونون قربين من مصادر الطاقة والمواد الخام، وعلى بعد ساعات من قرابة الـ300 مليون مستهلك بالجوار.
ولفت إلى أن استراتيجية الدولة (بموجب رؤية 2030) تعتمد على الابتكار، وذلك من خلال دراسة حاجة العالم من المواد التي يتم توفيرها دون تقليد أحد، وبالتالي سيكون التصنيع بالكامل في المنطقة الحرة، وليس مجرد إعادة تصدير.
إزدواجية الفائدة
ويؤكد المحلل المالي والخبير في الأسواق العالمية، على الجعفري، على أن المناطق الاقتصادية الخاصة أو الحرة، تمثل دفعة قوية للاقتصاد المحلي، وأنها تعطي الدولة ميزة تنافسية، كمناطق مخدومة لوجستيًا، لافتًا إلى أنها مزدوجة الفائدة سواء لاقتصاد الدولة أو المنتجين المحليين، فضلاً عن أنها مفيدة لتسويق المواد الخام على المصنعين، وتحقق عوائد كبيرة سواء على الاقتصاد الكلي أو الجزئي،
وتابع قائلاً: إن هذه المناطق سيكون فيها مصانع متخصصة وفي بعضها سيكون هناك مواد خام يمكن تحويلها لصناعات تحويلية، ومصانع تنتج المواد النهائية، وأيضًا مصانع تجميع لصناعات مختلفة، مؤكدًا بأن كل هذه المصانع ستجد طريقها بسهولة للأسواق المحلية والمجاورة القريبة.
وأضاف الجعفري بأن هذه المناطق سوف تفتح الآفاق للمصنعين نظرًا لحاجتها من المصانع الجديدة لتلبية الطلب على الصناعات الجديدة وتوفير سلاسل الأمداد لها، مؤكدًا بأنها ستزيد من مساحة الفرص الاستثمارية، نظرًا لتوفر المواد الخام، وحتى لو كانت صناعات تجميع، كما يحدث للشركات الأمريكية التي تجمع منتجاتها في الصين، إذ أن توفر الطاقة يعد أحد أهم العوامل الجاذبة للمصنعين فضلاً عن توافر البنية التحتية والخدمات اللوجستية.
وبحسب الجعفري، تم توزيع المناطق الاقتصادية بشكل جيد، لتكون موزعة على البحر الأحمر والخليج العربي، وهي مناطق تعتمد فعليًا على الصناعات الموجودة فيها، لتنويع إمكانيات كل منطقة على حدة، وحسب الخدمات اللوجستية التي تحتاجها كل دولة تحاول أن تنشأ مناطق صناعية حرة فيها للاستفادة من إمكانياتها، وتجذب المستثمرين، ونحن في المملكة لدينا فرصة مثالية لتحقيق الاستفادة القصوى من تلك المناطق الخاصة.
التجارب العالمية
ومن جهته أكد الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى السابق، الدكتور أسامة كردي، على إن التجارب الاقتصادية العالمية أثبتت أن إنشاء مثل هذه المناطق الاقتصادية الحرة والتجمعات ترتد بالإيجاب على تنمية الاقتصاديات الوطنية، خاصة إذا كانت مدنا متخصصة في قطاعات معينة، مشيرًا إلى تجارب المملكة السابقة في الجبيل وينبع ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية ونجاح هذه التجارب، فالخبرات الوطنية في إدارة هذه المدن تنبئ بنجاح برنامج المناطق الخاصة المعلنة.
وشدد كردي على أهمية التفريق بين المدن الصناعية التي تركز على القطاعات الصناعية فقط، وبين المناطق الاقتصادية التي تحتضن كل المشاريع الاستثمارية التي تشكل الصناعة وتشمل الخدمات المختلفة، والتجميع وإعادة التصدير، وأيضًا الخدمات اللوجستية والنقل، مضيفًا بأن المدن الاقتصادية الجديدة، سيكون هدفها جذب المستثمرين من الخارج، وأن تكون متخصصة في كل منها، وثمة شعور بدأ يلاحظ حول العالم بأن المستثمرين الأجانب يجذبون بعضهم البعض ويريدون أن يكونوا قريبين من بعضهم البعض وهذا سيساعد على جذب الاستثمارات.
تجربة استثمارية استثنائية
فيما أكد المتخصص العقاري خالد بارشيد، أن المستثمر المحلي سيستفيد بدوره من هذه المناطق الجديدة من خلال تنمية الاقتصاد المحلي بنقل التقنية الحديثة وكذلك توطين الصناعات، واستحداث الوظائف، وأنها ستفتح مجالات واسعة لتنمية مجتمع الأعمال حيث تتكامل المناطق الاقتصادية الخاصة مع الاقتصاد الأساسي، وتوفر أرضية خصبة لتحقيق المستهدفات التي تخدم رؤية المملكة 2030م مما سيتيح للشركات الوطنية الاستفادة من القيمة التي تضيفها هذه المناطق على جميع مستويات سلاسل الإمداد، وفي مختلف القطاعات.
وأضاف بأن هذه المناطق ستدعم الحراك الاقتصادي عندما تصبح منصات لوجستية وصناعية متكاملة، تتمحور حول المستثمر، لتوفير تجربة استثمارية استثنائية، وترسخ مكانة المملكة كبوابة عبور لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وحلقة وصل بين أسواق الشرق والغرب، مما يجعل المملكة وجهة عالمية للاستثمار، ومركزا حيويا يدعم سلاسل الإمداد العالمية.
وقال بارشيد إن التحول للاقتصاد الصناعي في المملكة بات مطلبا شديد الأهمية لكافة رجال الأعمال والمستثمرين المحليين خاصة وأن هذه المناطق تُمثل مرحلة أولى من برنامج طويل المدى يستهدف جذب الشركات الدولية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز نمو القطاعات النوعية المستقبلية، بالتالي فإن الفكرالاستثماري الحالي يحتاج إلى أن نسرع به وذلك من خلال إيجاد بنية تحتية عالمية المستوى، تدعمها منظومة متكاملة ومتطورة من اللوائح والأنظمة.
تأهيل القطاعات الاقتصادية
وبدوره أكد عضو مجلس الشورى، الدكتور المهندس عبدالعزيز العطيشان، على أنه ولكي نحقق الفائدة الأكمل من هذه المناطق، لابد أن نؤهل جميع القطاعات الاقتصادية، بما فيها القطاع الهندسي، الذي سيكون عليه دور كبير لتوفير المخططات الهندسية، فهذه المناطق تدعونا إلى أن نغير الصورة السائدة التي تعتمد على المكاتب الهندسية العالمية، وأن تكون الأولوية للقطاع الهندسي المحلي، قائلاً:”نحن كاستشاريين هندسيين نأمل أن تتبلور هذه الفكرة في هذه المناطق، وأن يتم دعم المكاتب الهندسية المحلية، في مختلف المجالات، دون أن نلغي مسألة التعاون مع المكاتب العالمية لزيادة الخبرة والجودة، حتى نصل لمستوى عال من المهنية”.