“أوبك” ووكالـــــة الطاقــــــة الدولية تتوقعان ارتفاع الطلب العالمي على النفط، وروسيا تؤكد تمسكها بالتزاماتها فيما يتعلق بتخفيض إمدادات النفط.
النفط، مثله كأي سلعة أُخرى يتحدد سعره وفقًا لمعادلة العرض والطلب، فكلما زاد الإنتاج والإمدادات زاد العرض وانخفض السعر، والعكس فكلما زاد الطلب ارتفع السعر.
فرض عديد من التوترات الجيوسياسية وحالة “ضبابية” نمو الطلب ترقبًا بشأن أسعار النفط العالمية، واتجاهات نمو الطلب خلال عام 2024م، فمن جهة ثمة قلق من احتمالية حدوث ركود في الاقتصاد العالمي، ومن جهة أخرى فإن الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك الحرب في غزة، وما أعقبها من تداعيات الأمن الملاحي في البحر الأحمر، أحدثت تغييرات في تدفقات التجارة العالمية وأعادت هيكلة أسعار النفــــط، ما يشير إلى أن القطـــاع النفطي خلال عام 2024م، سيستمر في مواجهة عدد من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، التي ستؤثر على الأسواق والأسعار.
خريطة الإنتاج العالمي
تُعد منطقة الشرق الأوسط وغرب أفريقيا والأمريكتين أكبر مناطق إنتاج النفط في العالم، ويُشير تقرير نشره موقع “أويل برايس” الأمريكي أن هناك تغيرًا حدث عام 2023م في خريطة إنتاج النفط العالمي؛ حيث ظهرت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى في إنتاج النفط عالميًا، ووصل إنتاجها لذروته تاريخيًا بمعدل أكثر من 13 مليون برميل يوميًا في سبتمبر2023م، وأشار التقرير إلى أن المملكة، والتي جاءت في المركز الثاني لمنتجي النفط عالميًا، وتتبنى نهجًا طوعيًا لخفض الإنتاج للمحافظة على استقرار السوق والأسعار، وصل متوسط معدل إنتاجها اليومي في النصف الأول من عام 2023م حوالي 10.2 ملايين برميل، وفي النصف الثاني من العام نفسه إلى 9 ملايين برميل يوميًا، ووفقًا للتقرير، فإن روسيا جاءت في المركز الثالث، بإنتاج حوالي 9 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام، علمًا أن روسيا قررت بعد الحرب على أوكرانيا عدم نشر بيانات حول إنتاج قطاع النفط وصادراته، خشية أن تستغل الدول المناوئة لها ذلك، وتعرقل العائدات المالية من هذا القطاع.
حرب حصص السوق
غني عن القول إن النفط، مثله كأي سلعة أُخرى يتحدد سعره وفقًا لمعادلة العرض والطلب، فكلما زاد الإنتاج والإمدادات زاد العرض وانخفض السعر، والعكس فكلما زاد الطلب ارتفع السعر، وبالإضافة لمعادلة العرض والطلب، فإن هناك عوامل أُخرى تؤثر في سعر النفط كسياسات الحكومات والإجراءات ذات الصلة بالقطاع النفطي، كما تؤثر المضاربات على عمليات البيع وعلى أداء أسعار النفط، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، كذلك فإن الطفرات الاقتصادية تؤدي إلى زيادة الطلب على النفط، ومن ثم ارتفاع الأسعار، وعلى العكس من ذلك، فإن حدوث ركود في السوق يُضعف الطلب ومن ثم ينخفض السعر، كما يؤثر التقدم التكنولوجي في مجال الاستخراج والإنتاج على الأسعار.
ويُمكن أن تؤثر التوجهات العالمية لزيادة استخدام الطاقة المتجددة والسياسات المتعلقة بذلك على الطلب، وعلى سبيل المثال، فإن الطاقة المتجددة التي بدأت تحل محل الوقود الأحفوري في القطاعات المختلفة، باتت تؤثر بشكل كبير على الأسعار.
ومن العوامل المؤثرة أيضًا، ما يُطلق عليه “حرب حصص السوق”، إذ يحرص كبار المنتجين، حتى عندما ينخفض سعر النفط انخفاضًا كبيرًا على عدم خفض إنتاجهم، حرصًا على حصتهم في السوق في مواجهة المنافسين الآخرين، مع أن الحسابات الاقتصادية من المفترض أن تدفعهم في هذه الحالة لخفض الإنتاج لدفع أسعار النفط للارتفاع، وفيما يتعلق بتأثير الأحداث الجيوسياسية على أسعار النفط، فلاشك أن الاضطرابات الجيوسياسية في العالم، وخاصة في مناطق الإنتاج، هي أحد أبرز العوامل، التي تؤثر على الأسعار، وفي هذا الإطار، توضح المتخصصة في قضايا النفط بموقع أويل برايس، تسفيتانا باراسكوفا، أن المخاطر الجيوسياسية في مناطق العبور الرئيسية، وعلى رأسها، البحر الأحمر، هي أحد العقبات الكبيرة أمام السيطرة على الأسعار، فضلاً عن التحديات التي تواجه تحالف “أوبك بلس”، فيما يتعلق بإدارة الإمدادات في ظل زيادة الإنتاج، خارج منظمة الدول المصدرة للنفط.
وفي سياق مشابه، يقول المحلل الاقتصادي المتخصص في قطاع الطاقة، بيتر باخر، إن الحروب والتوترات العالمية الأُخرى تزيد من خطر حدوث صدمات في السوق، وأشار إلى أن معظم التوقعات تُرجح ارتفاع أسعار النفط العالمية في 2024م، وأن احتمال ارتفاع أسعار النفط لا يزال يفوق احتمال حدوث ركود يدفعها إلى الانخفاض، إلا أنه أكد أن مدى ارتفاع أسعار النفط هو أمر لا يمكن تخمينه، وذلك لأن قدرًا كبيرا من عدم اليقين الجيوسياسي يمكن أن يتجاوز بسهولة متغيرات السوق التقليدية.
عام خفض الإنتاج
بعد الأداء الجيد للنفط في عامي 2021م و2022م، تراجعت أسعار النفط في عام2023م، الذي يحلو للبعض أن يصفه بـ “عام خفض الإنتاج”، ففي أبريل 2023م، أعلن تحالف “أوبك بلس” (أعضاء منظمة أوبك وحلفاؤها)، والذي يُمثل %40 من إمدادات النفط العالمية، عن تخفيض الإنتاج بمعدل 1.65 مليون برميل يوميًا، إضافةً إلى استمرار العمل بالتخفيض السابق البالغ 2 مليون برميل يوميًا، والذي بدأ في أكتوبر 2022م، ليصل إجمالي “الخفض الطوعي إلى حوالي 3.66 مليون برميل يوميًا، أي ما يعادل حوالي %3 من الطلب العالمي على النفط.
وبعدها صدرت عدة قرارات بالخفض، من أجل تحقيق التوازن في أسواق النفط؛ إذ قررت المملكة التطوع بخفض إضافي قدره مليون برميل يوميًا، ابتداء من يوليو 2023م، وسلكت روسيا النهج نفسه، عندما قررت التخفيض الطوعي لصادراتها، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة %25، لتصل إلى حوالي 97 دولارًا للبرميل.
واستمر بعد ذلك الخفض الطوعي، سواء في الإنتاج أو التصدير، كما مددت المملكة تخفيضاتها الطوعية عدة مرات، ومنها الإعلان في نوفمبر 2023م عن تمديد تخفيضها الطوعي إلى مارس 2024م، كما أعلنت روسيا في ديسمبر 2023م أنها تعتزم بدءًا من يناير 2024م خفض صادرات النفط من موانئها البحرية بما يتراوح بين 100 ألف و200 ألف برميل.
وفي تصريحات لنائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، تعليقًا على توقعات بعض المحللين بوصول سعر خام برنت ما بين 80 و85 دولارًا للبرميل في عام 2024م؛ فإنه أوضح أن روسيا والمنتجين الآخرين لا يستهدفون أي سعر محدد، وأن بلاده تتمسك بالتزاماتها فيما يتعلق بتخفيض إمدادات النفط مع ضمان العمل المستقر وتطوير صناعة النفط.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن إعلانات خفض إنتاج “أوبك بلس” يمكن تفسيره بعدد من العوامل المختلفة، ومنها المخاوف من حدوث ركود عالمي، وبيئة أسعار الفائدة المرتفعة، فضلاً عن القلق المرتبط بسقف الديون الأمريكية، وهكذا فإن الخفض الطوعي والمتكرر خلال الشهور الماضية، كان بمثابة محاولة لضبط الأسعار والاستقرار في السوق من خلال تقليل العرض.
ارتفاع الطلب العالمي
ويشير عديد من التقارير بشأن أسعار النفط في عام 2024م، إلى استمرارها في المستويات نفسها، التي أنهت بها عام 2023م أو أعلى قليلاً، خاصةً في ظل الحرص على توازن السوق من خلال تقييد العرض عبر سياسات خفض الإنتاج، وثمة آراء ترى أن الخفض المتوقع في أسعار الفائدة وما سيتبعه من تقليل تكاليف الاقتراض في مناطق الاستهلاك الرئيسية، بالإضافة إلى ضعف الدولار، وما سيترتب عليه من تقليل تكاليف شراء النفط، هي عوامل تُعزز الطلب خلال عام 2024م.
وتتوقع منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” زيادة الطلب على النفط خلال عام 2024م، بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا، وكذلك زيادة العرض من المنتجين خارج “أوبك” بمقدار 1.4 مليون برميل يوميًا.
وتبرر المنظمة توقعاتها بشأن زيادة الطلب نتيجة نمو الناتج الإجمالي العالمي بوتيرة أسرع، فيما أرجعت الانخفاض الأخير في أسعار النفط إلى تدخلات المتداولين والمخاوف التي وصفتها بأنها مبالغ فيها، موضحةً أنها وبالتنسيق مع حلفائها ستقوم بدعم استقرار السوق عبر خفض إضافي خلال الربع الأول من العام الحالي 2024م، يُقدر بحوالي 900 ألف برميل يوميًا.
وعلى الرغم من أن وكالة الطاقة الدولية توقعت أيضًا ارتفاع الطلب العالمي على النفط، لكنها وضعت تقديرات أقل من تقديرات “أوبك”؛ حيث توقعت أن يزيد الطلب حوالي1.1 مليون برميل يوميًا خلال العام الجاري، لكنها في وقتٍ لاحق توقعت تباطؤ نمو الطلب إلى 880 ألف برميل يوميًا بسبب الظروف الاقتصادية العالمية الأكثر صعوبة والتقدم في كفاءة استخدام الطاقة.
ومن الواضح أن هذا الاختلاف في التوقعات، يعكس التصورات المتباينة لاتجاهات السوق مستقبلاً ومن ثم تقديرات أسعار مختلفة، ولكن في كل الأحوال، فإن معظم المؤسسات الدولية، (وعلى رأسها، صندوق النقد الدولي يتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.9)، تميل إلى نمو الطلب في 2024م وإن اختلفوا في نسبة نموه.
الأسعار المتوقعة
وفيما توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يصل سعر خام برنت إلى 82.5 دولار للبرميل في عام 2024م، فإن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع أن يكون السعر عند مستوى 78 دولارًا للبرميل في عام 2024م، بتراجع %13 عن توقعات سابقة لها، عندما توقعت 89 دولارًا.
وفيما رجح بنك “جي بي مورجان” أن يصل السعر في المتوسط إلى 83 دولارًا لسعر برميل برنت، فقد رأى بنك “جولدمان ساكس” أن مستويات الأسعار ستتراوح ما بين 70 – 90 دولارًا للبرميل، وأن متوسط السعر سيكون مابين الـ 80 – 81 دولارًا، موضحةً، أن الإنتاج من خارج أوبك، وتحديداً من الولايات المتحــــدة، “من شأنـــه تخفيـــف أي ارتفـــــــاع محتمل بالأسعار”.
أما بنك باركليز، فقد خفض توقعاته لأسعار برنت إلى 93 دولارًا، بانخفاض 4 دولارات عن توقعاته السابقة، كما توقع مسح أجرته وكالة رويترز لآراء 30 متخصصًا أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 84.4 دولار للبرميل، فيما توقع بنك “أى إن جي” أن تكون أسعار برنت في حدود الـ 80 دولارًا في النصف الأول من عام 2024م، على أن تصــــــل إلى 91 دولارًا في النصـــــــف الثاني بسبــــب العجــــز المتوقع في العرض.
واعتبرت وكالة “ستاندرد آند بورز جلوبال” أن السعر الأكثر ملاءمة هو 85 دولارًا، مؤكدةً أن استمرار الوفرة في المعروض في الأسواق يرجع إلى وفرة الإنتاج من خارج تحالف “أوبك بلس”، كما أن هناك “ضعفًا في الطلب العالمي على الخام” رغم تخفيضات “أوبك بلس”.
ومن الواضح أن هناك عددًا من العوامل، التي تدعم التوقعات بارتفاع الأسعار، ومنها إقرار الصين لعدد من التدابير التحفيزية لدعم الطلب وتنشيط الاقتصاد ودعم القطاع العقاري والطلب الاستهلاكي، وفي هذا الإطار يقول المحلل المتخصص في أسواق النفط، تيم إيفانز، إن التحفيز الاقتصادي في الصين وبيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة وتباطؤ التضخم الأمريكي عوامل أسهمت بالفعل في دعم أسعار النفط مطلع عام 2024م.
تحديات وصعوبات
من الواضح أن أسعار النفط خلال عام 2024م ستتأثر بعديد من العوامل، وهو ما يفرض ضرورة الحذر والحرص على التوازن الدقيق بين وفرة العرض وتوقعات ارتفاع الطلب العالمي.
وفي هذا الإطار، تبرز أهمية السياسات والإجراءات التي تتخذها منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، فعلى الرغم من أن منظمة “أوبك” تظل هى أكبر التكتلات الدولية المسيطرة على سوق النفط بحجم إنتاج يصل إلى حوالي 33 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل حوالي ثلث الإنتاج العالمي من النفط، إلا أن هناك عددًا من التحديات والصعوبات، التي تواجه السياسات والإجراءات المتخذة للسيطــــرة على تــــــوازن الأسعـــــــــار والسوق، ومنها مايلي:
- تناقص حصة دول منظمة “أوبك” في السوق، وتراجع تأثيرها بعض الشيء خلال الفترة الماضية، بسبب بروز منافسين جدد، خاصةً في ظل إنتاج النفط الصخري الأمريكي.
- أحد التحديات، التي تواجه دول “أوبك بلس”، وخاصةً الدول القائدة، مثل المملكة وروسيا، فيما يتعلق بإدارة أسعار السوق، هو أوضاع القطاع النفطي في الولايات المتحدة الأمريكية، فعلى الرغم من أن منتجي النفط الأمريكيين يستهدفون تقليص الإنفاق لعام 2024م بنسبة %1، إلا أن التطوير المستمر لزيادة كفاءة العمليات والتقدم التكنولوجي لدى الولايات المتحدة، من المرجح أن يؤدي إلى استمرار نمو الإنتاج الأمريكي، وهو ما يُلقي بتأثيراته على ديناميات وأسعار النفط العالمية، وفي هذا السياق، يقول مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية، دامير تسبرات، إن زيادة إنتاج النفط الأمريكي عززت الإمدادات العالمية، وأشار إلى أن زيادة المعروض تلقي مزيدًا من الأعباء على دول “أوبك بلس” في سعيها لضبط المعروض وتخفيض الإنتاج.
- بالإضافة إلى أوضاع القطاع النفطي الأمريكي، فإن إنتاج النفط الكندي ارتفع إلى مستويات قياسية، ومع التوسع في الإنتاج في مواقع جديدة بمقاطعة ألبرتا الغنية بالنفــــــط، فإنـــــه من المتوقع أن يرتفع إنتاج الخام في كندا بنسبة %8 بحلول 2025م.
- يشير تقرير لـ “أويل برايس”، إلى تزايد إنتاج الدول غير المنتمية لـ “أوبك بلس”؛ حيث بلغ إنتاجها حوالي 1.8 مليون برميل يوميًا عام 2023م، وعلى رأس تلك الدول، الولايات المتحدة والبرازيل وكازاخستـــــان والنرويــــــج والمكسيــــــك والصين، وهو ما يؤكد حجم الصعوبات والتحديات، التي تواجه دول “أوبك بلس” في السيطرة على أسعار النفط العالمية خلال عام 2024م وما بعدها.
- ثمة احتمالات لتراجع الجهود المبذولة للسيطرة على أسعار النفط من خلال خفض الإنتاج، في ظل التقديرات بانخفاض الطلب، إضافة إلى رد فعل السوق على إجراءات “أوبك بلس” وقضايا الامتثال التاريخية، وهو ما يؤثر على قدرة دول منظمتي “أوبك” و”أوبك بلس” في الالتزام بقراراتهم بشأن تخفيض الإنتاج والتصدير لدعم الأسعار.
- لا شك أن قرارات خفض الإنتاج، لا تعني أن منتجي النفط الآخرين خارج منظمتي “أوبك وأوبك بلس” سوف يقررون الأمر نفسه، بل على العكس من ذلك؛ إذ إن هؤلاء المنتجين قد يجدون ذلك فرصة مواتية للاستفادة وزيادة الإنتاج.
- من الملاحظ أن هناك تباطؤًا اقتصاديًا في عدد من الاقتصادات، الأمر، الذي يتطلب الحذر، لما في ذلك من تأثيرات، وعلى سبيل المثال، فإن الدول الأوروبية شهدت مؤخرًا تباطؤًا اقتصاديًا، وهو ما يتضح من انخفاض الطلب على النفط بحوالي 90 ألف برميل يوميًا في ألمانيا، وعلى الجانب الآخر، فقد انخفض نشاط التصنيع في الولايات المتحدة لمدة 13 شهرًا متتاليًا، إلا أن الانتعاش الاقتصادي هو الذي أسهم في إحداث بعض التوازن في أسعار النفط مؤخرًا.
- رغم بعض التوقعات بانخفاض أسعار النفط، وبأن تؤدي معدلات النمو العالمي المنخفضة إلى الحد من الطلب، فإن التوترات الجيوسياسية وتطوراتها، قد تؤدي إلى زيادة الأسعار، وعلى سبيل المثال، فإن الحرب على غزة، وتداعياتها في منطقة الشرق الأوسط قد تتسبب في عرقلة الإمدادات.
- مـــن الصعوبــــــات والتحديـــــــات الحالية، الهجمات التي يتم شنها من اليمن على سفن الشحن في مضيق باب المندب والبحـــــر الأحمـــــر، وتبـــــرز أهميـــــة ذلك، وتأثيراته، في ظل أن مضيق باب المندب هو أحد أهم الطرق التجارية البحرية في العالـــــم، وخاصـــــةً لنقـــــل النفـط الخام والوقود من الخليج.
ويظل التحدي الأكبر والقضية الأبرز والأكثر جدلاً، بشأن تقديرات أسعار النفط، هي صعوبة التوقعات نفسها لأنها تقوم على عدد من الافتراضات، أهمها زيادة أو ضعف نمو الطلب، لكن كثيرًا ما حدث العكس، ومن الأمثلة البارزة على ذلك، ما حدث عام 2019م، إذ توقع كثيرون انخفاض الطلب، ولكن الطلب سجل في هذا العام، أعلى مستوياته على الإطلاق، الأمر الذي يعني أن كثيرًا من الجهات المهتمة بالإعلان عن توقعاتها لأسعار النفط، يمكن أن تُغير أو على الأقل تُحدّث توقعاتها لعام 2024م في ظل التقديرات، التي ظهرت مؤخرًا، والتي تُشير إلى أن الطلب قد ينمو بشكل أسرع مما كان متوقعًا.