دولياً، وإقليمياً، وعربياً، ومحليّاً.. كل مؤشّرات الاقتصاد السعودي إيجابية، واعدة، و«متفائلة»، وتُبشّر بمستقبل واعد ومتفائل ومبشّر للاقتصاد السعودي.. الأرقام والإحصاءات والبيانات في «تقارير» صادرة عن المؤسّسات الدولية والإقليمية تؤكّد أن الاقتصاد السعودي يسير بُخطى ثابتة وواثقة نحو القمة في الأداء، ليكون «نموذجاً»، على كافة الأصعدة، بعد أن قفز إلى مواقع متقدِّمة، على أكثر من صعيد، سواء في مؤشر حوكمة المساهمين ضمن تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، أو في مؤشر حماية أقلية المساهمين ضمن تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي، فضلاً عن إدراج سوق الأسهم السعودية في المؤشرات العالمية.. «الشهادات» الدولية والإقليمية كلها تكشف عن «ثقة» عالية في أداء الاقتصاد السعودي، وفي قوته ومتانة مواقفه على كافة المستويات، وهي كلها لم تأت من فراغ، بل انعكاساً لأداء الاقتصاد السعودي، بأرقام إيجابية جداً، سارت كما رسمت لها خريطة الطريق السعودية المعروفة بـ «رؤية 2030».. «التفاؤل» عنوان أداء الاقتصاد السعودي، وعنوان مستقبله أيضاً.. «الاقتصاد» ترصد أبرز المؤشرات المضيئة في مسيرة الاقتصاد السعودي نحو مستقبل أفضل.
ترتيب السعودية يقفز في تقرير التنافسية العالمي من 77 في 2017 إلى الخامس عالميّا والثاني ضمن مجموعة العشرين في 2018
الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها غالبية دول منطقة الشرق الأوسط عديدة، ولأسباب كثيرة، متنوِّعة، ومتعدِّدة، يتعلق بعضها بالوضع السياسي، وبعضها يتعلق بفشل السياسات الاقتصادية التي ينتهجها كثير من تلك الدول، إلا أن الصورة تبدو مغايرة تماماً في المملكة العربية السعودية التي يشهد اقتصادها طفرة غير مسبوقة باتجاه هدفها لتحقيق التنمية المستدامة وفقاً لرؤية 2030، وجعلها في طليعة دول العالم جذباً للاستثمارات، وذلك بشهادة المنظمات والمؤسسات الدولية المختصة بمتابعة الأداء الاقتصادي لدول العالم.
مضت المملكة منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – مقاليد الحكم في طريق إصلاح اقتصادي شامل تكلل بتدشين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – رعاه الله – لرؤية 2030 التي تستهدف تحقيق التنمية المستدامة، ووفقاً للغة الأرقام، فإن برنامج التحوُّل الاقتصادي الذي انتهجته المملكة في السنوات الأخيرة قد بدأ يؤتى ثماره ويحقق أهدافه المنشودة.
فقد نجحت حكومة المملكة في الحفاظ على نمو متوازن للاقتصاد، وتجنب المخاطر التي تعرَّضت لها كثير من دول العالم تارة بسبب اضطرابات أسعار النفط التي نتج عنها توقف عديد من المشاريع الاستثمارية حول العالم، وتارة أخرى في ظل تعاظم الخلافات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم: الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وتنامي المخاوف الدولية من تأثير تلك الخلافات على تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي في الفترة المقبلة، بعدما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي أكثر من مرة منذ مطلع العام ليصل إلى %3.3، وأعلن أن التباطؤ يضرب في الواقع %70 من الاقتصاد العالمي.
شهادات دولية
الصندوق الذي كانت نظرته متشائمة لغالبية اقتصاديات دول العالم، كان له رأي آخر أكثر تفاؤلاً عند تقييمه للاقتصاد السعودي، حيث أشاد صندوق النقد الدولي في عدة مناسبات بالإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها المملكة وفقاً لرؤية 2030، مؤكداً على أنها بدأت تحقق نتائج إيجابية، من حيث انتعاش النمو غير النفطي، وزيادة مشاركة النساء في سوق العمل وارتفاع مستويات التوظيف، كذلك أسهم التطبيق الناجح لضريبة القيمة المضافة في زيادة الإيرادات غير النفطية، وساعد تصحيح أسعار الطاقة في خفض استهلاك الفرد من البنزين والكهرباء.
ورجَّح صندوق النقد الدولي أن يتسارع النمو الاقتصادي غير النفطي الحقيقي بنسبة %2.9 بنهاية العام الجاري 2019. كذلك تأتي التصنيفات الائتمانية الثلاثة الأخيرة الصادرة عن وكالات التصنيف العالمية (فيتش وموديز، وستاندرد آند بورز) عند (+A) و(A1) و(A2) على التوالي، مع نظرة مستقبلية مستقرة وتوقعات بمواصلة نمو الاقتصاد السعودي خلال الفترة المقبلة، لتمثل مؤشراً آخر على متانة الاقتصاد السعودي وحجم الثقة العالية من قبل تلك الوكالات بالاقتصاد السعودي من جهة؛ وفاعلية الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين من جهة أخرى، حيث أسهمت الإصلاحات الاقتصادية التي تم اتخاذها خلال المرحلة الماضية في تقدُّم ترتيب السعودية في مؤشر حوكمة المساهمين ضمن تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي من المرتبة 77 في عام 2017، ليقفز في العام الماضي 2018 إلى المرتبة الخامسة عالمياً، والثاني ضمن مجموعة العشرين.
كما ارتفع ترتيب السعودية في مؤشر حماية أقلية المساهمين ضمن تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي من المرتبة 63 في عام 2016، ليصبح في المرتبة السابعة عالمياً بنهاية العام الماضي 2018، حيث أسهمت هذه الإصلاحات في كسب ثقة المستثمرين، وانضمام السوق المالية السعودية لمؤشرات الأسواق الناشئة. تتمتع السعودية بهذا المستوى الائتماني المرتفع، في حين هناك دول متقدِّمة مهدَّدة بتخفيض مستواها الائتماني في ظل تراجع لافت في أدائها الاقتصادي، حيث تمثل التصنيفات الائتمانية مؤشرات مهمة للمستثمرين، وتبرهن على قوة ومتانة الاقتصاد، وحيويته وفاعليته.
الإصلاحات تكسب ثقة المستثمرين والسوق المالية السعودية تنضم لمؤشرات الأسواق الناشئة
ويُعد التصنيف الائتماني المرتفع للمملكة بمثابة حلقة جديدة في مسلسل الإنجازات التي يشهدها الاقتصاد السعودي في الفترة الأخيرة والتي تشمل أيضاً تحقيق ميزانية المملكة في الربع الأول من العام الجاري 2019 فائض مالي للمرة الأولى منذ عام 2014، بقيمة 27.8 مليار ريال، وسجّلت كذلك نمواً في الاستثمارات الأجنبية بنسبة %5 في العام الماضي، في حين تنمو السوق المالية بنسبة %15. وبلغت الإيرادات غير النفطية 76.3 مليار ريال.
نجاح السياسات الاقتصادية
كما أسهمت سياسة الحكومة في خفض عجز الميزانية، وتنويع الإيرادات، وفي الوقت نفسه طبّقت المملكة جملة من التدابير التحفيزية والمساندة للاقتصاد، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، مما أدى إلى انخفاض عجز الميزانية إلى نحو %5.9 من إجمالي الناتج المحلي في عام 2018، مقابل %9.3 في عام 2017.
وصاحب ذلك ارتفاع نمو الناتج المحلي الحقيقي بمعدل %2.2، حيث بلغت مساهمة القطاع غير النفطي في نمو الناتج المحلي الإجمالي %56.2 وكذلك نما نشاط قطاع المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال بنحو %3.3، إضافة إلى تحسن مؤشرات الانضباط المالي والاستدامة المالية. فضلاً عن حرص الحكومة السعودية على تطوير وتعزيز الثقة في السوق المالية «تداول» وفق خطة مدروسة بما يمكنها من أن تصبح من أهم 10 أسواق مالية على مستوى العالم بحلول 2030، وذلك بعد ارتفاع نمو نشاط قطاع المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال الذي يشكِّل نحو %10 من إجمالي الناتج المحلي، حيث بلغ متوسط نموه خلال الخمس سنوات الماضية نحو %3.3 سنوياً، إضافة إلى تحسّن مؤشرات الانضباط المالي والاستدامة المالية، فضلاً عن إدراج سوق الأسهم السعودية في المؤشرات العالمية تباعاً بدءاً من مؤشر فوتسي راسل، إلى مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة، وما يترتب على الانضمام إلى تلك المؤشرات من مزايا كثيرة على مستوى الاقتصاد والسوق المالية.
مشروعات عملاقة
المشروعات التنموية العملاقة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد محمد بن سلمان في الفترة الأخيرة، تُعدُّ مؤشراً قوياً على قوة الاقتصاد السعودي وفي طليعتها مشروعات: نيوم، والبحر الأحمر، والعلا السياحي، وآمالا، ومشروع حديقة الملك سلمان، ومشروع الرياض الخضراء، ومشروع المسار الرياضي، ومشروع الرياض آرت، وغيرها من مشروعات ستكون إحدى ركائز تحقيق التنمية المستدامة على أرض المملكة وتوفير الآلاف من فرص العمل للمواطنين.
كما يُعد تسهيل الاستثمار الأجنبي عبر «نظام الإقامة المميزة» الذي جري تدشينه مؤخراً في ظل توقعات بتحقيق أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً، وزيادة العوائد المالية المباشرة لتنمية الإيرادات الحكومية غير النفطية من أبرز المؤشرات على أن الاقتصاد السعودي يمضي في الطريق الصحيح حيث سيسهم بشكل فعَّال في مكافحة التستر بالعمل الذي يلجأ إليه الوافدون الأجانب، وبالتالي تشجيعهم على العمل وفق القوانين ودفع الضرائب التي تعود للميزانية العامة وتوظيف السعوديين في مشروعاتهم وفق القوانين المتبعة.
ترتيب السعودية في تقرير ممارسة الأعمال ارتفع من الـ 63 في 2016 إلى الـ 7 عالمياً في 2018
وتنبع أهمية هذه المؤشرات من أمرين معاً، الأول أنها تأتي في ظل مخاوف عالمية بشأن حالة الاقتصاد العالمي وتوقعات بانخفاض النمو والعودة إلى التباطؤ مرة أخرى، كما أنها تؤكد نجاح خطط الإصلاح الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وتعظيم الاستفادة من ثروات المملكة وفي طليعتها الثروة البشرية، والتي تحرص عليها القيادة الرشيدة كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة.