نافذة

إشعار.. قبل استخدام الشِّعار!

يعمد بعض المبادرين وروَّاد الأعمال من أجل إبراز أعمالهم التجارية، إلى استخدام صور وشعارات ومنتجات أخرى تعود ملكيتها إلى آخرين، كالماركات المشهورة، وتوظيفها في إعلاناتهم أو إحدى طرق الترويج لمشاريعهم التجارية. وذلك كأن يوظف صاحب متجر إكسسوارات السيارات سيارة شهيرة مثل BMW للترويج لعازله الحراري الشفاف، أو يستخدم صاحب التطبيق غلافاً لمجلة عالمية مثل TIME للترويج لتطبيقه، أو يستخدم حساب إخباري على شبكة تويتر صوراً أو مقاطع تلفزيونية تعود ملكيتها لخدمات أو قنوات إعلامية شهيرة مثل Ted أو BBC على سبيل المثال. وكل هؤلاء المبادرين يهدفون غالباً إلى الارتقاء بصورة مشروعاتهم أو ما يقدِّمونه من منتجات وخدمات، عبر الارتباط بأسماء شهيرة والاتّكاء على سمعتها وشهرتها ورواجها.

والفكرة التي يرتكز عليها هؤلاء المبادرون وروَّاد الأعمال صحيحة، فاقتران ماركاتهم المغمورة بماركات قوية أمرٌ مفيد جداً، لإخراج أعمالهم ومشاريعهم من الظل. لكن أسلوب تطبيق هذه الفكرة بالشكل الذي ذكرناه آنفاً خطأ، لأن المسألة تتضمن حقوق ملكية تم انتهاكها، ولو كان ذلك عن حُسن نية.

ويُطلَق على هذه الطريقة في عالم التسويق ـ عندما تُطبق بشكلٍ صحيح ـ عملية «الترويج المشترك» Copromotion، وهو تكتيك عملي مفيد يستخدمه المسوقون لرفع قيمة علاماتهم التجارية الناشئة. على سبيل المثال، قد تجد شركة ألبان مغمورة بأن إطلاق حليب شوكولاتة بالتعاون مع ماركة تجارية شهيرة متخصصة بالشكولاتة لها وزنها في السوق كأوريو Oreo مثلاً، أفضل من إطلاق حليب شوكولاتة عادي خاص بها وحدها، لأن تقديم منتجها الجديد سيكون أكثر قابلية للنجاح والرواج عند ارتباطه باسم تجاري شهير وناجح ومعروف ومُجرَّب.

غير أن هذا الأسلوب لا يمكن أن ينجح ما لم يقم على اتفاق قانوني موثّق، يوضّح حدود الاستخدام ومدته وعائده، ويحفظ حقوق طرفي الاتفاق. ودون إتمام هذا الاتفاق، يبقى استخدام أي شعار أو منتج لعلامة تجارية شهيرة أمراً غير قانوني، قد يجرُّ على المنتهِك قضايا قانونية تجلب معها خسائر فادحة على شكل تعويضات.

وانتهاك حقوق الملكية قد يحدث أيضاً للماركات المغمورة، وحتى للأشخاص العاديين. ومن أشكال الانتهاكات المنتشرة في وقتنا، استخدام الحسابات الاجتماعية للخدمات الإخبارية مقاطع فيديو أو صوراً تعود لأفراد عاديين، حتى وإن لم يكن لهم كيان تجاري مسجل. فعندما يقوم شخص ما بتصوير حادث تحطم طائرة أو موقف ساخر مثير، أو لقطة جميلة من الطبيعة، فلا ينبغي استخدام هذه الصور إلا بعد أخذ موافقة صريحة من صاحب المادة الإعلامية، مع تعويضه مالياً، بشكلٍ يتفق عليه الطرفان.

وقد أخبرني شخص عادي ـ غير مشهور ـ انتشر له مقطع فيديو يتعلق موضوعه بالتهور في القيادة صوَّرهُ بهاتفه الجوال، ونشره في صفحة له بالشبكات الاجتماعية، بأن موقعاً إخبارياً أجنبياً بحث عنه حتى وصل إليه، واتصل به للاستئذان لاستخدام مقطع الفيديو العائد له، ثم أرسل له مبلغاً يوازي 500 دولار مقابل استخدام مقطعه في مادة إخبارية. وهذا هو الإجراء المهني الصحيح في مثل هذه المواقف. فانتشار المقطع في الشبكات الاجتماعية لا يُعد مسوغاً كافياً لاستخدامه في شبكة إخبارية تجارية، دون إذن.

إن هناك أناساً اجتهدوا وبنوا أعمالاً ناجحة وقدَّموا منتجات وخدمات رائجة، وليس من العدل الاتكاء على نجاحاتهم والاستفادة من أعمالهم وخدماتهم وأسمائهم التجارية دون اتفاق واضح معهم يحفظ حقوقهم. كما أن التاجر المبتدئ والمغمور، عليه أن يعي أن استخدام الشعارات والمنتجات التي تعود للآخرين دون إذن خطأ قانوني فادح، قد يقود إلى خسائر كبيرة، فحقوق الملكية الخاصة بالماركات لها احترامها ولا ينبغي التعدي عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.