الشباب السعودي يقتحم قطاع المعلوماتية والاتصالات ورواد الأعمال يتصدّرون الشركات ”الناشئة”
3.76 تريليون دولار حجم الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات عالمياً نصيب السعودية منها 22 مليار دولار
%93 نسبة انتشار الإنترنت في المملكة تضعها ضمن أعلى 20 دولة في العالم استخداماً للإنترنت
المقدمات الصحيحة تؤدّي إلى النتائج الصحيحة.. وكل المؤشّرات والأرقام والإحصاءات تؤكّد أن السعودية ــ التي قدّمت “بيئة رقمية حاضنة” ــ قادمة إلى النادي الدولي لصناعة البرمجيات بقوة، وعلى نحو يجعل منها “ورشة” عمل إقليمية وعالمية متميزة في صناعة تقنيات المعلومات والاتصالات على نحو خاص، وفي اقتصاد “المعرفة” بشكل عام.. وبقدر ما أرست المملكة من دعائم لبنية تحتية واسعة ومتطورة حديثة ومتجدّدة، تأتي التوقعات مُشيرة إلى أن المملكة ــ التي تُعَدُّ واحدة من الـ 20 دولة الأفضل في عملية التحول الرقمي “عالميا”، والأعلى استخداماً للإنترنت في العالم ــ مؤهلةٌ لتكونَ مركزاً إقليمياً لصناعة تكنولوجيا المعلومات، وبمثابة “وادي السيليكون” لما حولها في المنطقة العربية، وفي إقليم الشرق الأوسط، واتّساقاً مع ما سعت إليه “رؤية السعودية 2030” وأهدافها واستراتيجياتها.. “الصورة” كما تستعرضُها “الاقتصاد” التي ترصد ــ هنا ــ مستقبل صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المملكة..
تؤكّدُ كل المؤشّرات أن المستقبل يحملُ للمملكة آفاقا واعدة في صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث تمتلك إمكانات وقدرات كبيرة تعزز فرص نمو هذا القطاع على أرضها، وأن تصبح أحد اللاعبين الرئيسين في تلك الصناعة على المستوى الإقليمي والعالمي، وبالأحرى (وادي السيليكون – SiliconValley) الشرق الأوسط، في ظل توقعات “جارتنر” أن يصل مستوى الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات عالمياً إلى 3.76 تريليون دولار بنهاية العام 2019، بارتفاع نسبته %3.2، مقارنة بالعام 2018، ويقدر نصيب المملكة العربية السعودية منها بنحو 22 مليار دولار، ومن المرجح أن يتضاعف الرقم في السنوات المقبلة انسجاما مع رؤية 2030، حيث تطمح المملكة أن تكون ضمن أفضل 20 نموذجاً عالمياً في التحول الرقمي والابتكار بحلول عام 2030، في ظل الدعمٍ المتواصل من القيادة الرشيدة.
من سان فرانسيسكو إلى الرياض
تقع منطقة (وادي السيليكون – Silicon Valley) في الجزء الجنوبي من خليج “سان فرانسيسكو” شمال ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وشهدت ــ منذ حقبة السبعينيات من القرن الماضي، وحتى الآن ــ تدشين مجموعة من أبرز شركات التكنولوجيا العالمية، مثل “آبل” و”سيسكو” و”مايكروسوفت” و”جوجل” و”أوراكل” وغيرها. وأصبح العالمُ ينظر إليها باعتبارها منطقة التكنولوجيا الفائقة في أمريكا والعالم. وترجع تسميتها بـ “وادي السيليكون” إلى وجود عدد كبير من مبتكري ومصنعي رقائق السيليكون، ولأنها تساهم في ثلث العائدات الاستثمارية في البرمجيات وخدمات الإنترنت في الولايات المتحدة الأمريكية.
دول كثيرة في العالم تسعى إلى السير على درب وادي السيليكون ــ وتسعى إلى توطين صناعة البرمجيات على أرضها، في حين أن المملكة العربية السعودية، ووفقا لرؤية 2030، قطعت خطوات كبيرة في هذا المجال، ضمن استراتيجيتها الطموح للتحول إلى الاقتصاد الرقمي، في ظل نسبة انتشار الإنترنت في المملكة والتى تجاوزت %93 في منتصف العام الماضي، وهو ما يضعها ضمن أعلى 20 دولة في العالم استخداماً للإنترنت. واتخذت المملكة خطوات مهمة لاستخدام الإنترنت بشكل هادف ليعود بأثر اقتصادي واجتماعي إيجابي، وذلك من خلال تمكين المستخدمين بالمملكة من إنجاز وإنهاء معاملاتهم الخاصة بالخدمات الحكومية بكل يسر وسهولة، وعبر إطلاق صندوق الخدمة الشاملة، وحتى شروعها في تنفيذ مشروعات نشر النطاق العريض التي هي جزء من برنامج التحول الوطني 2020.
وشهد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات أخيرا إعلان استراتيجيته، التي يأتي من بين أبرز مستهدفاتها الواعدة في 2023 إسهام القطاع في الناتج المحلي بما لا يقل عن 50 مليار ريال على امتداد خمسة أعوام، إضافة إلى رفع مشاركة المرأة في القطاع بنسبة %50، بحسب ما جاء في تصريح لمحافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور عبدالعزيز بن سالم الرويس الذي سبق وصرح عقب اعتماد مجلس الوزراء مؤخرا لاستراتيجية قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، قائلاً: “إن القطاع يتمتع بأهمية كبيرة لدوره الحيوي في دعم مسيرة التنمية والتطوير، خلال هذا العهد الزاهر بعد أن صنف قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات كأحد أهم ركائز رؤية المملكة 2030”.
مركز للابتكار وتسريع الحلول الرقمية ودعم برامج التحول الرقمي في إطار رؤية 2030
“بيكو كابيتال” ترجّح اتجاه المملكة إلى تطوير شركات التكنولوجيا العربية الرائدة خلال السنوات الـ 10 القادمة
الرويس: قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات يسعى للإسهام في الناتج المحلي بـ 50 مليار ريال في 5 أعوام ورفع مشاركة المرأة في القطاع بنسبة %50
فرصة كبيرة
تبدو الفرصة متاحة أمام المملكة للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتنامية في هذا القطاع، إذ يصل مستوى الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات عالمياً إلى 3.76 تريليون دولار بنهاية العام 2019، بارتفاع نسبته %3.2 مقارنة بالعام 2018، وفقا لتقديرات مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية “جارتنر”، وتستحوذ المملكة العربية السعودية على نحو 22 مليار دولار منها، ومن المرجح أن يتضاعف الرقم في السنوات المقبلة، انسجاما مع رؤية 2030، والتحول إلى الاقتصاد الرقمي، ومدفوعا بزيادة الطلب على هذه النوعية من التقنيات العصرية من كل القطاعات.
ويشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات في المملكة خلال هذه المرحلة تحولا لافتا على المستويين الدولي والإقليمي، ودعما حكوميا كبيرا؛ الأمر الذي مكن القطاع من الاستمرار في التطوير والتحديث، سعيا إلى مواكبة التطورات الهائلة التي يشهدها هذا المجال بشكل دائم ومستمر، وانسجاما مع رؤية 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار والتفكير المستقبلي وجذب الاستثمار الأجنبي في هذا المجال بشكل أكبر، اتجهت العديد من الوزارات والشركات في الفترة الأخيرة لتبني التكنولوجيا الرقمية واستثمارها في القطاعات المختلفة، أبرزها: قيام هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، ووزارات التعليم والصحة والنقل مؤخرا بتوقيع عدد من الاتفاقيات مع كبري شركات التكنولوجيا في العالم، انسجاما مع رؤية 2030، التي تهدف إلى بناء بيئة رقمية تحتضن وتنمي وتستقطب العقول والمهارات في مجال التحول الرقمي، ومن أبرز تلك الاتفاقيات مذكرة تعاون لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مع مجموعة ديفوتيم العالمية تتضمن إنشاء مركز للابتكار وتسريع الحلول الرقمية، سوف يكون بوابة لتقديم خدمات التحول الرقمي في المملكة، ودعم برامج التحول الرقمي للجهات الحكومية، وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط. وسوف يقدم المركز وظائف وفرصا تدريبية ذات مهارات عالية لدعم برامج التوطين، في إطار رؤية 2030، وسيكون مركزا للابتكار واحتضان رواد الأعمال في القطاع من خلال تحفيز نماذج أعمال رقمية مبتكرة.
كذلك بات الأفراد والشركات يدركون على نحوٍ متزايد أهمية البوابات والمنصات الجديدة التي تتيحها التكنولوجيا، والتي تساعدهم في تحديد الحاجة الماسة لتطبيق ممارسات توازن بين تحقيق الاستدامة وتحقيق الربحية، إلى جانب تزايد اهتمام المدارس والجامعات في كافة أنحاء المملكة بأن تقدم إلى السوق مواهب تكنولوجية قادرة على الإبداع والابتكار. ويأتى المشروع العملاق نيوم NEOM ــ المشتق من المصطلح اللاتيني Neo Mustaqbal ويعني “المستقبل الجديد” ــ في طليعة المشروعات التى تعزز طموحَ المملكة في أن تكونَ بمثابة وادي السيليكون لمنطقة الشرق الأوسط، حيث يرتكز المشروع على تكنولوجيا المعلومات، وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، مما يمثل مصدر جذب للشركات العالمية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي، على أرض المملكة.
رواد الأعمال.. الإبداع والابتكار
والأمر لا يقتصر على شركات التكنولوجيا الكبرى الباحثة عن الربح في عالم المال والأعمال، لكنه يمتد أيضاً إلى المبدعين والمبتكرين، حيث اتخذت حكومة المملكة انسجاما مع رؤية 2030 إجراءات حاسمة في السنوات الثلاث الماضية كان لها أثر بالغ في تشجيع أصحاب الابتكارات من كافة أنحاء العالم، للقدوم إلى المملكة للاستثمار، وتمكينهم من الاستفادة من حاضنات الأعمال، وتوفير التمويل واكتساب الخبرات المناسبة، وفي طليعتها زيادة مدة الترخيص للاستثمار الأجنبي لخمس سنوات قابلة للتجديد، وتقليص مدة استخراج التراخيص لأقل من 3 ساعات، وإتاحة العمل بالتراخيص الرقمية، وكذلك إتاحة الفرصة أمام روَّاد الأعمال الراغبين في تأسيس مشاريع ريادية في المملكة للحصول على ترخيص من خلال خطوتين، الأولى توفير عقد تأسيس الشركة، والثانية توفير ما يفيد القبول أو الاعتماد من الجامعات أو حاضنات الأعمال في المملكة. وهي إصلاحات جادة تضاف لبقية الإصلاحات التي شهدتها بيئة العمل في المملكة، والتي شملت أيضاً سن أنظمة تشريعية جديدة، وتعديل أخرى، لتوفير بيئة استثمارية وتجارية جاذبة وعادلة، وتوعية وحماية المستهلك والتاجر، وتطوير الخدمات الإلكترونية. وقد أثمرت كل تلك الإجراءات والجهود في استقطاب الاقتصاد السعودي لروَاد من مختلف الجنسيات احتضنتهم المملكة خلال السنوات الماضية، ودعمتهم وساندتهم، عبر مؤسساتها المختلفة، حتى تمكنوا من تحويل أفكارهم إلى مشروعات وعلامات تجارية رائدة.
ورجحت دراسة صادرة عن “بيكو كابيتال” اتجاه المملكة العربية السعودية إلى تطوير أكبر عدد من شركات التكنولوجيا الرائدة في المنطقة العربية، خلال السنوات العشر القادمة، مما يعزز فرص توطين صناعة التكنولوجيا على أرضها، بفضل الانتشار المتزايد لاستخدام الإنترنت بين جيل الشباب، وسعي رواد الأعمال السعوديين إلى إنشاء وتأسيس شركات للتكنولوجيا، والاستفادة من مناخ الاستثمار المتميز على أرض المملكة.
وتشمل قائمة مشروعات التقنية ــ التي دشنت على أرض المملكة في السنوات الأخيرة ــ عددا من الشركات الناشئة منها:
– شركة (NOMADD) أسسها الاسترالي جورج اتيلهوبر، وتختص بتوفير نظم التنظيف الآلي للألواح الشمسية.
– شركة (YOU REEKA’A) أسسها عبدالعزيز العبدالله، وتختص في المجال التكنولوجي، وتسخير التقنيات المتقدمة في سبيل إحياء الأفكار التي من شأنها تحسين معيشة الأفراد.
– شركة (UTURN) أسسها قسورة الخطيب، وتختص بإنتاج البرامج الترفيهية على شبكة الإنترنت.
– شركة (Visual Experience) أسّسها بيتر راوتك، وعبدالواحد ومحمد الزايدي، وتختص بتقديم الواقع الافتراضي وإنتاج الأفلام ثلاثية الأبعاد.
– شركة (FalconViz) أسسها نيل سميث، ولوكا باسون، وأنس دهلوي، ومحمد شلبي، وتختص بإجراء المسح ثلاثي الأبعاد ورسم الخرائط من قبل أنظمة الطيران بدون طيار.
– شركة (SAFE ROAD) أسسها الأردني مهند الحاج، وتهدف إلى التقليل مِن معدلات حوادث السيارات بواسطة تتبع حركة المركبات عبر نِظام تحديد المواقع.
– شركة (Trade key) أسسها وليد صالح أبا الخيل وتوفر نظاما إلكترونيا يتيح للأفراد والشركات شراء وبيع السلع دون أن تتدخل مباشرة، كما لا تتنافس مع التجار ولا تخزن بضائع. وتحصل في مقابل خدماتها على اشتراك سنوي من المستخدم.
– شركة (PayTabs) قام بتأسيسها رائد الأعمال، عبدالعزيز الجوف، وهي تختص بتقديم حلول إلكترونية لمعالجة المدفوعات.
– شركة (Morni) أسسها سلمان السحيباني، وهي تطبيق لتقديم المساعدة على الطرق.
– شركة (Foodics) أسسها كل من أحمد الزيني، ومصعب العثماني، وهي نظام إدارة المطاعم بالاعتماد على الحوسبة السحابية.
– شركة (B8ak) أسسها خالد الحملي، وإياد الشبعان، وهي تطبيق لأعمال الصيانة المنزلية.