نافذة

الرقمنة.. النظارة الأذكى لسيدات ورجال الأعمال

قبل سنوات، وأثناء عملي في تطوير القطاعات الاقتصادية، كنت أنتهي دائمًا إلى ضفاف التقنية وأشاهد الإمكانيات الرائعة للرقمنة في تطوير الأعمال، ولكني بالمقابل كنت أقف عاجزًا عن فهم هذا الصندوق التكنولوجي الأسود، لا أعرف ماذا يحدث داخله، وتخذلني في أحيان كثيرة توقعاتي منه ومن مخرجاته، حتى ظننت بشكلٍ شبه قاطع أن فهم التقنية والتكنولوجيا هو أمر أساسي لتطوير الأعمال لا مفر منه، قادني هذا التحدي في مراحل لاحقة للانتقال للعمل في مجالات التقنية الواسعة و محاولة سبر أغوارها، وبعد عدة سنوات في مجالات التقنية المختلفة، هذا بشكل مختصر أهم ما وجدت:

 

أولاً: نماذج الأعمال (Business Models)، هي الأساس الذي يقود التقنية، بل إن التحول الرقمي في حقيقته ما هو إلا تطوير نماذج الأعمال أولاً و ثانيًا وثالثًا، ثم تأتي الأتمتة بشكلٍ آلي بعد ذلك و ربما تكون في المركز العاشر، فالتقنية بحد ذاتها لا تجذب النجاح ولا المال ولا حصة أكبر من السوق، ما يجذب ذلك هو نموذج الأعمال الذي يستفيد من التقنية، بدون الاستعداد لتغيير طريقة التفكير ونموذج العمل التجاري وبيئة العمل، يعد الاستثمار في التقنية عبثٌ لا طائل منه.

 

ثانيًا: التفكير يجب أن يكون من خلال التقنية وليس التفكير في التقنية، التقنيات أشبه ما تكون بالنظارات التي يلبسها الإنسان لتحسين مستويات الرؤية لديه، عندما تلبس نظارة التقنية فإنك من خلال هذه النظارة، لا من خلال شكلها وكيف تبدو، تشاهد آفاق أوسع للسوق الذي تعمل فيه، وتشاهد إمكانيات أقوى وأسرع لنموذج أعمالك التجارية، ما يضمن لك ميزة تنافسية أو يفتح لك آفاق تجارية غير مسبوقة، وعندما تتغير التقنية كل ما عليك فعله هو أن تنزع النظارة الأولى و تلبس النظارة الأُخرى.

ثالثًا: فريق قطاع التقنية المتميز لدى الشركات، هو الفريق الذي يطوع التقنية لا ذلك الذي فقط يعرف التقنيات شكليًا ويصعب عليه التنفيذ، هو ذلك الفريق الذي يعمل ما يعرف وليس الفريق الذي يعرف ما ينبغي على الآخرين فعله، الفريق الذي يجعل كل التقنيات متمركزة حول العميل تلبي كل احتياجاته و ترصد التغير في تفضيلاته وتجمع البيانات التي تنفع الأعمال وتساعد الشركات والمؤسسات في التحول من القرارات المبنية على الخبرات والتوقعات الارتجالية إلى القرارات المبنية على البيانات والبيانات فقط.

 

وختامًا، تحتاج التقنية إلى رجال وسيدات الأعمال، أكثر من احتياج سيدات ورجال الأعمال إليها، التخوف من التقنيات لا محل له من الإعراب، واستبدال هذا التخوف بالشغف ديدن المبدعين والمبدعات في كل مكان، هذه التقنيات أشبه ما تكون بالسيارات الفارهة والقوية في الأداء، ولكنها بدون الشخص المتمكن من قيادتها والمتعمق في عالم التجارة والأعمال، قد لا تنطلق بنا إلى المستقبل .. والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.