التغير المناخي سيتسبب في خسارة الاقتصاد العالمي 23 تريليون دولار بحلول عام 2050م
مجموعة التنسيق العربية تتعهد بتقديم 24 مليار دولار بحلول 2030 للتصدي لأزمة المناخ
المملكة ستخصص 2.5 مليار دولار من أجل “مبادرة خضراء” بالشرق الأوسط على مدار الـ 10 سنوات المقبلة
الكونجرس الأمريكي يقرّ تشريعًا لاستثمار 369 مليارًا في الطاقة النظيفة بالولايات المتحدة
الاستثمارات في مجال المناخ ارتفعت خلال السنوات الخمس الماضية لتقفز من 6 مليارات عام 2016م إلى 12 مليارًا عام 2017م
تمويل الشركات الناشئة في مجال التغير المناخي شهد نموًا قويًا من 418 مليون دولار عام 2013م لأكثر من 16 مليار دولار عام 2019م بزيادة تصل لحوالي %3750
لم يعد التغير المناخي ومكافحة تأثيراته وتداعياته ترفًا يمكن تجاهله، فالآثار السلبية ـ بل والكارثية ـ للتغير المناخي أصبحت واقعًا نعيشه بسبب المشاكل البيئية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليه، وبعد أن أدت الانبعاثات الغازية إلى آثار مناخية واحتباس حراري عالمي غير مسبوق، وأثرت على كوكب الأرض، الأمر الذي جعل “جوردن بروان” رئيس وزراء بريطانيا الأسبق يعتبر “أن التغير المناخي يُمثل تحديًا غير مسبوق للبشرية، فيما رأى “إدوارد ويلسون” عالم الأحياء الأمريكي أن “كل الأزمات، التي يعانيها الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي لها صلة بالبيئة”.
ورغم ما للتغيرات المناخية من آثار سلبية على العالم، فإن ثمة تغييرا مصاحبا في اتجاهات الاستثمار العالمي، فمع ازدياد أهمية قضية تغير المناخ وتأثيراتها السلبية (بما في ذلك على الاقتصادات) تسارعت الحكومات والشركات حول العالم لإيجاد حلول وأدوات مبتكرة يمكن أن تساهم في التقليل من انبعاثات الكربون، فأخذت تشهد الأسواق تحركًا كبيرًا نحو الاستثمار في كل ما يحدّ من الأضرار البيئية ويعزز الاستدامة.
خسارة للاقتصاد العالمي
كانت دراسة أجرتها شركة “سويس ري إنشورانس”، إحدى أكبر شركات إعادة التأمين في العالم قد أشارت إلى أن التغير المناخي وتأثيراته على الزراعة والبنية التحتية وما يحدثه من أمراض، سيتسبب في خسارة الاقتصاد العالمي 23 تريليون دولار بحلول عام 2050م، ومن بين تلك الأضرار المحتملة التي يمكن أن تنجم عن التغيرات المناخية الخسائر في الممتلكات والاضطرابات التجارية وفقدان الإنتاجية، واضطرار الحكومات إلى إعادة توزيع الموارد المحدودة أصلاً.
وفيما توقعت الدراسة أن يؤدي ارتفاع الحرارة بمعدل 2 إلى 2.6 درجة إلى خسائر اقتصادية عالمية، فإنها حذرت من أن السيناريو الأسوأ، سيحدث إذا ما ارتفعت الحرارة بمعدل 3.2 درجة، إذ قد يؤدي ذلك إلى خسارة %18.1 من الناتج الاقتصادي العالمي عام 2050م.
زيادة الفجوة الاقتصادية
كما حذَّر تقرير حديث من زيادة الفجوة الاقتصادية بين المجتمعات بسبب تداعيات تغيير المناخ وتأثيراتها المتعددة الأبعاد، والتي من شأنها إهدار كثير من النجاحات التي أحرزها العالم في اتجاه التنمية المستدامة.
وضمن مساعى المجتمع الدولي، لمواجهة خطر التغير المناخي، انعقد خلال نوفمبر 2022م بمدينة شرم الشيخ المصرية مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27، لمناقشة العديد من القضايا المرتبطة بالتغير المناخي، ووضع سياسات واستراتيجيات مستدامة لمواجهة الأضرار الناجمة عن التغييرات المناخية ومواجهة الاحتباس الحراري، وزيادة الانبعاثات الكربونية وسبل معالجتها، وكذلك الوصول لإتفاق يساعد على زيادة نسبة تخفيض معدلات انبعاثات الغازات الدفيئة وثاني أكسيد الكربون.
تنمية منخفضة الانبعاثات
وأوصت قمة المناخ في بيانها الختامي، بالعديد من النقاط والبنود، بدايةً من تأكيدها على عزم المجتمع الدولي تنفيذ الالتزامات، التي أخذها على عاتقه لتحقيق انتقالات طموحة وعادلة وشاملة وتنمية منخفضة الانبعاثات، بما يتوافق مع مبادئ أهداف بروتوكول كيوتو واتفاق باريس وميثاق جلاسكو للمناخ وغيرها من الاتفاقات ذات الصلة.
كما شدّدت القمة على ضرورة الخفض الفوري والسريع للانبعاثات، من خلال الشراكات والإجراءات التعاونية، خاصةً أن أزمة الطاقة العالمية الحادثة تؤكد الحاجة الملحة إلى تحويل أنظمة الطاقة لتكون أكثر أمانًا وموثوقية من خلال تسريع التحولات النظيفة.
ومن النتائج الهامة للقمة دعوتها أطراف المجتمع الدولي ومؤسساته إلى التعجيل بتطوير ونشر التقنيات، واعتماد السياسات، للانتقال نحو أنظمة طاقة منخفضة الانبعاثات، عن طريق التوسع السريع في نشر توليد الطاقة النظيفة وتدابير كفاءة الطاقة، وتسريع الجهود نحو التخلّص التدريجي من طاقة الفحم ومن الإعانات غير الفعالة للوقود الأحفوري، مع توفيرها الدعم الموجه للفئات الأشد فقرًا وضعفًا، بما يتماشى مع الظروف الوطنية.
مجموعة التنسيق العربية
بالإضافة إلى البيان الختامي لقمة المناخ والذي أكد على عدد من المباديء لمواجهة التغير المناخي، وفضلاً عما تضمّنته جلسات المؤتمر، من تجارب ومبادرات وقصص نجاح ملهمة للجهود المبذولة والمتعلقة بالمناخ، فإن المؤتمر أثمر عن العديد من النتائج على أرض الواقع، إذ تعهدت مجموعة التنسيق العربية ـ خلال القمة ـ بتقديم تمويل مشترك يبلغ 24 مليار دولار بحلول 2030م للتصدي لأزمة المناخ، بهدف إيجاد حلول منسّقة وفعالة للتمويل التنموي.
وتعهد الرئيس الأمريكي ـ خلال القمة أيضا ـ بتقليل انبعاثات الولايات المتحدة إلى النصف بنهاية العقد الحالي، داعيًا إلى تخصيص استثمارات كبيرة في البنى التحتية للاستفادة من الطاقة النظيفة، خاصةً بعدما أقرّ الكونجرس تشريعًا لاستثمار 369 مليارًا في الطاقة النظيفة بالولايات المتحدة.
كما تعهدت بريطانيا بتقديم مبلغ 200 مليون جنيه استرلينى إلى نافذة العمل المناخي التابعة لبنك التنمية الأفريقي، وفيما أكدت هولندا مساهمتها في هذه المبادرة، فقد أوضحت ألمانيا أنها ستخصص 170 مليون دولار لدعم الدول الأكثر عرضة للتأثر بتغير المناخ.
مشروعات ذكية صديقة للبيئة
وأعلنت أكثر من 20 دولة خلال المؤتمر ضخ مليارات الدولارات في مشروعات ذكية وصديقة للبيئة، ووفقًا لمبادرة “مهمة الابتكار الزراعي (AIM)”، التي أطلقتها دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية بدعم من أكثر من 275 شريكًا حكوميًا وخاصا وغيره، فقد تمت مضاعفة الاستثمارات من قبل الشركاء في مجال المناخ بأكثر من 8 مليارات دولار، مقارنة بأربعة مليارات دولار في القمة السابقة (COP26).
كذلك، أطلقت مصر والولايات المتحدة الأمريكية حزمة دعم بقيمة تتجاوز 150 مليون دولار من أجل “تعزيز إجراءات التكيف في إفريقيا، وهي الحزمة التي تمثل جزءًا من خطة الطوارئ الأمريكية للتكيف والمرونة، حيث تشير التقديرات إلى أن لدى مبادرة “التكيف في إفريقيا” القدرة على تحقيق فوائد تتراوح بين 4 و10 دولارات في مقابل كل دولار يتم استثماره.
توسيع نطاق العمل المناخي
فيما تسعى المملكة، من خلال العديد من المبادرات، إلى التخفيف من تداعيات تغير المناخ، وذلك بتوسيع التعاون الإقليمي وإنشاء بنية تحتية تسهم في خفض الانبعاثات وحماية البيئة، كما تؤكد المملكة التزامها بتوسيع نطاق العمل المناخي، لمواجهة التأثيرات السلبية لارتفاع درجات الحرارة، بما فيها التصحر، حيث يستهدف صندوق الاستثمارات العامة الوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050م من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون.
وعلى هامش مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، انعقدت قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر 2022م والتي أعلن فيها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أن المملكة ستخصص 2.5 مليار دولار من أجل مبادرة “خضراء” بالشرق الأوسط على مدار الـ 10 سنوات المقبلة، موضحًا أن المملكة تستهدف إيجاد حلول من أجل توفير أنظمة طاقة أكثر استدامة.
13 مشروعًا للطاقة المتجددة
وقد تم خلال قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر تسليط الضوء على أبرز التحديات المناخية، التي تواجه المنطقة والعالم، وتبادل الأفكار بين رؤساء الدول والوزراء المعنيين وصناع السياسات في دول المنطقة، من أجل تسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر وبناء مستقبل أكثر استدامة.
كما انعقد على هامش المؤتمر “منتدى مبادرة السعودية الخضراء”، الذي تحدث فيه وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان، عن مبادرة المملكة لخفض الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنويًا، مشيرًا إلى أن المملكة استطاعت تخفيض الانبعاثات الكربونية بنحو 21 مليون طن خلال عام 2021م، بعد أن أطلقت 13 مشروعًا للطاقة المتجددة بـ 9 مليارات دولار.
كما تم خلال المؤتمر توقيع اتفاقية بالشراكة مع “أرامكو السعودية” لإنشاء واحد من أكبر المراكز العالمية للاقتصاد الدائري للكربون، حيث من المقرر أن يباشر المركز مهامه عام 2027م، ليكون منصة تعاون معرفية إقليمية تهدف إلى تنشيط الجهود في دول المنطقة لتحقيق أهداف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.
وتأتي تلك المبادرات امتدادًا لمساعي المملكة، وجهودها المستمرة لمواجهة التأثيرات السلبية لتغير المناخ، وكان من أبرز تلك الجهود، إطلاق المملكة في أكتوبر2021م مبادراتها الهادفة لتحقيق المستهدفات الخضراء، والتي تضمنّت حزمة من الاستثمارات تصل إلى 700 مليار ريال (186.62 مليار دولار) لتنمية الاقتصاد الأخضر وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060م وخفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030م.
تفادي القضايا الخلافية
وقد نجح مؤتمر (COP27) في إعطاء دفعة للجهود المبذولة لمواجهة التغير المناخي، وتحديدًا فيما يتعلق بملف تعويضات الخسائر والأضرار، بعد أن استطاع الوصول لاتفاق مبدئي لتشكيل آلية لتعويض الدول الأكثر تضررًا من آثار تغير المناخ، وإنشاء صندوق للخسائر والأضرار، يختص بتوفير الأموال للدول التي تضرّرت بالفعل من كوارث المناخ.
وهو النجاح الذي جاء بعد جولة من المفاوضات الصعبة بين الدول المتقدمة، التي تخشى من تحمل المسؤولية القانونية عن تغير المناخ، حيث تُعَد هذه المرة الأولى التي يُدرج فيها مثل هذا الموضوع على جدول الأعمال الرسمي لقمة المناخ، بعد سنوات من مقاومة ورفض الدول الغنية المعنية.
ووفقًا لذلك، فقد وعدت الدول النامية ـ التي لم تعترف بأى مسؤولية تاريخية عن تغير المناخ ـ بالعمل مع الدول المتقدمة على تخفيف انبعاثاتها مقابل تلقي دعم تقني ومالي من الدول المتقدمة للتكيف مع تغير المناخ، وكذلك تلقي تعويضات عن الخسائر والأضرار، التي لحقت بها نتيجة لتغيرات المناخ.
كما نجح الاتفاق المبدئي في هذه المسألة في تفادي كل القضايا الخلافية، وتم تفويض لجنة متخصصة لاتخاذ قرار في تفاصيل عديدة، من بينها آليات التمويل والدول الممولة والدول التي تستوفي شروط التمويل، لكنه أحال التصديق على هذه القرارات للقمة القادمة في دبي عام 2023م.
دفعة قوية للاستثمارات المناخية
ولا شك أن مؤتمر المناخ يمكن أن يعطي دفعة قوية للاستثمارات في المجالات ذات الارتباط بالمناخ، خاصةً في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة وتوطين مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة والوقود الأخضر، خصوصًا مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.
وهناك اتفاق بأن العالم لن يتمكن من مواجهة التأثيرات السلبية لتغير المناخ دون زيادة كبيرة في الاستثمار في البلدان النامية، لأنه إذا ظلت هذه البلدان تعتمد على الوقود الأحفوري والتكنولوجيات غير النظيفة، فستكون أكبر مصدر لنمو الانبعاثات في العقود القادمة.
ولذلك، فقد دعت العديد من التقارير، وكذلك الخبراء الدوليين إلى ضرورة زيادة الاستثمار، من نحو 500 مليار دولار عام 2019م إلى تريليون دولار بحلول عام 2025م ونحو 2.4 تريليون دولار بحلول عام 2030م وذلك لتحقيق عدد من الأهداف، ومنها: تحقيق أهداف اتفاقية باريس، وتحفيز النمو وتعزيز التقدم نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وضخ استثمارات متزايدة لحماية البشر وسبل العيش من التأثيرات المتزايدة المترتبة على تغير المناخ، وضرورة اضطلاع البنك الدولي وغيره من بنوك التنمية بدور حاسم في تحقيق أهداف باريس، ويجب أن تتضاعف استثماراتها في العمل المناخي من 60 مليار دولار إلى ثلاثة أمثالها لتصل إلى 180 مليار دولار بحلول عام 2025م، وزيادة المنح والقروض المنخفضة الفائدة التي تقدمها حكومات البلدان المتقدمة من 30 مليار دولار عام 2019م إلى 60 مليار دولار عام 2025م، وتسريع عملية تحول الطاقة، وخاصة نشر مصادر الطاقة المتجددة، من أجل الإبقاء على أهداف اتفاقية باريس، وتعزيز التنوع البيولوجي والحفاظ على النظم البيئية.
الشركات الناشئة والمناخ
وكانت بالفعل، قد شهد تمويل الشركات الناشئة في مجال التغير المناخي زخمًا قويًا في العقد الماضي، إذ شهد تمويل الشركات الناشئة العاملة في مجال التغير المناخي نموًا قويًا؛ ففي عام 2013م بلغ حجم التمويل عالميًا قرابة 418 مليون دولار، ثم ارتفع ليبلغ أكثر من 16 مليار دولار عام 2019م بزيادة تصل لحوالي %3750، وخلال عام 2021م ارتفعت رؤوس الأموال الموجهة لهذه الشركات على مستوى العالم إلى 32 مليار دولار، وذلك وفقًا لتقديرات شركة تحليل رأس المال الاستثماري “ديلروم”، هذا وتضاعفت استثمارات الشركات الأوروبية الناشئة العاملة في مجال التغير المناخي حوالي سبع مرات منذ عام 2016م تليها شركات الولايات المتحدة وكندا، حيث ارتفعت الاستثمارات حوالي 6 مرات، ثم في آسيا والتي تضاعفت فيها الاستثمارات لمرة واحدة فقط منذ عام 2016م وحتى الربع الثالث من عام 2021م.
تهيئة المجال لعمل القطاع الخاص
قد قدَّمت مجموعة البنك الدولي مستوى قياسيًا من التمويل بلغ نحو 31.7 مليار دولار في السنة المالية للعام الماضي 2022م وذلك لمساعدة البلدان على معالجة مشكلة تغيُّر المناخ، ويزيد هذا التمويل بنسبة %19 عن أعلى مستوى على الإطلاق للتمويل الذي تحقَّق في السنة المالية لعام 2021م وبلغ 26.6 مليار دولار، ولا تزال مجموعة البنك أكبر ممول متعدد الأطراف للاستثمارات في أنشطة العمل المناخي في البلدان النامية.
وفي هذا الشأن، يقول رئيس مجموعة البنك الدولي، ديفيد مالباس، (في سنتنا المالية الماضية المنتهية في يونيو 2022م قدَّمنا مستوى قياسيًا من التمويل لتحديد وتمكين المشروعات ذات الأولوية القصوى المتصلة بالمناخ في إطار خططها الإنمائية، وسنستمر في تقديم الحلول لتعبئة التمويل من المجتمع الدولي لصالح المشروعات المُؤثِّرة التي يمكن التوسع فيها للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، وتحسين القدرة على تحمل تغير المناخ، وتهيئة المجال لعمل القطاع الخاص).
جمع مئات الملايين من الدولارات
وقد تمكنت الشركات الناشئة في مجال الطاقة من جمع مئات الملايين من الدولارات في النصف الأول من العام الماضي، طبقاً لشركة الأبحاث Magnitt، وقادت شركات الطاقة الأفريقية الناشئة %67 من رأس المال، كما سبق وأن سلط تقرير “حالة تكنولوجيا المناخ 2021م” الصادر عن شركة PWC، الضوء على الجاذبية المتزايدة للقطاع في جميع أنحاء العالم، حيث ارتفعت الاستثمارات في تكنولوجيا المناخ في النصف الأول من عام 2021م لتصل إلى 87.5 مليار دولار على مستوى العالم، مقارنة بـ 28 مليار دولار في النصف الثاني من عام 2020م.
وثمة توقعات -بحسب بلومبرج- بأن تُسجل الاستثمارات في الشركات العاملة بمجال المناخ إلى 40 مليار دولار في عام 2022م، وكانت هذه الاستثمارات ارتفعت بشكل متسارع خلال السنوات الخمس الماضية، لتقفز من نحو 6 مليارات في عام 2016م إلى 12 مليارًا في عام 2017م.
أكبر تحديات البشرية
وغني عن القول، إن تخفيف الانبعاثات أصبح هو السبيل الوحيد لتفادي الآثار الكارثية للتغير المناخي، أما الفشل في تحقيق هذا الهدف، فإنه يعني تداعيات خطيرة في كافة المجالات والقطاعات، وهو ما بدأ يظهر في صورة الفيضانات في باكستان ونيجيريا والجفاف الذي تعاني منه الصومال بالإضافة إلى إثيوبيا وكينيا وحرائق الغابات في تركيا، ما يستدعي التعامل مع تغير المناخ باعتباره من بين أكبر التحديات التي تواجه البشرية، وهو ما يتطلب قيام الحكومات بتحديد الأولويات والسياسات الهادفة إلى تحقيق الاستدامة والتنمية والحفاظ على الموارد من النضوب، وهو ما بدأت فيه بعض الدول بالفعل، حيث جعلت مواجهة تحديات المناخ، أولوية على أجندة قضاياها القومية، كما وضعت أهدافا طموحة لاستغلال الطاقة النظيفة وتنفيذ مبادرات تسعى للتحكم في الانبعاثات وزيادة كفاءة الطاقة، الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل فرص استثمارية جديدة، وإدارة المخاطر، وتقليل تكلفة رأس المال، وحشد التمويل اللازم على نطاق أوسع، واللجوء للتقنيات الحديثة، فوفقًا للمبادرة العالمية للاستدامة الالكترونية، فإن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يمكن أن تسهم في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم بنسبة %20 بحلول عام 2030م من خلال مساعدة الشركات والمستهلكين على الاستخدام الذكي وتوفير الطاقة، والتأكيد على أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات، في تحديد مدى الأثر البيئي الناتج عن عملياتها، وضرورة اتخاذ جميع المؤسسات خطوات حاسمة وفورية في اتجاه الاستثمار في الرقمنة والتحوّل الرقمي، من أجل خفض الانبعاثات الكربونية ورفع الكفاءة في جميع قطاعات الاقتصاد.