10.5 مليون مبيعات السيارات الكهربائية في 2022م وتوقعات بأن تصل المبيعات إلى 14 مليون سيارة العام الجاري
بعد أن كان من النادر سابقًا رؤية سيارة كهربائية على الطرقات، تزدحم اليوم الطرق حول العالم بها ليصل عددها بحسب تقرير لـ “وكالة الطاقة الدولية” العام الماضي إلى نحو 26 مليون سيارة مقارنة بمليون سيارة فقط عام 2016م، وأخذت تنمو مبيعاتها يومًا بعد الآخر مُحققة قفزات متتالية خلال السنوات الماضية؛ إذ نمت مبيعاتها سواء التي تعمل بالكهرباء المخزّنة فقط أو الهجينة بواقع 10.5 مليون سيارة حول العالم، بزيادة %61.3 عن عام 2021م، وثمة توقعات بأن تزيد حصتها في سوق السيارات العالمي إلى الخُمس، وأن تحقق معدل نمو قياسي في مبيعاتها العام الجاري بما نسبته %35 لتصل إلى 14 مليون سيارة، وذلك وسط تنامي الإقبال على السيّارات الصديقة للبيئة.
ورغم أن الظهور الأول لهذا النوع من المركبات يعود إلى عام 1830م إلا أن البداية الحقيقية في العصر الحديث، كانت عام 2008م عندما أعلنت شركة “تسلا” الأمريكية عن سيارتها الكهربائية المتطورة من طراز “رودستير”، كأول سيّارة في العالم تستخدم بطاريات ليثيوم أيون (ذات الكثافة العالية للطاقة)، وتكفي الشحنة الواحدة لقطع مسافة 320 كم، بسرعة قصوى تصل إلى 200 كم/ساعة، لتتوالى بعدها شركات السيارات المنافسة مثل (نيسان، شيفروليه) في الدخول إلى عالم السيارات الصديقة للبيئة.
قفزات متتالية
وحققت مبيعات السيارات الكهربائية قفزات متتالية خلال السنوات الماضية، حيث نمت مبيعاتها بنسبة %55 عام 2022م مقارنةً بالعام السابق، وتستحوذ الصين على %59 من مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا، يليها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
وتعد النرويج، من أكثر الدول الأوروبية التي حققت خطوات متقدمة في التحوّل إلى وسائل النقل النظيف، إذ تشير التقديرات إلى أن %80 من مبيعات السيارات العام الماضي كانت من نصيب السيارات الكهربائية، رغم المشكلات المتعلقة بنقاط الشحن، ومن المقرر انتهاء بيع السيارات التقليدية بحلول عام 2025م.
ومن المتوقع أن تزيد حصة السيارات الكهربائية في سوق السيارات العالمي لتصل إلى الخُمس خلال عام 2023م (حوالي %18، مقارنةً مع %4 عام 2020م و%14 العام الماضي)، وأن تحقق معدل نمو قياسي في المبيعات يصل إلى %35 مقارنةً مع عام 2022م، لتصل المبيعات إلى 14 مليون سيارة.
وقد وصف المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول السيارات الكهربائية بـ “التحول التاريخي” في صناعة السيارات في العالم، وأشار إلى أنها تعد إحدى القوى الدافعة في اقتصاد الطاقة العالمي الجديد الذي ينمو بسرعة، لافتًا إلى أن العالم بحاجة إلى مضاعفة مبيعات السيارات بمقدار 18 ضعفا بحلول 2030م لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات.
نتائج إيجابية
وبعد النتائج الإيجابية التي حققتها مبيعات السيارات الكهربائية في الربع الأخير من عام 2022م، بقيمة أرباح صافية بلغت نحو 3.7 مليار دولار، مقابل 2.9 مليار دولار في الفترة المناظرة من 2021م، أعلنت شركة “تسلا” عن استثمار 3.6 مليار دولار لتوسيع قدراتها التصنيعية في ولاية نيفادا الأمريكية، وعزمها إنشاء مصنع جديد للشاحنات الكهربائية في الولاية، فضلا عن استثمار 5 مليارات دولار لإنشاء أكبر مصانعها في المكسيك.
وفي المقابل، أعلنت شركة “هيونداي موتورز”، عن استثمار 2.5 مليار دولار للتوسع في إنتاج السيارات الكهربائية في ولاية تاميل نادو الهندية خلال السنوات العشر المقبلة، وزيادة الطاقة الإنتاجية لمصنعها في مدينة “تشيناي” إلى 850 ألف سيارة سنويًا، وتركيب 100 محطة شحن جديدة في الولاية، وبذلك تعزّز حصتها في سوق السيارات الهندي إلى %20 بحلول 2032م علاوةً على خططها لبدء إنشاء مصنعها الجديد في كوريا الجنوبية، وبدء الإنتاج في الربع الثاني من عام 2025م بطاقة إنتاجية 150 ألف سيارة كهربائية سنويًا.
السوق الخليجي
وثمة مؤشرات بأن يحقق سوق السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معدل نمو سنوي مركب في حدود %15 حتى 2026م، وذلك أمام ارتفاع قيمته التي بلغت 35 مليون دولار في 2020م وتوقعات بأن تصل إلى 84 مليون دولار بحلول 2026م، وأيضًا أمام خطط حكومات كالمملكة وقطر والإمارات والكويت التي من المتوقع في حال عملها على زيادة عدد محطات الشحن لتحفيز المستهلكين على شراء السيارات الكهربائية، أن تدفع مبيعات سوق السيارات الكهربائية بقوة خلال السنوات المقبلة.
ومن بين دول مجلس التعاون تعد المملكة أكثر أسواق السيارات الكهربائية تطورًا، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية والمبيعات ونقاط الشحن، حيث توفر السياسات الحكومية والحوافز فرصًا مربحة للمستثمرين في هذا القطاع، وسط مساعٍ بخفض فاتورة الاستيراد من الخارج بشكل كبير (يمثل قطاع النقل %15 من الواردات).
وكانت المملكة، قد أطلقت أول علامة تجارية لها في صناعة السيارات الكهربائية تحت مسمى “سير”، بالشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة “فوكسكن” الصينية، وتحصل الشركة على تراخيص تقنية السيارات الكهربائية من شركة “بي إم دبليو” الألمانية، ومن المقرر طرحها في الأسواق عام 2025م، ومن المتوقع أن تجذب العلامة التجارية استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 150 مليون دولار، وتساهم في الناتج المحلي بحوالي 8 مليارات دولار، وتوفر 30 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر بحلول 2034م، كما أعلنت شركة “لوسيد موتورز” المتخصصة في صناعة المركبات الكهربائية الفاخرة عن إطلاق أول سيارة كهربائية يتم تجميعها بمصنعها في المملكة سبتمبر العام الجاري، وتصل الطاقة الإنتاجية للمصنع 155 ألف سيارة سنويًا.
محاولات جادة
وكذلك تسعى بقية دول مجلس التعاون الخليجي مثل قطر والإمارات إلى التوسع في إنتاج واستخدام السيارات الكهربائية، في محاولات جادة إلى التحول إلى السيارات الصديقة للبيئة، وتوسيع استثماراتها في الاقتصاد الأخضر، لكنها في ذات الوقت تواجه عدة تحديات، أبرزها الكلفة المنخفضة لوقود السيارات، وتباين انتشار محطات الشحن بين دولة وأخرى، وأيضًا دخلت مصر إلى عالم السيارات الكهربائية، وأعلنت عن بدء إنتاج أول سيارة كهربائية وطرحها في الأسواق بسعر تنافسي، ومن المقرر إنتاج 5000 سيارة شهريًا لمدة 6 أشهر، تسع لخمسة أشخاص وتصل سرعتها إلى 60 كم، بأسعار تبدأ بـ 3 آلاف دولار، ويصل العمر الافتراضي لبطارية الشحن (ليثيوم أيون) إلى 12 عامًا، وضمان 10 سنوات.
وتواجه السيارات الكهربائية في العالم تحديات عدة أبرزها شح الرقائق الإلكترونية، وارتفاع أسعار المعادن اللازمة لصناعة البطاريات، والتضخم الذي تعاني منه الكثير من الدول، لكن مع ذلك، يؤكد خبراء على أن مستقبل هذا القطاع يحمل مؤشرات إيجابية للغاية وفرص استثمارية كبيرة.
الحصة الأكبر
ويبقى الإشارة إلى مستقبل السيارات التقليدية، مع التوغل الحاصل لنظيرتها الكهربائية، ففي حين يرى البعض بأنها ستختفي تمامًا مع الانتشار الهائل للسيارات الصديقة للبيئة، وإعلان عدد كبير من الدول منع استخدامها بحلول 2030م علاوةً على توقعات لدراسات وأبحاث بشأن اختفاء %25 من محطات الوقود بحلول 2035م، يرى آخرون أن السيارات الكهربائية لن تستطيع القضاء تمامًا على التقليدية خلال الـ 25 عامًا القادمة على الأقل، حيث سيتم استخدام النوعين معًا، ولكن ستكون الحصة الأكبر لصالح الكهربائية، ومع ذلك فإن ثمة مشكلات مازالت تواجه بعض الدول في الانتقال إلى استخدام السيارات الكهربائية، أبرزها عدم القدرة على ضخ استثمارات بملايين الدولارات لإنشاء نقاط الشحن وتوفير مستلزمات وقطع الغيار ومراكز الصيانة المتخصصة في هذا النوع المتطور، وهذه فرصة مواتية لشركات القطاع الخاص للاستثمار فيها.